بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 31/ 1/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد السلام عبد المجيد النجار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان محمد درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد على نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد مخلوف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 11634 لسنة66 ق
المقامة من:
محمد مرعى عبد الرسول
ضـد
1 - رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته.
2- رئيس مجلس الوزراء بصفته.
3- محمد عمرو الشوبكى وشهرته عمرو الشوبكى.
4- أحمد عمرو محمد السيد دراج وشهرته عمرو دراج.
(الوقائع)
أقام المدعى الدعوى الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 12/ 12/ 2011 و طلب فى ختامها بصفه مستعجلة بإصدار قرار فوريا بوقف ترشيح كل
من محمد عمرو الشوبكى رقم (113) رمز الكماشة وأحمد عمرو محمد السيد دراج مرشح الحرية
والعدالة فردى إلى حين صدور قرار نهائى ببطلان ترشيح هذين المرشحين فى انتخابات الدائرة
الثالثة امبابه - دقى - العجوزة والمقرر لها يوم 14/ 12/ 2011 مع إلزام الجهة الادارية
المصروفات.
وقال المدعى شرحًا لدعواه أنه من المرشحين عن الدائرة الثالثة جيزة فئات مستقل رمز
النجفة رقم (6) وأنه قد ناط المشرع فى الإعلان الدستورى للجنة العليا للانتخابات بوضع
القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية ووضع لها حد أقصى بما لا تجاوز خمسمائة ألف جنيه
للمرشح، وأن المدعى عليهما الثالث والرابع قاما بإنفاق عدة ملايين تجاوزت الحد الأقصى
للإنفاق وذلك من خلال حزب الكتلة المصرية التى دعمت المدعى عليه الثالث وحزب الحرية
والعدالة الذى دعم مرشحه المدعى عليه الرابع وأن العملية الانتخابية إذا تمت على هذا
النحو تكون باطله لوجود مرشحين مخالفين لقواعد الانتخابات.
وعين لنظر الدعوى أمام المحكمة جلسة 13/ 12/ 2011، وبجلسة 20/ 12/ 2012 وقد قدم الحاضر
عن الدولة مذكرة بالدفاع.
وبجلسة 10/ 1/ 2012 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات
فى أسبوع وقد أنقضى الأجل الممنوح دون أن يتقدم أى من أطراف الخصومة بشيء وقد صدر الحكم
وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
حيث إن المدعى يهدف الى الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان نتيجة
انتخابات مجلس الشعب عام 2011 التى أجريت بالدائرة الثالثة بمحافظة الجيزة، وذلك فيما
تضمنه من إعلان نتيجة الانتخاب بتلك الدائرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام
جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن المادة (21) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011 على أن " التقاضى
حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة
تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا، ويحظر النص فى القوانين على
تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء"
وتنص المادة (40) من ذات الإعلان تنص على أن " تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية
أعضاء مجلسى الشعب والشورى، وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا
من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب ، وتفصل المحكمة فى الطعن خلال تسعين يومًا من تاريخ
وروده إليه، وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ المجلسين بقرار المحكمة."
وتنص المادة (48) من الإعلان على أن " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل
فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى."
ومن حيث إن المشرع الدستورى إذ عهد - فى المادة (172) من دستور عام 1971 ، ومن بعده
فى المادة (48) من الإعلان الدستورى الحالى - إلى مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة
بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، فقد دل بذلك على أن ولايته فى شأنها
- وبحسبانه قاضى المشروعية - هى ولاية عامة وأنه أضحى قاضى القانون العام بالنسبة إليها
، ما فتئ قائما عليه، باسطا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صوره، ولما كان قاضى المشروعية
هو القاضى الطبيعى للفصل فى كافة المنازعات وشئونه، ولا يجوز حجبه دستورا عن نظره،
كما لا يكون مقبولا ترتيب عوائق عن نظره إياها ، إلا فى الحدود المقررة لتنظيم حق التقاضى
، وبما لا يخل بأى من الاختصاصات الدستورية المقررة له، وبما لا يحول دون حق المتقاضى
فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى فلا يحول دون ذلك حائل أو مانع يمثل انتقاصا أو عدوانا
على أى من الحقين الدستوريين اللذين يتكاملان فلا ينفصلان ، ويتعاضدان فلا يتنافران،
ومن ثم فإن مجلس الدولة هو صاحب الاختصاص أصالة بالفصل فى سائر المنازعات الإدارية
بما يعنى أنه متى توافر للمنازعة مناط اعتبارها منازعة إدارية كان الاختصاص بالفصل
فيها معقودا لمجلس الدولة ، يبد أن المشرع الدستورى استبعد الفصل فى صحة عضوية أعضاء
مجلس الشعب من نطاق هذا الاختصاص بموجب المادة (40) من الإعلان الدستورى المنوه عنه،
وهو ما يحتم وفق صحيح القواعد الأصولية أن يتوافر مناط إخراج الطعون المقصودة للمشرع
وفق هذه المادة من نطاق اختصاص مجلس الدولة ومن مظلة ولايته، وإلا لظل الطعن مندرجا
طبقا للأصل الدستورى المقنن بالمادة (48) من الإعلان الدستورى سالف الإشارة ضمن المنازعات
التى يختص مجلس الدولة بالفصل فيها ، ويتمثل هذا المناط فى أن يكون الطعن منصبا على
صحة العضوية بمجلس الشعب ، وبالبناء على ذلك فإنه ولئن كان واجبا استبعاد الطعن الذى
يكون موضوعه صحة عضوية أعضاء المجلس المذكور لعقد الاختصاص بالفصل فيه وفقا للمادة
(40) من الإعلان الدستورى لمحكمة النقض، فإنه يتحتم أن يوضع هذا الاختصاص فى نطاقه
- فى ضوء هذه المادة - دون انتقاص منه بتضييق أو افتئات على الاختصاص بتوسيع، إذ أن
ما يبدو جليا أن المادة المشار إليها حددت نطاق الاختصاص الذى وسد لمحكمة النقض الفصل
فى صحة عضوية أعضاء هذا المجلس ، ومن ثم يضحى لازم ذلك أن يكون الطعن الذى يقدم وفقا
لهذه المادة منصبا على آخر إجراء اكتسبت العضوية ابتناء عليه، ويتمثل هذا الإجراء فى
قرار إعلان نتيجة الانتخابات بفوز من فاز من المرشحين، ويكون النعى على بطلان الانتخابات
هو السبيل للوصول إلى بطلان العضوية، الأمر الذى مؤداه أن هذا القرار - والإجراءات
التى أدت إلى ولادته - هو الذى حجز الاختصاص بالفصل فى مدى صحته - وبالتالى مدى صحة
عضوية من اكتسب العضوية بصدوره لمحكمة النقض - دون غيره من القرارات السابقة صدورا
على هذا القرار والتى يكون لذوى الشأن حق فى الطعن عليها أمام قاضى المشروعية " مجلس
الدولة بهيئة قضاء إدارى " بحسبانه القاضى الطبيعى لسائر المنازعات الإدارية، وهذا
هو ما يوجبه التفسير السديد للنصوص الدستورية الآنف ذكرها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ، و لما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون
فيه قد صدر متضمنا إعلان نتيجة الانتخاب مجلس الشعب عام 2011 التى أجريت بالدائرة الثالثة
بمحافظة الجيزة ، الأمر الذى مفاده أن النزاع الماثل موجه إلى العملية الانتخابية بالمعنى
الفنى الدقيق له، وما نتج عنها من انتخاب أعضاء فى مجلس الشعب (إذ ينصب على آخر إجراء
اكتسبت العضوية ابتناء عليه، وهو ما يتمثل فى قرار إعلان نتيجة الانتخابات بفوز المرشحين
سالفى الذكر، ومن ثم فإن الفصل فى هذا النزاع يخرج عن الاختصاص الولائى المعقود لمحاكم
مجلس الدولة ويندرج فى اختصاص محكمة النقض عملاً بأحكام المادة (40) من الإعلان الدستورى
الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011، وهو الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا
بنظر الدعوى، دون إحالتها إلى محكمة النقض، وذلك بحسبان أن المشرع الدستورى قد حدد
طريقة اللجوء إلى محكمة النقض، وفقًا لما ورد بالمادة (40)، ومن ثم يمتنع إحالة الدعوى
الماثلة إليها طبقا لنص المادة (110) من قانون المرافعات.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وألزمت
المدعى المصروفات.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |