بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري بالقاهرة
دائرة ألمنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة
الحكم الصادر بجلسة 20/ 12/ 2014
في الدعوى رقم 4465 لسنة 55 ق
المقامة من /
" محمد عبد الحميد أحمد لطفي الفقي " بصفته رئيس مجلس إدارة شركة القدس للصرافة .
ضد /
1 - وزير الإقتصاد والتجارة الخارجية - بصفته -
2 - محافظ البنك المركزي............... - بصفته -
الوقائع
أقام المدعي دعواه الماثلة بعريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 21/ 3/ 2001،
وطلب في ختامها الحكم " أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار
الإداري السلبي بامتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن التصريح له بفتح فرعين للشركة
بمدينة الغردقة والهضبة العليا بالمقطم، ثانيًا: بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما
يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات ".
وذكر المدعي شرحًا لدعواه، أنه بتاريخ 5/ 2/ 1992 تأسست شركة القدس للصرافة، وبتاريخ
11/ 5/ 1992 صدر قرار وزير الإقتصاد رقم 283 لسنة 1992 بالترخيص للشركة بالتعامل بالنقد
الأجنبى، وباشرت الشركة هذا النشاط، ورخص لها بفتح فرع للشركة بمدينة دمياط، ثم تقدم
المدعى بصفته بطلب في 14/ 11/ 1999 للترخيص له بفتح فرع للشركة بحي المقطم، وفى 3/
10/ 2000 قدم طلب للموافقة على فتح فرع للشركة بمدينة الغردقة، إلا أن الجهة الإدارية
امتنعت عن الرد، رغم ما أكد عليه المدعى - بصفته - من تجهيز مقارات لتلك الفروع على
الوجه المحدد قانونًا، ولذا فقد إرتأى المدعى مخالفة مسلك جهة الإدارة للقانون، ومن
ثم فقد أقام دعواه الماثلة بالطلبات سالفة البيان .
وقد نظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوي بجلسة 10/ 4/ 2001، وفيها قدم وكيل المدعى
حافظة مستندات، وبجلسة 8/ 5/ 2001 حضر محامى البنك المركزى، وطلب قبول طلب تدخله بالدعوى
منضمًا إلى جانب الجهة الإدارية، وبجلسة 12/ 6/ 2001 قضت المحكمة " بقبول تدخل البنك
المركزى المصرى، وبقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار السلبى بإمتناع البنك المركزى
عن إتمام إجراءات الترخيص بمزاولة فرعى الشركة المدعية بمدينة الغردقة وبالمقطم لنشاطهما،
مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة
الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها " .
وإذ لم يلق القضاء المتقدم قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد أقامت الطعنين رقمى 10416
و 10509 لسنة 47 ق، أمام المحكمة الإدارية العليا طعنًا على الحكم الصادر فى الشق العاجل
من الدعوى، وبجلسة 5/ 7/ 2009 قضت تلك المحكمة - الدائرة الأولى - فحص " بإجماع الآراء
برفض الطعن، وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات " .
وقد أحيلت الدعوي الي هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها علي النحو الثابت بمحاضر جلسات التحضير،
وأودعت الهيئة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني خلصت فيه لطلب الحكم " بقبول الدعوى
شكلاً وبإلغاء القرار السلبى بإمتناع البنك المركزى عن إتمام إجراءات الترخيص بمزاولة
فرعى الشركة المدعية بمدينة الغردقة وبالمقطم لنشاطهما، مع ما يترتب على ذلك من آثار،
وإلزام جهة الإدارة المصروفات " .
وقد نظرت المحكمة الشق الموضوعى من الدعوى بجلسات المرافعة، على النحو الثابت بمحاضر
الجلسات، وبجلسة 8/ 11/ 2014 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر
الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا .
ومن حيث أن المدعي - بصفته - يطلب الحكم في الشق الموضوعي بالدعوى - " بإلغاء قرار
محافظ البنك المركزي المصري السلبي بالإمتناع عن إتمام إجراءات بمزاولة فرعى شركة القدس
للصرافة بمدينة الغردقة وبالهضبة العليا بحي المقطم لنشاطهما، مع ما يترتب علي ذلك
من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات " .
وحيث أنه عن شكل الدعوى، فقد سبق للمحكمة الفصل فيه عند إصدارها للحكم في الشق العاجل
من الدعوى، ومن ثم فلا حاجة لمعاودة بحثه مجددا مراعاة لحجية ذلك الحكم .
وحيث أنه عن الموضوع:
فإن المادة (2) من القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي - قبل إلغائه
بالقانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي والنقد - تنص
على أن " تضع اللائحة التنفيذية لهذا القانون القواعد والأسس المتعلقة بتنظيم سوق الصرف
الأجنبي وذلك بالتنسيق مع البنك المركزي المصري وفى إطار السياسة العامة للدولة وبما
لا يخل بأحكام هذا القانون، وللمصارف المعتمدة القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي
بما في ذلك قبول الودائع والتعامل والتحويل للداخل والخارج والتشغيل والتغطية فيما
تحوزه من أرصدة بالنقد الأجنبى، ويجوز للوزير المختص أن يرخص بالتعامل في النقد الأجنبي
لجهات أخرى غير المصارف المعتمدة، ويحدد قرار الوزير الصادر في هذا الشأن قواعد وإجراءات
هذا التعامل، وله في حالة مخالفة هذه الجهات للقواعد والإجراءات المشار إليها إيقاف
الترخيص لمدة لا تجاوز سنة، كما يكون له إلغاؤه في حالة تكرار المخالفة، وفى هذه الحالة
يتم شطب قيدها من السجل المقيدة فيه في البنك المركزي ".
وتنص المادة (15) منه على أن " يصدر الوزير المختص اللائحة التنفيذية لهذا القانون
خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره " 0
فإن المادة (114) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم
88 لسنة 2003 تنص على أن " لمحافظ البنك المركزي أن يرخص بالتعامل في النقد الأجنبي
لشركات الصرافة والجهات المرخص لها بهذا التعامل طبقا لأحكام هذا القانون، ويحدد مجلس
إدارة البنك قواعد وإجراءات هذا التعامل .............. ولمحافظ البنك المركزي في حالة
مخالفة أي من هذه الشركات أو الجهات للقواعد الإجرائية المشار إليها إيقاف الترخيص
لمدة لا تجاوز سنة، وفي حالة تكرار المخالفة، يكون له الحق في إلغاء الترخيص وشطب القيد
من السجل ........" .
و تنص المادة (115) من ذات القانون - المستبدلة بالقانون رقم 93 لسنة 2005 - على أنه
" يلزم أن تتخذ شركة الصرافة شكل شركة مساهمة، وأن تكون جميع أسهمها أسمية مملوكة لمصريين،
وأن يكون غرضها الوحيد مزاولة عمليات الصرافة، وألا يقل رأسمالها المدفوع عن خمسة ملايين
جنيه " .
و تنص المادة (36) من قرار رئيس الجمهورية رقم 101 لسنة 2004 باصدار اللائحة التنفيذية
لقانون البنك المركزي و الجهاز المصرفي و النقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 علي
ان " يتم التعامل فى النقد الأجنبى عن طريق البنوك المعتمدة بقرار من محافظ البنك المركزى،
وللمحافظ أن يرخص بالتعامل فى النقد الأجنبى لشركات الصرافة ولجهات أخرى، وفقا للقواعد
والإجراءات التى يحددها مجلس إدارة البنك المركزى" .
وحيث إن المادة (38) من ذات اللائحة التنفيذية تنص على أن " يكون تعامل شركه الصرافة
نقدًا داخل مقارها ومع عملاء موجودين فيها ويجوزنقل الاموال فيما بين الشركه وفروعها
........ وفي جميع الأحوال يجب أن يكون التعامل بموجب إيصالات تصدرها الشركة، وأن تقيد
كافه العمليات في سجلات او نظم اليه تعد لهذا الغرض ...... " .
وحيث أن المستفاد من النصوص المتقدمة، أنه إذا كان المشرع قد أجاز لمحافظ البنك المركزى
الترخيص بالتعامل فى النقد الاجنبى لجهات غير المصارف المعتمدة وفقًا للقواعد والإجراءات
التي يحددها القرار الصادر بالترخيص،فإنه يتعين على الشركات المرخص لها أن يكون رائد
عملها المساهمة فى دفع الإقتصاد القومى والمحافظة على العملة الوطنية ونظرًا لخطورة
هذا النشاط وتعاظم أثره على الإقتصاد القومى، كما وسد المشرع لمحافظ البنك المركزي
سلطة الترخيص كسلطة تقديرية يمارسها في إطار السياسة النقدية والإقتصادية للدولة، ووفق
ما يحدده مجلس إدارة البنك من قواعد في هذا الشأن، و طبقًا للإشتراطات القانونية التي
إستلزمت في المرخص له، من أن يتخذ شكل شركة مساهمة أسهمها إسمية مملوكة لمصريين، غرضها
الوحيد مزاولة أعمال الصرافة، ولا يقل رأسمالها المدفوع عن خمسة ملايين جنيه، كما أناط
القانون بمحافظ البنك المركزى إتخاذ إجراءات إدارية حال مخالفة الشركات لقواعد وإجراءات
التعامل، وهى إيقاف الترخيص لمدة لا تجاوز سنة وإلغاء الترخيص في حالة تكرار المخالفة
.
(حكم محكمة القضاء الإدارى - الدائرة السابعة - فى الدعوى رقم 25420 لسنة 65 ق - بجلسة
6/ 4/ 2013، وحكمها فى الدعوى رقم14252 لسنة 66 ق بجلسة 21/ 12/ 2013، وحكمها فى الدعوى
رقم27669 لسنة 68 ق - بجلسة 15/ 3/ 2014) .
وتأسيسًا على ما تقدم، فإن الثابت بالأوراق، أنه صدر القرار الوزارى رقم 283 لسنة 92
بالترخيص للشركة المدعية بالتعامل بالنقد الأجنبى وفقًا للقانون 38 / 94 ولائحته التنفيذية،
وإزاء رغبتها فى إنشاء فرعين جديدين لها، أولهما بمدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر،
وثانيهما بالهضبة العليا بحى المقطم بمحافظة القاهرة، وقد قامت الشركة المدعية بعمل
التجهيزات اللازمة لإنشاء الفرعين، ثم تقدمت بطلب للبنك المركزى لعمل المعاينة اللازمة
تمهيدًا للموافقة على مزاولة النشاط عقب الحصول على الترخيص المطلوب، ولكن البنك المذكور
لم يحرك ساكنًا إستنادًا لصدور توجيه من رئيس مجلس الوزراء بعدم إنشاء أى شركات صرافة
جديدة أو أى أفرع جديدة لشركات قائمة وفقًا لكتاب وزير شئون مجلس الوزراء الموجه لوزير
الإقتصاد المؤرخ 27/ 3/ 99 .
وحيث أن الثابت بالأوراق أنه بتاريخ 1/ 2/ 95 أرسلت الإدارة العامة للرقابة على النقد
الأجنبي بالبنك المركزي كتابًا للشركة المدعية متضمنًا (إجازة فتح أربع منافذ " مركز
رئيسي + 3 فروع " مقابل كل مليون جنيه مصري في رأس مال شركة الصرافة)، وحيث أن الموافقة
على إنشاء فرع لشركة صرافة قائمة يمر بمراحل بدءًا بالموافقة المبدئية ومرورًا بمرحلة
المعاينة وانتهاءً بصدور ترخيص بالمزاولة وبدء النشاط بعد تسجيل الفرع بالسجل الخاص
بذلك بالبنك المركزي المصري المختص - وفقًا لما سبق بيانه بجميع الإجراءات، وتعد كل
مرحلة منها غير منفصلة العرى عن سابقتها، وذلك حتى ينتهي سلسالها بصدور الموافقة على
مزاولة النشاط .
وترتيبًا على ما تقدم، فإن البنك المركزي متى وافق مبدئيًا على اتخاذ إجراءات إنشاء
الفرع وإتمام تجهيزاته، فإنه يكون قد استخدم واستنفذ سلطته التقديرية التي خولها له
المشرع من خلال رقابة عمليات النقد الأجنبي وسوق الصرف طبقًا لأحكام المادة (6) من
قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبى، وبالتالي فقد اكتسبت شركة الصرافة مركزًا قانونيًا
بمقتضى تلك الموافقة، مما يلقى التزامًا على عاتق جهة الإدارة بوجوب السير في إجراءات
الترخيص للفرع بمزاولة النشاط متى قامت شركة الصرافة بتنفيذ سائر الإجراءات والشروط
والتجهيزات الواجبة التنفيذ طبقًا للقواعد المحددة في هذا الصدد، فإذا نكصت جهة الإدارة
على عقبها رغم ذلك، فقد توافر القرار السلبي بامتناعها عن إتمام إجراءات الترخيص بمزاولة
الفرع لنشاطه مخالفًا للقانون .
ولا ينال مما تقدم، صدور التوجيه المشار إليه من مجلس الوزراء، بحسبان أن القواعد والأسس
المتعلقة بتنظيم سوق الصرف الأجنبي إنما تصدر في إطار السياسة العامة للدولة بالتنسيق
مع البنك المركزي المصرى، ولما كان التوجيه المنوه عنه، لا يمثل إطارًا من أطر هذه
السياسة في شأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي وسوق الصرف الأجنبى، كما أن البنك المركزى
المصرى الذى أوجب عليه المشرع التنسيق معه فى شأن إصدار القواعد والأسس الخاصة بتنظيم
سوق الصرف الأجنبى، لم يركن فى إمتناعه عن السير فى إجراءات الترخيص لفرعى الشركة المدعية
لبدء مباشرة النشاط فيهما، سوى ذلك التوجيه الذى لا يرقى لكونه من أطر السياسة العامة
فى تنظيم هذه السوق، ومن ثم فلا يمثل عقبة مادية أو رؤية للبنك المركزى المنوط به متابعة
سوق الصرف الأجنبى بحسبانه منسقًا ومراقبًا وهو ما سبق أن إستقر عليه قضاء المحكمة
الإدارية العليا من إعتبار توجيه مجلس الوزراء بعدم فتح فروع شركات الصرافة لا يرقى
لمصاف القاعدة القانونية الملزمة فهو لا يعلو على القواعد والإشتراطات الواردة بقانون
تنظيم التعامل بالنقد الأجنبى وبالتالى يعتبر ما حواه وما ورد بهذا التوجيه إستحداثًا
لقيد لم يرد به نص القانون، وهو ما يتعين الإلتفات عنه، وحيث أن القرار الطعين قد أمسى
مخالفًا للقانون، مما يستوجب معه القضاء بإلغاء القرار السلبى بإمتناع البنك المركزى
عن إتمام إجراءات الترخيص بمزاولة الشركة المدعية لنشاطها بفرعى مدينة الغردقة وبحى
المقطم، مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وحيث أنه من خسر دعواه يلزم بمصروفاتها طبقًا للمادة (184 / 1) مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة " بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار - على النحو
المفصل بالأسباب - ، وألزمت جهة الإدارة المصروفات " .
|