• التكتم وعدم الشفافية أسوأ ما فى الأزمة.. ولا يعقل أن تعرف إسرائيل بالاتفاقية قبل مصر
• قرار نقل ملكية الجزيرتين فاجأ الجميع عدا المتفاوضين.. والغضبة الشعبية العارمة «مبررة»
• لا يمكن للبرلمان والسلطة التنفيذية التنازل عن جزء من أرض الوطن إلا بعد استفتاء شعبى
• رسالتى لفاروق الباز: إذا كنا سنقيم سيادة الدول على أراضيها بناء على الجيولوجيا ستذهب سيناء بأكملها للسعودية
• أدعو لإقامة «منطقة اقتصادية خاصة» بين مصر والسعودية فى منتصف تيران.. ولنجعل المنطقة مجالا للتعاون لا النزاع
• مركز إسطنبول الزاخر بالوثائق التاريخية حسم «طابا» لصالحنا.. فلماذا لا نلجأ إليه لإثبات حقنا فى الجزيرتين؟
•
تسليم الجزيرتين للسعودية يعنى منحها جميع حقوق السيادة على المياه
الإقليمية المحيطة بها.. واقتسام الأميال الفاصلة بين تيران والساحل المصرى
• القانون الدولى لا يعتد بوثائق السلطات التنفيذية.. وما لدى السعودية مجرد «إخطارات»
• تيران الجزء الوحيد الصالح للملاحة فى مدخل خليج العقبة ومن يسيطر عليها يبسط يديه على الممر المائى
•
اتفاقية 1906 مع الإمبراطورية العثمانية هى الوثيقة الحاكمة التى رجحت
موقفنا فى «طابا».. والاتفاقية جعلت من خليج العقبة كله مصريا
• المملكة كانت تخشى التورط فى التزامات تجاه إسرائيل.. وتنازلت عن تحفظها بعد تطورات الأوضاع
• دول الخليج تبالغ فى اعتبار إيران الخطر الأول ضدنا.. وما يجمعنا أكثر مما يفرقنا
• العرب لم يقاطعوا الولايات المتحدة على الرغم مما فعلته فى العراق.. وإسرائيل هى التهديد الأكبر
منذ
توقيع الجانبين المصرى والسعودى اتفاقية تقضى بنقل السيادة على جزيرتى
تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل العقبة فى البحر الأحمر، من القاهرة إلى
الرياض، يحتدم الجدل بشكل واسع داخل أوساط عديدة فى مصر، ترافق ذلك مع حالة
حراك انتقلت من الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى إلى الشارع.
الحكومة
المصرية اعتبرت التوقيع على اتفاقية الحدود البحرية مع السعودية «إنجازا
مهما»، مؤكدة أحقية الأخيرة فى ملكية الجزيرتين «حق وعاد لأصحابه»، فيما
ترى قوى سياسية ونشطاء أن ما حدث «تنازل وتفريط» ما كان ينبغى أن يقدم عليه
صانع القرار، خاصة مع الحديث عن شهداء مصريين ماتوا دفاعا عن الجزيرتين.
وفى
محاولة لكشف جانب من الحقيقة أمام الرأى العام، حاورت «الشروق» سيد قاسم
المصرى أول سفير لدى المملكة عقب اسئتناف العلاقات فى الفترة من 1987 إلى
1991، كشاهد عيان بدرجة دبلوماسى على خطابات متبادلة بين الجانبين خلال
فترة الثمانينيات حول ملكية الجزيريتن.
يرى المصرى أن قرار الحكومة حول
تيران وصنافير «مفاجئ لجميع المصريين عدا المسئولين الذين تفاوضوا، وهو ما
أدى إلى الغضبة الشعبية العارمة»، مشددا على أنه لا يمكن للسلطة التنفيذية
أن تتنازل عن جزء من أراضى الوطن، داعيا البرلمان ألا يسارع بالتصديق على
اتفاقية ترسيم الحدود، وتطبيق الدستور الذى يطلب إجراء «استفتاء شعبى
أولا».
وفى معالجة سياسية لأزمة الجزيرتين، طرح السفير السابق مبادرة
كـ«ملاذ أخير» تقضى بإقامة «منطقة اقتصادية خاصة» بين البلدين فى منتصف
جزيرة تيران أسوة بالمنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، وبين إندونيسيا
وبابوا غينيا الجديدة.
وفى رده على العالم فاروق الباز الذى رأى أن
جيولوجيا «تيران وصنافير» تشير إلى أنهما سعوديتان، قال «إذا كنا سنقيم
سيادة الدول على أراضيها بناء على الجيولوجيا ستذهب سيناء بأكملها إلى
المملكة».
وإلى نص الحوار:
• ماذا كانت توجيهات الرئيس الأسبق حسنى مبارك لك كأول سفير للسعودية بعد استئناف العلاقات؟
ــ
وصلت إلى السعودية المملكة 30 ديسمبر 1987 وقضيت 4 سنوات سفيرا لمصر فى
الرياض، وعند مقابلتى مبارك قبل المغادرة، قال لى: «أنا أريد سفيرا عاملا
من أول يوم لأننى سأزور السعودية فى الأسبوع المقبل»، ونظرا لأن السفير لا
يستطيع أن يكون عاملا إلا بعد تقديم أوراق اعتماده، نقلت هذه الرغبة إلى
كبار المسئولين وجاءنى الرد يوم وصول الرئيس، حيث أبلغنى مدير المراسم
الملكية أن الملك فهد – الذى وصل إلى المطار لكى يكون فى استقبال الرئيس
مبارك – يرغب فى مقابلتى، وعندما ذهبت لتحيته قال لى أمام حشد من كبار
الأمراء والوزراء: «أنت معتمد فى السعودية منذ اللحظة التى وقع فيها الرئيس
مبارك أوراق اعتمادك، لكنها القواعد الدبلوماسية التى وضعتموها أنتم
الدبلوماسيون التى ترتب أسبقية تقديم أوراق الاعتماد بأسبقية الوصول».
كان
ذلك أفضل تقديم لى وأفضل بداية مكنتنى من العمل دون عوائق ودون انتظار
تقديم أوراق الاعتماد الذى لم يتم إلا فى شهر مارس أى بعد قرابة الثلاثة
شهور.
• وما الأهمية الاستراتيجية للجزيرتين؟
ــ
تشكل جزيرة تيران بالذات أهمية استراتيجية كبيرة نظرا لأن الجزء الوحيد
الصالح للملاحة فى مدخل خليج العقبة هو ما بين تيران والساحل المصرى
المعروف باسم مضيق تيران الذى لا يزيد عرضه عن 3 أميال، والذى يسيطر عليها
يمكنه السيطرة على هذا الممر المائى المهم، وهذا ما فعلته مصر طوال سنوات
الحرب مع إسرائيل، وكان ثمن الانسحاب فى عام 1957 هو وضع قوات دولية فى هذه
الجزيرة لضمان حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية، كما أن مطالبة الرئيس
الراحل جمال عبدالناصر الأمم المتحدة بسحب قواتها الدولية كان السبب
المباشر فى عدوان 1967، إذ إن تل أبيب اعتبرت إعادة غلق الخليج بمثابة
عدوان عليها.
كنت أعمل فى بعثتنا لدى الأمم المتحدة فى ذلك الوقت وأذكر
أن وزير خارجية إسرائيل قال إن الذى يبدأ بالعدوان ليس هو من يطلق الرصاصة
الأولى فهناك أشكال كثيرة للعدوان من بينها الحصار البحرى، وقد كان هناك
قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة حول تعريف العدوان ويصنف الحصار
البحرى من بين أشكال العدوان.
• وما تقييمك لتعامل الحكومة المصرية مع الأزمة؟
ــ أسوأ ما فى الأزمة الحالية التكتم الشديد وعدم الشفافية، فلا يعقل أن تعرف إسرائيل بالاتفاقية قبل مصر.
• هل نقل سيادة «تيران» و«صنافير» من مصر للسعودية.. تنازل أم «إعادة حقوق لأصحابها»؟
ــ
لقد كسبنا قضية طابا بالوثائق التاريخية، التى كان من أهمها على الإطلاق
ــ بل لنقل الوثيقة الحاكمة التى رجحت الموقف المصرى ــ اتفاقية عام 1906
الخاصة بترسيم الحدود بين الإمبراطورية العثمانية (أى بين فلسطين والحجاز
الواقعتين تحت السيادة العثمانية) ومصر، وأيضا الوثائق المتصلة بهذه
الاتفاقية وجميعها مرفقة بالكتاب الأبيض الذى أصدرته وزارة الخارجية
المصرية فى عام 1989 عن قضية طابا.
وضمت المرفقات مذكرة بريطانية مؤرخة
15 مايو 1906 بشأن تعيين حدود سيناء المرفق رقم 7، وتعليم الحدود التركية
المصرية بين ولاية الحجاز وشبه جزيرة سيناء المرفق رقم 8، والإرادة
«الإمبراطورية الصادرة من السلطان العثمانى فى 11 سبتمبر 1906 «المرفق رقم 9
»، فضلا عن ترجمة أعدتها مصر فى أغسطس 1987 لاتفاق 1906 من اللغة التركية
إلى اللغة الإنجليزية وتقدمت بها للمحكمة فى مذكرتها المضادة.
ويقول الخبراء إن هذه الوثائق نفسها تثبت أن الجزيرتين مصريتان، ليس هذا فحسب بل إن اتفاقية 1906 جعلت خليج العقبة كله مصرى.
• وهل بالإمكان الاستفادة من قضية طابا فى أزمة الجزيرتين؟
ــ
لقد لجأنا فى قضية طابا إلى مركز إسطنبول للتاريخ والفنون والثقافة
الإسلامية «أرسيكا» الذى أمدنا بوثائق وخرائط هامة من الأرشيف العثمانى كان
لها أكبر الأثر فى حسم النزاع لصالحنا، فلماذا لا نلجأ إلى المركز نفسه
لمساعدتنا فى هذه القضية حيث إنه متاح له الدخول على الأرشيف العثمانى
الزاخر بملايين الوثائق التاريخية المهمة.
• هل فوجئت بقرار الحكومة المصرية اعتبار جزيرتى صنافير وتيران سعوديتين؟
ــ
القرار مفائ لى كما هو مفاجئ لكل المصريين، عدا النفر القليل من كبار
المسئولين الذين تولوا التفاوض حول هذا الموضوع، وأعتقد أن عنصر المفاجأة
هذا كان أهم العوامل التى أدت إلى الغضبة الشعبية العارمة التى نشهدها
حاليا.
لكن الحكومة قالت إنها استندت إلى ما وصفتها بـ«وقائع أدت فى
النهاية إلى إعادة الجزيرتين للسيادة السعودية»، من بينها نصوص الخطابات
المتبادلة بين وزارة الخارجية المصرية ونظيرتها السعودية بشأن الجزيرتين
خلال عامى ١٩٨٨ و١٩٨٩، وما قالت إنه خطاب وزير الخارجية السعودى، بطلب
إعادة هاتين الجزيرتين للسيادة السعودية، وخطاب وزير الخارجية الأسبق عصمت
عبدالمجيد، لرئيس الوزراء آنذاك، د. عاطف صدقى؟
الرأى السائد لدى فقهاء
القانون أن الرسالة التى بعثها الدكتور عصمت عبدالمجيد إلى الأمير سعود
الفيصل سواء كانت تتعلق بجزيرة أو جزيرتين لا تشكل وثيقة يعتد بها، فلا
يمكن للسلطة التنفيذية أن تتنازل عن جزء من أراضى الوطن، بل إن البرلمان
نفسه لا يملك هذا الحق إلا بعد إجراء استفتاء شعبى وفقا لأحكام الدستور
المصرى.
• وزير الخارجية سامح شكرى
أوضح أن قرار إعادة الجزيرتين للسعودية اعتمد بشكل أساسى على القرار
الجمهورى لعام 1990 بترسيم الحدود المصرية، وكانت لك مقابلة معه أخيرا فى
إسطنبول.. هل تطرقتما إلى أزمة الجزيرتين؟
ــ ما ذكرته ينطبق
أيضا على القرار الجمهورى لعام 1990، ولقائى مع الوزير سامح شكرى خلال
مؤتمر القمة الإسلامى كان عابرا لم يدم أكثر من دقائق قليلة، حيث حضر إلى
مقر المؤتمر قبل دقائق من بدء الجلسة فذهبت لتحيته فأبلغنى أنه سمع مداخلتى
مع عمرو أديب، وأضاف: «الرسالة التى قمتم بتسليمها من وزير الخارجية
المصرى د. عصمت عبدالمجيد، إلى نظيره السعودى سعود الفيصل فى عام 1990،
كانت تتضمن الجزيرتين، فقلت له إننى حسب ما أذكر أنها اقتصرت على صنافير
فقط، فقال إن الرسالة لدينا فى الخارجية وبها الجزيرتان، وانتهى الحديث عند
هذا الحد حيث بدأت الجلسة ثم غادر الوزير القاعة مسرعا بعد إلقاء كلمته.
• هل لديكم وثائق أو مكاتبات تثبت مصرية تيران؟
ــ
لا أملك وثائق – إلا الوثائق العلنية – مثل الكتب البيضاء لوزارة
الخارجية، ولا يجوز لى وليس من حقى أن أحتفظ بوثائق سرية أطلعت عليها بحكم
المناصب الرسمية التى توليتها.
• ماذا عن الجانب السعودى.. هل يملك وثائق تثبت ملكيته الجزيرتين؟
ــ
الوثائق التى تصدرها السلطات التنفيذية فى أى من البلدين لا تعد وثائق
يعتد بها، وحسب علمى فإن ما لدى السعودية لا يعدو كونه إخطارات من وزارة
خارجيتها إلى الأمم المتحدة.
• هل كانت هناك مكاتبات بين ملك السعودية آنذاك والملك فاروق حول الجزيرتين؟
ــ
ما قرأته كان يشير إلى برقية أرسلها ملك السعودية إلى ملك مصر يهنئه فيها
بدخول القوات المصرية إلى الجزيرتين وإغلاق ممر تيران ويشيد بهذه الخطوة
التى اتخذتها القاهرة فى مواجهة العدو المشترك ودفاعا عن المصالح العربية،
وتتضمن البرقية ترحيبا من المملكة بتمركز القوات المصرية فى جزيرة صنافير
«السعودية» ولم يشر إلى تيران بهذه الصفة، هذا ما وصل إلى علمى منذ عدة
عقود، إلا أن ما نشر الآن يشير إلى أن البرقية لم ترسل مباشرة إلى الملك
فاروق، لكنها أرسلت إلى الوزير المفوض السعودى فى مصر لإبلاغ المسئولين
المصريين بها.
• وما تعليقك على تأكيد العالم الكبير فاروق الباز أن الجيولوجيا تثبت ملكية السعودية لـ«تيران» و«صنافير»؟
ــ
إذا كنا سنقيم سيادة الدول على أراضيها بناء على الجيولوجيا فإن سيناء
بأكملها ستذهب إلى السعودية، فهى لا تنتمى إلى صحراء الحجاز جيولوجيا فقط
بل أيضا أنثروبولوجيا، فمعظم قبائل سيناء لها امتدادات حجازية وكذلك سكان
صحرائنا الغربية، فضلا عن التشابه الجيولوجى مع الصحراء الليبية، والشىء
نفسه بالنسبة لحلايب وشلايتن.
• لكن
ما دلالة توقيت «إعادة» جزيرتى صنافير وتيران إلى المملكة.. ولماذا لم يتم
تسليمهما فى أى وقت سابق.. وهل للأمر علاقة بترتيبات إقليمية محددة؟
ــ
أعتقد أن الوقت لم يكن ملائما للسعودية فى الماضى، فقبلها كانت المملكة
تحذر من أن تقترب من عملية السلام مع إسرائيل، وتخشى أن تورط نفسها فى
التزامات تجاهها، أما الآن فقد أصبح لإسرائيل مكاتب فى بعض دول الخليج، كما
أن السعودية تقدمت بمبادرتها للسلام بين العرب وإسرائيل، وأعادت ومعظم
الدول الخليجية ترتيب الأخطار الأمنية التى يواجهونها، حيث تراجع الخطر
الإسرائيلى وحل محله الخطر الإيرانى، بل أصبح لإسرائيل والدول العربية عدو
مشترك هو الإرهاب وخطر التطرف الإسلامى، وأدت هذه العوامل إلى تغير جذرى فى
السياسة السعودية التى لم تعد تخشى منح إسرائيل علنا الضمانات التى تعهدت
بها مصر بالنسبة لمضيق تيران.
• وما هو الخطر الأكبر الذى يهدد المنطقة؟
ــ الخطر الأكبر على المنطقة إسرائيل وليست إيران.
• لكن إيران دائمة التدخل فى شئون عدد من الدول العربية فضلا عن الانتقادات الكبيرة لها فى دمشق؟
ــ
أمريكا أطاحت بنظام عربى حين غزت العراق واحتلتها، ثم حلت الجيش العراقى،.
هل أثر ذلك على علاقات الدول العربية والخليجية الاستراتيجية معها؟!، هل
عادت أية دولة عربية الولايات المتحدة على الرغم من كل ما فعلته.
• وماذا عن تدخلها فى الشئون العربية؟
ــ
لا أوافق على التدخل الإيرانى، لكن ما يجمع بيننا وبينها أكثر مما يفرقنا،
وبالنظر للمصلحة العامة للعالم الإسلامى فإن النزاع «السنى – الشيعى» أخطر
ما يهددنا مع الخطر الإسرائيلى.
• وخطر داعش؟
ــ «داعش» ليس صناعة أمريكية، وأساس تشكيلها الجيش العراقى المنحل؛ لكنه فقاعة ستنتهى قريبا وفكره المنحرف لن يستمر طويلا.
•
بصفتك كنت عضوا فى وفد مصر الاستشارى فى مفاوضات السلام المصرية –
الإسرائيلية، هل يعد إعلان السعودية التزامها بتعهدات مصر تجاه اتفاقية
السلام اعترافا رسميا بمعاهدة كامب ديفيد.. وهل ستشهد العلاقات بين الرياض
وتل أبيب أى تقارب فى هذا الصدد؟
ــ يلاحظ أن السعودية لم تقم
اتصالا مباشرا مع إسرائيل ولم تعط تعهدات من جانبها، ولكنها أعطت هذه
التعهدات لمصر، أى أنها أبلغت القاهرة رسميا وكتابيا بأنها ستلتزم بكل ما
التزمت به فى معاهدة السلام بشأن مضيق تيران فى حالة بسط سيادتها وسيطرتها
على الجزيرة، وقبلت إسرائيل هذه الصيغة.
أما مسألة الاعتراف،
فهناك اعتراف ضمنى أو واقعى من جانب السعودية وجميع الدول العربية وهذا
الاعتراف نابع من قبولهم قرار مجلس الأمن رقم 242 الذى ينص على حق جميع دول
المنطقة فى أن تعيش فى أمن وسلام داخل حدود معترف بها، والمملكة قبلت قرار
مجلس الأمن هذا والقرار رقم 338 عندما تقدمت بمبادرتها للسلام التى أصبحت
فيما بعد مبادرة عربية أقرتها جامعة الدول العربية بالإجماع.
• هل ستطلب إسرائيل ضم السعودية لمعاهدة السلام؟
ــ
لا أعتقد، ولا يجوز قانونا أن يحدث ذلك، ولكن تل أبيب ستكتفى بهضم هذه
اللقمة الضخمة السائغة، ثم تتقدم بمطالب ثنائية أخرى للسعودية.
• ما توقعاتك لتعامل البرلمان مع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية؟
ــ
آمل ألا يسارع البرلمان بالتصديق على اتفاقية ترسيم الحدود، وأن يطبق
الدستور الذى يطلب إجراء استفتاء شعبى أولا، وإلا تعرض لمنازعات قضائية
وبطلان القرار لأنه مخالف للدستور، وفى السياق أرحب بالمشاركة والإدلاء
برأيى حال عقد جلسات استماع بشأن ذلك.
• وما الذى سيترتب على تفعيل الاتفاقية؟
ــ
ستتسلم السعودية جميع حقوق السيادة على الأرض وعلى المياه الإقليمية
المحيطة بها، وللأسف أن هذا يعنى أن تقتسم معنا السعودية الأميال الثلاثة
التى تفصل بين الساحل المصرى وجزيرة تيران.
• وكيف ترى المظاهرات التى انطلقت الجمعة الماضية تحت عنوان «جمعة الأرض» ودعوات التظاهر يوم 25 أبريل الحالى؟
ــ
التظاهر من أهم الحقوق المشروعة فى مجال حرية التعبير، ويجب تعديل قانون
التظاهر بحيث يكون الهدف منه هو التنظيم وتأمين المتظاهرين والجمهور
والممتلكات، وليس المنع والقمع.
• البعض نادى باللجوء إلى الاستفتاء الشعبى للفصل فى أحقية ضم «تيران وصنافير».. ما رأيك؟
ــ الاستفتاء الشعبى هو بالطبع الحل الأمثل والطريق الوحيد الذى يرسمه الدستور.
• مع احتدام أزمة الجزيرتين.. هل لديكم حلول سياسية؟
ــ
نحن نعيش هبّة شعبية عارمة تجاه اتفاق ترسيم الحدود الذى يقلص مساحة
مياهنا الإقليمية فى المضيق إلى أقل من ميلين بحرين، فى ضوء التعلق
التاريخى والعاطفى للشعب المصرى بجزيرة تيران التى تؤمن الأجيال المتعاقبة
بمصريتها، واحتراما للدماء المصرية التى سالت على أرضها، فى ظل العلاقات
الودية الوطيدة والمشاعر الأخوية تجاه الإخوة فى السعودية والحرص الشديد
على استمرار هذه العلاقات وتدعيمها.
وإزاء كل هذه العوامل اقترح حلا
سياسيا للقضية كملاذ أخير يقضى بأن تقام المنطقة الحدودية والجمركية بين
البلدين فى منتصف جزيرة تيران بعد إقامة الجسر، وأن يوضع لهذه الجزيرة نظام
اقتصادى خاص يحقق الفائدة للبلدين، مع نظام خاص لدخول مواطنى البلدين دون
الحاجة إلى تأشيرات، وهناك نماذج كثيرة فى مختلف أنحاء العالم لمثل هذه
الأنظمة الخاصة فى المناطق التى كانت فى الماضى محلا لمطالب إقليمية
متنازعة.
كما أقترح ألا يسرى على تلك المنطقة القانون المصرى أو
السعودى، بل قانون خاص ومشترك، ولنجعل من «تيران» مجالا للتعاون وليس مجالا
للخلاف والنزاع، مثل المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، والمنطقة بين
إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة.