بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 31/ 1/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد السلام عبد المجيد النجار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان محمد درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ هلال صابر محمد العطار نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد مخلوف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 12983 لسنة66 ق
المقامة من:
1 - محمد جمال الدين أحمد محمد
2 - هانى صلاح كامل إمام أحمد
3 - أحمد عبد الوهاب محمود حمدان
ضـد
رئيس اللجنة العليا للانتخابات.
( الوقائع )
أقام المدعون الدعوى الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 19/ 12/ 2011 طلبوا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة ببطلان
نتائج انتخابات مجلس الشعب التى جرت بالدائرة الرابعة بمحافظة الجيزة والتى أجريت يومى
15،14/ 12/ 2011 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإعادة اجرائها مع الحكم بإلغاء الانتخابات.
وذكر المدعون شرحًا للدعوى أنه شاب عملية الانتخاب التى جرت بالدائرة المشار إليها
مخالفات تمثلت فى خرق ممثلى حزب الحرية والعدالة لحظر الدعاية حيث قاموا بتوزيع دعاية
انتخابية داخل اللجان كما شاب العمل داخل لجان الفرز الكثير من المخالفات حيث تم حجبهم
عن دخول لجان الفرز رغم وجود مندوبين عن حزبى الحرية والعدالة والنور داخل لجان الفرز
الأمر الذى اثر على مصداقية النتائج، وفى ختام الصحيفة طلبوا الحكم بالطلبات المشار
إليها.
ونظرت المحكمة الدعوى على النحو بجلسة 19/ 12/ 2011 وتداولت نظرها على الوجه الثابت
بمحاضر الجلسات، وبجلسة 20/ 12/ 2011 اودع الحاضر عن الحكومة مذكرة دفاع دفع فيها بعدم
اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ولم يحضر المدعون رغم اخطارهم بتاريخى 26،22/ 12/
2011.
وبجلسة 3/ 1/ 2012 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم حيث صدر الحكم واودعت
مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
حيث إن المدعين يطلبون الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار وإعلان نتيجة
انتخابات مجلس الشعب عام 2011 التى أجريت بالدائرة الرابعة بمحافظة الجيزة،وذلك فيما
تضمنه من إعلان نتيجة الانتخابات بتلك الدائرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام
جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن المادة (21) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011 على أن " التقاضى
حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة
تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا، ويحظر النص فى القوانين على
تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء"
وتنص المادة (40) من ذات الإعلان تنص على أن " تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية
أعضاء مجلسى الشعب والشورى، وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا
من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وتفصل المحكمة فى الطعن خلال تسعين يومًا من تاريخ
وروده إليها، وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ المجلسين بقرار المحكمة."
وتنص المادة (48) من الإعلان على أن " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل
فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى."
ومن حيث إن المشرع الدستورى إذ عهد - فى المادة (172) من دستور عام 1971، ومن بعده
فى المادة (48) من الإعلان الدستورى الحالى - إلى مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة
بالفصل فى المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، فقد دل بذلك على أن ولايته فى شأنها
- وبحسبانه قاضى المشروعية - هى ولاية عامة وأنه أضحى قاضى القانون العام بالنسبة إليها،
ما فتئ قائما عليها، باسطا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها، ولما كان قاضى المشروعية
هو القاضى الطبيعى للفصل فى كافة المنازعات وشئونها، ولا يجوز حجبه دستورا عن نظرها،
كما لا يكون مقبولا ترتيب عوائق عن نظره إياها، إلا فى الحدود المقررة لتنظيم حق التقاضى،
وبما لا يخل بأى من الاختصاصات الدستورية المقررة له، وبما لا يحول دون حق المتقاضى
فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى فلا يحول دون ذلك حائل أو مانع يمثل انتقاصا أو عدوانا
على أى من الحقين الدستوريين اللذين يتكاملان فلا ينفصلان، ويتعاضدان فلا يتنافران،
ومن ثم فإن مجلس الدولة هو صاحب الاختصاص أصالة بالفصل فى سائر المنازعات الإدارية
بما يعنى أنه متى توافر للمنازعة مناط اعتبارها منازعة إدارية كان الاختصاص بالفصل
فيها معقودا لمجلس الدولة، بيد أن المشرع الدستورى استبعد الفصل فى صحة عضوية أعضاء
مجلس الشعب من نطاق هذا الاختصاص بموجب المادة (40) من الإعلان الدستورى المنوه عنه،
وهو ما يحتم وفق صحيح القواعد الأصولية أن يتوافر مناط إخراج الطعون المقصود للمشرع
وفق هذه المادة من نطاق اختصاص مجلس الدولة ومن مظلة ولايته، وإلا لظل الطعن مندرجا
طبقا للأصل الدستورى المقنن بالمادة (48) من الإعلان الدستورى سالف الإشارة ضمن المنازعات
التى يختص مجلس الدولة بالفصل فيها، ويتمثل هذا المناط فى أن يكون الطعن منصبا على
صحة العضوية بمجلس الشعب، وبالبناء على ذلك فإنه ولئن كان واجبا استبعاد الطعن الذى
يكون موضوعه صحة عضوية أعضاء المجلس المذكور لعقد الاختصاص بالفصل فيه وفقا للمادة
(40) من الإعلان الدستورى لمحكمة النقض، فإنه يتحتم أن يوضع هذا الاختصاص فى نطاقه
- فى ضوء هذه المادة - دون انتقاص منه بتضييق أو افتئات على الاختصاص بتوسيع، إذ أن
ما يبدو جليا أن المادة المشار إليها حددت نطاق الاختصاص الذى وسد لمحكمة النقض الفصل
فى صحة عضوية أعضاء هذا المجلس، ومن ثم يضحى لازم ذلك أن يكون الطعن الذى يقدم وفقا
لهذه المادة منصبا على آخر إجراء اكتسبت العضوية أبتناء عليه، ويتمثل هذا الإجراء فى
قرار إعلان نتيجة الانتخابات بفوز من فاز من المرشحين، ويكون النعى على بطلان الانتخابات
هو السبيل للوصول إلى بطلان العضوية، الأمر الذى مؤداه أن هذا القرار - والإجراءات
التى أدت إلى ولادته - هو الذى حجز الاختصاص بالفصل فى مدى صحته - وبالتالى مدى صحة
عضوية من اكتسب العضوية بصدوره لمحكمة النقض - دون غيره من القرارات السابقة صدورا
على هذا القرار والتى يكون لذوى الشأن حق فى الطعن عليها أمام قاضى المشروعية " مجلس
الدولة بهيئة قضاء إدارى " بحسبانه القاضى الطبيعى لسائر المنازعات الإدارية، وهذا
هو ما يوجبه التفسير السديد للنصوص الدستورية الآنف ذكرها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن إنتخابات مجلس الشعب
قد أجريت بالدائرة الرابعة بمحافظة الجيزة فى مرحلتها الأولى ومرحلة الإعادة واعلنت
نتيجة المقاعد الفردية بالدائرة بموجب القرار المطعون فيه الأمر لذى مفاده أن النزاع
الماثل موجه إلى العملية الانتخابية بالمعنى الفنى الدقيق لها، وما نتج عنها من انتخاب
أعضاء فى مجلس الشعب (ولا يتعلق بالإجراءات السابقة على العملية الانتخابية مما يدخل
فى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري)، إذ ينصب على آخر إجراء اكتسبت العضوية أبتناء
عليه، وهو ما يتمثل فى قرار إعلان نتيجة الانتخابات بفوز المرشحين سالفى الذكر، ومن
ثم فإن الفصل فى هذا النزاع يخرج عن الاختصاص الولائى المعقود لمحاكم مجلس الدولة ويندرج
فى اختصاص محكمة النقض عملاً بأحكام المادة (40) من الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ
30/ 3/ 2011، وهو الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى،
دون إحالتها إلى محكمة النقض، وذلك بحسبان أن المشرع الدستورى قد حدد طريقة اللجوء
إلى محكمة النقض، وفقًا لما ورد بالمادة (40)، ومن ثم يمتنع إحالة الدعوى الماثلة إليها
طبقا لنص المادة (110) من قانون المرافعات.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وألزمت
المدعين المصاريف.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |