بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 6/ 3/ 2012 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم
القضاء الإدارى
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الابيارى نائب رئيس مجلس الدولة والسيد
الأستاذ المستشار/ محمد حازم البهنسى منصور نائب رئيس مجلس الدولة وحضور السيد الأستاذ
المستشار/ أحمد خليفة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 55451 لسنة 65 ق
المقامة من:
أركان كوسكون
ضـد:
1 - وزير الداخلية "بصفته".
2 - مدير عام مصلحة الجوازات والهجرة "بصفته".
(الوقائع)
أقام المدعى هذه الدعوى بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ
22/ 9/ 2011 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير
الداخلية بترحيله خارج البلاد ورفع اسمه من قائمة الممنوعين من دخول البلاد, وإلزام
المدعى عليه الأول بأن يؤدى له مبلغ ثلاثمائة ألف جنية تعويضًا عما فاته من مكسب وما
لحقه من خسارة وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وذكر المدعى شرحًا لدعواه أنه يتمتع بالجنسية التركية, وقدم إلى جمهورية مصر العربية
بغرض الإقامة والاستثمار حيث أنشأ مع شركاء آخرين شركة دريم لإكسسوارات المحمول فى
21/ 11/ 2009 وذلك بنظام الاستثمار الداخلى طبقًا لأحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار
الصادر بالقانون رقم 7 لسنة 1998 إلا أنه فوجئ بتاريخ 3/ 2/ 2010 باقتياده عن طريق
رجال الشرطة وتم ترحيله إلى تونس دون إبداء أيه أسباب ومن تونس تم ترحيله إلى تركي,
ولما كان هذا الترحيل دون سبب مشروع وأصابه بأضرار مادية وأدبية جسيمة فقد أقام هذه
الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
تداولت المحكمة نظر الشق العاجل من الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم
الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على المستندات المعلاة على غلافهم, وقدم الحاضر
عن الجهة الإدارية, حافظة مستندات طويت على مذكرة إدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية
بالرد على الدعوى, كما قدم مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليًا:. بعدم قبول الدعوى
لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون رقم 7لسنة 2000 واحتياطيا":بعدم قبول الدعوى
شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانونًا ومن باب الاحتياط:.برفض الدعوى بشقيها العاجل
والموضوعى, مع إلزام المدعى المصروفات فى جميع الحالات, وبجلسة 24/ 1/ 2012 قررت المحكمة
حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم, وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق
به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن المدعى يطلب الحكم بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر
بترحيله خارج البلاد, ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من دخول البلاد مع ما يترتب على
ذلك من آثار, وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى لرفعها دون اللجوء
إلى لجان التوفيق فى بعض المنازعات المنشأة طبقًا للقانون رقم 7 لسنة 2000 فإنه من
المستقر عليه أن المشرع استثنى من الخضوع لأحكام هذا القانون بعض المسائل ومن بينها
طلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ ولما كان طلب إلغاء القرار
المطعون فيه قد جاء مقترنًا بطلب وقف تنفيذه على النحو السالف بيانه فمن ثم يكون هذا
الدفع فاقدًا لأساسه القانونى الصحيح على نحو يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكل, لرفعها بعدم
الميعاد المقرر فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972
باعتبار أن القرار المطعون فيه بترحيل المدعى خارج البلاد تم تنفيذه فى 3/ 2/ 2010
بينما لم ينشط للطعن فيه إلا فى22/ 9/ 2011 أى بعد انقضاء أكثر من عام على علمه بهذا
القرار فإنه من المستقر عليه أن قرارات الترحيل خارج البلاد والوضع على قوائم الممنوعين
من دخول البلاد هى من قبيل القرارات ذات الأثر المستقر التى لا يتقيد الطعن عليها بالمواعيد
المقررة فى المادة المشار إليه, وإنما يجوز الطعن عليها فى أى وقت يرغب فيه صاحب الشأن
فى دخول البلاد على نحو يغدو معه هذا الدفع أيضًا "فاقدًا" لأساسه القانونى الصحيح
ويتعين القضاء برفضه.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن طلب وقف التنفيذ فإنه يتعين للقضاء به طبقًا للمادة 49 من قانون مجلس
الدولة توافر ركنين مجتمعين أولهما ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب بحسب الظاهر من
الأوراق قائمًا على أسباب جدية يرجح معها إلغاء القرار عند نظر موضوع الدعوى, وثانيهما
ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار أضرارًا يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه
فيما بعد.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة(1) من القانون رقم 89 لسنة 1960 بشأن دخول وإقامة
الأجانب بجمهورية مصر العربية تنص على أن "يعتبر أجنبيًا فى حكم هذا القانون كل من
لا يتمتع بجنسية جمهورية مصر العربية "وتنص المادة (25) من ذات القانون على أن" لوزير
الداخلية بقرار منه إبعاد الأجانب" وتنص المادة (31) على أن"لا يسمح الأجنبى الذى سبق
إبعاده بالعودة إلى جمهورية مصر العربية إلا بإذن من وزير الداخلية".
ومن حيث إنه من الأصول المسلمة طبقًا لقواعد القانون الدولى العام, أن للدولة بمالها
من سيادة على إقليمها الحق فى اتخاذ ما تراه لازمًا من الوسائل للمحافظة على كيانها
وأمنها فى الداخل والخارج لمصالح رعاياه, وهى تتمتع فى ذلك بسلطات واسعة فى تقدير مناسبات
إقامة أو عدم إقامة الأجانب فى أراضيها فى حدود ما تراه, متفقًا مع الصالح العام, ذلك
أنه ليس للأجنبى أصلاً الحق فى دخول البلاد أو الإقامة به, وإنما هى رخصه تتمتع فيها
جهة الإدارة بقدر واسع من سلطة التقدير, ولا يقيد هذه الرخصة سوى عدم إساءة استعمال
السلطة, بمعنى أن يكون إبعاد الأجنبى أو عدم السماح له بدخول البلاد قائمًا على أسباب
جدية يقتضيها الصالح العام, وبهذه المثابة فإنه لا يشترط لمنع الأجنبى من دخول البلاد
يتأكد للدولة بقرائن قاطعة سوء سمعته أو خطورته على أمن البلاد ومصالح شعبها - بل يكفى
أن تتوافر لديها الدلائل والشبهات التى تطمئن إليها وترى معه خطورته على البلاد, ويخضع
القرار الصادر فى هذا الشأن لرقابة محكمة القضاء الإدارى إذا ما طعن عليه صاحب الشأن
حيث تفحص الأسباب التى بنى عليها لتتبين مدى مطابقتها للقانون والواقع.
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق, وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل من الدعوى
أن المدعى وهو تركى الجنسية ويعمل مديرًا للفريق الترفيهى بفندق جولدن فايف بالغردقة
سبق اتهامه فى المحضر رقم 8/ 2010 أحوال إدارة شرطة السياحة بالبحر الأحمر وتم ترحيله
خارج البلاد وإدراج اسمه على قوائم الممنوعين من دخول البلاد, وذلك حسبما هو وارد بمذكرة
قطاع الشئون القانونية بوزارة الداخلية المرفق بحافظة مستندات الجهة الإدارية, ولما
كانت الأسباب المشار إليها لا تعدو أن تكون أقوالاً مرسلة لم يقم عليها أى دليل من
الأوراق حيث لم توضح الجهة الإدارية ماهية الاتهام المنسوب للمدعى فى المحضر المشار
إليها وما إذا كانت ينطوى على مساس بسمعة البلاد أو يمثل خطورة على الأمن العام على
نحو يغدو معه القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق قد صدر مفتقرًا لركن السبب
ومن ثم يتوافر بشأنه ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذه.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال:فهو متوافر أيضًا لما فى الاستمرار فى تنفيذ هذا القرار
من أضرار يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان المدعى من ممارسة عمله داخل البلاد وما يترتب
عليه ذلك من حرمانه من مورد رزقه.
وإذ توافر ركنا طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المحكمة تقضى به مع ما يترتب
على ذلك من آثار.
ومن حيث إن خاسر الدعوى يلزم مصروفاتها طبقًا للمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بقبول الدعوى شكل, وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار,
وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الشق العاجل من الدعوى, وأمرت بإحالتها إلى هيئة مفوضى
الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلبى الإلغاء والتعويض.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |