بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 21/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم
القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الابيارى نائب رئيس مجلس الدولة والسيد
الأستاذ المستشار/ هانى أحمد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 1305 لسنة 66 ق
المقامة من:
إكرام أحمد على أبو زيد
ضـد:
1 - وزير الداخلية "بصفته".
2 - مدير مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية "بصفته".
3 - مدير الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية "بصفته".
(الوقائع)
أقامت المدعية دعواها الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 9/ 10/ 2011, طالبة فى ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكل, ثانيًا: وبصفة
مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى الصادر بامتناع وزارة الداخلية عن محو سابقة اتهامها
من على جهاز الحاسب الآلى بوزارة الداخلية بجميع هيئاتها ومصالحها ومديريتها وفروعها
مع ما يترتب على ذلك من آثار, ثالثًا:وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على
ذلك من آثار, وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكرت المدعية شرحًا لدعواها أنها اتهمت فى القضية رقم 14583 لسنة 1998 جنح مصر الجديدة
وقضى فيها بالحبس سنة مع الشغل, وقد استأنفت هذا الحكم, وتم تعديل الحكم إلى ستة أشهر,
فقامت بالطعن عليه أمام محكمة النقض التى قضت بنقض الحكم وأرسلت الأوراق إلى محكمة
شمال القاهرة لنظر القضية مجددًا أمام هيئة جنح مستأنفة آخري, وبجلسة 23/ 11/ 2009
قضت محكمة الاستئناف ببراءتها من التهمة المنسوبة إليها فى الاستئناف رقم 483 لسنة
2000 جنح مستأنف شرق القاهرة, إلا أنها فوجئت عند الاطلاع على البيانات الخاصة بكمبيوتر
وزارة الداخلية بوجود ذات القضية كسابقة اتهام لها بالرغم من صدور حكم نهائى وبات ببراءتها
مما نسب إليه, فتقدمت بطلب إلى الجهة الإدارية لرفع قيد هذه القضية من على الجهاز المذكور,
إلا أنها تقاعست عن إجابتها إلى طلبها بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون, وهو ما يشكل
قرارًا سلبيًا يخضع لرقابة القضاء الإداري, ويحق لها الحكم بوقف تنفيذه وإلغائه.
وخلصت المدعية فى ختام صحيفة دعواها إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وعين لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 6/ 12/ 2011, وتدوول بجلسات المرافعة على النحو
الثابت بمحاضر الجلسات, حيث أودع الحاضر عن المدعية ثلاث حوافظ مستندات طويت على المستندات
المعلاة بغلافهم.
كما أودع الحاضر عن الدولة بجلسة 17/ 1/ 2012 حافظة مستندات ومذكرة دفاع طلب فيها الحكم
أصليًا:بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري, واحتياطيًا: برفض الدعوى بشقيها العاجل
والموضوعى مع إلزام المدعية المصروفات فى أى من الحالتين.
وبذات الجلسة 17/ 1/ 2012 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم, وفيها صدر وأودعت
مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن المدعية تطلب الحكم بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى
بامتناع وزارة الداخلية عن محو سابقة اتهامها من على جاز الحاسب الآلى بجميع مصالح
الوزارة وهيئاتها ومديرياتها وفروعها مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة
بالمصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى, فإنه
لما كان إدراج اسم المدعية على كارت المعلومات الجنائية رغم صدور حكم ببراءتها مما
أسند إليها من اتهام فى الجنحة رقم 14583 لسنة 1998 جنح مستأنف مصر الجدية من شأنه
أن يؤثر فى مركزها القانونى فى كل ما يرتبط بهذا الاتهام, مما يفيد أن الامتناع عن
محو سابقة اتهامها من على جهاز الحاسب الآلى بجميع مصالح الوزارة ينطوى على قرار إدارى
سلبى بما يقبل الطعن عليه بالإلغاء ووقف التنفيذ أمام القضاء الإداري, ومن ثم فإن الدفع
المبدى من الدولة فى هذا الشأن يكون على غير سند من القانون ولا يسوغ الاعتداد به.
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية فإنها تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين مجتمعين هما:ركن الجدية:بأن
يكون إدعاء الطالب قائمًا بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء
القرار المطعون فيه عند الفصل فى الموضوع, وركن الاستعجال:بأن يترتب على تنفيذ القرار
نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية:فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين عقد مواءمة بين
حق جهة الإدارة فى الحفاظ على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا الحديثة(كارت المعلومات)
فى رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول
ما يثبت فى التسجيل الجنائى عن السلوك الإجرامى إلى مخاطر تضر بالمجتمع, وهى بلا ريب
غايات سامية تسعى إليها الجهات القائمة على الأمن, وبين الحفاظ على حريات المواطنين
واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التى تمنح
لهم حقً, وهو ما يفترض قيدًا على الجهة الأمنية التى تقوم بإدراج الخطرين على الأمن
العام فيما يسمى كارت المعلومات الجنائية, مؤداه مراعاة التحديث المستمر للبيانات التى
قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعينة(النيابة العامة أو المحكمة
الجنائية) لرصد ما صدر منها من أوامر بالحفظ أو ما صدر من أحكام بالبراءة أو برد الاعتبار
القضائى, وكذلك تطبيق قواعد رد الاعتبار القانونى, مع الأخذ فى الاعتبار أن التسجيل
الجنائى - وهو إجراء وقائى احترازى تمارسه جهة الإدارة - يتعين ألا يمتد أثره للنيل
من حقوق الأفراد وحرياتهم أو اتخاذه وسيلة للتنكيل بهم.
وحيث إنه لما كان ذلك, وكان من ظاهر الأوراق أن المدعية سبق اتهامها فى القضية رقم
483 لسنة 2000س شرق القاهرة (آداب) والتى قضى فيها بجلسة 5/ 12/ 1999 حضوريًا بحبسها
لمدة سنة مع الشغل وكفالة ألف جنيه وغرامة مائة جنيه ووضعها تحت مراقبة الشرطة لمدة
سنة.
وقد تم الطعن على الحكم الصادر فى تلك الجنحة, فقضت المحكمة بجلسة 15/ 1/ 2001 بقبول
الاستئناف وتعديل الحكم المستأنف إلى الحبس لمدة ستة أشهر مع الشغل, ثم قامت المدعية
بالطعن عليه بموجب الطعن المقيد برقم 14726 لسنة 71ق, وبجلسة 14/ 12/ 2008 قضت محكمة
استئناف القاهرة بقبول الطعن شكل, وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية
إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لنظرها مجددًا أمام هيئة جنح مستأنف أخرى, ونفاذًا
لهذا الحكم الأخير فقد أحيلت القضية إلى محكمة جنح مستأنف مصر الجديدة حيث قيدت برقم
14583 لسنة 1998 جنح مستأنف مصر الجديدة, وقضت المحكمة بجلسة 23/ 11/ 2009 بقبول الاستئناف
شكل, وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا ببراءة المتهمة من الاتهام
المنسوب إليها.
وقد تبين عدم حصول طعن على ذلك الحكم من واقع سجلات الجدول حسب الشهادة المرفقة,ومن
ثم فإنه بصدور حكم البراءة يزول كل أثر ترتب على حكم الإدانة المقضى بإلغائه على النحو
المشار إليه, بما فى ذلك التسجيل الجنائى السابق على البراءة, بحسبان أن هذا التسجيل
- بحسب النظام الموضوع له من قبل جهة الإدارة - يمكن الرجوع إليه من الجهات الأمنية
فى الحكم على سلوك المسجل,مما ينطوى عليه ذلك من إثارة الشبهات حول مسلكه والتأثير
تبعًا لذلك على مركزه القانونى من حيث اكتسابه لبعض الحقوق أو ممارسته لحريته الشخصية,
ولهذا فقد نصت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية على أن"تنقضى الدعوى بالنسبة
للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه فيها بصدور حكم نهائى بالبراءة أو الإدانة".
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم, فإن المدعية وقد طلبت من الجهة الإدارية رفع قيد الاتهام
الذى نسب إليها من السجل الجنائى فى ضوء الحكم الصادر ببراءتها من هذا الاتهام, فإنه
كان يتعين على تلك الجهة أن تستجيب لهذا الطلب بمحو أثر الحكم القضائى الصادر بالإدانة
وعودة المدعية إلى سيرتها الأولى عملاً بالقاعدة الأصولية أن الأصل فى الانسان البراءة,
وإذ امتنعت عن ذلك دون سند أو مبرر قانونى فإن مسلكها يشكل - بحسب الظاهر من الأوراق
- قرارًا سلبيًا مخالفًا لأحكام القانون, مما يتحقق معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال:فإنه لا مراء أن استمرار تسجيل المدعية جنائيًا بعد صدور
حكم ببراءتها من الاتهام محل التسجيل, من شأنه التأسير فى سمعتها الأدبية ومركزها القانونى,
وهى نتائج يتعذر تداركها بفوات الوقت, مما يتوافر معه أيضًا ركن الاستعجال فى طلب وقف
تنفيذ القرار المطعون فيه.وإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركنيه الأساسيين وهما الجدية
والاستعجال, فإنه يتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك
من آثار.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصرفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار,
وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة
لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |