إذا كنت
(محامياً ، قاضياً ، أو تعمل في الحقل القانوني،
نتعهد بنقل معلوماتكم القانونية إلى مستويات قياسية)
وقعت مصر والسعودية أمس الجمعة اتفاقية
لترسيم الحدود البحرية بين البلدين بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي
والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.
ووقع الجانبان الاتفاقية خلال مؤتمر صحفي مشترك بين السيسي وسلمان ألقى
خلاله كل منهما كلمة ووقع مسؤولون من البلدين عددا من الاتفاقيات
الاقتصادية والثقافية، بينها اتفاقية إنشاء جسر بري يربط بين البلدين عبر
البحر الأحمر.
وبحسب مراقبين تستهدف هذه الاتفاقية إنهاء الأزمة العالقة بين مصر
والمملكة على جزيرتى "تيران وصنافير" الواقعتين عند مدخل خليج العقبة بين
الجهة المصرية والسعودية، وهي جزر في الأساس غير مأهولة.
أهمية الجزر
تصنع الجزر ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها بين ساحل سيناء
وجزيرة تيران، وأقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة عمقه 290 مترا
واسمه ممر "إنتربرايز".
والثاني أيضا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة، وهو
ممر جرافتون، وعمقه 73 مترا فقط، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران
وصنافير، وعمقه 16 مترا فقط، لهذا فالجزيرتان لهما أهمية استراتيجية، لأنه
يمكنهما غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.
تاريخ النزاع بين مصر والسعودية على الجزيرتين
في عام 1906 تم توقيع معاهدة تحديد الحدود الشرقية لمصر بين مصر والدولة
العثمانية آنذاك، وتم في المعاهدة تحديد الحدود بخط يبدأ من ساحل البحر
المتوسط إلى نقطة على خليج العقبة تقع شرق طابا وغرب إيلات الحالية.
في عام 1950 اتفقت مصر والسعودية على خضوع الجزيرتين للسيطرة المصرية
وكانتا محل نزاع بين الدولتين؛ بسبب ضعف البحرية السعودية آنذاك، وفي العام
نفسه أخطرت القاهرة والرياض كلًّا من بريطانيا والولايات المتحدة بأنهما
وبصفتهما الدولتين اللتين تسيطران على جانبي مدخل الخليج، فقد اتفقتا علي
وجود القوات المصرية في جزيرتي تيران وصنافير، وبناء عليه فإن أي سفن تريد
التحرك عبر مضيق تيران، يجب أن تخطر السلطات المصرية، وأكدت حينها منع
السفن الإسرائيلية من التحرك.
في عام 1954 بعثت مصر برسالة إلى الأمم المتحدة بما يفيد أن جزيرتي
تيران وصنافير مصريتان وليستا سعوديتين، وكانتا في الجانب المصري عند توقيع
اتفاقية 1906، وأنه من الثابت من الوثائق أنه كانت هناك قوات مصرية فيها
في الحرب العالمية الثانية.
بعد نكسة 1967 وقعت الجزيرتان تحت سيطرة إسرائيل وذلك في إطار احتلالها لشبه جزيرة سيناء وهاتين الجزيرتين.
وفي عام 1975 أرسلت السعودية رسالة للبعثات الدبلوماسية في جدة ثم للأمم
المتحدة، بما يفيد أنها تعتبر جزيرتي تيران وصنافير أراضي سعودية.
وبعد توقيع مصر وإسرائيل معاهدة كامب ديفيد عام 1978، خضعت الجزيرتان
-بحسب الاتفاقية- لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات، وتم وضع قوة مراقبة
للتأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام
والمتعلقة بفتح خليج تيران، وحسب البروتوكول العسكري لمعاهدة كامب ديفيد
وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة "ج" المدنية، التي لا يحق لمصر الوجود العسكري
فيها مطلقًا، لكن ذلك لا ينفي أنها تمارس سيادتها على هاتين الجزيرتين.
حولت السلطات المصرية الجزيرتين إلى محميات طبيعية في عام 1983، وطرحت
السلطات السعودية إقامة مشروع جسر سعودي - مصري يمر على جزيرة تيران
وصنافير، ويتصل بسيناء؛ لتسهيل السياحة والتبادل التجاري ونقل الحجاج، لكن
الحكومة المصرية رفضت المشروع لاعتبارات أمنية.
وفي عام 2010 أصدرت السعودية إعلانًا ملكيا، لتحديد خطوط الأساس للمناطق
البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي.
ودفع الإعلان الملكي السعودي لإصدار القاهرة إعلانا أودعته لدى الأمم
المتحدة، أن المرسوم الملكي السعودي "لا يمس أو يغير في الموقف المصري في
المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لترسيم الحدود البحرية بين البلدين"،
في إشارة إلى أن خط الحدود الذي أعلنت عنه المملكة تضمن مناطق تعتبرها
القاهرة ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي تمتد مسافة 200 ميل بحري،
وفق اتفاقية ترسيم المياه الاقتصادية الخالصة بين الدول، التي أقرتها الأمم
المتحدة.
استمر الخلاف بين مصر والسعودية على الجزيرتين، حيث تطالب السعودية
بسيادتها على الجزيرتين؛ كونهما تقعان في مياهها الإقليمية، بينما ترى مصر
أنهما تقعان في مياهها الإقليمية وقريبتان من حدود سيناء، وحتى الآن لم يتم
إنهاء الخلاف بشكل رسمي، ولم يتم ترسيم الحدود المائية بين مصر والسعودية،
الأمر الذي أبقى الوضع على ما هو عليه، إلى أن قام الرئيس عبد الفتاح
السيسي والملك سلمان بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود المائية الرامية لإنهاء
النزاع، ورغم الإعلان عن الاتفاقية فإنه لا يعرف بنودها حتى اللحظة.