بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 21/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة
القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد محمد البيارى نائب رئيس مجلس الدولة والسيد
الأستاذ المستشار/ هانى أحمد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 5508 لسنة 66 ق
المقامة من:
1 - عبد اللطيف محمد حلمى عبد الحليم البكرى.
2 - معتز محمد حلمى عبد الحليم البكرى.
ضـد:
1 - وزير الداخلية "بصفته"
2 - مدير مصلحة الأمن العام "بصفته"
3 - مساعد وزير الداخلية لإدارة أمن الموانى والمنافذ "بصفته"
4 - مدير مصلحة الجوازات والجنسية "بصفته"
(الوقائع)
أقام المدعيان دعواهما الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه
المحكمة بتاريخ 1/ 11/ 2011, طالبين فى ختامها الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكل, ثانيًا:
وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه, ثالثًا:وفى الموضوع الحكم بمحو البيانات
المدرجة على الحاسب الآلى لوزارة الداخلية الخاصة بهما بترقب وصولهما والقبض عليهما
حال وصولهما إلى مصر وبطلانها قانونًا نظرًا لأن الإدراج غير قانونى وصادر من مباحث
أمن الدولة المنحلة دون أسباب, وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
وذكر المدعيان شرحًا لدعواهما أنهما من المقيمين بجمهورية مصر العربية بصفة دائمة ويحملون
الجنسية الأردنية, وأنهما يمارسا نشاطهما بشكل طبيعي, الأول متزوج من مصرية ولديه أبنتان
مولودتين بمصر, ومستخرج لهما شهادات ميلاد منه, ويمتلكا شركة تضامن بالقاهرة وكذا العديد
من الشقق والاراضى نظرًا لكون والدهما ولد وعاش وتوفى بمصر, إلا أنهما فوجئا بقرار
منعهما من دخول جمهورية مصر العربية فى شهر ديسمبر 2010 من قبل مباحث أمن الدولة دون
إبداء أى أسباب, بالرغم من أنه لم يصدر بشأنهما أيه أحكام قضائية أو أحكام بالحبس,
مما يجعل هذا القرار مشوبًا بمخالفة أحكام الدستور والقانونى, الأمر الذى حدا بهما
إلى إقامة الدعوى الماثلة بغية الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وتحدد لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 13/ 12/ 2011, حيث قدم خلالها الحاضر عن المدعيين
ثلاث حوافظ مستندات طويت على المستندات المعلاة بغلافهم, كما أودع الحاضر عن الدولة
بجلسة 17/ 1/ 2012 حافظة مستندات طويت على رد الجهة الإدارية على موضوع الدعوى متضمنًا
أن المدعيين من العناصر المتورطة ضمن شبكة لتهريب الذهب والفضة والعملات الأجنبية بالبلاد,
ولم تشملهما التحقيقات الأمنية فى ضوء هروبهما خارج البلاد عقب رصد نشاطهما المشبوه.
وبذات الجلسة 17/ 1/ 2012 - قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ومذكرات فى أسبوعين
وخلال هذا الأجل قدم الحاضر عن المدعيين مذكرة دفاع, وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانونًا.
وحيث إن المدعيين يطلبان الحكم بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون
فيه بإدراجهما على قوائم ترقب الوصول مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
وحيث إنه بالنسبة للمدعى الأول, فإن المادة (101) من قانون الإثبات فى المواد المدنية
والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن"الأحكام التى حازت قوة الأمر
المقضى تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية, ولكن
لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم
وتتعلق بذات الحق محلاً وسببً, وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها".
وحيث إن المستقر عليه فى قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه من المسلمات أن الحكم متى
كان قطعيًا فاصلاً فى النزاع كله أو بعضه فإنه يكون له حجية يكسبها من لحظة صدوره,
وهى حجية تستنفد بها المحكمة ولايته, ويتمتع على الخصوم معاودة النزاع فى ذات المسألة
التى فصل فيها الحكم بقضاء حاسم, وليس من ريب فى أن القول بغير ذلك يقضى إلى تأبيد
المنازعات وعدم وقوفها عن حد, وهو ما يتنافى مع ضرورة استقرار الأوضاع وتفادى تناقض
الأحكام, وأن ثمة شروطًا يتعين توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي, وهذه
الشروط تنقسم إلى قسمين الأول يتعلق بالحكم وهو أن يكون حكمًا قطعيًا وأن يكون التمسك
بالحجية فى منطوق الحكم لا فى أسبابه إلا إذا ارتبطت الأسباب ارتباطًا وثيقًا بالمنطوق,
بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب والقسم الثانى يتعلق بالحق المدعى به فيشترط
أن يكون هناك اتحاد فى الخصوم واتحاد فى المحل واتحاد فى السبب(فى هذا المعنى حكم المحكمة
الإدارية العليا فى الطعن رقم 2130 لسنة 36ق بجلسة 11/ 10/ 1997, وكذا حكمها فى الطعن
رقم 726 لسنة 40ق بجلسة 21/ 3/ 1998).
وحيث إنه بناءً على ما تقدم, وكان الثابت من الأوراق أن هذه المحكمة سبق لها أن أصدرت
حكمًا بجلسة 14/ 2/ 2012 فى الدعوى رقم 4588 لسنة 66ق المقامة من المدعى الأول فى الدعوى
الماثلة بذات الطلبات المتمثلة فى وقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه بإدراجه على
قوائم ترقب الوصول, حيث قضت المحكمة بتلك الجلسة بوقف تنفيذ هذا القرار مع ما يترتب
على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل وإذ توافر اتحاد فى الخصوم
والمحل والسبب فى الدعوى الماثلة مع الدعوى رقم 4588 لسنة 66ق, ومن ثم يتعين القضاء
بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيهما بالحكم الصادر فى الدعوى المشار إليها بالنسبة
للمدعى الأول (عبد اللطيف محمد حلمى عبد الحليم البكرى), وألزمته مصروفات طلبه.
أما بالنسبة للمدعى الثانى, فقد استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية المقررة قانونً,
ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلاً.
وحيث إنه عن الشق العاجل من الدعوى, فإنه يلزم لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه توافر
ركنين مجتمعين أولهما:أن يستند الطلب إلى أسباب جدية, وثانيهما:أن يترتب على تنفيذ
القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إنه عن ركن الجدية, فإن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 89
لسنة 1960 فى شأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى الجمهورية والخروج منها تنص على أن:يعتبر
أجنبيًا فى حكم هذا القانون كل من لا يتمتع بجنسية الجمهورية العربية المتحدة, كما
تنص المادة (34) منه على أن"يعين بقرار من وزير الداخلية قواعد وإجراءات تحديد
الممنوعين من مغادرة البلاد أو من الدخول إليها......وكيفية إدراج أسمائهم فى
القوائم الخاصة".
وحيث إن المشرع قد أعطى فى القانون المشار إليه لوزير الداخلية سلطة تقديرية واسعة
فى وضع القواعد والإجراءات التى تكفل إدراج الأسماء فى القوائم الخاصة سواء تلك المتعلقة
بالممنوعين من مغادرة البلاد أو الموضوعين على قوائم ترقب الوصول, إلا أن هذه السلطة
لا تعنى بحال من الأحوال التحلل عن رقابة القضاء أو إلباسها ثوبًا تضحى معه سلطة مطلقة
معصومة من تلك الرقابة تمحيصًا لمشروعيتها واستملاءً لمداها وملاءمتها على وجه تحفظ
للحقوق القائمة على تنظيمها قوامها الذى كان صوغًا للمبادئ الدستورية والإعلانات العالمية
لحقوق لإنسان, فضلاً عن البعد الجتماعى ولإنسانى والاقتصادى والذى لا ينفصل فى جلال
هدفه وطيب مقصده عن هدف المحافظة على الأمن العام بعناصره المختلفة.
وحيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على إعلاء المبادئ الدستورية وعلى رأسها
حق الأفراد فى التنقل ودخول البلاد, إلا أنها تغض الطرف على الواجب المقدس الملقى على
عاتق جهة الإدارية فى حماية الأمن القومى والمحافظة على النظام العام باعتباره الأولى
بالرعاية, إلا أن ممارسة الإدارة لهذه السلطة المقررة مشروطة بأن يكون قرارها الصادر
فى هذا الشأن مستندًا إلى سبب صحيح يبره, ولا يكفى لصحة هذا القرار وسلامته الارتكاز
إلى أقوال مرسلة لا تجد سندًا لها من أوراق الدعوى لكون هذه الحقوق والحريات فى مجملها
كانت محلاً لتنظيم دستورى وتشريعى يقوم على مبادئ أساسية تهدف إلى تمكين الأفراد من
ممارسة حقوقهم والتمتع بها فى إطار المحافظة على النظام العام والآداب العامة.
وترتيبًا على ما تقدم, وكان البادى من ظاهر الأوراق, وفى حدود الفصل فى الشق العاجل
من الدعوى أن المدعى الثانى أردنى الجنسية وشريك فى شركة تضامن وفقًا لأحكام القانون
المصرى ونشاطها يتمثل فى بيع الأجهزة المنزلية والكهربائية, وله بطاقة ضريبة (مأمورية
ضرائب عابدين) - برقم 717 - 378 - 203.
وقد أصدرت الجهة الإدارية قرارها بمنعه من دخول البلاد ووضعه على قوائم ترقب الوصول
على سند من كونه متورط ضمن شبكة التهريب الذهب والفضة والعملات الأجنبية بالبلاد, ولما
كان السبب الذى استندت إليه الإدارة فى إصدار القرار المطعون فيه قد جاء مبنيًا على
أقوال مرسلة أفاد بها قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية, حيث لم تقدم القرائن والدلائل
الجدية التى تدينه فيما نسب إليه, فقد جاءت الأوراق خلوًا من ثمة أصول ثابتة تتعلق
بالواقعة المنسوبة إليه, الأمر الذى يجعل هذا القرار - بحسب الظاهر غير قائم على سند
جدى يبرره, وأن ما زعمته جهة الإدارة فى حقه جاء بلا سند من الأوراق, ولا يكفى فى هذه
الحالة يحمل القرار المطعون فيه, مما يرجح الحكم بإلغائه عند نظر موضوع الدعوى, ومن
ثم يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه, كما يتوافر ركن الاستعجال لما استبان للمحكمة
من أن إدراجه على قوائم ترقب الوصول يترتب عليه الحيلولة دون متابعة نشاطه التجارى
ويحرمه من الإشراف على ماله الخاص عن كثب صونًا لحقوقه, وهى نتائج يتعذر تداركها.
وإذا توافر ركنا الجدية والاستعجال على النحو المتقدم, فإن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون
فيه يكون قد استوى قائمًا على ساقيه, مما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ هذا القرار مع
ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً:بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للمدعى الأول لسابقة الفصل فيه, وألزمته مصروفات
طلبه. ثانيًا: بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالنسبة للمدعى الثانى
مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب, وأمرت بإحالة
الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |