بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 14/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة
القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الأبياري نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ هانى أحمد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 41726 لسنة 65ق
المقامة من:
زكريا محمد طوطح
ضـد
1 - وزير الداخلية
2 - مدير مصلحة السفر والهجرة والجنسية
3 - مدير جهاز الأمن الوطنى (جهاز مباحث أمن الدولة سابقًا)
(الوقائع)
أقام المدعى دعواه الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ
28/ 6/ 2011، طالبًا فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى المطعون
فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر بمنع دخوله البلاد والمثبت
لكونه قرارًا سلبيًا بأوراق الجواز الخاصة به، والسماح بدخوله البلاد هو وأسرته لمتابعة
أعمالهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات ومقابل
أتعاب المحاماة.
وقال المدعى شرحًا لدعواه أنه بتاريخ 3/ 6/ 2008 تعرض لمشادة كلامية مع أحد ضباط مباحث
أمن الدولة على إثر اختلاف حول صحة جواز سفره وعائلته المكونة من زوجته وخمسة أبناء،
وكان ذلك حائلاً دون اللحاق بالطائرة العائدة لبلادهم لكونه سورى الجنسية، حيث لم يتم
إتخاذ أى إجراء قانونى سوى حجزه وعائلته بحجز المطار لمدة خمسة أيام دون العرض على
جهات التحقيق المصرية، ثم تم ترحيله وعائلته إلى الجمهورية العربية السورية مع تفويض
من السلطات المصرية إلى السلطات السورية بالتحقق من صحة الجوازات. وقد قامت إدارة الأمن
الداخلى التابعة لوزارة الداخلية السورية بإلغاء البلاغات المقدمة ضده وضد زوجته وأكبر
نجلين له.
وأضاف المدعى أنه فوجئ حال عودته للأراضى المصرية يوم 10 يونيه 2008 هو وأسرته لمتابعة
أملاكه بجمهورية مصر العربية بأنه ممنوع من دخول البلاد، وأنه عند عودته لدخول البلاد
مجددًا يوم 28 نوفمبر 2008 منع من الدخول وتأشر على ختم وصول المطار بلاغى، وذلك بالرغم
من عدم ثبوت تجريم أى فعل له ولأسرته يحول دون دخوله. بالإضافة إلى محاولات دخوله البلاد
عن طريق معبر السلوم بتاريخ 20/ 3/ 2010 إبان عمله بالجمهورية العربية الليبية، فما
كان من جهة الإدارة إلا منعه من الدخول دون مسوغ قانونى وقد تقدم ببلاغ إلى النائب
العام بتاريخ 30/ 5/ 2011 الذى قرر حفظ هذا البلاغ لعدم وجود منع من جهة قضائية.
ولما كان قرار منعه وأسرته من دخول البلاد على هذا النحو قد جاء على غير أساس صحيح
من القانون وما ترتب عليه من الإجحاف بحقوقه، حيث بات غارقًا فى ديونه بسبب سوء إدارة
أمواله داخل البلاد التى أصبح ممنوعًا من دخولها، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه
الماثلة بغية الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وحددت المحكمة جلسة 27/ 7/ 2011 لنظر الشق العاجل من الدعوى، حيث قدم الحاضر عن المدعى
أربع حوافظ مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلافهم. كما أودع الحاضر عن الدولة
بجلسة 11/ 9/ 2011 حافظة مستندات طويت على رد الجهة الإدارية على الدعوى، والذى تضمن
أن سبب المنع - حسبما أفاد قطاع الأمن الوطنى - هو لدواعى أمنية أدت إلى إدراجه على
قوائم منع الدخول نظرًا لسابقة محاولته وأسرته السفر إلى دولة كندا بطريق غير مشروع
من داخل البلاد على نحو يضعها فى حرج على المستوى الدولى. وأودع بذات الجلسة مذكرة
دفاع طلب فى ختامها الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع إلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 3/ 1/ 2012 قدم الحاضر عن المدعى مذكرة بدفاعه التمس فى ختامها الحكم بذات الطلبات
الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى.
وبالجلسة الأخيرة - 3/ 1/ 2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدراجه وأسرته
على قوائم الممنوعين من دخول البلاد، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
وحيث إن الدعوى قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، فإنها تكون مقبولة
شكلاً.
وحيث إنه عن الشق العاجل - فإنه يلزم لوقف تنفيذ القرار توافر ركنين مجتمعين أولهما:
أن يستند الطلب إلى أسباب جدية، وثانيهما: أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية، فإن المادة (25) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 89 لسنة
1960 فى شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى الجمهورية والخروج منها، قد نصت على أنه "
لوزير الداخلية بقرار منه إبعاد الأجانب". ونصت المادة (34) من هذا القانون على أن
" يعين بقرار من وزير الداخلية قواعد وإجراءات تحديد الممنوعين من مغادرة البلاد أو
من الدخول إليها..... وكيفية إدراج اسمائهم فى القوائم الخاصة".
وحيث إن المستقر عليه أن للدولة إبعاد من ترى إبعاده من الأجانب غير المرغوب فى بقائهم
دفعًا لحظرهم وتأمينًا لسلامتها لحماية الأمن القومى والمحافظة على النظام العام، كما
أن لها الحق فى تقدير ما يعتبر ضارًا بشئونها الداخلية والخارجية، وما لا يعتبر كذلك،
ومن حقها إتخاذ الإجراءات المناسبة فى كل حالة مع مراعاة أن وزن مناسبات قرار الإبعاد
أو مدى خطورة الشخص مما يدخل فى نطاق الملاءمة التقديرية التى تملكها الجهة الإدارية
وتنفرد بها بلا معقب عليها طالما كان القرار مستوفيًا للإجراءات التى يتطلبها القانون
ومستندًا على أسباب جدية مستمدة من أصول ثابتة فى الأوراق وذلك استهدافًا للمصلحة العامة.
وحيث إن المشرع الدستورى قد أفرد بابًا مستقلاً للحقوق والحريات والواجبات العامة الأساسية
للمواطنين، وبانضمام مصر إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان امتدت الحماية
الدستورية للحقوق والحريات العامة لتشمل المواطنين وغيرهم ممن يستظلون بالسيادة المصرية،
وهذه الحقوق والحريات فى مجملها كانت محلاً لتنظيم دستورى وتشريعى يقوم على مبادئ أساسية
تهدف إلى تمكين الأفراد من ممارسة حقوقهم والتمتع بها فى إطار المحافظة على النظام
العام والآداب العامة.
وحيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على إعلاء المبادئ الدستورية وعلى رأسها
حق الأفراد فى التنقل ودخول البلاد، إلا أنها لا تغض الطرف على الواجب المقدس الملقى
على عاتق جهة الإدارة والمتمثل فى حماية الأمن القومى والمحافظة على النظام العام بما
فى ذلك إبعاد الأجانب، إلا أن ممارسة الإدارة لهذه السلطات المقررة مشروطة بأن يكون
قرارها مستندًا إلى سبب صحيح يبرره، ولا يكفى لصحة هذا القرار وسلامته الارتكاز إلى
أقوال مرسلة لا تجد سندًا لها من أوراق الدعوى.
وحيث إن البين من ظاهر الأوراق، وفى حدود الفصل فى الشق العاجل من الدعوى، أن المدعى
سورى الجنسية وله نشاط تجارى مرخص له به داخل البلاد فى مجال تصدير الملابس والأقمشة،
ولديه كذلك بطاقة ضريبية، وبداية نشاطه فى 3/ 8/ 2007، وأن الأوراق قد أجدبت عما يفيد
ارتكابه لثمة فعل مؤثم قانونًا خلال فترة إقامته داخل القطر المصرى تجعله من غير المرغوب
فيهم أو يترتب على تواجده هو وأسرته داخل البلاد ما يمس الأمن القومى أو يشكل انتهاكًا
للنظام العام، الأمر الذى يكون معه القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر - غير قائم على
سند صحيح يبرره، ولا يرفع عن هذا القرار عدم مشروعية ما ورد فى رد الجهة الإدارية من
سابقة محاولته وأسرته السفر إلى كندا بطريق غير مشروع من داخل البلاد، بحسبانه لا يعدو
أن يكون مجرد أقوال مرسلة لا دليل يساندها من أوراق الدعوى، ولا تكفى بذاتها - بفرض
صحتها - لحمل القرار المطعون فيه على سببه.
وحيث إنه ولما كان الأمر كذلك - فإن طلب المدعى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون
قائمًا على سند جدى يبرره، مما يرجح الحكم بإلغائه عند نظر موضوع الدعوى، كما يتوافر
ركن الاستعجال لما استبان من أن منع المدعى من دخول البلاد يترتب عليه غل يده عن تجارته
وأمواله وممتلكاته ومتعلقاته الشخصية، وهى نتائج يتعذر تداركها فى هذه الحالة. وإذ
توافر ركنا الجدية والاستعجال، فإن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد استوى
قائمًا على ساقيه، مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب على ذلك
من آثار.
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
(فلهذه الأسباب)
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون
فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة
الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |