بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 10/ 1/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم
القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الابياري نائب رئيس مجلس الدولة والسيد
الأستاذ المستشار/ هانى أحمد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 56046 لسنة 65 ق
المقامة من:
أشرف احمد حسين إدريس.
ضـد:
1 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة "بصفته"
2 - وزير الداخلية "بصفته"
3 - النائب العام "بصفته"
4 - رئيس مصلحة السجون "بصفته"
(الوقائع)
أقام المدعى دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 25/ 9/ 2012
طالبًا فى ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً,ثانيًا: وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ
القرارين السلبيين رقمى 27, 70 لسنة2011 الصادرين من المدعى عليه الأول بالامتناع عن
إصدار قرار عفو عنه على نحو يشكل أخلالاً بمبدأ المساواة الذى نص عليه الدستور, ثالثًا:
وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار قرار بالعفو عنه لقضاء نصف المدة
وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعى شرحًا الدعوى انه بتاريخ 10/ 3/ 2011 أصدر المدعى عليه الأول بصفته القرار
رقم 27 لسنة 2011 بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية والمحكوم بها على المسجونين
الذين امضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها , ومن بينهم المحكوم عليهم بعقوبة سالبه للحرية
قبل 8/ 3/ 2011 متى كان المحكوم عليه قد نفذ حتى هذا التاريخ نصف مدتها ميلادياُ ,
وبشرط إلا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر.
ولما كان المدعى قد سجن قبل 8/ 3/ 2011 ونفذ أكثر من ستة أشهر , وامضى أكثر من نصف
المدة المحكوم بها, إلا انه لم يتم الإفراج عنه حتى تاريخه بدون وجه حق أسوة بمن تم
الإفراج عنهم فى ذلك القرار.
وأضاف المدعى انه بتاريخ 19/ 4/ 2011 صدر القرار رقم 70 لسنة 2011 والذى تضمن تطبيق
العفو بنصف المدة على جرائم معينه دون أخرى , وعلى سبيل المثال من القضايا التى شملها
العفو جرائم المخدرات والقتل والدعارة, ولم تشمل باقى الجرائم مثل جرائم الأموال العامة
ومنها جرائم التزوير والتى هى اقل خطورة من الجرائم المشار إليها إذا ما قورنت بها,وإذا
لم يطلق سراح المدعى دون مبرر قانونى بما من شأنه تقييد حريته الأمر الذى حدا به إلى
إقامة دعواه الماثلة بغية الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وحددت المحكمة جلسه 22/ 11/ 2011 لنظر الشق العاجل من الدعوي, حيث قدم الحاضر عن المدعى
حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلافها وبجلسة 20/ 12/ 2011 قدم الحاضر
عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا: بعدم اختصاص محاكم
مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى والقضاء عموما - ولائيًا بنظر الدعوى لتعلق الطلبات فيها
بعمل من إعمال السيادة. واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى. ومن
باب الاحتياط برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي,وبجلسة 20/ 12/ 2011 قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
وحيث إن المدعى يهدف من دعواه - وفقًا للتكييف الصحيح لطلباته - إلى الحكم بقبول الدعوى
شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء قرارى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقمى 70,27 لسنة
2011 فيما تضمناه من عدم شمولهما بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية والمحكوم بها
عليه فى القضية رقم 835 لسنة2007 جنايات قصر النيل ورقم 14 لسنة 2007 كلي,مع ما يترتب
على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية والمصروفات.
وحيث أنة عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى على سند من أن القرار
المطعون فيه يعد من أعمال السيادة, فأنة دفع غير سديد ذلك أن القرار المطعون فيه اكتملت
له عناصر ومقومات القرار الإداري, وهو صادر عن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوصفة
سلطة إدارة وليس سلطة حكم, إذ يظل العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها عملا إداريًا
خالصا يخضع لرقابة قاضى المشروعية باعتباره صاحب الولاية والقاضى الطبيعى المختص بنظر
الطعون فى القرارات الإدارية شأنها شأن سائر المنازعات الإدارية التى ما فتئ القضاء
الإدارى قائما عليها باسطا ولايته على مختلف أشكالها وصورها, ومن ثم يضحى الدفع المشار
إليه خليقا بالرفض.
وحيث انه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري, فهو غير جدير بالقبول
وقد تكفل الرد على الدفع السابق ببيان ذلك, وتقضى المحكمة برفضه كذلك.
وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
وحيث انه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه, وإذ كان المقرر انه يلزم للقضاء بوقف
تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين متلازمين: يتعلق احدهما بمبدأ المشروعية وهو ركن
الجدية: بأن يكون الطعن على القرار الطعين قائما - بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب
جدية يرجع معها القضاء بإلغائه عند نظر موضوع الدعوي, والآخر هو ركن الاستعجال بأن
يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار المطلوب وقف تنفيذه نتائج يتعذر تدركها, فإذا
استجمع طلب وقف التنفيذ هذين الركنين - معا - وجب القضاء به.
وحيث انه عن ركن الجدية: وإذا ينص الإعلان الدستورى الصادر فى 13 فبراير سنة 2011 على
تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد بصفته مؤقتة, ومن ثم يتمتع هذا
المجلس بموجب الإعلان المشار إليه بالصلاحيات والاختصاصات المقررة لرئيس الجمهورية
كما منح الإعلان الدستورية الصادر فى 30/ 3/ 2011 فى المادة (56) منه للمجلس الأعلى
للقوات المسلحة.
سلطه العفو عن العقوبة أو تخفيفها وحيث إن المادة (74) من قانون العقوبات تنص على أن:
(العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضى إسقاط كلها أو بعضها. . . ).
وتنص المادة(49) من قانون السجون رقم 396/ 1956على أن (يفرج عن المسجون ظهر اليوم التالى
لانتهاء مدة العقوبة).
وبتاريخ 8/ 3/ 2011 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم27/ 2011 المطعون
فيه والذى قرر فى مادته الأولى أن (يعفى عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها
على المسجونين الذين امضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليهم, والبالغ عددهم ستون
محكوما عليهم أولهم/ فايز عبد الله احمد المطرى وأخرهم/ حسين جمال الدين احمد جودة
والواردة أسماؤهم وبياناتهم القضائية بالكشف المرفق وذلك وفقًا لما يلى:
أولاً: المحكوم عليهم بالإشغال الشاقة المؤبدة (السجن المؤبد) إذا كانت المدة المنفذة
حتى 8/ 3/ 2011 (خمس عشرة سنة ميلادية),ويوضع المفرج عنه تحت مراقبة الشرطة مدة خمس
سنوات طبقًا للفقرة الثانية من المادة (75) من قانون العقوبات.
ثانيًا: المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قبل 8/ 3/ 2011 متى كان المحكوم علية قد
نفذ حتى هذا التاريخ نصف مدتها ميلاديا وبشرط إلا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر.....
) كما اصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة قراره رقم70 لسنة2011 فى شأن العفو عن
باقى العقوبة بالنسبة إلى بعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد تحرير سيناء الموافق
25/ 4/ 2011 واستثنى فى المادة الثانية منه بعض الجرائم من سريان أحكامه عليها, ومن
بينها جنايات التزوير المنصوص عليها فى الباب السادس عشر من الكتاب الثانى من قانون
العقوبات.
وحيث إن المستفاد مما تقدم أن المواطنين أمام القانون سواء فلكل منهم ذات الحقوق وعليه
نفس الواجبات والالتزامات ولا تجوز التفرقة بين المواطنين من أصحاب المراكز القانونية
المتماثلة بأى حال من الأحوال وان التمييز بينهم غير جائز بأى حال, وإلا كان هذا المسلك
مخالفا لأحكام الدستور فضلاً من مخالفته القانون.
ولما كانت الحرية الشخصية لها أهمية بارزة فى حياة الإنسان, فقد حرص المشرع الدستورى
على كفالتها وصونها, فلا توقع عقوبة تسلبها إلا بناء على قانون وبحكم قضائى فى حدود
ما تحويه الشرائع والقوانين من تنظيم لها بحسبان أن هذه الشرائع والقوانين لا تخلفها
ولا توجدها بل تنظمها وتوفق بين شتى مناحيها تحقيقا لخير الجماعة ورعاية الصالح العام,
وحتى تلك العقوبة السالبة للحرية فقد أجاز المشرع الدستورى العفو عنها أو تخفيفها رعاية
تغليبًا لحقوق الإفراد وحرياتهم, وإدراكا لحقيقة إنسانية الإنسان وحماية لحقه فى حياة
كريمة استهداءً بما يرجى من نفع وصالح عام للمجتمع.
وحيث انه بناء على طلب ما تقدم, وكان البين من ظاهر الأوراق وفى حدود الفصل فى الشق
العاجل من الدعوى أن المدعى قد حكم علية بعقوبة السجن لمدة خمس سنوات بجلسة3/ 2/ 2009
فى القضية رقم835 لسنة 2007 جنايات قصر النيل حيث تم البدء فى تنفيذ العقوبة المقضى
بها بذات التاريخ لما نسب إليه من الاشتراك بطريقتى الاتفاق لمساعدة فى ارتكاب جناية
تزوير. ولما كان الثابت من النموذج رقم6 (أ) تنفيذ أن المدعى سبق جبسه احتياطيا خلال
الفترة من 21/ 4/ 2005 حتى 18/ 7/ 2005 والفترة من 6/ 1/ 2009 حتى 3/ 2/ 2009. وإذا
لم يتضمن القرار المطعون فيه رقم27 لسنة2011 شروطا آخرى للاستفادة من أحكامه سوى شرطى
تنفيذ نصف مدة العقوبة فى 8/ 3/ 2011, وألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر , دون أن يشترط
هذا القرار العفو عن جرائم بعينها ولما كان المدعى قد امضى من تاريخ تنفيذ العقوبة
فى 3/ 2/ 2009 حتى 8/ 3/ 2011 فترة قدرها (2 سنة,1شهر ,5 يوم), ثم بإضافة فترة الحبس
الاحتياطى المشار إليها - والتى تدخل ضمن مدة العقوبة المحكوم بها - تصبح إجمالى الفترة
التى نفذها المدعى حتى 8/ 3/ 2011 هو 2سنة, 4أشهر, 29يومًا, ومن ثم فإن لا يكون على
هذا النحو قد نفذ نصف مدة العقوبة السالبة للحرية ميلاديا وبالتالى يتخلف فى شأنه بحسب
الظاهر - مناط الاستفادة من العفو طبقا لإحكام القرار رقم 27 لسنة 2011 أما بالنسبة
للقرار رقم 70 لسنة 2011 فأنة قد جاء معايرا فى أحكامه عن القرار المشار إلية لكونه
قد استثنى فى المادة الثانية منه بعض الجرائم من نطاق الاستفادة بالعفو عن باقى العقوبة
التى قررها ومن بينها جنايات التزوير (المنصوص عليها فى قانون العقوبات وإذا استبان
للمحكمة أن المدعى يقضى فترة سجنه لثبوت اشتراكه فى جناية تزوير على ما سلف بيانه,
ومن ثم فأن القرار رقم 70لسنة 2011 لا يسرى فى حقه كذلك ولا يمكن له الاستفادة من أحكام
العفو التى شملها بنصوصه, وبالتالى يضحى القرارين المطعون فيهما بحسب الظاهر - فيها
تضمناه من عدم إدراج اسم المدعى ضمن الأسماء التى تضمنها القرار رقم 27 لسنة 2011 بالعفو
عن باقى العقوبة السالبة للحرية وكذا عدم انطباق أحكام القرار رقم 70 لسنة 2011 بالعفو
عن باقى العقوبة على حالته, قد صدرا على سند صحيح من القانون والواقع. ويغدو بذلك طلب
المدعى وقف تنفيذهما مفتقدًا إلى سبب جدى يبرره, كما لا توجد ثمة حاجة فى هذه الحالة
لبحث ركن الاستعجال لعم جدواه.
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكلا, وبرفض طلب وقف تنفيذ قرارى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقمى
70,27 لسنة2011 فيما,تضمنها من عدم شمولهما بالعفو عن باقى العقوبة المحكوم بها على
المدعي, وألزمته مصروفات هذا الطلب , وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوض الدولة لتحضيرها
واعدا تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |