بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 21/ 2/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ محمد حازم البهنسى منصور نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الإبيارى نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ تامر يوسف مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 9993 لسنة65ق
المقامة من:
محمد محمود محمد الحسيني
ضـد
1 - وزير الداخلية "بصفته"
2 - مساعد وزير الداخلية لمنطقتى القناة وسيناء "بصفته"
3 - مساعد وزير الداخلية للأمن العام "بصفته"
4 - مدير الادارة العامة للمباحث الجنائية "بصفته"
5 - رئيس قسم التسجيل الجنائى بمصلحة الأمن العام "بصفته"
6 - مدير إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن بور سعيد "بصفته"
7 - رئيس قسم المعلومات بالمباحث الجنائية ببور سعيد "بصفته"
"الوقائع"
أقام المدعى هذه الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 12/
12/ 2010 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى
بالامتناع عن إزالة كافة الآثار الجنائية والتقارير الأمنية المنسوبة إلى والده مع
ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وذكر المدعى شرحا لدعواه أنه يعمل بوظيفة مأمور ثان بالإدارة العامة لجمارك بور سعيد،
وعند عرض أمر تولية أحد المناصب القيادية فوجئ بورود تقرير من المباحث الجنائية تضمن
أن والده محمود محمد الحسينى الذى يبلغ من العمر ثمانية وثمانين عامًا قد سبق اتهامه
فى القضية رقم 1425 لسنة 1950 جنح الميناء والقضية رقم 652 لسنة 1946 جنح الميناء والجناية
رقم 86 لسنة 1986 جنايات كلى بورسعيد تعاطى مخدرات وبالرجوع الى جدول القضايا تبين
أن القضيتين الأولى والثانية قد تم دشتهما، كما أن الجناية المشار إليها قضت محكمة
الجنايات فيها بجلسة 15/ 3/ 1987 ببراءة والده، وإذ ترتب على تقرير المباحث الجنائية
المشار إليه حرمانه من شغل الوظيفة القيادية التى تقدم إليها كما تم حرمان نجله من
الالتحاق بكلية الشرطة لنفس السبب فقد أقام هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
تداولت المحكمة نظر الشق العاجل من الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حيث قدم
الحاضر عن المدعى حافظتى مستندات طويتا على المستندات المعلاة على غلافهما، وقدم الحاضر
عن الجهة الإدارية مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا: - بعدم قبول الدعوى لانتفاء
القرار الإدارى واحتياطيا: - رفض الدعوى بشقيها مع إلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 17/ 1/ 2012 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم وبها صدر وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى
بالامتناع عن محو اسم والده من أجهزة الحاسب الآلى بوزارة الداخلية الخاصة بالتسجيل
الجنائى مع ما يترتب على ذلك من آثار،وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانونا ومن ثم فإنها تكون مقبولة
شكلاً.
ومن حيث إن المادة (19) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30/ 3/ 2011 تنص على أن " العقوبة
شخصية , ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون , ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى.
"
وتنص المادة (20) من ذات الاعلان على أن " المتهم بريء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية....."
وتنص المادة (14) من قانون الإجراءات الجنائية على أن " تنقضى الدعوى الجنائية بوفاة
المتهم..... "
وتنص المادة (550)من ذات القانون على أن "يرد الاعتبار بحكم القانون إذا لم يصدر خلال
الآجال الآتية على المحكوم عليه حكم بعقوبة فى جناية أو جنحة مما يحفظ عنه صحيفة بقلم
السوابق...."
وتنص المادة (552) من ذات القانون على أن "يترتب على رد الاعتبار محو الحكم القاضى
بالإدانة بالنسبة للمستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق
وسائر الآثار الجنائية"
ومن حيث إن صحيفة الحالة الجائية - وفقا لأحكام القانون رقم 36 لسنة 1958 وقرارات وزير
الداخلية الصادرة تنفيذا له - تعتبر بمثابة شهادة ببيان الأحكام الجنائية المسجلة بمصلحة
تحقيق الأدلة الجنائية، وهى تختلف عن نظام التسجيل الجنائى الذى تنظمه قواعد إدارية
متطورة تصدر عن قطاع مصلحة الأمن العام (الإدارة العامة للمعلومات والمتابعة الجنائية)حيث
تقتصر صحف الحالة الجنائية على الأحكام الجنائية الصادرة فى الجنايات والجنح فى حين
أن التسجيل الجنائى أو ما يطلق عليه كارت المعلومات الجنائية يشمل الاتهامات بغض النظر
عن نتيجة التحقيق أو الحكم الصادر بها، ويلزم أن يكون التسجيل الجنائى قاصرًا فى التعامل
على الجهات الداخلية المعنية بوزارة الداخلية بينما صحيفة الحالة الجنائية يطلبها من
يشاء من المواطنين بعد سداد الرسوم المقررة لتقديمها إلى الجهات الادارية التى تستلزم
تقديمها ضمن أوراق الحصول على بعض الخدمات أو التقدم لبعض الوظائف، ومن ثم فإنه وفقًا
للمبادئ الدستورية والقانونية فإنه يتعين عقد المواءمة بين حق الجهة الإدارية فى الحفاظ
على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا (كارت المعلومات) فى رصد تحركات المجرمين لمنع
الجريمة قبل وقوعها وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما يثبت فى التسجيل الجنائى
من السلوك الإجرامى إلى مخاطر تضر بالمجتمع وهى لا ريب غايات سامية تسعى إليها الجهات
القائمة على الأمن وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة
لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التى تمنح لهم حقًا، وهو ما يفرض قيودا على الجهة
الأمنية فلا تقوم إلا بإدراج الخطرين على الأمن العام فيما يسمى كارت المعلومات الجنائية،
وأن تراعى التحديث المستمر للبيانات بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية
(النيابة العامة أو المحاكم الجنائية)لرصد ما صدر منها من استبعاد الشخص من الاتهام،
وأوامر الحفظ أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وما صدر من أحكام بالبراءة
أو بانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل أو التصالح أو بسقوط العقوبة بمضى المدة، أو الحكم
برد الاعتبار مع الأخذ فى الاعتبار أن التسجيل الجنائى وهو إجراء وقائى احترازى تمارسه
جهة الإدارة يتعين ألا يمتد أثره للنيل من حقوق الأفراد وحرياتهم أو اتخاذه وسيلة للتنكيل
بهم لا سيما وأن الجهة الإدارية لديها وسيلة قاطعة لرصد الأحكام الجنائية وهى صحيفة
الحالة الجنائية. ومن ثم فإنه يتعين لضمان سلامة التسجيل الجنائى أن يتضمن هذا التسجيل
حقائق جنائية ثابته ومبنية على قرارات أو أحكام قضائية فاصلة وأن تراجع تلك البيانات
دوريا لتحديث ما ورد بها من معلومات لتصحيح الأخطاء الواردة بها , واستكمال البيانات
التى وردت بشأنها حتى لا يؤاخذ صاحبها بغير حق، أو تدمغ سمعته بالباطل أو تضفى ظلالاً
من الشك حول سيرته.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الاوراق المقدمة من المدعى والتى لم تجحدها الجهة الإدارية
أن القضية رقم 652 لسنة 1946 جنح الميناء والقضية رقم 1425 لسنة 1950 المقيدتين ضد
والد المدعى قد صدر الحكم فيها بالبراءة، كما أن القضية رقم 1567 لسنة 1986 ج. ك بور
سعيد قضى فيها بجلسة 15/ 3/ 1987 ببراءة والد المدعى حسبما هو ثابت من الشهادات المقدمة
من المدعى على نحو يغدو معه استمرار قيد والد المدعى فى أجهزة الحاسب الآلى بوزارة
الداخلية الخاصة بالتسجيل الجنائى مقترنا باتهامه بارتكاب هذه الجرائم التى قضى ببراءته
منها مناقضا لأصل البراءة الذى يتمتع به مثله فى ذلك مثل أى شخص آخر لم يرتكب أى جرم
جنائى، وبالتالى يكون استمرار هذا القيد مخالفا للقانون وتتوافر فى شأنه كافة مقومات
القرار السلبى بالامتناع عن محو اسم والد المدعى من السجلات المشار إليها ومن ثم يكون
قد توافر ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذ هذا القرار ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فهو
متوافر أيضا لما فى الاستمرار فى قيد اسم والد المدعى فى سجلات الخطرين على الأمن العام
من إضرار سمعه المدعى، والمساس بكرامته بين أقرانه وذويه.
وإذ توافر ركنا طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو السالف بيانه فإن المحكمة
تقضى به مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها محو اسم والد المدعى من سجلات وزارة الداخلية
الخاصة بالتسجيل الجنائى.
ومن حيث إن خاسر الدعوى يلزم مصروفاتها طبقًا للمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون
فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل من الدعوى،وأمرت
بإحالتها إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |
/td