بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 6/ 3/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة
القضاء الإداري
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ جمال محمد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد خليفة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 7481 لسنة 66ق
المقامة من:
حسام سراج الدين عبده إبراهيم
ضـد
1 - وزير الدفاع بصفته
2 - وزير الداخلية بصفته
3 - رئيس هيئة القضاء العسكرى بصفته
4 - مدير مصلحة السجون بصفته
(الوقائع)
أقام المدعى الدعوى الماثلة بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ
17/ 11/ 2011 وطلب فى ختامها بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بإحالته إلى القضاء
العسكرى فى القضية رقم 337 لسنة 2011 جنايات عسكرية شرق القاهرة مع ما يترتب على ذلك
من آثار، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان
وإلزام جهة الإدارة المصاريف.
وذكر المدعى شرحًا للدعوى أنه أحيل إلى القضاء العسكرى فى القضية رقم 337 لسنة 2011
بتهمة الشروع فى سرقة بعض الأغنام المملوكة للأهالى وحيازة سلاح أبيض وصدر الحكم بتاريخ
4/ 4/ 2011 بسجنه خمس سنوات، وأنه ينفذ العقوبة حاليًا، ونعى المدعى على قرار إحالته
إلى المحكمة العسكرية مخالفة المبادئ الدستورية ومبادئ القانون الدولى والاتفاقيات
والمواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر ومنها العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية
والتى تكفل لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وأن القضاء العسكرى غير مختص
بمحاكمته لأنه مدنى ولم تقع الجريمة المنسوبة إليه على عسكريين أو فى منطقة عسكرية،
وأن القضاء المدنى هو المختص بمحاكمته.
وأضاف المدعى أنه حاصل على ليسانس حقوق ويعمل سائقًا لسيارة أجره وليس له أى نشاط إجرامى،
وفى ختام الصحيفة طلب المدعى الحكم بالطلبات المشار إليها.
ونظرت المحكمة الدعوى بجلسة 27/ 12/ 2011 حيث أودع وكيل المدعى حافظة مستندات وكلفت
المحكمة جهة الإدارة بتقديم صورة من الحكم المطعون فيه والتحقيقات، وبجلسة 24/ 1/ 2012
قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 6/ 3/ 2012 وصرحت للحاضر عن الدولة بتقديم مذكرات
خلال أسبوعين، وبتاريخ 7/ 2/ 2012 أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع دفعت فيها بعدم
اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار
الإدارى، وعلى سبيل الاحتياط الكلى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصاريف، وبجلسة اليوم
صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
من حيث إن المدعى يطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإدارى الصادر بإحالته
إلى القضاء العسكرى فى القضية رقم 337 لسنة 2011 جنايات عسكرية شرق القاهرة مع ما يترتب
على ذلك من آثار، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وتنفيذ الحكم بمسودته وبغير
إعلان وإلزام جهة الإدارة المصاريف.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر
الدعوى تأسيسًا على أن الأعمال التى يمارسها القضاء العسكرى تعد أعمالاً قضائية ينحسر
عنها اختصاص محاكم مجلس الدولة وأن الدعوى الماثلة تعد طعنًا على الحكم الصادر من المحاكم
العسكرية وهو الأمر الذى لا تختص به محاكم مجلس الدولة، فإن هذا الدفع مردود بأن المدعى
لا يطعن بموجب الدعوى الماثلة على الحكم الصادر ضده من القضاء العسكرى أو على قرار
الإحالة الصادر من النيابة العسكرية بوصفها جهة الإدعاء المختصة أمام القضاء العسكرى
وإنما على القرار الإدارى الصادر بإحالته إلى القضاء العسكرى لمحاكمته طبقًا لنص المادة
(6) من قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 والمعدل بالقانون رقم
16 لسنة 2007 والتى تجيز لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلى القضاء
العسكرى بعض الجرائم الجنائية التى يعاقب عليها قانون العقوبات بموجب قرار يصدره، ولما
كان قرار النيابة العسكرية بإقامة الدعوى ضد أى مدنى أمام المحاكم العسكرية وما قد
يصدر من حكم ضده، وتنفيذ العقوبة المحكوم بها من المحكمة العسكرية إنما هى كلها نتائج
وآثار تنتج وتترتب وتبنى على القرار الصادر من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه أثناء
إعلان حالة الطوارئ بإحالة جريمة معينة إلى القضاء العسكرى، وقد استقر قضاء هذه المحكمة
منذ إنشاء مجلس الدولة على أن التدابير التى يتخذها القائم على إجراء الأحكام العرفية
فى حالة إعلان الأحكام العرفية طبقًا للقانون رقم 15 لسنة 1923 (والذى حل محله قانون
الأحكام العرفية رقم 533 لسنة 1954 ثم القانون بشأن حالة الطوارئ الصادر بقرار رئيس
الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 واستبدل بالأحكام العرفية حالة الطوارئ) سواءً
كانت تدابير فردية أو تنظيمية ليست إلا قرارات إدارية يجب أن تتخذ فى حدود القانون
ويتعين أن تخضع لرقابة القضاء بالطريق المباشر وغير المباشر، وتختص محكمة القضاء الإدارى
برقابة مشروعية تلك القرارات.
(حكم محكمة القضاء الإدارى "الدوائر المجتمعة" بجلسة 21/ 6/ 1952 فى القضية رقم 1090
لسنة 6ق، وحكم محكمة القضاء الإدارى فى القضية رقم 568 لسنة 3ق بجلسة 30/ 6/ 1952 كما
استقرت المحكمة العليا قبل إنشاء المحكمة الدستورية العليا على اختصاص محكمة القضاء
الإدارى برقابة مشروعية القرارات الإدارية والأوامر الصادرة طبقًا لأحكام قانون الطوارئ
وقت إعلان حالة الطوارئ " حكمها فى القضية رقم 8 لسنة 7ق دستورية بجلسة 7/ 5/ 1977)
وقد انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى أن قرار رئيس الجمهورية بإحالة قضية إلى المحكمة
العسكرية طبقًا لنص المادة 6/ 2 من القانون رقم 25 لسنة 1966 هو قرار إدارى تختص محكمة
القضاء الإدارى بالفصل فى مشروعيته.
(حكمها فى الطعن رقم 239 لسنة 32ق جلسة 28/ 12/ 1985)
وبالبناء على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه الصادر من وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى
للقوات المسلحة بوصفه القائم باختصاصات رئيس الجمهورية طبقًا للسلطات الممنوحة له وفقًا
لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ بإحالة المدعى
إلى المحاكمة العسكرية لمحاكمته عن الجريمة المنسوبة إليه يعد قرارًا إداريًا تختص
هذه المحكمة برقابة مشروعيته، ويكون الدفع المشار إليه بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا
بنظر الدعوى غير قائم على سند صحيح من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى لأن الدعوى أقيمت ضد
قرار النيابة العسكرية بإحالة المدعى إلى المحكمة العسكرية فإن هذا الدفع غير سديد
لأن المدعى لم يطعن على قرار النيابة العسكرية بإحالته إلى المحكمة العسكرية ذلك أن
النيابة العسكرية لا ولاية لها فى شأن إقامة الدعوى الجنائية على المدنيين - فى غير
الحالات المحددة فى قانون القضاء العسكرى - إلا إذا صدر قرار من رئيس الجمهورية أو
ممن يحل محله أو يفوضه أثناء سريان حالة الطوارئ بإحالة جريمة معينة إلى القضاء العسكرى،
وإذ وجه المدعى دعواه إلى القرار الصادر من السلطة القائمة على تنفيذ أحكام قانون الطوارئ
بإحالته إلى المحاكمة العسكرية، وهذا القرار قد استجمع أركان القرار الإدارى، ومن ثم
فإنه يتعين الحكم برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى.
ومن حيث إنه عن شكل الدعوى فإن المحكمة ترجئ البت فى أمر ميعاد رفع الدعوى إلى حين
التعرض لطلب وقف التنفيذ، وفيما عدا ميعاد رفع الدعوى الذى ستتعرض له المحكمة عند بحث
ركن الجدية فإن الدعوى استوفت باقى أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يشترط لوقف تنفيذ القرار الإدارى
طبقًا لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون
رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين أولهما: يتعلق بمشروعية القرار وهو ركن الجدية بأن يكون
القرار بحسب ظاهر الأوراق غير مشروع وأن يرجح الحكم بإلغائه عند الفصل فى موضوع الدعوى،
وثانيهما: هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها لو قضى
بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (68) من الدستور الصادر عام 1971 تنص على أن:
"التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى...".
وتنص المادة (148) من الدستور المشار إليه على أن: " يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ
وعلى الوجه المبين فى القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر
يومًا التالية ليقرر ما يراه بشأنه، وإذا كان مجلس الشعب منحلاً بعرض الأمر على المجلس
الجديد فى أول اجتماع له، وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محدودة ولا
يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب".
وتنص المادة (183) من الدستور المشار إليه على أن: " ينظم القانون القضاء العسكرى وبين
اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة فى الدستور".
وقد أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانًا دستوريًا بتاريخ 13/ 2/ 2011 تضمن تعطيل
العمل بأحكام الدستور ثم أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانًا دستوريًا جديدًا
بتاريخ 30/ 3/ 2011 تضمن فى المادتين 21، 51 ذات الأحكام المنصوص عليها فى المادتين
68، 183 من الدستور الصادر عام 1971.
وتنص المادة (59) من الإعلان الدستورى المشار إليه على أن: " يعلن رئيس الجمهورية بعد
أخذ رأى مجلس الوزراء حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون، ويجب عرض هذا الإعلان
على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه... وفى جميع الأحوال يكون إعلان
حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته
على ذلك".
وتنص المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ
على أن: " يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية
أو فى منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث
اضطرابات فى الداخل أو كوارث عامة او انتشار وباء".
وتنص المادة (2) من القانون المشار إليه على أن: " يكون إعلان حالة الطوارئ وإنهاؤها
بقرار من رئيس الجمهورية ويجب أن يتضمن قرار إعلان حالة الطوارئ ما يأتى:
أولاً: بيان الحالة التى أعلنت بسببها.
ثانيًا: تحديد المنطقة التى يشملها.
ثالثًا: تاريخ بدء سريانها ومدة سريانها...".
وتنص المادة (3) من القانون المشار إليه على أن: " لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة
الطوارئ أن يتخذ التدابير الآتية:
1- وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور.
2- الأمر بمراقبة الرسائل أيًا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات
والرسوم وكافة وسائل التعبير...".
وتنص المادة (1) من قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 المعدل
بالقانون رقم 16 لسنة 2007 والمرسوم بالقانون رقم 47 لسنة 2011 على أن: " القضاء العسكرى
هيئة قضائية مستقلة تتكون من محاكم ونيابات عسكرية وفروع قضاء أخرى طبقًا لقوانين وأنظمة
القوات المسلحة. ويختص القضاء العسكرى دون غيره بنظر الجرائم الداخلة فى اختصاصه وفقًا
لأحكام هذا القانون وغيرها من الجرائم التى يختص بها وفقًا لأى قانون آخر. وتقوم على
شأن القضاء العسكرى هيئة تتبع وزارة الدفاع".
وتنص المادة (4) من القانون المشار إليه على أن: " يخضع لأحكام هذا القانون الأشخاص
الآتون بعد:
1- ضباط القوات المسلحة
2- ضباط الصف وجنود القوات المسلحة عمومًا.
3- ..............
4- أسرى الحرب
5- أى قوات عسكرية تشكل.............
6- عسكريو القوات الحليفة.......
7- الملحقون بالعسكريين....".
وتنص المادة (5) من ذات القانون على أن: " تسرى أحكام هذا القانون على كل من يرتكب
إحدى الجرائم الآتية:
أ - الجرائم التى تقع فى المعسكرات أو الثكنات أو المؤسسات أو المصانع أو السفن.. أو
المحلات التى يشغلها العسكريون لصالح القوات المسلحة إينما وجدت
ب - الجرائم التى تقع على معدات ومهمات وأسلحة وذخائر ووثائق وأسرار القوات المسلحة
وكافة متعلقاتها".
وتنص المادة (6) من ذات القانون على أن: " تسرى أحكام هذا القانون على الجرائم المنصوص
عليها فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وما يرتبط بها
من جرائم والتى تحال إلى القضاء العسكرى بقرار من رئيس الجمهورية. ولرئيس الجمهورية
متى أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلى القضاء العسكرى أى من الجرائم التى يعاقب عليها
قانون العقوبات أو أى قانون آخر...".
وتنص المادة (1) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
46 لسنة 1972 على أن " تتكون المحاكم من أ - محكمة النقض - ب - محاكم الاستئناف - ج
- المحاكم الابتدائية - د - المحاكم الجزئية وتختص كل منها بنظر المسائل التى ترفع
إليها طبقًا للقانون".
وتنص المادة (7) من ذات القانون على أن: " تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر
لنظر قضايا الجنايات............".
ومن حيث إن الدولة بمفهومها المعاصر بعد أن مرت بمراحل التطور المختلفة تتميز بأنها
دولة القانون، بمعنى خضوع جميع أفرادها وسلطاتها للقانون الذى ينظم ويضبط سلوك الجميع،
وهو ما اقتضى وجود سلطة قضائية مستقلة تختص بالفصل فى المنازعات، والقاضى هو لبنة السلطة
القضائية ويتعين أن تتوافر فيه الشروط اللازمة من تأهيل علمى وحسن السيرة والسمعة وأن
يكون غير قابل للعزل وأن لا يخضع فى أداء عمله إلا لضميره ولأحكام القانون، والأصل
هو أن يكون للدولة جهة قضاء واحدة يحاكم أمامها كل من يرتكب جريمة من الجرائم، إلا
أن الحاجة العملية قد تدعو إلى إنشاء محاكم خاصة أو استثنائية يكون اختصاصها بمحاكمة
فئة معينة من فئات المجتمع أو بنظر جرائم معينة، والأصل أن تختص المحاكم الجنائية المنصوص
عليها فى قانون السلطة القضائية بمحاكمة من يرتكب أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها
فى قانون العقوبات أو أى قانون آخر، إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل وأنشأ محاكم عسكرية
تختص بمحاكمة ضباط وأفراد القوات المسلحة وغيرهم من المنصوص عليهم فى المادة (4) من
قانون القضاء العسكرى وينظر جرائم معينة وهى الجرائم التى تقع فى المعسكرات والثكنات
العسكرية وغيرها من الجرائم المنصوص عليها فى المادة (5) من القانون المشار إليه.
وقد حرص الدستور الصادر عام 1971 ومن بعده الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/ 2011
على بيان أن الأصل هو القضاء الطبيعى وأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى القضاء الطبيعى،
واسندا إلى المشرع تنظيم القضاء العسكرى وبيان اختصاصاته إلا أنهما قيدا المشرع بضرورة
مراعاة المبادئ الواردة فى الدستور، وأول المبادئ التى يجب احترامها فى هذا الشأن هو
احترام اختصاص القاضى الطبيعى فلا يتغول اختصاص القضاء العسكرى على اختصاص القضاء الطبيعى
وأن يصان دائمًا حق المواطن فى المحاكمة أمام قاضية الطبيعى.
وقد أوضحت المحكمة الدستورية العليا أن ضمان حق كل مواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى
لرد ما قد يقع من عدوان على الحقوق التى يدعيها يدل على أمرين: أولهما: أن لكل مواطن
أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون بالنظر إلى طبيعتها وعلى ضوء مختلف العناصر التى لابستها،
مهيأ دون غيره للفصل فيها. وثانيهما: أن الناس جميعًا لا يتمايزون فى مجال حقهم فى
النفاذ إلى قاضيهم الطبيعى ولا فى نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التى تحكم الخصومة
القضائية عينها، ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور والمشرع للحقوق التى
يدعونها ولا فى اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، ولا فى طرق الطعن
التى تنظمها، بل يجب أن يكون للحقوق عينها قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها
أو الدفاع عنها أو استئدائها أو الطعن فى الأحكام التى تتعلق بها، ولا يجوز أن يقيم
المشرع فيما بين المواطنين تمييزًا غير مبرر فى شأن إعمال تلك القواعد بما يعطلها لفريق
من بينهم أو يقيدها.
"حكمها فى الدعوى رقم 9 لسنة 16ق دستورية بجلسة 5/ 8/ 1995"
كما أظهرت المحكمة الدستورية العليا أن القضاء العادى هو الأصل والمحاكم العادية هى
المختصة بنظر جميع الدعاوى الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة وفقًا لقانون العقوبات وهو
القانون العام أيًا كان شخص مرتكبها، فى حين أن المحاكم العسكرية ليست إلا محاكم خاصة
ذات اختصاص قضائى استثنائى مناطه إما شخص مرتكبها على أساس صفة معينة توافرت فيه على
نحو الحالات المبينة بالمادة (4) من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25
لسنة 1966 أو لخصوصية الجرائم وفق الأحوال المبينة بالمادة الخامسة من ذات القانون.
"حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 11 لسنة 11ق تنازع بجلسة 4/ 5/ 1991"
ومن حيث إن الدستور الصادر عام 1971 ومن بعده الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30/ 3/
2011 أجازا لرئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون، واشترط
الإعلان الدستورى ضرورة أخذ رأى مجلس الوزراء قبل إعلان حالة الطوارئ وأوجب عرض إعلان
حالة الطوارئ على مجلس الشعب خلال السبعة الأيام التالية ليقرر ما يراه، وأوجب فى جميع
الأحوال أن يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر، وحظر مدها إلا بعد
استفتاء الشعب وموافقته على المد، ونظم قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة
1958 بشأن حالة الطوارئ أسباب إعلان حالة الطوارئ، فأجاز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض
الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة معينة منها للخطر سواء أكان
ذلك سبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو فى حالة حدوث اضطرابات فى الداخل أو
كوارث عامة أو انتشار وباء، وأوجب أن يتضمن قرار رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ
ببيان الحالة التى أعلنت بسببها، وأن يحدد المنطقة التى يشملها، وتاريخ بدء سريانها
ومدة سريانها، كما حدد المشرع التدابير التى يجوز لرئيس الجمهورية أن يتخذها متى أعلنت
حالة الطوارئ وهى تدابير تصل فى قسوتها إلى إهدار كل الحقوق والمبادئ الدستورية التى
تكفل حقوق المواطنين وحرياتهم، ومن بين السلطات التى يملكها رئيس الجمهورية متى أعلنت
حالة الطوارئ أن يحيل إلى المحاكم العسكرية أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى قانون
العقوبات أو أى قانون آخر طبقًا لنص الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون القضاء
العسكرى الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966، ويملك رئيس الجمهورية استنادًا إلى نص الفقرة
الثانية من المادة المشار إليها أن يهدر كل اختصاص القضاء الطبيعى وأن يحيل جميع الجرائم
الجنائية إلى القضاء العسكرى فى فترة إعلان حالة الطوارئ عصفًا بالمبادئ الدستورية
التى تقرر أحقية المواطن فى اللجوء إلى قاضيه الطبيعى، طليقًا من كل قيد، مجاوزًا كل
حد، كما فى نص الفقرة الأولى من المادة (6) المشار إليها والتى تجيز لرئيس الجمهورية
فى كل الأوقات سواء أعلنت حالة الطوارئ أو فى غير إعلانها أن يحيل إلى القضاء العسكرى
بقرار منه الجرائم المنصوص عليها فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من قانون
العقوبات وما يرتبط بها من جرائم، وهى الجنايات والجنح المضرة بأمن الحكومة من جهة
الخارج أو من جهة الداخل.
ومن حيث إن الأصل أن حالة الطوارئ هى دائمًا مؤقتة ورهينة بالأسباب التى دفعت إلى إعلانها،
فإذا زالت تلك الأسباب وجب على رئيس الجمهورية رفع حالة الطوارئ ليرفع عن عاتق الشعب
كل القيود المفروضة على الحقوق والحريات أثناء مدة إعلان حالة الطوارئ، وكانت آخر مرة
أعلنت فيها حالة الطوارئ يوم 6/ 10/ 1981 بموجب قرار رئيس الجمهورية المؤقت رقم 560
لسنة 1981 بسبب أحداث اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق محمد أنور السادات، واستمر مد حالة
الطوارئ بقرارات من رئيس الجمهورية السابق وبموافقة مجلس الشعب، وأصبحت حالة دائمة
غير مؤقتة وغير رهينة بأسباب إعلانها بالمخالفة لنص المادة (148) من الدستور الصادر
عام 1971 ولنص المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن
حالة الطوارئ، وكان آخر مد لحالة الطوارئ قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير من عام
ألفين وأحد عشر بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 والذى تضمن فى المادة
الأولى " تمد حالة الطوارئ المعلنة بقرار رئيس الجمهورية المؤقت رقم 560 لسنة 1981
المشار إليه لمدة سنتين اعتبارًا من أول يونية سنة 2010 وحتى 31 مايو سنة 2012. ونص
فى المادة الثانية على أن: " يقتصر تطبيق الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ
خلال مدتها على حالات مواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وجلب وتصدير المواد المخدرة والإتجار
فيها.
كما يقتصر اتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام فى مواجهة الأخطار
المشار إليها فى الفقرة السابقة على نطاق التدابير المنصوص عليها فى البندين 1، 5 من
المادة (3) من قانون حالة الطوارئ المشار إليها دون غيرها".
ومن حيث إن الجديد الذى تضمنه القرار المشار إليه - غير مد حالة الطوارئ - هو أولاً
قصر تطبيق الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ اعتبارًا من 1/ 6/ 2010 على أمرين
لا ثالث لهما وهما مواجهة إخطار الإرهاب وتمويله ومواجهة جلب وتصدير المواد المخدرة
والإتجار فيها، وثانيًا: قصر التدابير التى تتخذ أثناء إعلان حالة الطوارئ فى مواجهة
الإرهاب والإتجار بالمخدرات على نطاق التدابير المنصوص عليها فى البندين 1، 5 من المادة
(3) من قانون حالة الطوارئ، ويتعلق البند (1) بوضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع
والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن وأوقات معينة والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين
على الأمن والنظام العام واعتقالهم والترخيص فى تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد
بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، ويتعلق البند (5) بسحب التراخيص بالأسلحة والذخائر
أو المواد القابلة للإنفجار أو المفرقعات على اختلاف أنواعها والأمر بتسليمها وضبطها
وإغلاق مخازن الأسلحة.
ومن حيث إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أن تولى إدارة شئون البلاد واعتبارًا
من تاريخ 11/ 2/ 2011 وطبقًا للإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 13/ 2/ 2011 أصدر المرسوم
بالقانون رقم 10 لسنة 2011 بتاريخ 10/ 3/ 2011 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات وأضاف
إلى القانون المشار إليه الباب السادس عشر إلى أبواب الكتاب الثالث تحت عنوان " الترويع
والتخويف والمساس بالطمأنينة "البلطجة" ثم أصدر المرسوم بالقانون رقم 11 لسنة 2011
بتاريخ 22/ 3/ 2011 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، ومنذ تاريخ 11/ 2/ 2011 حتى تاريخ
9/ 9/ 2011 لم يصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أية مراسيم بقوانين بتعديل قانون
حالة الطوارئ، كما لم يصدر خلال تلك المدة أية قرارات تتضمن توسيع تطبيق أحكام قانون
الطوارئ ومدها إلى غير الحالتين الواردتين بقرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010
وهما حالتى الإرهاب والإتجار بالمخدرات، ثم أصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
القرار رقم 193 لسنة 2011 بتاريخ 10/ 9/ 2011 بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية
رقم 126 لسنة 2010 وتنص المادة الأولى من هذا القرار على أن " يستبدل بنص المادة الثانية
من قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 126 لسنة 2010 المشار إليه النص التالى: تطبق
الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ خلال مدة سريانها على حالات مواجهة حدوث اضطرابات
فى الداخل وكافة أخطار الإرهاب والإخلال بالأمن القومى والنظام العام بالبلاد أو تمويل
ذلك كله وحيازة الأسلحة والذخائر والإتجار فيها وجلب وتصدير المواد المخدرة والإتجار
فيها، وكذا حالات مواجهة أعمال البلطجة والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل
المواصلات وقطع الطرق وبث إذاعة أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة عمدًا" وتنص المادة
الثانية من القرار المشار إليه على أن " يعمل بأحكام هذا القرار ويلغى كل حكم يخالف
أحكامه " وقد نشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية بتاريخ 10/ 9/ 2011 ومن ثم فإن ما
تضمنه قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 193 لسنة 2011 من توسيع نطاق تطبيق
الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ خلال مدة سريانها إلى الحالات التى تضمنها
القرار لا يسرى إلا من تاريخ العمل بهذا القرار، ولا تمتد أحكامه بأثر رجعى على الجرائم
أو الأفعال التى حدثت قبل تاريخ العمل به، ويظل قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010
هو الحاكم فى مجال تحديد الحالات التى يطبق عليها قانون الطوارئ خلال المدة من 1/ 6/
2010 حتى 9/ 9/ 2011 وقد قصر هذا القرار تطبيق للأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ
خلال تلك المدة على حالات مواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وجلب وتصدير المواد المخدرة
والإتجار فيها، وينحسر تطبيق أحكام قانون حالة الطوارئ عن كل ما عدا الحالتين المشار
إليهما "الإرهاب والإتجار فى المواد المخدرة" ولا يجوز تطبيق أحكام قانون الطوارئ على
غير هاتين الحالتين خلال المدة من 1/ 6/ 2010 حتى 9/ 9/ 2011، وأى تطبيق لأحكامه على
غير هاتين الحالتين يخالف المبادئ الدستورية الحاكمة لحالة الطوارئ كما يخالف أحكام
قانون الطوارئ وقرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى يعمل سائق سيارة أجرة، وقد نُسب إليه
أنه بتاريخ 19/ 3/ 2011 شرع فى سرقة بعض المواشى المملوكة للأهالى، وحاز وأحرز سلاحًا
أبيضًا، وأصدرت السلطة القائمة على تطبيق قانون الطوارئ القرار المطعون فيه بإحالة
المدعى إلى المحكمة العسكرية وصدر ضده حكم فى القضية رقم 337 لسنة 2011 جنايات شرق
القاهرة بجلسة 4/ 4/ 2011 بالسجن لمدة خمس سنوات، وتضمن التظلم المرفوع من المدعى من
الحكم المشار إليه أن محضر الضبط حرر الساعة الثانية وخمس دقائق صباحًا ويتعلق بالشروع
فى سرقة عدد 4 ماعز من شارع صلاح سالم بحلوان وأنه تم ضبط متهم آخر يدعى محمد فاروق
مع المدعى وذلك على النحو الثابت من صورة التظلم المرفقة بحافظة المستندات المقدمة
من وكيل المدعى، ولم تجحد جهة الإدارة ما ذكره المدعى فى صحيفة الدعوى أو فى تظلمه
المشار إليه.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن المدعى مدنى وغير عسكرى ومن غير الأشخاص المنصوص
عليهم فى المادة (4) من قانون القضاء العسكرى ولم تقع الجريمة المنسوبة إليه فى أحد
معسكرات الجيش أو على مهماته ولا تعد من الجرائم الخاصة بالعسكريين المنصوص عليها فى
المواد 5، 7، 8 من القانون المشار إليه، والتى يطبق فيها قانون القضاء العسكرى من غير
حاجة إلى صور قرار من رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه.
ومن حيث إن النص الوحيد الذى يجيز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى بعد استبعاد
أحكام المواد 4، 5، 7، 8 والتى لا تسرى على حالة المدعى، هو نص المادة (6) من قانون
القضاء العسكرى وطبقًا لنص الفقرة الأولى من تلك المادة فإنه يجوز لرئيس الجمهورية
أن يحيل الجرائم المنصوص عليها فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من قانون
العقوبات بقرار منه إلى القضاء العسكرى وهذه الجرائم هى الجنايات والجنح المضرة بأمن
الحكومة من جهة الخارج أو من جهة الداخل، ويملك رئيس الجمهورية هذا الاختصاص فى أى
وقت سواء أعلنت حالة الطوارئ أو لم تعلن، ولما كانت الجريمتان المنسوبتان إلى المدعى
الأول هى الشروع فى السرقة وجرائم السرقة من الجرائم المنصوص عليها فى الباب الثامن
"السرقة والاغتصاب" من الكتاب الثالث والخاص بالجنايات والجنح التى تحصل لآحاد الناس،
وجريمة حيازة سلاح أبيض بدون ترخيص هى من الجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 394
لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر، ومن ثم فإن الجريمتين المنسوبتين إلى المدعى من
غير الجرائم المنصوص عليها فى البابين الأول والثانى من الكتاب الثانى من قانون العقوبات،
ولا يجوز لرئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه أن يحيل المدعى إلى المحاكمة العسكرية عن
الجريمتين المشار إليهما استنادًا إلى نص الفقرة الأولى من المادة (6) من قانون القضاء
العسكرى.
ومن حيث إن سلطة رئيس الجمهورية المستمدة من نص الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون
القضاء العسكرى والتى تجيز له متى أعلنت حالة الطوارئ أن يحيل إلى القضاء العسكرى أى
من الجرائم التى يعاقب عليها قانون العقوبات أو أى قانون آخر قد قيدها قرار رئيس الجمهورية
رقم 126 لسنة 2010 الذى قصر تطبيق الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ اعتبارًا
من 1/ 6/ 2010 على مواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وجلب وتصدير المواد المخدرة والإتجار
فيها، وقصر التدابير التى تتخذ فى مواجهة الإرهاب والإتجار فى المخدرات على التدابير
المنصوص عليها فى البندين 1، 5 من المادة (3) من قانون الطوارئ، ولما كانت الجريمتان
المنسوبتان إلى المدعى "الشروع فى السرقة وحيازة سلاح أبيض دون ترخيص" من غير جرائم
الإرهاب أو المخدرات، وقد نُسب إليه ارتكابهما بتاريخ 19/ 3/ 2011 فى ظل سريان قرار
رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 المشار إليه وقبل تعديله بقرار رئيس المجلس الأعلى
للقوات المسلحة رقم 193 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 10/ 9/ 2011 والذى مد تطبيق الأحكام
المترتبة على إعلان حالة الطوارئ إلى حالات أخرى غير الإرهاب والإتجار فى المخدرات
على الوجه المشار إليه فيما تقدم، ومن ثم فإن الجريمتين المنسوبتين إلى المدعى وقت
ارتكابهما ووقت إحالته إلى المحاكمة العسكرية تخرجان عن تطبيق أحكام قانون الطوارئ
طبقًا لنص قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أو من
يقوم مقامة استنادًا إلى نص الفقرة الثانية من المادة (6) من قانون القضاء العسكرى
أن يحيل الجريمتين المنسوبتين إلى المدعى إلى القضاء العسكرى بعد تقييد سلطة رئيس الجمهورية
فى هذا الشأن وقصر تطبيق الأحكام المترتبة على إعلان حالة الطوارئ على مواجهة أخطار
الإرهاب والإتجار بالمخدرات وفى الحدود التى حددها القرار المشار إليه.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن قرار إحالة المدعى إلى القضاء العسكرى لا يظاهره
أى سند من القانون وقد ترتب عليه مخالفة المبدأ الدستورى الخاص بحق المواطن فى اللجوء
إلى قاضيه الطبيعى مطمئنًا إلى عدله، ومحميًا بالضمانات المكفولة له قانونًا فى مراحل
التحقيق والاتهام والمحاكمة، وقد انتزع هذا القرار المدعى من حرم قاضيه الطبيعى وألقى
به أمام قضاء خاص ذى نظام استثنائى وهو القضاء العسكرى، على الرغم من أنه ليس عسكريًا
ولا صلة للجريمة المنسوبة إليه بالحياة العسكرية فلا يجوز أن يحال إلى غير قاضيه الطبيعى،
كما أن القرار المطعون فيه ترتب عليه اغتصاب سلطة واختصاص المحاكم الجنائية المنصوص
عليها فى قانون السلطة القضائية وغل يدها عن نظر قضايا تدخل فى صميم اختصاصها وبذلك
يكون القرار المطعون فيه بحسب ظاهر الأوراق قد صدر معدومًا لا تلحقه أية حصانة، ولا
تعصمه أية عصمة رقابة المشروعية ولا يعدو فى حقيقته أن يكون محض عمل مادى يشكل عدوانًا
على حقوق المدعى وحرياته ويجوز توجيه الدعوى إليه بوقف تنفيذه وإلغائه. فى أى وقت دون
التقيد بميعاد رفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن للعدل مظهرًا وجوهرًا، وهما مرتبطان غير منفصلين، فلا يكفى أن تصدر القوانين
لتحقيق العدل بين الناس، وإنما يجب أن تكون القوانين عادلة فى أساسها، ولا يتحقق العدل
إلا بوضع القوانين موضع التطبيق، والقضاء هو من يطبق القوانين فينفخ فيها من روح العدل
ليحيى نصوصًا ميتًا، ويحول العدل من قيمة معنوية إلى واقع حى ملموس يشهد عليه الناس
وذلك بما يصدع به من أحكام، وتحقيق المساواة أمام القانون كمبدأ دستورى حاكم، يستلزم
ضرورة الالتزام بمبدأ المساواة أمام القضاء، فيخضع جميع المواطنين المتساويين فى المراكز
القانونية إلى قضاء واحد يتداعون إليه، ولا يجلب أحد إلى قضاء خاص، تمييزًا له أو تنكيلاً
به، وكل إخلال بمبدأ المساواة أمام القضاء يترتب عليه أن تصبح المساواة أمام القانون
مجرد شعار أجوف وهو أمر لا يمكن قبوله.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق أن ما نُسب إلى المدعى من جرم إنما يدخل فى نطاق
الجرائم الجنائية العادية التى تستوجب محاكمته أمام قاضيه الطبيعى وهو المحكمة الجنائية
المختصة. طبقًا لقانون السلطة القضائية، إلا أن القرار المطعون فيه صدر بإحالته إلى
المحاكمة العسكرية. ومن ثم يكون هذا القرار المطعون فيه بحسب ظاهر الأوراق مرجح الحكم
بالإلغاء، الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإن قضاء هذه المحكمة تواتر على قيام الاستعجال فى كل
حالة يتضمن فيها القرار الإدارى عدوانًا على الحقوق والحريات، وقد ترتب على صدور القرار
المطعون فيه محاكمة المدعى أمام محكمة عسكرية وحرمانه من حقه فى المحاكمة العادلة أمام
قاضيه الطبيعى، وإدانته وحبسه وتقييد حريته بحكم من محكمة غير مختصة بمحاكمته، الأمر
الذى يتوافر معه ركن الاستعجال.
ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد استوفى ركنى الجدية والاستعجال فمن
ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إحالة المدعى للمحاكمة
أمام المحكمة العسكرية مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها إتخاذ الإجراءات اللازمة
قانونًا لإلغاء الحكم الصادر من القضاء العسكرى ضد المدعى وإعادة إجراءات التحقيق معه
ومحاكمته وفقًا لأحكام قانون السلطة القضائية.
(فلهذه الأسباب)
حكمت المحكمة: " بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب، وألزمت جهة الإدارة
مصاريف الطلب العاجل، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى
القانونى فى موضوعها ".
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |