بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 14/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة
القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الأبياري نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ هانى أحمد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 4588 لسنة 66ق
المقامة من:
عبد اللطيف محمد حلمى عبد الحليم البكري
ضـد
وزير الداخلية بصفته
(الوقائع)
أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ
27/ 10/ 2011، طالبًا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار الصادر
من مباحث أمن الدولة بإدراجه على قوائم ترقب الوصول، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار
مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذكر المدعى شرحًا لدعواه أنه رجل أعمال - مستثمر عربى - أردنى الجنسية من المساهمين
فى رفع الاقتصاد الوطنى المصرى وحل مشكلة البطالة بإقامته فى مصر لسنوات وعمله بها،
وإقامة المشروعات، وكذا فتح مجالات عمل كثيرة للمصريين، ولم يحدث أثناء إقامته بمصر
إتيانه شيئًا من شأنه المساس بأمن الدولة أو استقرارها. وفى بداية عام 2010 دب خلاف
بينه وبين زوجته المقيمة معه فى مصر، ونظرًا لكون والدها على صلة وثيقة ببعض قيادات
وزارة الداخلية وخاصة جهاز مباحث أمن الدولة، فقد استغل سفره هو وزوجته إلى الأردن،
واستصدر قرارًا بإدراجه على قوائم ترقب الوصول تمهيدًا لمنعه من دخول البلاد وصولاً
إلى الاستيلاء على ممتلكاته وإدارتها من قبل زوجته.
وأضاف المدعى أن القرار المطعون فيه قد صدر على غير سند صحيح من الواقع أو القانون،
الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه الماثلة بغية الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وحددت المحكمة جلسة 6/ 12/ 2011 لنظر الشق العاجل من الدعوى، حيث قدم الحاضر عن المدعى
حافظتى مستندات طويتا على المستندات المعلاة بغلافيهما، كما قدم الحاضر عن الدولة -
بذات الجلسة - حافظة مستندات طويت على رد الجهة الإدارية على الدعوى، والمتضمن إفادة
قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية بأنه قد سبق إدراج المدعى على قوائم ترقب الوصول
لرصد تورطه ضمن شبكة لتهريب الذهب والفضة والعملات الأجنبية. كما أودع مذكرة دفاع طلب
فى ختامها الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع إلزام المدعى المصروفات. وبجلسة
10/ 1/ 2012 قدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فيها الحكم بذات الطلبات
الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى.
وبتلك الجلسة - 10/ 1/ 2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع مذكرات فى أسبوعين
وخلال هذا الأجل لم تودع ثمة مذكرات، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه
عند النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون
فيه بإدراجه على قوائم ترقب الوصول، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
وحيث إن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، فإنها تكون مقبولة
شكلاً.
وحيث إنه عن الشق العاجل - فإنه يلزم لوقف تنفيذ القرار توافر ركنين مجتمعين أولهما:
أن يستند الطلب إلى أسباب جدية، وثانيهما: أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية، فإن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 89
لسنة1960 فى شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى الجمهورية والخروج منها تنص على أن " يعتبر
أجنبيًا فى حكم هذا القانون كل من لا يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة ". كما
تنص المادة (34) منه على أن " يعين بقرار من وزير الداخلية قواعد وإجراءات تحديد الممنوعين
من مغادرة البلاد أو من الدخول إليها.... وكيفية إدراج أسمائهم فى القوائم الخاصة".
وحيث إن المشرع قد أعطى فى القانون المشار إليه لوزير الداخلية سلطة تقديرية واسعة
فى وضع القواعد والإجراءات التى تكفل إدراج الأسماء فى القوائم الخاصة سواء تلك المتعلقة
بالممنوعين من مغادرة البلاد أو الموضوعين على قوائم ترقب الوصول، إلا أن هذه السلطة
لا تعنى بحال من الأحوال التحلل عن رقابة القضاء أو إلباسها ثوبًا تضحى معه سلطة مطلقة
معصومة من تلك الرقابة تمحيصًا لمشروعيتها واستملاءً لمداها وملاءمتها على وجه تحفظ
للحقوق القائمة على تنظيمها قوامها الذى كان صوغًا للمبادئ الدستورية والإعلانات العالمية
لحقوق الإنسان، فضلاً عن البعد الاجتماعى والإنسانى والاقتصاد والذى لا ينفصل فى جلال
هدفه وطيب مقصده هدف المحافظة على الأمن العام بعناصره المختلفة.
وحيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على إعلاء المبادئ الدستورية وعلى رأسها
حق الأفراد فى التنقل ودخول البلاد، إلا أنها لا تغض الطرف على الواجب المقدس الملقى
على عاتق جهة الإدارة فى حماية الأمن القومى والمحافظة على النظام العام باعتباره الأولى
بالرعاية، إلا أن ممارسة الإدارة لهذة السلطة المقررة مشروطة بأن يكون قرارها الصادر
فى هذا الشأن مستندًا إلى سبب صحيح يبرره، ولا يكفى لصحة هذا القرار وسلامته الارتكاز
إلى أقوال مرسلة لا تجد سندًا لها من أوراق الدعوى، لكون هذه الحقوق والحريات فى مجملها
كانت محلاً لتنظيم دستورى وتشريعى يقوم على مبادئ أساسية تهدف إلى تمكين الأفراد من
ممارسة حقوقهم والتمتع بها فى إطار المحافظة على النظام العام والآداب العامة.
وحيث إن البين من ظاهر الأوراق، وفى حدود الفصل فى الشق العاجل من الدعوى، أن المدعى
أردنى الجنسية، وله نشاط تجارى فى مجال إقامة وتشغيل مصنع لتصنيع العطور وتعبئتها وتغليفها
داخل جمهورية مصر العربية، وأن الجهة الإدارية أصدرت قرارها بإدراجه على قوائم ترقب
الوصول بناءً على ما أفاد به قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية من رصد تورط المدعى
ضمن شبكة لتهريب الذهب والفضة والعملات الأجنبية وذلك حسبما ورد بكتابها المرفق ضمن
حافظة مستنداتها المودعة بجلسة 6/ 12/ 2011.
ولما كان السبب الذى استندت إليه الإدارة فى إصدار القرار المطعون فيه قد جاء مبنيًا
على أقوال مرسلة، حيث لم تقدم القرائن والدلائل التى تدينه فيما نسب إليه، فقد خلت
الأوراق من ثمة أصول ثابتة تتعلق بالواقعة المنسوبة إلى المدعى، الأمر الذى يجعل هذا
القرار - بحسب الظاهر - قائمًا على غير سند جدى يبرره، وأن ما زعمته جهة الإدارة فى
حقه جاء بلا سند من الأوراق ولا يكفى لحمل القرار المطعون فيه على سببه، مما يرجح الحكم
بإلغائه عند نظر موضوع الدعوى، ومن ثم يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه. كما يتوافر
ركن الاستعجال لما استبان للمحكمة من أن القرار المطعون فيه بإدراج المدعى على قوائم
ترقب الوصول يترتب عليه غل يده عن تجارته وأمواله وممتلكاته داخل البلاد، ويحول دون
مباشرته نشاطه التجارى بنفسه حرصًا على ماله الخاص، فضلاً عن قطع أوصال علاقته بزوجته
المصرية وابنتيه، وهى نتائج يتعذر تداركها، خاصة مع وجود سكن ومحل إقامة معلوم له لدى
الجهة مصدرة القرار.
وإذ توافر ركنا الجدية والاستعجال فإن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد استوى
قائمًا على ساقيه، مما يتعين معه والحالة هذه القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب
على ذلك من آثار.
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
(فلهذه الأسباب)
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون
فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية
مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير
بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |