بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 24/ 1/ 2012م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر العطار نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 45225 لسنة 65 ق
المقامة من:
محمد محمود إبراهيم فتح الباب
ضـد
1 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته
2 - جابر جاد نصار خصم متدخل
3- محمد محمود عبد الله صالح خصم متدخل
4- أحمد عبد الرحمن صادق خصم متدخل
(الوقائع)
أقام المدعى دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة
بتاريخ 18/ 7/ 2011 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء
القرار السلبى بامتناع المدعى عليه بصفته عن إصدار قرار بإقالة النائب العام وحل هيئة
النيابة العامة وتعطيل العمل بالتعليمات العامة للنيابة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعى شرحًا لدعواه أنه انطلاقًا من الالتزامات الثورية التى ألقيت على عاتق
المجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره مجلسًا لقيادة الثورة أو مجلسًا مدنيًا لإدارة
شئون البلاد حتى قيام الدولة الشرعية الجديدة وفق مؤسسات دستورية وقانونية، فلقد قامت
تلك القيادة باتخاذ إجراءات من شأنها الدفع نحو هدم الدولة القديمة وبناء دولة جديدة
تستوعب آمال الجماهير، فاتخذ المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرار بحل مجلسى الشعب والشورى
مستأثرًا بسلطته التشريعية والرقابية فى إدارة الثورة وحماية لمكتسباتها، وكان المغزى
الثورى من ذلك الإجراء هو التأكيد على إنهاء النيابة التشريعية باعتبار أن كل نيابة
إنما تقع باطلة ما إن قامت الثورة، إلا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد امتنع عن
إلغاء النيابة القضائية بالإدعاء العام وهى هيئة النيابة العامة والتى تنوب عن المجتمع
قضاءً بالإدعاء العام، كما امتنع عن إقالة النائب العام من منصبه وعن تعطيل العمل بالتعليمات
العامة للنيابات والذى توافر فى شأن إلغائها أكثر من سبب ومقتضى شرعى، الأمر الذى دفعه
إلى إقامة دعواه الماثلة ابتغاء الحكم له بطلباته سالفة البيان.
وتحدد لنظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة جلسة 7/ 9/ 2011، وفيها طلب كل من الحاضر
عن الدكتور/ جابر جاد نصار، محمد محمود عبد الله صالح، وأحمد عبد الرحمن صادق التدخل
انضماميًا لجهة الإدارة، وبجلسة 25/ 10/ 2011 قدم الحاضر عن جهة الإدارة مذكرة دفع
فيها أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى
لانتفاء القرار الإدارى، وعلى سبيل الاحتياط: بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة
ومصلحة، ومن باب الاحتياط الكلى: أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة
لطلب المدعى الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى بالامتناع عن إصدار قرار بإقالة
النائب العام. ثانيًا: برفض الدعوى بشقيها مع إلزام المدعى المصروفات فى أى من الأحوال
المشار إليها، وبذات الجلسة قدم الحاضر عن الدكتور/ جابر جاد نصار صحيفة بتدخله انضماميًا
لجهة الإدارة، كما قدم مذكرة بدفاعه طلب فى ختامها أولاً: قبول تدخله انضماميًا لجهة
الإدارة. ثانيًا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، واحتياطيًا: بعدم قبول
الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، وعلى سبيل الاحتياط: رفض الدعوى، وبجلسة 13/ 12/ 2011
قدم الحاضر عن المدعى مذكرة دفاع، وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الدعوى ليصدر فيها
الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة.
من حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى
بامتناع المدعى عليه بصفته عن إصدار قرار بإقالة النائب العام وحل هيئة النيابة العامة
وتعطيل العمل بالتعليمات العامة للنيابة، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إنه عن طلبات التدخل إلى جانب الجهة الإدارية المقدمة من الدكتور/ جابر جاد
نصار ومحمد محمود عبد الله صالح وأحمد عبد الرحمن صادق فإن المادة (126) من قانون المرافعات
على أنه " يجوز لكل ذوى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى منضمًا لأحد الخصوم أو طالبًا الحكم
لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة
أو بطلب يقدم شفاهًا فى الجلسة فى حضورهم ويثبت فى محضرها ولا يقبل التدخل بعد إقفال
باب المرافعة.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز التدخل انضماميًا إلى جانب أحد الخصوم والذى
يقصد من ورائه المتدخل مساعدة الخصم فى الدفاع عن حق يدعيه واشترط المشرع لذلك توافر
المصلحة الشخصية لدى المتدخل باعتبار أن المصلحة هى شرط عام لكل طلب أو دفع أمام المحكمة
كما حدد المشرع الإجراءات المتعلقة بتقديم طلب التدخل وذلك إما بالإجراءات المعتادة
لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو إبدائه شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصوم، كما إنه من
المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان يتعين فى شرط المصلحة فى الدعوى (وكذلك فى
طلب التدخل) أن تكون شخصية ومباشرة وقائمة إلا أنه فى مجال دعوى الإلغاء، وحيث تتصل
هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية والنظام العام يتسع بشرط المصلحة لكل دعوى إلغاء
يكون رافعها فى حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعل
هذا القرار مؤثرًا فى مصلحة جدية له دون أن يعنى ذلك الخلط بينها وبين دعوى الحسبه،
إذ يظل قبول الدعوى (وكذلك طلب التدخل) منوطًا بتوافر شرط المصلحة الشخصية لرافعها.
ومتى كان ذلك وكان لطالبى التدخل مصلحة فى التدخل باعتبار أن الحكم الصادر فيها سيتعدى
أثره إليهم فيما لو قضى للمدعى بطلباته بإقالة النائب العام وحل هيئة النيابة العامة
وتعطيل العمل بتعليمات النيابة العامة لأن ذلك سوف يؤثر على استقرار المجتمع وعمل السلطة
القضائية وخصوصًا القضاء الجنائى باعتبار أن النيابة العامة هى الأمينة على الدعوى
الجنائية وحق المجتمع، لأنه سوف يتوقف التحقيق فى الجرائم التى يتم ارتكابها لحين إعادة
تشكيل النيابة العامة وتعيين نائب عام ومن ثم تقضى المحكمة بقبول تدخلهم خصومًا منضمين
إلى جهة الإدارة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى فإن المادة 83 مستبدلة
بالقانون رقم 142 لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون
رقم 146 لسنة 1972 تنص على أنه " تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة التى
يرأسها الرؤساء بهذه المحكمة دون غيرها بالفصل فى الدعاوى التى يرفعها رجال القضاء
والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأى شأن من شئونهم، وتختص
هذه الدوائر دون غيرها بالفصل فى دعاوى التعويض عن تلك القرارات، كما تختص دون غيرها
بالفصل فى الدعاوى الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء والنيابة
العامة، ولا يجوز أن يجلس للفصل فى هذه الدعاوى من كان قد اشترك فى القرار الذى رفعت
الدعوى بسببه، ويكون الطعن فى الأحكام التى تصدر فى الدعاوى المنصوص عليها فى الفقرات
السابقة أمام دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها خلال ستين يومًا
من تاريخ صدور الحكم".
كما تنص المادة (119) من ذات القانون على أنه "يعين النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية
من بين نواب رؤساء محاكم الاستئناف أو مستشارى محكمة النقض أو المحامين العامين الأول
على الأقل".
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه بات من المسلمات أنه ولئن
كان الأصل فى الاختصاص بنظر طلبات إلغاء القرارات الإدارية إنما ينعقد لمحاكم مجلس
الدولة باعتباره صاحب الولاية العامة فى المنازعات الإدارية إلا أن استثناء من هذا
الأصل وفقًا لما جرى به نص المادة 83 المشار إليه فإن الطعن على القرارات الإدارية
النهائية التى تتعلق بشأن من شئون رجال القضاء والنيابة العامة وطلبات التعويض عنها
تختص بنظرها دائرة من دوائر المواد المدنية بمحكمة استئناف القاهرة - دون غيرها.
"الطعن رقم 1513 لسنة 50ق.ع جلسة 29/ 10/ 2006"
وحيث إنه وفقًا لما تقدم، فإن المشرع يكون قد حدد المحكمة المختصة بنظر الطلبات التى
تقدم من رجال القضاء والنيابة العامة بالنظر فى أى أمر من أمورهم، وقد استقر قضاء المحكمة
الدستورية العليا على أن انعقاد الاختصاص للدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض (حاليًا
الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة التى يرأسها الرؤساء بهذه المحكمة) لا يقتضى
بالضرورة أن يكون طلب إلغاء القرار المطعون فيه مقدمًا من أحد رجال القضاء أو النيابة
العامة، بل يكفى لقيام هذا الاختصاص أن يؤدى طلب الإلغاء إلى التأثير فى المركز القانونى
لأحدهم ولو كان مقدمًا من غيرهم.
وعلى هدى ما تقدم، فإن المنازعة فى القرار السلبى المطعون فيه ينعقد الاختصاص بنظره
للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم اختصاص
المحكمة ولائيًا بنظرها وإحالتها إلى تلك الدائرة للاختصاص مع إبقاء الفصل فى المصروفات،
عملاً بمفهوم المخالفة لنص المادة 184 مرافعات.
(فلهذه الأسباب)
حكمت المحكمة: أولاً: بقبول تدخل كل من/ جابر جاد نصار،
محمد محمود عبد الله صالح وأحمد عبد الرحمن صادق خصومًا منضمين إلى جهة الإدارة.
ثانيًا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى
محكمة استئناف القاهرة للاختصاص، وأبقت الفصل فى المصروفات.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |