باسم الشعب
محكمة دسوق لشئون الأسرة
بالجلسة المنعقدة علنًا بسرايا المحكمة فى يوم الاثنين الموافق
26/ 5/ 2008
برئاسة السيد الأستاذ/ رأفت فتح حسنين رئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ/ شريف سعد النجار القاضى
وعضوية السيد الأستاذ/ أحمد عنان حمودة القاضى
وحضور الأستاذ عادل عطية وكيل النيابة
وحضور الأستاذ/ محمد الفار الخبير الاجتماعى
وحضور الأستاذة/ شادية عرابى الخبيرة النفسية
وحضور الأستاذة/ نجاة عبد الكريم محمد سكرتيرة الجلسة
صدر الحكم الآتى فى القضية رقم 20 لسنه 2006 دسوق لشئون الأسرة وموضوعها: نفقة أقارب
المرفوعة من:- عزيزة محمد متولى شرف الدين المقيمة بقرية محلة أبو علي مركز دسوق محافظه
كفر الشيخ
ضـد:-
1 - المدعى عليه:- السعيد محمد متولى شرف الدين المقيم بقرية محلة
أبو على - مركز دسوق - محافظة كفر الشيخ.
2 - الخصم المدخل:- وزير المالية بصفته مديرًا ورئيسًا للخزانة العامة للدولة ممثلاً
لبيت المال فى العصر الحديث.
المحكمة
بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق ورأى النيابة والمداولة:
حيث تخلص الوقائع فى أن المدعية قد اختصمت المدعى عليه - ابنها - بموجب صحيفة أودعت
قلم الكتاب فى 17/ 1/ 2006 وأعلنت قانونًا طلبت فى ختامها الحكم بإلزامه بنفقة لها
بأنواعها، وبإلزامه بالأداء والمصاريف والأتعاب والإذن لها بالاستدانة عليه، على سند
من امتناعه على الإنفاق عليها رغم يساره وفقرها.
وحيث إن الدعوى قد تم تداولها بالجلسات، حيث حضرت المدعية بشخصها وبوكيلها وحضر المدعى
عليه بشخصه، وقد حكمت المحكمة - بهيئة سابقة - للمدعية بنفقة شهرية مؤقتة مقدارها (50
جنيه) وأودعت النيابة مذكرة برأيها.
وأرفق بالأوراق المستندات الآتية:-
1 - شهادة ميلاد المدعى عليه التى توضح أن المدعية أمه.
2 - صورة البطاقة القومية للمدعية التى ثبت أنها من مواليد عام (1929).
3 - مفردات راتب المدعى عليه التى تبين أنه يعمل موجهًا ماليًا وإداريًا بإدارة دسوق
التعليمية وأنه متزوج ولديه أربعة أولاد، وأن صافى راتبه مقدر بمبلغ (292) جنيه - مائتى
واثنين وتسعين جنيه.
4 - مفردات راتب ثانية له، تؤكد أن صافى الراتب يقدر بمبلغ ( 357) جنيه - ثلاثمائة
وسبعة وخمسين جنيهًا.
5 - تحريات تثبت أن المدعية ليس لديها أى ممتلكات.
6 - تحريات ثانية تؤكد أن المدعى عليه يعمل بإدارة دسوق التعليمية وأنه لا يحصل على
دخل خلاف دخله الحكومى السالف.
7 - إفادة رسمية من بنك ناصر الاجتماعى - فرع كفر الشيخ تؤكد أن المدعى عليه قد أخذ
قرضًا من البنك فى عام (2005) مقداره (10800) جنيه - عشرة آلاف وثمانمائة جنيه - وأنه
يسدد على أقساط عددها (60) - ستون - قسطًا شهريًا وأن القسط الواحد مقداره (180) جنيهًا
- مائه وثمانون جنيهًا -.
وقد عرضت المحكمة الصلح على وكيل المدعى فرفضه، وناقشته فأكد أنه لا يوجد أى قرابة
للمدعية خلاف ابنها المدعى عليه - لكى ينفق عليها فأمرته المحكمة - عملاً بالمادة 118
من قانون المرافعات وتحقيق العدالة بأن يدخل فى الدعوى وزير المالية بصفته مديرًا ورئيسًا
للخزانة العامة للدولة، فأدخله بموجب صيحفة تم إيداعها بقلم الكتاب وإعلانها لهيئة
قضايا الدولة بكفر الشيخ فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم.
وحيث إنه عن شكل الإدخال السالف فهو مقبول، لأن الشروط المبينة بالمادة السالفة قد
روعيت.
وحيث إنه عن موضوع الإدخال والدعوى، فيجب الرجوع بشأنه إلى أرجح الأقوال الحنفية، لأن
القوانين الشرعية السارية لم تنظم نفقة الأقارب ونفقة بيت المال، وذلك عملاً بالمادة
رقم (3/ 1) من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 المعدل، وبالرجوع إلى أرجح الأقوال
يتضح أن "الولد أما موسر أو فقير" فأما الموسر فتجب عليه نفقة أبيه وأمه وأجداده وجداته
الفقراء سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين قادرين عن الكسب إما عاجزين .......................
وإما الولد الفقير فإما أن يكون عاجزًا عن الكسب أو قادرًا والقادر إما أن يفضل من
كسبه شيئًا أو لا ..........
فإن كان عاجزًا عن الكسب لصغره أو أنوثة أو مرض والأب كذلك، فإن الأب يلحق بالموتى،
وتجب نفقته ونفقة أولاده على الأقرب فالأقرب، فإن لم يكن له أقارب، كانت النفقة من
الصدقة أو من بيت المال، وهذا هو الحكم فى كل عاجز عن الكسب بأى سبب كان، ككبر وزمانه
وصغر، فإن نفقته فى بيت المال إذا لم يكن له قريب محرم يعوله ................... وإن
كان الولد كسوبًا والأب فقيرًا زمنًا لا كسب له، وجب على الولد أن ينفق عليه من فضل
كسبه، إن كان لكسبه فضل ............. وإن لم يكن لكسبه فضل وله عيال، أجبره القاضى
على ضمه إلى عياله كيلا يضيع, وطعام الأربعة يكفى الخمسة بلا كبير ضرر، ولا يجبر الولد
على أن يعطيه شيئًا على حدة، أما لو كان الولد وحده، فإن أباه يشاركه القوت ديانة،
لأن إدخال الواحد فى طعام الواحد، يلحق به كبير ضرر، بخلاف إدخال الواحد فى طعام الأربعة
أو الخمسة، والأم بمنزلة الأب فى ذلك، لأن الأنوثة بمجردها عجز كما تقدم "يرجع كتاب
أحكام الأحوال الشخصية فى الشريعة الإسلامية والقانون" للشيخ أحمد إبراهيم بك ووالده
طبعة نادى القضاء - عام 1994 - صفحة 725 -"
وقد قرر أحد فقهاء الحنفية ما يلى: "فأما ما يوضع فى بيت المال من الأموال فأربعة أنواع:
أحدها: زكاة السوائم والعشور، وما أخذه العشار من تجار المسلمين إذا مروا عليهم ..........
والثانى: خمس الغنائم المعادن والركاز ........ والثالث خراج الأراضى وجزية الرؤوس
وما صولح عليه بنو نجران من الخلل وبنو تعلب من الصدقة المضاعفة، وما أخذه العشار من
تجار أهل الذمة والمستأمنين من أهل الحرب ............... والرابع ما أخذ من تركة الميت
الذى مات ولم يترك وإرثًا أصلاً، أو ترك زوجًا أو زوجة َ......... ثم تحدث هذا الفقيه
عن مصارف هذه الأنواع الأربعة، فأكد بعض تفصيل أن النوع الرابع يجب أن يصرف إلى "دواء
الفقراء والمرضى وعلاجهم وإلى أكفان الموتى الذين لا مال لهم وإلى نفقة اللقيط وعقل
جنايته، وإلى نفقة من هو عاجز عن الكسب وليس له من تجب عليه نفقته، ونحو ذلك، وعلى
الإمام صرف هذه الحقوق إلى مستحقيها .".....................
(يراجع كتاب "بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع" لمؤلفه الإمام علاء الدين أبى بكر بن
مسعود الكاسانى الحنفى، الملقب بملك العلماء - طبعة دار الفكر بيروت - لبنان - الطبعة
الأولى - عام 1996- الجزء الثانى - ص 103 ..........)
أكد فقيه حنفى آخر أن النوع الرابع السالف يجب أن يصرف إلى اللقيط الفقير، والفقراء
الذين لا أولياء لهم، فيعطى منهم نفقتهم وأدويتهم وكفنهم وعقل جنايتهم .............
وحاصله أن مصرفه العاجزون الفقراء".
وقال فى وضع آخر من كتابه أن الفقراء الذين لا أولياء لهم هم الفقراء الذين ليس لهم
من تجب نفقتهم عليه ............وأوضح أن النوع الرابع السالف يشتمل - بالإضافة إلى
التركة التى ليس لها وارث - اللقطة، ودية المقتول الذى ليس له ولى"................
(يراجع كتاب حاشية رد المختار على الدار المختار شرح تنوير الأبصار فى فقه مذهب الإمام
أبى حنيفة النعمان"لخاتمة المحققين" من أمين الشهير بابن عابدين طبعة دار الفكر - بيروت
- لبنان عام 1995 - الجزء الثانى - ص 370 الجزء الرابع ص 403)
وحيث إنه" إذا لم يكن للفقير المستحق للنفقة، أحد من أقاربه يستطيع الإنفاق عليه، فإن
نفقته تكون واجبة فى بيت المال"
(يراجع الكتاب الثانى من "مجلد الأحوال الشخصية وقضاء النقض البحرى وهو كتاب" قوانين
الأحوال الشخصية فى ضوء القضاء والفقه" لمؤلفه المستشار د " أحمد نصر الجندى" - طبعة
نادى القضاة - عام 1980 - ص 176) ...................
وقد قال الفقيه العظيم "محمد سلام مدكور" الآتى :"ومع هذا وقد كفل المجتمع الإسلامى
للفقير حقه فى العيش والحياة كغيره فى المجتمع، فقد نص أئمة الفقه الإسلامى على أنه
إذا وجد الفقير العاجز عن التكسب، دون أن يوجد له القريب الذى تجب عليه نفقته، فقد
جعل الفقه الإسلامى نفقته واجبة فى بيت مال المسلمين، دون نظر لديانته ما دام مواطنًا،
وأجاز للحاكم أن يفرض فى مال الأغنياء عمومًا، ما يسد به حاجة المعوزين وذوى الحاجة
من أبناء الوطن الإسلامى مسلمين وذميين. فقد حدث فى صدر الإسلام أن أخذ "عمر بن الخطاب"
بيد شخص فقير مسن من غير المسلمين إلى منزله وأعطاه مالاً وأمر خازن بيت المال أن ينظر
حاله وحال أمثاله، قائلاً: والله ما أنصفنا هذا وأمثاله إن أكلنا شبيبته، ثم تخذله
عند الهرم، وجاء فى صلح "خالد بن الوليد" مع أهل الحيرة" وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن
العمل أو أصابته آفة أو كان غنيًا ففقر، طرحت عنه الجزية وعيل من بيت المال، ما أقام
بدار الهجرة ودار الاسلام" كما كتب "عمر بن عبد العزيز" إلى ولاته يأمرهم بأن يجروا
على أهل الذمة الفقراء العاجزين عن التكسب، من بيت المال ما يصلحهم" فإذا كان هذا يتقرر
لغير المسلم، فتقريره للمسلم أظهر، ويكون الإسلام بتعاليمه ونظمه قد كفل العيش للفقير
العاجز عن الكسب، وتكون العدالة الاجتماعية فى الإسلام مكفولة على أحسن وجه وأسلمه
ومن لم تكن مجرد أمور نظرية، وإنما هى نظريات طبقها الرسول وطبقها الخلفاء من بعده،
ولو أخذت بها الأمه الإسلامية وطبقتها بإخلاص لكانت بحق خير أمه أخرجت للناس (يراجع
كتابة "أحكام الأسرة فى الإسلام" طبعة دار النهضة العربية - الطبعة الأولى - عام 1968
- الجزء الثالث" حقوق الأولاد والأقارب" - ص 219، 220 ) ..............
وقد قرر الدكتور "أحمد شلبى" أن "القيام بحق الفقير مبدأ مهم جدًا فى التفكير الاقتصادى
فى الإسلام. ويهمنا أن نوضح بادئ ذى بدء كلمة "حق" التى عنيت بها النصوص الإسلامية
والباحثون المسلمون، المسلمون، فالإسلام يرى أن الوفاء بحاجة الفقير، عمل تلتزم به
الحكومة، ويلتزم به الأغنياء، فليس ما يعطى للفقير منحة أو صدقة أو عطاء، وإنما هو
حق لازم، كالمرتب الذى يتقاضاه الموظف والأجر الذى يستحقه العامل، ما دام هذا الفقير
عاجزًا عن الكسب أو إذا كانت سبل الكسب غير ميسرة ................ وعلى هذا فالتفكير
الإسلامى واضح تمام الوضوح بالتزام الحكومة الإسلامية بحق الفقير، والحكومة الإسلامية
تشمل الخليفة أو الرئيس، كما تشمل جميع أعوانه الذين يساعدونه فى هذا المجال"...........
(يراجع كتابه "موسوعة الحضارة الإسلامية" - الجزء الرابع "الاقتصاد فى الفكر الإسلامى"
طبعة مكتبة النهضة المصرية - الطبعة العاشرة -عام 1993 - ص 44، 47) ...............
وقد أوضح الدكتور "محمد شوقى الفنجرى" الآتى :" أما الضمان الاجتماعى، فهو التزام الدولة
نحو مواطنيها، وهو لا يتطلب تحصيل اشتراكات مقدمًا، وتلتزم الدولة بتقديم المساعدة
للمحتاجين فى الحالات الموجبة لتقديمها، كمرض أو عجز أو شيخوخة، متى لم يكن لهم دخل
أو مورد رزق يوفر لهم حد الكفاية ..... ويتمثل الضمان الاجتماعى فى الإسلام، كما سبق
أن أشرنا، فى ضمان "حد الكفاية" لا "حد الكفاف" لكل فرد وجد فى مجتمع إسلامى أيًا كانت
ديانته وأيًا كانت جنسيته تكفله له الدولة متى عجز أن يوفى لنفسه، لسبب خارج عن إرادته،
كتعطل عن العمل أو مرض أو عجز أو شيخوخة .... إلخ ..... ويختلف حد الكفاية باختلاف
البلاد بحسب ظروف كل مجتمع، فهو فى مصر غيره فى السعودية، وهو فى بلد إفريقى غيره فى
بلد أوروبى ...... إلخ ...... كما أنه يختلف باختلاف الزمان فهو فى ارتفاع مستمر، بحسب
تطور الظروف وتحول الكثير من الحاجيات بل والكماليات إلى ضروريات لا غنى عنها، ومن
ثم فإن حد الكفاية، أى المستوى اللائق للمعيشة اليوم فى أى بلد، خلافه بالأمس وفى اعتقادنا
أن معيار الحكم فى الاقتصاد الإسلامى على أية دولة فى العالم ليس هو بمقدار ما بلغته
هذه الدولة من مستوى حضارى أو تكنولوجى، أو ما تملكه تلك الدولة من ثروة مادية أو بشرية،
ولا هو بمقدار ما يخص كل فرد من الدخل القومى، وإنما هو بالحد المعيشى اللائق الذى
يتوافر أو تضمنه الدولة لأقل أو أضعف مواطن فيها، لتحرره بذلك من عبودية الحاجة ومشاعر
الحرمان والحقد مستشعرًا نعمة الله، راضيًا متعاونًا مع مجتمعه، وكما عبر عن ذلك شيخ
الإسلام" ابن تيميه (أن الله تعالى إنما خلق الأموال إعانة على عبادته، لأنه خلق الخلق
لعبادته) ..............
والواقع أن ضمان حد الكفاية لكل فرد، يكاد يكون الأساس الذى تقوم عليه مختلف أحكام
الاقتصاد الإسلامى، وهو المحور الذى تدور حوله سائر تطبيقاته ...., .... ذلك أن مشروعية
الملكية فى الإسلام متوقفة على ضمان حد الكفاية، وأن هدف التنمية الاقتصادية فى الإسلام
هو توفير حد الكفاية ..........."
(يراجع كتابة "المذهب الاقتصادى فى الاسلام" - طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب -
الطبعة الثالثة - عام 1997 - ص 176، 178، 179)
وقد أجمع فقهاء الإسلام - على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم السيئة والشيعية والخارجية -على
إلزام بيت مال المسلمين بالإنفاق على كل فقير عاجز عن الكسب، ولا يجد قريبًا يعوله.
(تراجع فى ذلك الكتب الآتيه:- 1 - البحر الرائق شرح كنز الدقائق، للفقيه الحنفى "ابن
نجيم" 2 - أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك، المعروف بالشرح الصغير، للفقيه المالكى
"أحمد الدردير العدوى" 3 - نهاية المحتاج شرح المنهاج، للفقيه الشافعى "الرملى"، 4
- المغنى للفقيه الحنبلى "ابن قدامة" 5 - المحلى، للفقيه الظاهرى "ابن حزم" 6 - البحر
الزخار، للفقيه الشيعى الزيدى "ابن مرتضى، 7 - شرائع الإسلام، للفقيه الشيعى الجعفرى
"ابن حسن الهذلى" 8 - دعائم الإسلام، للفقيه الشيعى الإسماعيللا "القاضى النعمان" 9
- شرح النيل وشفاء العليل، للفقيه الخارجى الأباضى "ابن عيسى أطفيش".)
وحيث إن الشيخ أحمد إبراهيم قد أكد فيما سلف أن الابن الفقير الكسوب، الذى ليس لكسبه
فضل وله عيال، غير مجبر بأن يعطى أمه نفقة على حدة، وعليه فقط أن يضمها إلى عياله كيلا
تضيع، وعلى القاضى أن يجبره على ذلك.
وحيث إن المدعى عليه السالف فقير وكسوب، وليس لكسبه فضل وله عيال ومن ثم فهو غير مجبر
بأن يعطى أمه المدعية نفقة على حدة وعليه فإن المحكمة لن تلزمه بنفقة لها.
وقد ثبت فقره من ضئالة راتبه السالف، وظهر أنه كسوب من عمله بإدارة دسوق التعليمية
وقبضه لراتب، وأوضح إنفاقه على زوجة وأربعة أولاد وأخذه لقرض من البنك، أنه لا يفضل
من كسبه وراتبه شئ.
ولن تستطيع المحكمة أن تقضى بإجباره على ضمها إلى عياله كيلا تضيع، لأن هذا القضاء
غير جائز قانونًا، لأنه قضاء بغير ما طلبته المدعية، والتى طلبت نفقة نقدية تعطى لها
على حدة، وثم تطلب إجباره على ضمها إلى عياله.
وعدم إلزام الابن بنفقة، لن يحرم المدعية من مبتغاها، لأننا سوف نلزم بيت المال بالإنفاق
عليها، لأنها فقيرة وعاجزة عن الكسب، وليس لها قريب محرم يعولها، ولأن ابنها الوحيد
غير ملزم بالإنفاق عليها.
وقد ثبت فقرها من التحريات التى أكدت عدم امتلاكها لشئ، وبأن عجزها عن الكسب من أنوثتها
وكبر سنها، حيث ولدت فى عام (1929)، وأظهرت مناقشة المحكمة لوكيلها أنه لا يوجد قريب
محرم لها ليعولها.
وسوف يسد مقدار النفقة حاجة المدعية ويعينها على فقرها وعجزها.
وحيث إن الخصم المدخل، وهو وزير المالية بصفته مديرًا ورئيسًا للخزانة العامة للدولة،
يمثل بيت المال فى العصر الحديث، ومن ثم فسوف نلزمه بالنفقة السالفة.
وقد ألزمنا الخصم المدخل بالفقه لأنه طرف فى الخصومة، ولأن وكيل المدعية قد تقدم ضده
بطلب، فى صحيفة الإدخال، عندما طلب إلزامه بنفقة شهرية للمدعية، ولأنه كان يجوز للمدعية
أن تختصمه عند رفع الدعوى.
(يراجع كتاب "التعليق على قانون المرافعات" للمستشار "عز الدين الدناصورى" والأستاذ
"حامد عكاز" طبعة منشأه المعارف بالإسكندرية -الطبعة الثانية عشر - الجزء الثانى -
ص 1272)
وعلى وزير المالية بصفته السالفة أن يرسل النفقة - فى كل شهر - إلى بنك ناصر الاجتماعى
- فرع كفر الشيخ - لكى تقبضها المدعية من هناك.
وحيث إن أرجح الأقوال الحنفية لم تحدد تاريخًا معينًا لاستحقاق نفقة بيت المال، ومن
ثم فإننا سوف نفرض هذه النفقة منذ تاريخ رفع الدعوى فى (17/ 1/ 2006)، عملاً بقواعد
العدالة التى أشارت إليها المادة الأولى من القانون المدنى، فى بندها الثانى.
وحيث إنه عن المصاريف والأتعاب فإنه يجدر الإعفاء منهما عملاً بالمادة رقم (3/ 2) من
القانون رقم 1 لسنة 2000 المعدل.
ونحن نؤكد - فى الأسباب دون المنطوق - أن هذا الحكم واجب النفاذ بقوة القانون وبلا
كفالة، عملاً بالمادة رقم 65 من القانون الأخير وأن النفقة المؤقتة السالفة التى حكم
بها على المدعى عليه، قد أصبحت بلا سند، وجديرة بالإلغاء، وعلى المدعية أن تعيد إلى
المدعى عليه، ما قبضته منها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الإدخال شكلاً ...............
ثانيًا: وفى موضوع الإدخال والدعوى: بإلزام الخصم المدخل، وهو وزير المالية بصفته مديرًا
ورئيسًا للخزانة العامة للدولة. وممثلاً لبيت المال فى العصر الحديث، بأن يؤدى للمدعية
(عزيزة محمد متولى شرف الدين) الفقيرة والعاجزة عن الكسب، نفقة شهرية بأنواعها الثلاثة
مقدارها (ثلاثمائة جنيه) منذ تاريخ رفع الدعوى فى (17/ 1/ 2006) وكلفته بإرسال النفقة
- فى كل شهر - إلى بنك ناصر الاجتماعى - فرع كفر الشيخ - لكى تقبضها المدعية من هناك،
وأعفته من المصاريف والأتعاب، وأعفت المدعى عليه من الالتزام بأى نفقه.
سكرتير الجلسة رئيس المحكمة