بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم الثلاثاء الموافق 20/ 3/ 2012
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فكرى حسن صالح نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد محمد أحمد الإبيارى نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ هانى أحمد عبد الوهاب سعد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد النجار مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 8234 لسنة 66 ق
المقامة من:
أحلام عبد المحسن على عثمان
ضـد
1 - وزير الداخلية "بصفته"
2 - رئيس مصلحة السجون "بصفته"
3 - رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته (خصم مُدخل)
"الوقائع"
أقامت المدعية الدعوى الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة
بتاريخ 22/ 11/ 2011، طلبت فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء
القرار السلبى الصادر من المدعى عليه الأول بالامتناع عن إصدار قرار بالعفو عن باقى
العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها على نجل المدعية (كريم محمد محمود شامة)، مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكرت المدعية تبيانًا لدعواها أن نجلها (كريم محمد محمود شامة) قد اتهم فى الجناية
رقم 22651 لسنة 2009 جنايات القناطر الخيرية، والمقيدة برقم 2256 لسنة 2009 كلى جنوب
بنها، وبجلسة 28/ 4/ 2010 حكمت المحكمة بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، عما
أسند إليه، وقد صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالعفو عن باقى العقوبات
السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة المحكوم بها
عليهم طبقًا للمعايير التى حددها القرار، وحيث أنه تنطبق هذه المعايير على نجل المدعية،
ورغم ذلك فإن الجهة الإدارية المدعى عليها لم تدرج اسمه ضمن كشوف المستحقين لإطلاق
سراحهم، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد خالف الدستور والقانون ويشكل قرار سلبيًا مما
يتعين الطعن فيه. الأمر الذى حدا بها إلى إقامة دعواه الماثلة بطلباتها سالفة البيان.
ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضرها، حيث
قدمت المدعية خلالها حافظة طويت على المستندات المعلاة على غلافها، ومذكرة دفاع حددت
فيها قرار العفو المطعون فيه بأنه قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27 لسنة
2011، وصحيفة معلنة بإدخال المدعى عليه الثالث بصفته خصما فى الدعوى، كما قدم الحاضر
عن الدولة مذكرة دفاع طلب فى ختامها الحكم أصليا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر
الدعوى. واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى. وعلى سبيل الاحتياط:
برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى، وبجلسة 14/ 2/ 2012 قررت المحكمة إصدار الحكم
فى الشق العاجل من الدعوى بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه
عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
حيث إن المدعية تطلب الحكم - وفقًا للتكييف القانونى الصحيح - بقبول الدعوى شكلاً وبوقف
تنفيذ وإلغاء قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 27 لسنة 2011 فيما تضمنه
من عدم شمول نجل المدعية (كريم محمد محمود شامة) بالعفو عن باقى العقوبات السالبة للحرية
المحكوم بها عليه فى القضية رقم 22651 لسنة 2009 جنايات القناطر الخيرية، والمقيدة
برقم 2256 لسنة 2009 كلى جنوب بنها، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارية
المصروفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى على سند من أن
القرار المطعون فيه يعد من أعمال السيادة، فإنه دفع غير سديد، ذلك أن القرار المطعون
فيه اكتملت له عناصر ومقومات القرار الإدارى، وهو صادر عن رئيس المجلس الأعلى للقوات
المسلحة بوصفه سلطة إدارة وليس سلطة حكم، إذ يظل العفو عن باقى العقوبة المحكوم بها
عملاً إداريًا خالصًا يخضع لرقابة قاضى المشروعية باعتباره صاحب الولاية والقاضى الطبيعى
المختص بنظر الطعون فى القرارات الإدارية شأنها شأن سائر المنازعات الإدارية التى ما
فتئ القضاء الإدارى قائمًا عليها باسطًا ولايته على مختلف أشكالها وصورها، وهو الأمر
الذى يغدو معه الدفع الماثل قائما على غير سند جديرًا بالرفض، وتكتفى المحكمة بالإشارة
إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى، فهو غير جدير
بالقبول، وقد تكفل الرد على الدفع السابق ببيان ذلك، وتقضى المحكمة برفضه كذلك، وتكتفى
بالإشارة إلى ذلك فى الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا، ومن ثم تقضى المحكمة
بقبولها شكلاً.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن المادة (49) من قانون مجلس الدولة
الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1972 تنص على أنه " لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة
وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه، على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب
ذلك فى صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها....... "
ومن حيث إن مفاد هذا النص أنه يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى ضرورة توافر ركنين،
الأول ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بطلب
الإلغاء مرجح الإلغاء لأسباب ظاهرة تكفى بذاتها لحمل هذه النتيجة، والثانى ركن الاستعجال
بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (7) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011
تنص على أن " المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة،
لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة."
وتنص المادة (19) من ذات الإعلان على أن " العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا
بناء على قانون، ولا توقع إلا بحكم قضائى....."
وتنص المادة (56) منه على أن " يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد
وله فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية:
1 - 0....... 2 - ......... 9 - العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا
يكون إلا بقانون.".
ومن حيث إن المادة (74) من قانون العقوبات تنص على أن " العفو عن العقوبة المحكوم بها
يقضى إسقاط كلها أو بعضها.... ".
كما تنص المادة (49) من قانون السجون رقم 396 لسنة 1956 على أن " يفرج عن المسجون ظهر
اليوم التالى لانتهاء مدة العقوبة ".
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المواطنين أمام القانون سواء فلكل منهم الحقوق وعليه
نفس الواجبات والالتزامات ولا تجوز التفرقة بين المواطنين من أصحاب المراكز القانونية
المتماثلة بأى حال من الأحوال، وأن التمييز بينهم غير جائز بأى حال وإلا كان هذا المسلك
مخالفًا لأحكام الدستور فضلاً عن مخالفة القانون. كذلك فإنه لما للحرية الشخصية من
أهمية بارزة فى حياة الإنسان باعتبارها ملاك الحياة كلها، فقد حرص المشرع الدستورى
على كفالتها وصونها فلا توقع عقوبة تسلبها إلا بناء على قانون وبحكم قضائى فى حدود
ما تحويه الشرائع والقوانين من تنظيم لها بحسبان أن هذه الشرائع والقوانين لا تخلقها
ولا توجدها بل تنظمها وتوفق بين شتى مناحيها تحقيقًا لخير الجماعة ورعاية للصالح العام
وحتى تلك العقوبة السالبة للحرية فقد أجاز المشرع الدستورى العفو عنها أو تخفيفها رعاية
وتغليبًا لحقوق الأفراد وحرياتهم، وإدراكًا لحقيقة إنسانية الإنسان وحماية لحقه فى
حياة كريمة، استهداء بما يرجى من نفع وصالح عام للمجتمع. ولما كان المستقر عليه أن
عيب إساءة استعمال السلطة هو من العيوب القصدية التى يجب أن يقوم الدليل عليها من الأوراق
وأن يظهر ذلك للمحكمة من واقع الدعوى.
ومن حيث إنه استنادًا إلى ما تقدم فقد أصدر رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة القرار
المطعون فيه رقم 27 لسنة 2011 بتاريخ 10/ 3/ 2011 ونص فى مادته الأولى على أن " يعفى
عن باقى العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها على المسجونين الذين أمضوا نصف مدة العقوبة
المحكوم بها عليهم والبالغ عددهم ستون محكومًا عليهم أولهم........ وذلك وفقًا لما
يلى:
أولا: المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة - السجن المؤبد - إذا كانت المدة المنفذة
حتى 8/ 3/ 2011 خمس عشر سنة ميلادية.
ويوضع المفرج عنه تحت مراقبة الشرطة مدة خمس سنوات طبقًا للفقرة الثانية من المادة
75 من قانون العقوبات.
ثانيًا: المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية قبل 8/ 3/ 2011 متى كان المحكوم عليه قد
نفذ حتى هذا التاريخ نصف مدتها ميلاديًا وبشرط ألا تقل مدة التنفيذ عن ستة أشهر ولا
يوضع المفرج عنه تحت مراقبة الشرطة ألا إذا كانت مقررة بقوة القانون أو كان محكومًا
بها عليه وبشرط ألا تزيد مدتها على خمس سنوات أو على المدة التى يشملها بالعفو بمقتضى
هذا القرار أيهما أقل ".
ونصت المادة الثالثة منه على أن "يُنشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية ويعمل به من
تاريخ صدوره ". وقد نشر فى الجريدة الرسمية العدد (10 - تابع)، بتاريخ 10/ 3/ 2011.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم ولما كان البادى من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل
فى الشق العاجل من الدعوى أن نجل المدعية (كريم محمد محمود شامة) قد اتهم فى القضية
رقم 22561 لسنة 2009 جنايات القناطر الخيرية، والمقيدة برقم 2256 لسنة 2009 كلى جنوب
بنها، بأنه بتاريخ 25/ 10/ 2009 بدائرة مركز القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية قد
أحرز جوهرًا مخدرًا حشيشًا فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، كما أحرز بغير ترخيص
سلاحًا ناريًا غير مششخن "فرد مصنع محليًا، وقد تم حبسه احتياطيًا على ذمة هذه القضية
بتاريخ 26/ 10/ 2009، وبجلسة 28/ 4/ 2010 قضت محكمة جنايات شبرا الخيمة بمعاقبته بالسجن
المشدد لمدة ثلاث سنوات (عقوبة سالبة للحرية)، تنتهى فى 26/ 10/ 2012، ومن ثم فإن نجل
المدعية بذلك يكون قد حكم عليه بعقوبة سالبة للحرية قبل 8/ 3/ 2011، وقد نفذ حتى هذا
التاريخ ما يزيد على نصف مدتها ميلاديًا (12 يومًا - 4 أشهر - 2 سنة)، وبمدة تنفيذ
لا تقل عن ستة أشهر، وهى مناط سريان المعايير التى تضمنها القرار رقم 27 لسنة 2011
بشأنه، وهو الأمر الذى يغدو معه القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم شمول نجل المدعية
بالعفو عن باقى العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليه فى القضية سالفة البيان -
وبحسب الظاهر قائمًا على غير سند ومخالفًا للقانون، ويكون بالتالى مرجح الإلغاء عند
نظر موضوع الدعوى مما يتوافر معه ركن الجدية.
ومن حيث إن تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى أن عدم
إطلاق سراح نجل المدعية يمثل اعتداء على حريته، وتقييدًا لها دون مبرر، وهى التى تمثل
أغلى ما يملكه الإنسان ولا يضاهيها شئ فى الوجود، ومن ثم يتوافر ركن الاستعجال.
ومن حيث إنه وإذ استقام لطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ركناه، جدية واستعجالاً،
ومن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الإفراج الفورى
عن نجل المدعية (كريم محمد محمود شامة) بحسبان أنه كان يتعين على جهة الإدارة الإفراج
عنه، شأنه فى ذلك شأن زملائه ممن شملهم القرار رقم 27 لسنة 2011 المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: - بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة
الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد
تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |