بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علنًا فى يوم السبت الموافق 7/ 4/ 2012
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد السلام عبد المجيد النجار نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامى رمضان درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأستاذ المستشار/ محمد حازم البهنسى منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد حسنى درويش مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ سامى عبد الله خليفة أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
فى الدعوى رقم 33079 لسنة 66 ق
المقامة من:
أيمن عبد العزيز نور
ضـد
(1) رئيس اللجنة العليا للانتخابات "بصفته"
(2) رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية "بصفته"
(3) وزير الداخلية "بصفته"
"الوقائع"
أقام المدعى هذه الدعوى بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ
5/ 4/ 2012 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى
بالامتناع عن قيده بقاعدة بيانات الناخبين مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة
الإدارية المصروفات.
وذكر المدعى شرحًا لدعواه أنه بتاريخ 28 مارس 2012 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات
المسلحة رقم 191 لسنة 2012 بإعفائه من العقوبات التكميلية والتبعية وجميع الآثار المترتبة
على الحكم الصادر من محكمة جنايات عابدين فى القضية رقم 4245 لسنة 2005 جنايات عابدين،
وبتاريخ 4/ 4/ 2012 تقدم بطلب إلى رئيس اللجنة العليا للانتخابات لاتخاذ إجراءات إعادة
قيده بقاعدة بيانات الناخبين، وبتاريخ 5/ 4/ 2012 تقدم بطلبين مماثلين إلى رئيس محكمة
جنوب القاهرة الابتدائية ومدير أمن القاهرة، وأضاف المدعى أنه حتى تاريخه لم يصدر أى
قرار من الجهة الإدارية بإعادة قيده فى قاعدة بيانات الناخبين بالرغم من قضائه مدة
العقوبة المحكوم بها عليه وصدور قرار العفو المشار إليه، ولما كان هذا المسلك من جانب
الجهة الإدارية يمثل مساسًا بحقوقه السياسية التى كلفها له الدستور والقانون فقد أقام
هذه الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
وتحدد لنظر الدعوى جلسة 7/ 4/ 2012، وبالجلسة المذكورة حضر وكيل المدعى وقدم حافظتى
مستندات طويتا على المستندات المعلاة على غلافيهما ولم يقدم الحاضر عن الجهة الإدارية
أية مستندات , وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم آخر الجلسة، وبها صدر وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابة عند النطق به.
(المحكمة)
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، و المداولة قانونًا.
من حيث إنه ولئن كان للخصوم طرح طلباتهم على المحكمة وفق ما يرونه معبرًا عنها من ألفاظ
وعبارات إلا أن التكييف القانونى لهذه الطلبات يظل من إطلاقات المحكمة بما لها من هيمنة
على إجراءات الدعوى الإدارية طالما لم تخرج عما رغبوا إليه فى دعواهم من طلبات دون
أن تضيف إليها أو تنتقص منها وذلك إعمالاً للقاعدة الأصولية التى تقرر أن العبرة بالمعانى
لا بالألفاظ والمبانى.
ومن حيث إنه لما كان ذلك كذلك وإعمالاً لأحكام الباب الثانى من القانون رقم 73 لسنة
1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فإن حقيقة طلبات المدعى تخلص فى الحكم بقبول الدعوى
شكلا وبإلغاء القرار الصادر برفض قيد إسمه بقاعدة بيانات الناخبين مع ما يترتب على
ذلك من آثار.
ومن حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانونًا فمن ثم تكون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الإعلان الدستورى الصادر فى 30/ 3/ 2011 ينص فى المادة
(56) منه على أن " يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وله فى سبيل
ذلك مباشرة الحقوق الآتية:.. - العفو عن العقوبة أو تخفيضها أما العفو الشامل فلا يكون
إلا بقانون..... " وينص قانون مباشرة الحقوق السياسية المشار إليه فى المادة (1) منه
على أن " على كل مصرى ومصرية بلغ ثمانى عشرة سنة ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية
الآتية........." وينص فى المادة (2) منه على أن " يحرم من مباشرة الحقوق السياسية
1. المحكوم عليه فى جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره....." وينص فى المادة (4) على
أن " يجب أن يقيد فى قاعدة بيانات الناخبين كل من له مباشرة الحقوق السياسية من الذكور
والإناث... " وينص فى المادة (5) على أن " تنشأ قاعدة بيانات للناخبين تقيد فيها تلقائيًا
من واقع بيانات الرقم القومى الثابتة بقاعدة بيانات مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية
أسماء من تتوافر فيهم شروط الناخب، ولم يلحق بهم أى مانع من موانع مباشرة الحقوق السياسية
على مدار العام، وذلك فى المكان وبالكيفية التى تبينها اللائحة التنفيذية " وينص فى
المادة (10) على أن: لا يجوز إدخال أى تعديل على قاعدة بيانات الناخبين بعد دعوة الناخبين
إلى الانتخابات أو الاستفتاء ".
ومن حيث إن قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 و تعديلاته ينص فى المادة
(74) على أن " العفو عن العقوبة المحكوم بها يقتضى إسقاطها كلها أو بعضها أو إبدالها
بعقوبة أخف منها مقررة قانونًا ولا تسقط العقوبة التبعية ولا الآثار الجنائية الأخرى
المترتبة على الحكم بالإدانة ما لم ينص فى أمر العفو على خلاف ذلك " وفى المادة (76)
على أن " العفو الشامل يمنع أو يوقف السير فى إجراءات الدعوى أو يمحو حكم الإدانة ولا
يمس حقوق الغير إلا إذا نص القانون الصادر بالعفو على خلاف ذلك ".
ومن حيث إن قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 وتعديلاته
ينص فى المادة (536) منه على أن " يجوز رد الاعتبار إلى كل محكوم عليه فى جناية أو
جنحة ويصدر الحكم بذلك من محكمة الجنايات التابع لها محل أقامة المحكوم عليه وذلك بناء
على طلبه" وينص فى المادة (537) منه على أن " يجب لرد الاعتبار أولاً: - أن تكون العقوبة
قد نفذت تنفيذًا كاملاً أو صدر عنها عفو أو سقطت بمضى المدة ثانيًا: أن يكون قد أنقضى
من تاريخ تنفيذ العقوبة أو صدور العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية أو ثلاث
سنوات إذا كانت عقوبة جنحة.... "وينص فى المادة (550) على أن " يرد الاعتبار بحكم القانون
إذا لم يصدر خلال الآجال الآتية على المحكوم عليه بعقوبة فى جناية أو جنحة مما يحفظ
عنه صحيفة بقلم السوابق: أولاً: بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جناية.... متى مضى
على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوطها بمضى المدة اثنتا عشرة سنة..... ".
ومن حيث إن المشرع الدستورى المصرى قد أعلى من شأن الحقوق السياسية منذ فجر الحياة
الديمقراطية التى عرفتها مصر منذ منتصف القرن الثامن عشر، و ناجز المشرع عن هذه الحقوق
على الدوام، ولم يفرض من القيود ما يهددها أو يحط منها ارتقاء بالإنسان وإعلاء لحرياته
اللصيقة بشخصه دومًا، إلا أنه حتى تؤتى هذه الحقوق ثمارها المرجوة إثراءً للحياة الديمقراطية
فقد فرض لها الشارع سياجًا حصينًا من الشروط اللازم توافرها لمباشرة ذات الحق الدستورى
وهى قيود من ذات مرتبة الحق حتى لا تؤدى هذه الحقوق على غير وجهها المأمول، فحرم من
مباشرتها كل من هو غير جدير بشرفها كالأشخاص أصحاب الحالات الوارد ذكرها تفصيلاً فى
المادة (2) من قانون مباشرة الحقوق السياسية على سبيل الحصر كالمحكوم عليه فى جناية،
والمحكوم عليه بعقوبة الحبس فى جرائم بذاتها كالسرقة والنصب، وإعطاء شيك بدون رصيد......،
والتزوير، واستعمال أوراق مزورة، فلا يجوز لأى من هؤلاء مباشرة أى من الحقوق السياسية
إلا بعد أن يرد إليه اعتباره، ولا يجوز - فى هذا المجال - الخلط بين العفو عن العقوبة
المحكوم بها وبين رد الاعتبار.
ومن حيث إنه من المقرر أن العفو عن العقوبة نوعان عفو شامل وهذا لا يكون إلا بقانون،
ويترتب عليه تجريد الفعل ذاته من الصفة الإجرامية بحيث يصير له حكم الأفعال التى لم
يجرمها المشرع أصلاً ويترتب عليه زوال الحكم الصادر بالإدانة وهو ذو أثر رجعى يمتد
إلى وقت ارتكاب الفعل ويكون من حق من صدر فى شأنه قانون بالعفو الشامل أن يباشر كافة
حقوقه السياسية، و النوع الثانى من العفو وهو العفو عن العقوبة أو ما تبقى منها أو
إبدالها بعقوبة أخف ويصدر به قرار من رئيس الجمهورية ويجوز أن يتضمن العفو عن العقوبات
التكميلية أو التبعية، ولا يترتب على صدور قرار بالعفو على هذا النحو الحق فى مباشرة
الحقوق السياسية بأى حال من الأحوال إلا بعد رد اعتبار من صدر فى حقه العفو، أما رد
الاعتبار فهو إزالة حكم الإدانة بالنسبة إلى المستقبل على وجه ينهى جميع آثاره ويصبح
المحكوم عليه من وقت رد اعتباره كأن لم تثبت إدانته، ويلزم لرد الاعتبار تنفيذ العقوبة
تنفيذًا كاملاً أو العفو عنها، ورد الاعتبار إما قضائى و إما قانونى، ورد الاعتبار
القضائى يتم بموجب حكم قضائى بعد انقضاء ست سنوات على تمام تنفيذ عقوبة الجناية أو
من تاريخ صدور قرار رئاسى بالعفو عن العقوبة، أم رد الاعتبار القانونى فيتم بقوة القانون
بعد انقضاء اثنتا عشرة سنة من التاريخ المشار إليه.
وعلى ذلك فإن مباشرة الحقوق السياسية إنما تستوجب ضرورة رد الاعتبار لمن سبق الحكم
عليه فى جناية حتى ولو كان قد صدر له قرار بالعفو عن كل أو بعض العقوبة المحكوم بها
حتى لو شمل هذا العفو العقوبات التكميلية و التبعية.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم جميعه - وفضلاً عن استغلاق باب القيد بقاعدة بيانات
الناخبين اعتبارًا من 8/ 3/ 2012 تاريخ نشر قرار لجنة الانتخابات الرئاسية رقم 5 لسنة
2012
بدعوة الناخبين لانتخاب رئيس جمهورية مصر العربية إعمالاً لصريح نص المادة (10) من
قانون مباشرة الحقوق السياسية المشار إليها - ، و إذ صدر بتاريخ 28/ 3/ 2012 قرار رئيس
المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 191 لسنة 2012 بالعفو عن العقوبات التكميلية و التبعية
وجميع الآثار المترتبة على الحكم الصادر ضد المدعى فى القضية رقم 4245 لسنة 2005 جنايات
عابدين، وإذ خلت الأوراق مما يفيد صدور حكم برد اعتبار المدعى، فضلاً عن عدم انقضاء
المدة المقررة لرد الاعتبار القانونى فى شأنه فإنه - تبعًا لذلك - لا يزال ممنوعًا
من مباشرة حقوقه السياسية حتى يرد إليه اعتباره على نحو تضحى معه دعواه الماثلة قائمة
على غير سند صحيح من الواقع أو القانون، ومن ثم يتعين القضاء برفضها.
وحيث إن المحكمة ترى أنه لزامًا عليها - تحملاً لمسئوليتها الدستورية والتاريخية -
أن تقرر بإفصاح جهير - كصدى صريح لسائر النصوص الدستورية و القانونية - أن من صدر ضده
الحكم فى جناية ولم يرد إليه اعتباره أو يصدر قانون بالعفو الشامل عنه لا يجوز له مباشرة
أى من حقوقه السياسية بدءًا من القيد بقاعدة بيانات الناخبين مرورًا بحق الترشح والانتخاب
لمنصب رئيس الجمهورية أو عضوية المجالس النيابية بأى حال من الأحوال.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها طبقًا للمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: - بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعًا، وألزمت
المدعى المصروفات.
سكرتير المحكمة |
رئيس المحكمة |