القضاء الإدارى: كل مساحة تخلو فى وسائل الإعلام من المعلومات والحقائق تمتلئ بالأكاذيب والأضاليل
فرغلى: يمكن إلغاء القرارات لإعلاء الحق فى المعرفة فى حالة التأكد من عدم تأثير النشر على الأمن القومى
جاء
قرار اجتماع الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بتكليف إدارة الشئون
القانونية بالنقابة بدراسة طرق الطعن أمام مجلس الدولة على قرار النائب
العام بحظر النشر فى القضية المتهم فيها الصحفيون عمرو بدر ومحمود السقا،
ليطرح تساؤلا حول مدى إمكانية الطعن على قرارات النائب العام المتعاقبة
بحظر النشر فى القضايا المهمة أمام محاكم مجلس الدولة، وهل هى بالفعل
قرارات إدارية يجوز الطعن عليها لوقف تنفيذها وإلغائها، أم أنها قرارات
قضائية غير قابلة للطعن؟.
محكمة القضاء الإدارى سبق لها الإجابة عن هذا التساؤل فى حكم حديث
أصدرته برئاسة المستشار يحيى دكرورى نائب رئيس مجلس الدولة، فى يناير
الماضى، بإلغاء قرار النيابة العامة بحظر النشر فى القضية المعروفة إعلاميا
بـ«تزوير الانتخابات الرئاسية» التى أجريت عام 2012، وأسفرت عن فوز الرئيس
الأسبق محمد مرسى.
ووجهت المحكمة فى ذلك الحكم انتقادات حادة لسياسة حظر النشر فى قضايا
الرأى العام، وأكدت أن «الأخبار والمعلومات التى تخص الشأن العام تعتبر من
أدوات تشكيل الرأى العام، وأن للمواطنين ولوسائل الإعلام الحق فى اللجوء
لمصادر المعلومات الصحيحة للحصول عليها وتداولها ونقلها، وإجراء النقاش
والجدال حولها، ليشكل كل مواطن رأيه فى الشئون العامة على هدى من نور
الحقيقة ودون حجر على حرية الفكر».
وأوضحت المحكمة أن «محتوى الإعلام يؤثر فى الرأى العام، فإذا كانت مادة
الإعلام صحيحة وصادقة فى أخبارها ومعلوماتها أدرك الرأى العام حقيقة ما
يجرى إدراكا سليما، أما إذا حُرمت وسائل الإعلام من المعلومات والأخبار
الصحيحة فإن ذلك ينعكس سلبا على الرأى العام».
وحذرت المحكمة من مغبة التوسع فى حظر النشر وفتح أبواب الشائعات
والأكاذيب، فقالت إن «كل مساحة تخلو فى وسائل الإعلام من المعلومات
والحقائق تمتلئ بالأكاذيب والأضاليل، وكل خصم من العلم الصحيح بالحقائق
يؤدى إلى زيادة الجهل والانتقاص من الوعى العام، ويؤدى إلى عدم مصداقية
وسائل الإعلام ويصرف الناس عن متابعة الشأن العام، كما يجرد وسائل الإعلام
من تأثيرها الإيجابى فى الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين وتبنى قضاياهم».
ودافعت المحكمة عن حق المواطنين فى المعرفة والمعلومات، مؤكدة أن «كل
تقييد لحق المواطنين ووسائل الإعلام فى الوصول إلى المعلومات الصحيحة
والأخبار الصادقة على غير سند من القانون وبدون مبرر يستند للمصلحة العامة،
يعد مخالفا للدستور ويهدر الحقوق التى أقرها للمواطنين ووسائل الإعلام».
وفى السياق، يقول المستشار عادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى
الأسبق، إنه لا يوجد نص فى القانون ينظم مسألة إصدار النائب العام لقرارات
حظر النشر، إلا أن العادة جرت على منحه ذلك الحق قياسا بحق القاضى فى إصدار
تلك القرارات أو جعل جلسات المحاكمات سرية، باعتبار النائب العام هو
السلطة التى تتولى التحقيق المبدئى فى القضايا.
وأضاف فرغلى أنه «من حق النائب العام فعليا إصدار قرارات بحظر النشر فى
القضايا التى تتوصل التحقيقات فيها لمعلومات أو وقائع من شأنها الإضرار
بالأمن القومى، دون التوسع فى إصدارها»
ويرى فرغلى أن الإفراط فى استخدام قرارات حظر النشر «يمثل خطأ من شأنه
الإضرار بالقضايا، مؤكدا أنه ينبغى أن تكون تلك القرارات صادرة لمصلحة
التحقيقات فقط»، مؤكدا أن «قرارات حظر النشر التى تصدرها النيابة العامة هى
قرارات إدارية يصدرها النائب العام باعتباره سلطة إدارية، ومن ثم يجوز
الطعن عليها أمام محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة، ويمكنها إلغاؤها فى
حالة التأكد من عدم تأثير النشر على الأمن القومى أو سلامة التحقيقات،
استنادا لحق المجتمع فى المعرفة وحرية الصحافة المكفولة دستوريا».
الشروق