بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 24/ 1/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الإبيارى نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد خليفة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 44986 لسنة 56 ق
المقامة من
محمد قاسم سليمان والد/ الأمير محمد قاسم سليمان
ضـد
1 - وزير الداخلية بصفته.
2 - مدير مصلحة السجون بصفته.
(الوقائع)
أقام المدعى دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 17/ 7/ 2011 طالبا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ
القرار السلبى من جانب المطعون ضدهما وما يترتب على ذلك من آثار وأخصها إلزام المطعون
ضدهما بالإفصاح عن السجن المتواجد به نجله وكذا تمكينه من رؤيته وزيارته والإفراج عنه
إعمالاً للقرار الصادر من محكمة استئناف القاهرة الدائرة (17) جنايات الصادر بتاريخ
27/ 4/ 2011 على أن ينفذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى
الطعين وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الادارية المصروفات والأتعاب.
وقال المدعى شرحا لدعواه أنه بتاريخ 13/ 5/ 2009 تم اعتقال نجله بدون وجه حق من منطقة
مدينة نصر وعندما طال غيابه قام بالسؤال عنه وعلم بأن نجله مقبوضا عليه ومتواجد بمديرية
أمن سوهاج وقد قام بتقديم تظلم فى 24/ 4/ 2010 ولكنه حفظ، ثم قام بعد ثورة يناير بتقديم
تظلم آخر، حيث قررت المحكمة إخلاء سبيله بجلسة 27/ 4/ 2011 بضمان محل إقامته وأضاف
المدعى بأنه سبق وأنه حصل على تصريح بزيارة نجله بعد أن علم بوجوده بسجن وادى النطرون
وسجن الوادى الجديد إلا أنه لم يتمكن من زيارته بحجه عدم وجوده الأمر الذى حدا به إلى
تقديم تظلم للمدعى عليه الاول بصفته للإفصاح عن المكان المتواجد به نجله وتمكينه من
رؤيته وزيارته إلا أنه لم يحرك ساكنا ولم يتمكن بذلك من معرفة مصير نجله ومكان تواجده
طوال تلك الفترة وإذ كانت المستندات الرسمية تقطع بأن نجله ما زال فى حوزة المطعون
ضدهما نظرآ لطلبات الزيارة الصادر من مكتب شئون المعتقلين التابع لمحكمة استئناف القاهرة
وأيضآ القرار الصادر بإخلاء سبيل نجله بضمان محل إقامته من الدائرة (17) بمحكمة جنايات
القاهرة الصادر فى 27/ 4/ 2011 ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة للقانون
والدستور الأمر الذى حدا به الى إقامة دعواه بغية الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وحددت المحكمة جلسة 11/ 9/ 2011 لنظر الشق العاجل من الدعوى حيث قدم الحاضر عن المدعى
بتلك الجلسة حافظة مستندات كما قدم بجلسة 25/ 10/ 2011 حافظة مستندات وطلب التصريح
له بالاستعلام من مكتب شئون المعتقلين عن التظلم رقم 384 لسنة 2011، والمحدد لنظره
جلسة 27/ 4/ 2011 أمام الدائرة 17 جنايات وما تم فيه وما إذا كان تم الإفراج عن نجل
المدعى من عدمه وكذلك التصريح بالاستعلام عما إذا كان قد صدر للمدعى تصاريح لزيارة
نجله من عدمه وعدد تلك الزيارات مع توضيح السجن المتواجد به نجله وقد قررت المحكمة
تأجيل نظر الدعوى لجلسة 13/ 12/ 2011 وصرحت للحاضر عن المدعى باستخراج المستندات المشار
إليها بمحضر الجلسة وبالجلسة الأخيرة قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على
شهادة من مكتب التعاون الدولى وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين التابع لمكتب النائب
العام تضمنت أن التظلم رقم 384 لسنة 2011 مقيد باسم المعتقل نجل المدعى حيث حددت المحكمة
جلسة 27/ 4/ 2011 لنظر التظلم وقررت الإفراج عنه ولم يعترض عليه وزير الداخلية كما
أودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا بعدم قبول
الدعوى لانتفاء القرار الادارى واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى لزوال شرط المصلحة مع إلزام
المدعى المصروفات فى أى من الحالتين وبجلسة 13/ 12/ 2011 قررت المحكمة إصدار الحكم
بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، و بعد المداولة.
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع
عن الإفراج عن نجله والافصاح عن السجن المتواجد به، وتمكينه من رؤيته وزيارته، مع ما
يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته بغير إعلان وإلزامها المصروفات.
وحيث إن البحث فى اختصاص المحكمة والفصل فيه يلزم أن يكون سابقا على البحث فى شكل الدعوى
وفى موضوعها والفصل فيهما اعتبارا بأن فقدان الولاية مانع - أصلا - من نظر الدعوى شكلا
وموضوعا.
وحيث إنه عن الطلب الأول بالإفراج عن نجل المدعى المعتقل على النحو الثابت بالأوراق
فإن المادة الثالثة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقانون
رقم 37 لسنة 1972 والقانون رقم 50 لسنة 1982 تنص على أن " لرئيس الجمهورية متى أعلنت
حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام وله على
وجه الخصوص 1 - وضع قيود على حرية الاشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور
فى أماكن أو أوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام
واعتقالهم...."
وتنص المادة (3 مكررًا) من القانون المشار إليه على أن "يبلغ فورا كتابة كل من يقبض
عليه أو يعتقل وفقا للمادة السابقة بأسباب القبض عليه أو اعتقاله. ويكون التظلم بطلب
يقدم بدون رسوم إلى محكمة أمن الدولة العليا المشكلة وفقا لأحكام هذا القانون...."
وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 50 لسنة 1982 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 162
لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ على أن " تختص محكمة أمن الدولة عليا طوارئ دون غيرها
بنظر كافة الطعون والتظلمات من الأوامر والقرارات المشار إليها بالمادة 3 مكرر من القانون
رقم 162 لسنة 1958....."
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز لجهة الإدارة متى أعلنت حالة الطوارئ أن تتخذ
بعض التدابير للمحافظة على الأمن والنظام العام , ومنها القبض على المشتبه فيهم أو
الخطرين على الأمن والنظام العام واعتقالهم , وأجاز المشرع لمن قبض عليه أو اعتقل أن
يتظلم من قرار القبض عليه أو اعتقاله.
إلا أنه بالرغم من أن قرارات الاعتقال التى تصدر وفقا لأحكام قانون الطوارئ هى قرارات
إدارية يدخل الطعن عليها بحسب الأصل ضمن اختصاص محاكم مجلس الدولة إلا أن المشرع عهد
الى محكمة أمن الدولة عليا طوارئ دون غيرها بنظر الطعون والتظلمات التى تقدم ضد قرارات
الاعتقال.
وقد استقر قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المشرع خص محكمة أمن الدولة العليا
طوارئ بولاية الفصل فى التظلمات من أوامر الاعتقال فصلاً قضائيًا، وأضحت بذلك هى القاضى
الطبيعى بالنسبة الى هذه التظلمات وأنه ليس فى إسناد الفصل فى هذه التظلمات إلى محكمة
أمن الدولة العليا طوارئ أى تحصين لأمر الاعتقال - وهو قرار إدارى - من رقابة القضاء.
(حكمها فى القضية رقم 55 لسنة 5 ق. دستورية - جلسة 16/ 6/ 1984).
وحيث إن المدعى يطلب الإفراج عن نجله المعتقل بالطعن على قرار اعتقاله، ومن ثم فإن
نظر الطعن على هذا القرار يخرج عن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة وينعقد لمحكمة
أمن الدولة العليا طوارئ ويتعين الحكم فى هذه الحالة بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر
الطلب الماثل وألزمت المدعى مصروفات طلبه.
وحيث إنه عن الطلب الثانى المتمثل فى تحديد المكان المتواجد به نجل المدعى المعتقل
فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن انتفاء القرار يتخلف معه مناط قبول الدعوى بحسبان
أن القرار الادارى كما قد يكون صريحا بأن تفصح عنه جهة الادارة بإدارتها الملزمة فى
الشكل الذى يحدده القانون بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر
قانونى معين وقد يكون سلبيا وذلك عندما تمتنع جهة الادارة عن اتخاذ إجراء معين كان
من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون وقد يكون قرارا ضمنيا إذا لم تتخذ قرارا إعمالا
لسلطتها التقديرية وكان ذلك ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون أو إساءة لاستعمال السلطة
وانحراف عنها.
وحيث إنه بناء على ما تقدم وكان البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى تقدم بطلب مرة واحدة
لزيارة نجله بسجن الوادى الجديد حسب كتاب رئيس مكتب التعاون الدولى التابع لمكتب النائب
العام الموجه إلى مدير سجن الوادى الجديد بتاريخ 27/ 4/ 2011 والمودع رفق حافظة المستندات
المقدمة من الحاضر عن المدعى بجلسة 25/ 10/ 2011 و من ثم فإن المدعى يعلم بمكان المعتقل
فيه نجله(سجن الوادى الجديد) وبالتالى فإنه ينتفى ثمة قرار سلبى للطعن عليه فى هذه
الحالة ويتعين لذلك القضاء بعدم قبول الطلب الثانى والحال كذلك لانتفاء القرار الادارى،
وإلزام المدعى مصروفات الطلب المشار إليه.
وحيث إنه عن الطلب الثالث المتمثل فى وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الادارة السلبى بالامتناع
عن تمكين المدعى من زيارة ورؤية نجله المعتقل.
وحيث إن هذا الطلب قد استوفى شرائط قبوله فإن المحكمة تقضى بقبوله شكلاً.
وحيث إن مناط القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر ركن الجدية بأن يكون ادعاء
الطالب قائما على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار , والركن الثانى الاستعجال بأن
يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (23) من الاعلان الدستورى الصادر فى 30/ 3/ 2011
تنص على أن " يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فورا ويكون
له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذى ينظمه القانون........"
وتنص المادة (20 مكررا)من القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون على أن "
يعامل كل من تسلب حريته بغير حكم قضائى المعاملة المقررة للمحبوسين احتياطيا فى هذا
القانون ويلغى كل ما يخالف ذلك من أحكام ". كما تنص المادة (38) من ذات القانون على
أن " يكون لكل محكوم عليه الحق فى التراسل ولذويه أن يزوروه وذلك طبقا لما تبينه اللائحة
الداخلية وللمحبوسين احتياطيا هذا الحق دون إخلال بما يقضى به قانون الإجراءات الجنائية
بشأنهم فى هذا الصدد".
وتنص المادة (3مكررا)من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل بالقانون
رقم 50 لسنة 1982 على أن "....ويعامل المعتقل معاملة المحبوسين احتياطيا...."
وحيث إن مفاد ما تقدم من نصوص أن المشرع قرر معاملة كل ما تسلب حريته بغير حكم قضائى
معاملة المحبوسين احتياطيا، ويكون من حق ذويه زيارته للاطمئنان عليه حسب القواعد المنظمة
فى هذا الشأن، ومن ثم فإن المعتقل يعامل معاملة المحبوس احتياطيا ويتمتع بذات الحقوق
المقررة له.
وحيث إن البادى من ظاهر الأوراق وفى حدود الفصل فى الشق العاجل من الدعوى أن المدعى
تقدم بطلب لزيارة نجله المعتقل بسجن الوادى الجديد إلا أن الأوراق قد خلت مما يفيد
قيامة بتلك الزيارة وهو ما لم تجحده جهة الادارة وهو ما يفيد أن الادارة امتنعت عن
تمكينه من زيارة نجله رغم وجوب ذلك وفقا للقانون على النحو السابق بيانه يشكل معه قرارا
سلبيا يجوز الطعن عليه وبذلك يكون هذا القرار - بحسب الظاهر - غير قائم على سند من
الواقع أو القانون الأمر الذى يتوافر معه والحالة هذه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
أما بالنسبة لركن الاستعجال فهو متوافر لما استبان من أن المشرع كفل حق زيارة المعتقل
ويترتب على عدم الوفاء به حرمانه من التواصل مع ذويه وزيارته حسب القواعد الموضوعة
فى هذا الخصوص وهى نتائج يتعذر تداركها حال عدم الالتزام بها.
وإذا توافر ركنا الجدية والاستعجال فإن طلب وقف تنفيذ هذا القرار يكون قد استوى قائما
على ساقيه مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب على
ذلك من آثار أخصها إلزام جهة الادارة بتمكين المدعى من زيارة نجله المعتقل وإلزامها
- تبعا لذلك - مصروفات هذا الطلب.
وحيث إن طلب تنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان بالنسبة للطلب الثالث قد استوفى شرائطه
فإن المحكمة تأمر به عملا بحكم المادة 286 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولا: بعدم اختصاصها ولائيًا
بنظر الطلب الأول، وألزمت المدعى مصروفاته.
ثانيا: بعدم قبول الطلب الثانى لانتفاء القرار الادارى، وألزمت المدعى مصروفات
طلبه.
ثالثا: بقبول الطلب الثالث شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب
على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الادارية مصروفات هذا الطلب
وأمرت بتنفيذه بمسودته بغير إعلان بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير
بالرأى القانونى فيها..
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |