بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 10/ 1/ 2012م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم
القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيد السيد على نائب رئيس مجلس الدولة والسيد
الأستاذ المستشار / محمد حازم نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 33152 لسنة 65 ق
المقامة من:
1 - عمرو محمد مرزوق.
2 - محمد ناجى السيد.
3 - حمدى عبد الحميد سليم ( خصم متدخل)
4 - حلمى أبو المعاطى إبراهيم سلامة ( خصم متدخل)
ضـد:
1 - رئيس الوزراء
2 - وزير المالية
3 - وزير التضامن والعدل الاجتماعى "بصفتهم"
(الوقائع)
أقام المدعيان الأول والثانى دعواهما الماثلة بصحيفة موقعة من محام أودعت قلم كتاب
المحكمة بتاريخ 14/ 5/ 2011 طالبين فى ختامهما الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع
عن تقدير معاش استثنائى لمصابى ثورة 25 يناير من تاريخ الإصابة كل حسب نسبة عجزه وبما
يكفل له حياة كريمة على أن يتم الجمع بين هذا المعاش وأى دخل آخر للمصاب بدون حدود
بما ترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وفى الموضوع بإلغاء هذا
القرار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعيان شرحًا لدعواهما أنه بتاريخ 25 يناير 2011 اندلعت أحداث الثورة الشعبية
المصرية ضد الظلم والفساد بكافة أنواعه وبتاريخ 28 يناير 2011 حاولت قوات الشرطة إجهاض
هذه الثورة الشعبية حيث استخدمت القوة الغاشمة فى مواجهة الثوار وأطلقت عليهم القنابل
المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش والرصاص المطاطى والطلقات الحية مما أودى بحياة المئات
من أبناء الشعب المصرى وإصابة الآلاف منهم بإصابات متنوعة منها الضعيفة ومنها التى
تسببت فى عجز جزئى أو عجز كلي,فالمدعى الأول أصيب بطلق خرطوش فى العين اليسرى مما أدى
إلى إصابته بعجز كلى والمدعى الثانى أصيب أيضًا بطلق خرطوش فى مقله العين اليسرى مما
أصيب بعجز كلى.
وأضاف المدعيان أن رئيس مجلس الوزراء أصدر القرار رقم 203 لسنة 2011 بتاريخ 17/ 2/
2011 بمنح أسر شهداء الثورة معاش استثنائى بمبلغ 1500 جنيه أو مكافأة قدرها 5000 جنيه
فى حالة عدم وجود مستحقين للمعاش إلا أن المدعى عليهم تجاهلوا إصدار قرار مماثل بمنح
معاش استثنائى لمصابى ثورة 25 يناير الذين أصيبوا بسبب وأثناء مشاركتهم بعجز كلى أو
جزئى حسب نسب العجز الأمر الذى حدا بهما إلى الطعن فى القرار السلبى بالامتناع عن تقرير
معاش استثنائى لمصابى الثورة من تاريخ الإصابة كل حسب نسبة عجزه بما يكفل له حياة كريمة
على أن يتم الجمع بين هذا المعاش وأى دخل آخر للمصاب بدون حدود ,واختتم المدعيان صحيفة
الدعوى بالطلبات سالفة الذكر.
وعين لنظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة جلسة 21/ 6/ 2011 وفيها قدم الحاضر عن
المدعيين حافظتى مستندات ,وبجلسة 18/ 10/ 2011 قدم الحاضر عن الخصمين المتدخلين صحيفتين
معلنتين بتدخلهما منضمين إلى جانب المدعيين وبذات طلباتهما وقدم حافظتى مستندات.
وبجلسة 29/ 11/ 2011 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 27/ 12/ 2011 وفيها مد أجل
النطق به لجلسة اليوم لاستمرار المداولة,وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،وسماع الإيضاحات،وبعد المداولة قانونًا.
حيث إن حقيقة جلسات المدعيين - طبقا للتكييف القانونى والسليم لها - هو الحكم بقبول
الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة الضمنى برفض منحهما معاش استثنائى
بحسبانهما من مصابى ثورة 25 يناير 2011 وذلك من تاريخ الإصابة كل حسب نسبة عجزه مع
ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الجمع بين هذا المعاش وأى دخل آخر لهما دون حدود وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات على أن ينفذ الحكم بمسودته الأصلية دون إعلان.
ومن حيث إنه عن طلب تدخل كل من/ حمدى عبد الحميد سليم وحلمى أبو المعاطى إبراهيم سلامة
خصمين منضمين فى الدعوى فإنه وفقاَ لحكم المادة (126) من قانون المرافعات وفى ضوء ما
استقر عليه قضاء هذه المحكمة يكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى لكل ذى مصلحة
وتحدد المحكمة نوع التدخل - انضماميا أو هجوميا - فى ضوء طلبات الخصم المتدخل وإذ خلص
المتدخلان فى صحيفة بتدخلهما إلى ذات طلبات المدعيين بعد استيفائهما إجراءات التدخل
قانونًا فمن ثم فإن المحكمة تقضى بقبول تدخلهما منضمين إلى المدعيين فى الدعوى.
ومن حيث إنه إذ استوفت الدعوى سائر أوضاعهما الشكلية المقررة قانونا فمن ثم فهى مقبولة
شكلاً.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يتعين للقضاء به طبقًا لحكم
المادة (49) من قانون مجلس الدولة توافر ركنين مجتمعين معًا أولهما يتعلق بركن الجدية
بأن يكون ادعاء الطالب بحسب الظاهر من الأوراق قائمًا على أسباب جدية يرجح معها إلغاء
القرار عند نظر الموضوع وثانيهما يتعلق بركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار
نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة الأولى من قانون رقم 71 لسنة 1964م بشأن منح
معاشات ومكافأت استثنائية تنص على أن:. "يجوز منح معاشات ومكافآت استثنائية أو زيادات
فى المعاشات للعاملين المدنيين بالدولة الذين انتهت خدمتهم فى الجهاز الإدارى للدولة
أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التاسعة لها أو لأسر من
يتوفى منهم.
كما يجوز منحها أيضًا لغيرهم فمن يؤيدون خدمات جليلة للبلاد أو لأسر من يتوفى منهم
وكذلك لأسر من يتوفى فى حادث يعتبر من قبيل الكوارث العامة"
وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أن:.
"تختص بالنظر فى المعاشات والمكافآت الاستثنائية لجنة تشكل برئاسة وزير التأمينات وعضوية
أقدم نواب رئيس مجلس الدولة ووكيل أول وزارة التأمينات ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة
للتأمين والمعاشات ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ورئيس مجلس
إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى وأحد وكلاء الجهاز المركزى للتنمية الإدارية وأحد
وكلاء كل من وزارة المالية ووزارة الشئون الاجتماعية يختارهم الوزير المختص.
ولا تكون قرارات اللجنة نافذة إلا بعد اعتمادها من رئيس الجمهورية......"
ومن حيث إن الثابت من منشور عام وزارة المالية - قطاع التأمينات - رقم 3 لسنة 2009
بشأن ضوابط عمل لجان المعاشات الاستثنائية أنه قد تضمن فى البند 1/ أ على أن:
صدر قرار رئيس الجمهورية مصر العربية بالقانون رقم 71 لسنة 1964م فى شأن منح معاشات
ومكافآت استثنائية وقضت أحكامه بمنح معاش استثنائى أو زيادة المعاش القانون المستحق
بصفه استثنائية وذلك فى الحالات الآتية:.....
3 - تقرير معاشات استثنائية لمن أدو خدمات جليلة للدولة.
كما تضمن المنشور فى العنصر الثالث من هذه الضوابط والمتعلق بحالات منح أو تحسين المعاش
لمن يؤدون خدمات جليلة للبلاد والتى من بينهما الحالة الواردة بالبند (4) والتى تنص
على أن:.
التضحية والبذل والعذاء من أجل مصالح الوطن"
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع فى القانون المشار إليه قد أجاز لجهة الإدارة منح
معاش استثنائى لمن يؤدى خدمات جليلة للبلاد وقد حدد منشور عام وزارة المالية هذه الحالات
والتى من بينها حالة التضحية والبذل والعذاء من أجل مصالح الوطن وأن مصابى ثورة 25
يناير 2011 باعتبارهم قدموا أنفسهم للتضحية من أجل البلاد فإن هذا المنح وإن كان جوازى
لجهة الإدارة للمعاش الاستثنائى ويدخل بذلك فى سلطة الإدارة التقديرية إلا أن هذه السلطة
ليست مطلقة وإنما هى مقيدة بتحقيق المصلحة العامة فإن كانت المصلحة العامة تقتضى تدخلها
واتخاذ قرار معين وتقاعست عن إصداره فإنها تكون قد تنكبت المصلحة العامة ويكون قرارها
ضمنيا بالرفض مخالفا للقانون لأن الرفض الضمنى لا يحقق المصلحة العامة التى ابتغاها
المشرع من هذا القانون - فتقاعس الإدارة عن اتخاذ قرار يدخل فى سلطتها التقديرية بالمخالفة
للمصلحة العامة - فإنه يكون قرار ضمنيًا بالرفض مخالف للقانون واجب الإلغاء لأن موقف
الإدارة بعدم إصدار قرار إدارى معين - يعتبر قرارًا ضمنيًا - إذا كانت سلطتها بشأنه
تقديرية ويكون سلبيا أو اختياريا إذا امتنعت الإدارة عن اتخاذ قرار يوجب عليها القانون
اتخاذه ومن ثم فان امتناعها عن إصدار قرار إن كان يدخل فى سلطتها التقديرية فإنه يعد
قرارا ضمنيا بالرفض يخضع أيضًا للرقابة القضائية للتحقق من مشروعيه هذا للقرار وأنه
قائما على أسس سليمة وتحقق به مصلحة عامة وإلا كان تصرفها الضمنى مخالفا للقانون واجب
الإلغاء.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وأن البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق
العاجل من الدعوى أن المدعيين والخصمين المتدخلين ممن أصيبوا خلال ثورة 25 يناير 2011
فمنهم من أصيب فى عينه اليسرى ومنهم من أصيب فى عينه اليمنى ومنهم من أصيب فى ركبته
وقد تخلف عن هذه الإصابات وجود عجز بنسب مختلفة طبقًا للثابت من الشهادات الصادرة من
المستشفيات فى هذا الشأن.
ولما كان البين من الأوراق أن منشور وزارة المالية رقم 3 لسنة 2009 حدد حالات لمنح
وزيادة المعاش الاستثنائى ومنها ما ورد فى البند (4) حالة التضحية والبذل والعذاء من
أجل وصالح البلاد وكانت هذه الحالة تنطبق على مصابى ثورة 25 يناير الذين قدموا أنفسهم
للتضحية من أجل تحرير مصر من الفساد والطغيان فانه توافر فى المدعيين والخصمين المتدخلين
الحالة الواردة فى البند (4) سالفة الذكر ويكون من حقهم على الدولة تقرير معاش استثنائى
لهم وأن امتناع الجهة الإدارية عن تقرير هذا المعاش يشكل قرارا ضمنيا بالرفض لحق به
عيب مخالفة القانون وعدم قيام الرفض على سببه المبرر له بحرمان هذه الفئة العظيمة من
أبناء الشعب المصرى العظيم الذى ضحوا بأنفسهم من أجل مصر فمنهم من استشهد ومنهم من
أصيب رغم توافر شروط المنح الوارد فى المنشور سالفا البيان والتى تبرر رعايتهم بكل
سبل الرعاية ومنها منحهم معاشات استثنائية للمصابين منهم ومن ثم فان عدم تطبيق جهة
الإدارة أحكام المنشور عليهم يشكل قرارا ضمنيا يكون - بحسب الظاهر من الأوراق - معيبا
ومخالفا للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فانه متوافر أيضا لما فى تقرير معاش استثنائى لهم أن
يعيشوا بطريقة كريمة داخل الوطن الذى يبادلهم العطاء بعطاء ويشعرهم أنهم عندما أعطوا
منحوا وعندما طلبوا أجيبوا مع تمكينهم من العلاج.
ومن حيث إنه وقد توافر لطلب وقف التنفيذ ركناه فانه يكون قد استوى قائمًا على ساقيه
مما يتعين القضاء بوقف تنفيذه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه عن طلب تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان فإنه لما كانت المحكمة قد رأت
أنه توافر لهذا الطلب شروطه المقررة قانونًا طبقًا لحكم المادة 286 مرافعات فإنها تأمر
به.
ومن حيث إنه مصروفات الدعوى فانه يلزم بها من أصابه الخسران عملاً بحكم المادة 184
مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول تدخل كل من/ حمدى عبد الحميد سليم وحلمى أبو المعاطى إبراهيم سلامة خصمين
منضمين إلى المدعيين فى الدعوى.
ثانيًا: بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بعدم منح المدعيين والمتدخلين
معاش إستثنائى مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة
مصروفات الطلب العاجل وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان, وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الموضوع.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |