بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 17/ 1/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة
القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد علي نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 31656 لسنة 65ق
المقامة من:
1 - شهرى عبد الوكيل صبره
2 - يوسف عبد الرحمن حسن على الجندى "خصم متدخل"
ضـد
رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
(الوقائع)
أقام المدعى هذه الدعوى بموجب صحيفة أودعت فى 7/ 5/ 2011 يطلب فى
ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، ثانيًا: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار
السلبى بعدم العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها على نجله فى القضية رقم 5 لسنة 1995
جنايات أمن الدولة عسكرية عليا، وذلك لاستيفائه شروط العفو الواردة بقرار المجلس الأعلى
للقوات المسلحة رقم 27/ 2011، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إخلاء سبيل الطالب
فورًا وعلى أن ينفذ الحكم بمسودته الأصلية وبغير إعلان، ثالثًا: وفى الموضوع بإلغاء
هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعى شرحًا للدعوى أنه تم القبض على نجله جمال شهرى فى 26/ 2/ 1995 وحبس احتياطيًا
منذ ذلك التاريخ على ذمة القضية رقم 5 لسنة 1995 جنايات عسكرية، وحكم عليه بعقوبة الأشغال
الشاقة المؤبدة فى 31/ 5/ 1995 واستمر سجنه تنفيذًا للعقوبة المقضى بها حتى تاريخه،
وفى 8/ 3/ 2011 أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرار رقم 27/ 2011 متضمنًا العفو
عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة
المحكوم بها.
وقد استوفى نجل المدعى شروط الإعفاء، إلا أن القرار لم يشمله بهذا الإعفاء بالمخالفة
للإعلان الدستورى، الأمر الذى دعاه إلى إقامة هذه الدعوى.
وانتهى المدعى فى ختام صحيفة الدعوى إلى طلباته سالفة البيان.
وتدوول نظر الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حيث قدم المدعى مذكرة وحافظة
مستندات، كما قدم الحاضر عن جهة الإدارة مذكرة وحافظة مستندات، وبجلسة 14/ 6/ 2011
حضر وكيل المتدخل وطلب تدخله فى الدعوى فى مواجهة الحاضر عن المدعى عليه مطالبًا بالإفراج
عنه استنادًا إلى القرار رقم 27 لسنة 2011 المشار إليه، وبجلسة 27/ 7/ 2011 قدم المتدخل
صحيفة معلنة بطلباته، كما قدم حافظة مستندات. وبجلسة 18/ 10/ 2011 قررت المحكمة إصدار
الحكم فى الدعوى بجلسة 27/ 12/ 2011 وفيها قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة اليوم لإتمام
المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
حيث إن المدعى يهدف من دعواه وفقًا للتكييف القانونى الصحيح لطلباته إلى الحكم بقبول
الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم
27/ 2011 فيما تضمنه من عدم شمول نجله بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم
بها عليه فى القضية رقم 5 لسنة 1995 جنايات عسكرية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ
الحكم الصادر فى الشق المستعجل بموجب مسودته وبغير إعلانه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحيث أن عن شكل التدخل وإذ استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا ومن ثم يكون مقبولاً
شكلاً.
وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى على سند من أن القرار
المطعون فيه يعد من أعمال السيادة، فإنه دفع غير سديد ذلك أن القرار المطعون فيه اكتملت
له عناصر ومقومات القرار الإدارى، وهو صادر عن رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوصفة
سلطة إدارة وليس سلطة حكم، إذ يظل العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها عملاً إداريًا
خالصًا يخضع لرقابة قاضى المشروعية باعتباره صاحب الولاية والقاضى الطبيعى المختص بنظر
الطعون فى القرارات الإدارية شأنها شأن سائر المنازعات الإدارية التى ما فتئ القضاء
الإدارى قائمًا عليها باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وصورها، ومن ثم يضحى الدفع المشار
إليه خليقًا بالرفض.
وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، فهو غير جدير بالقبول
وقد تكفل الرد على الدفع السابق ببيان ذلك، وتقضى المحكمة برفضه كذلك.
وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ كان المقرر أنه يلزم للقضاء بوقف
تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين متلازمين: يتعلق أحدهما بمبدأ المشروعية وهو ركن
الجدية، بأن يكون الطعن على القرار الطعين قائمًا - بحسب الظاهر من الأوراق - على أسباب
جدية يرجح معها القضاء بإلغائه عند نظر موضوع الدعوى، والآخر هو ركن الاستعجال بأن
يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار المطلوب وقف تنفيذه نتائج يتعذر تداركها، فإذا
استجمع طلب وقف التنفيذ هذين الركنين - معًا - وجب القضاء به.
وحيث إنه عن ركن الجدية، وإذ ينص الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 فى المادة
(7) على أن (المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة،
لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة)، وينص فى
المادة (19) على أن (العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع
إلا بحكم قضائى...)، وتنص المادة (56) منه على أن (يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة
إدارة شئون البلاد، وله فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية:
1- ....
2- ....
9 - العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون).
وحيث إن المادة (74) من قانون العقوبات تنص على أن: (العفو عن العقوبة المحكوم بها
يقتضى إسقاط كلها أو بعضها....).
وتنص المادة (49) من قانون السجون رقم 396/ 1956 على أن (يفرج عن المسجون ظهر اليوم
التالى لانتهاء مدة العقوبة).
وبتاريخ 8/ 3/ 2011 صدر قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27/ 2011 المطعون فيه
والذى قرر فى مادته الأولى أن (يعفى عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على
المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها عليهم، والبالغ عددهم ستون محكومًا
عليهم أولهم/ فايز عبد الله أحمد المطرى وآخرهم/ حسين جمال الدين أحمد جودة والواردة
أسماؤهم وبياناتهم القضائية بالكشف المرفق وذلك وفقًا لما يلى:
أولاً: المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة (السجن المؤبد) إذا كانت المدة
المنفذة حتى 8/ 3/ 2011 (خمس عشرة سنة ميلادية).
ويوضع المفرج عنه تحت مراقبة الشرطة مدة خمس سنوات طبقًا للفقرة الثانية من المادة
(75) من قانون العقوبات.
ثانيًا: المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية.
وحيث أن المستفاد مما تقدم أن المواطنين أمام القانون سواء فلكل منهم ذات الحقوق وعليه
نفس الواجبات والالتزامات ولا تجوز التفرقة بين المواطنين من أصحاب المراكز القانونية
المتماثلة بأى حال من الأحوال، وأن التمييز بينهم غير جائز بأى حال وإلا كان هذا المسلك
مخالفًا لأحكام الدستور فضلاً عن مخالفة القانون.
كذلك فإنه لما للحرية الشخصية من أهمية بارزة فى حياة الإنسان باعتبارها ملاك الحياة
كلها، فقد حرص المشرع الدستورى على كفالتها وصونها، فلا توقع عقوبة تسلبها إلا بناء
على قانون وبحكم قضائى فى حدود ما تحويه الشرائع والقوانين من تنظيم لها بحسبان أن
هذه الشرائع والقوانين لا تخلقها ولا توجدها بل تنظمها وتوفق بين شتى مناحيها تحقيقًا
لخير الجماعة ورعاية الصالح العام، وحتى تلك العقوبة السالبة للحرية فقد أجاز المشرع
الدستورى العفو عنها أو تخفيفها رعاية تغليبًا لحقوق الأفراد وحرياتهم، وإدراكًا لحقيقة
إنسانية الإنسان وحماية لحقه فى حياة كريمة استهداءًا بما يرجى من نفع وصالح عام للمجتمع.
ومن حيث أنه متى كان ما تقدم وكان البادى من ظاهر الأوراق بالقدر اللازم للفصل فى الشق
العاجل أن نجل المدعى (جمال شهرى) حكم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة فى القضية
رقم 5 لسنة 1995 جنايات عسكرية فى جريمة اشتراك فى اتفاق جنائى وإحراز أسلحة بيضاء
بغير ترخيص وإدارة جماعة بالمخالفة للقانون. وبدء فى تنفيذ العقوبة اعتبارًا من 26/
2/ 1995، من حيث أنه بالنسبة للخصم المتدخل قد حكم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة
فى القضية رقم 60 لسنة 1997 جنايات عسكرية بتهمة إنضمامه لجماعة واتفاق جنائى وقد بدء
فى تنفيذ العقوبة اعتبارًا من 16/ 11/ 1995، ومازال كلاً منهما قيد الحبس حتى تاريخه،
ومن حيث أنه لما كان كل من نجل المدعى والمتدخل قد أمضيا فى السجن حتى 8/ 3/ 2011 أكثر
من خمسة عشر سنة ميلادية، وإذ لم يتضمن القرار المطعون فيه شروطًا أخرى للاستفادة منه
إلا شرط المدة المبينة فيه دون أن يشترط جرائم معينة ومن ثم يتوافر فى نجل المدعى والمتدخل
شرط إدراج اسمهما ضمن الأسماء التى تضمنها القرار المطعون فيه بالعفو ويكون القرار
بحسب الظاهر من الأوراق وإذ خلا من أسمائهما مشوبًا بعيب مخالفة القانون ويكون مرجح
الإلغاء بما يتوافر به ركن الجدية اللازم توافره لطلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فهو متحقق بلا جدال لما فى حرمان نجل المدعى والمتدخل
من العفو من تقييد لحريتهما بغير موجب وعلى خلاف ما تقضى به القواعد الدستورية والقانونية
المشار إليها وما يمثله ذلك من اعتداء صارخ على حق دستورى واجب الحماية والذود عنه
بالوسائل القانونية وهذه جميعًا آثار يتعذر تداركها فيما لو استمر تنفيذ القرار المطعون
فيه على الوجه الذى صدر به.
وحيث إنه قد توافر لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركنى الجدية والاستعجال فقد بات
حتمًا مقضيًا إجابة المدعى إلى هذا الطلب مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الإفراج
الفورى عنه بحسبان أنه كان يتوجب على جهة الإدارة أن تفرج عنه اعتبارًا من اليوم التالى
لنفاذ القرار الطعين فيما لو صدر على وجهه الصحيح.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
(فلهذه الأسباب)
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ قرار رئيس
المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27 لسنة 2011 فيما تضمنه من عدم إدراج اسم نجل المدعى
والمتدخل ضمن الأسماء التى تضمنها بالعفو عن باقى العقوبة مع ما يترتب على ذل من آثار
أخصها الإفراج عنهما، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل وأمرت بإحالة الدعوى
إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |