بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 28/2/2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد السلام عبد المجيد النجار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ عبد العزيز السيد عبد الوهاب نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد خليفة فوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامي عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 13783 لسنة 66ق
المقامة من:
يوسف عبد النبي عبد النبي خالد
ضـد
1 - وزير العدل بصفته
2 - رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته
3 - رئيس اللجنة العامة بصفته
4 - وزير الداخلية بصفته
5 - مدير أمن الجيزة بصفته
6 - مدير عام الإدارة العامة للانتخابات بصفته
7 - مصطفى محمد إبراهيم
8 - محمود محمد علي عامر
9 - عماد عبد النبي محمد الحلبي
(الواقعات)
أقام المدعي الدعوى الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 24/12/2011, طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار
الصادر بإعلان نتيجة انتخابات المرحلة الثانية بالدائرة الخامسة بالجيزة لعضوية مجلس
الشعب مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحاً للدعوى أنه كان ضمن المرشحين لمقعد العمال فردي مستقل لانتخابات
مجلس الشعب عن الدائرة الخامسة بمحافظة الجيزة وقد تمت العملية الانتخابية بالمخالفة
للقانون وشابها الكثير من التزوير والأخطاء الفادحة والجسيمة وإصدار النتائج وتغيرها
عدة مرات, الأمر الذي حدا به إلي إقامة الدعوى الماثلة بطلباته السالفة.
وتدوول نظر الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حيث قدم المدعي مذكرة وحافظتي
مستندات، وبجلسة 24/12/2012 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم وفيها
صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات، والمداولة قانوناً.
حيث إن المدعي يطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء قرار إعلان نتيجة
انتخابات مجلس الشعب عام 2011 التي أجريت بالدائرة الخامسة بالجيزة, وذلك فيما تضمنه
من إعلان نتيجة الانتخاب بتلك الدائرة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم
في الشق العاجل بمسودته دون إعلان، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ومن حيث إن المادة (21) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011 على أن "التقاضي
حق مصون ومكفول للناس كافة, ولكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي, وتكفل الدولة
تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا . ويحظر النص في القوانين على
تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء".
وتنص المادة (40) من ذات الإعلان تنص على أن "تختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية
أعضاء مجلسي الشعب والشورى، وتقدم الطعون إلي المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً
من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، وتفصل المحكمة في الطعن خلال تسعين يوماً من تاريخ
وروده إليها. وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ المجلسين بقرار المحكمة".
وتنص المادة (48) من الإعلان على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة, ويختص بالفصل
في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية, ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى".
ومن حيث إن المشرع الدستوري إذ عهد – في المادة (172) من دستور عام 1971، ومن بعده
في المادة (48) من الإعلان الدستوري الحالي – إلي مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة
بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، فقد دل بذلك على أن ولايته في شأنها
– وبحسبانه قاضي المشروعية – هي ولاية عامة وأنه أضحى قاضي القانون العام بالنسبة إليها،
ما فتئ قائماً عليها، باسطاً ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها. ولما كان قاضي
المشروعية هو القاضي الطبيعي للفصل في كافة المنازعات وشئونها، ولا يجوز حجبه دستوراً
عن نظرها، كما لا يكون مقبولاً ترتيب عوائق عن نظره إياها، إلا في الحدود المقررة لتنظيم
حق التقاضي، وبما لا يخل بأي من الاختصاصات الدستورية المقررة له، وبما لا يحول دون
حق المتقاضي في الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي. فلا يحول دون ذلك حائل أو مانع يمثل انتقاصاً
أو عدواناً على أي من الحقين الدستوريين اللذين يتكاملان فلا ينفصلان, ويتعاضدان فلا
يتنافران. ومن ثم فإن مجلس الدولة هو صاحب الاختصاص أصالة بالفصل في سائر المنازعات
الإدارية بما يعني أنه متى توافر للمنازعة مناط اعتبارها منازعة إدارية كان الاختصاص
بالفصل فيها معقوداً لمجلس الدولة، بيد أن المشرع الدستوري استبعد الفصل في صحة عضوية
أعضاء مجلس الشعب من نطاق هذا الاختصاص بموجب المادة (40) من الإعلان الدستوري المنوه
عنه، وهو ما يحتم وفق صحيح القواعد الأصولية أن يتوافر مناط إخراج الطعون المقصودة
للمشرع وفق هذه المادة من نطاق اختصاص مجلس الدولة ومن مظلة ولايته، وإلا لظل الطعن
مندرجاً طبقاً للأصل الدستوري المقنن بالمادة (48) من الإعلان الدستوري سالف الإشارة
ضمن المنازعات التي يختص مجلس الدولة بالفصل فيها، ويتمثل هذا المناط في أن يكون الطعن
منصباً على صحة العضوية بمجلس الشعب، وبالبناء على ذلك فإنه ولئن كان واجباً استبعاد
الطعن الذي يكون موضوعه صحة عضوية أعضاء المجلس المذكور لعقد الاختصاص بالفصل فيه وفقاً
للمادة (40) من الإعلان الدستوري لمحكمة النقض، فإنه يتحتم أن يوضع هذا الاختصاص في
نطاقه – في ضوء هذه المادة – دون انتقاص منه بتضييق أو افتئات على الاختصاص بتوسيع,
إذ أن ما يبدو جلياً أن المادة المشار إليها حددت نطاق الاختصاص الذي وسد لمحكمة النقض
الفصل في صحة عضوية أعضاء هذا المجلس، ومن ثم يضحى لازم ذلك أن يكون الطعن الذي يقدم
وفقاً لهذه المادة منصباً على آخر إجراء اكتسبت العضوية ابتناء عليه، ويتمثل هذا الإجراء
في قرار إعلان نتيجة الانتخابات بفوز من فاز من المرشحين، ويكون النعي على بطلان الانتخابات
هو السبيل للوصول إلي بطلان العضوية، الأمر الذي مؤداه أن هذا القرار – والإجراءات
التي أدت إلي ولادته – هو الذي حجز الاختصاص بالفصل في مدى صحته – وبالتالي مدى صحة
عضوية من اكتسب العضوية بصدوره لمحكمة النقض – دون غيره من القرارات السابقة صدوراً
على هذا القرار والتي يكون لذوي الشأن حق في الطعن عليها أمام قاضي المشروعية " مجلس
الدولة بهيئة قضاء إداري " بحسبانه القاضي الطبيعي لسائر المنازعات الإدارية، وهذا
هو ما يوجبه التفسير السديد للنصوص الدستورية الآنف ذكرها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه
قد صدر متضمناً إعلان نتيجة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب عام 2011 التي أجريت بالدائرة
الخامسة فردي بمحافظة الجيزة. الأمر الذي مفاده أن النزاع الماثل موجه إلي العملية
الانتخابية بالمعنى الفني الدقيق لها، وما نتج عنها من انتخاب أعضاء في مجلس الشعب,
(ولا يتعلق بالإجراءات السابقة على العملية الانتخابية مما يدخل في اختصاص مجلس الدولة
بهيئة قضاء إداري) إذ ينصب على آخر إجراء اكتسبت العضوية ابتناءً عليه، وهو ما يتمثل
في قرار إعلان نتيجة الانتخابات بتلك الدائرة . ومن ثم فإن الفصل في هذا النزاع يخرج
عن الاختصاص الولائي المعقود لمحاكم مجلس الدولة ويندرج في اختصاص محكمة النقض عملاً
بأحكام المادة (40) من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30/3/2011, وهو الأمر الذي يتعين
معه الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، دون إحالتها إلي محكمة النقض،
وذلك بحسبان أن المشرع الدستوري قد حدد طريقة اللجوء إلي محكمة النقض, وفقاً لما ورد
بالمادة (40), ومن ثم يمتنع إحالة الدعوى الماثلة إليها طبقاً لنص المادة (110) من
قانون المرافعات.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
(فلهذه الأسباب)
حكمت المحكمة: بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وألزمت
المدعي المصروفات.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |