يقصد بالحدث في حكم هذا القانون من لم يجاوز سنه
ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة أو عند وجوده في إحدى حالات
التعرض للانحراف" في صريح عباراتها وواضح دلالتها ومن استقراء سائر نصوص هذا
القانون، أن أحكامه قد انصبت جميعها على فئة معينة من المتهمين رأى الشارع أن
يخصهم فيما يتعلق بإجراءات محاكمتهم وما يوقع عليهم من تدابير وجزاءات وعقوبات
بمعاملة مغايرة لغيرهم من المتهمين بالنظر إلى حداثة سنهم، دون أن تمتد أحكامه إلى
غير هؤلاء من صغار السن، ومن ثم فلا وجه لما يتذرع به الطاعنون من وجوب التقيد
بأحكام قانون الأحداث في شأن تحديد سن المجني عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد عول في إثبات أن المجني عليه لم يكن قد بلغ السادسة عشرة من عمره
وقت الحادث على تاريخ ميلاده المثبت ببطاقة والده العائلية، وكان الطاعنون لا
ينازعون في صحة تاريخ ميلاد
وقررت محكمة النقض في حكمها
بأداة صلبة حادة كمطواة أو سكين، وأن منطقة الدبر بها تكدم واضح حول
فتحة الشرج نتيجة إيلاج عضو ذكري بالغ منتصب، فإن ما يثيره الطاعنون في خصوص
التناقض بين الدليلين القولي والفني يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر
أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة
يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها
الحكم، فإن ما يثيره الطاعنون في شأن قدم إصابات المجني عليه لكونه متكرر
الاستعمال، وعدم قدرة الطاعن الثالث صحياً على ارتكاب الفعل، لا يعدو أن يكون
مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي
ارتسمت في وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة
النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا
تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء
بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت
إلى الأدلة السائغة التي أوردتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير
محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوع،
غير أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام
محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم
لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة
للقانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وكانت المادة 268 من قانون العقوبات
تنص على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك يعاقب
بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع. وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة
المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم في الفقرة الثانية
من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة
المؤقتة. وإذا اجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة"، وإذ
كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة هتك عرض المجني عليه الذي لم يبلغ
من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد وقضى بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة
لمدة خمسة عشر عاماً طبقاً لنص الفقرة الثانية من هذه المادة محتسباً سن المجني
عليه بالتقويم الميلادي على أساس ما ثبت لديه من بطاقة والده العائلية من أنه
مولود بتاريخ 11 من مارس سنة 1978 وأن الطاعنين قد اقترفوا ما أسند إليهم بتاريخ
20 من سبتمبر سنة 1993. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 سالفة
الذكر إذ سكتت عن النص على التقويم الذي يعتد به في احتساب سن المجني عليه فيها -
وهو شرط لازم لإيقاع العقوبة المبينة بها - فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجري الذي
يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة في تفسير القانون الجنائي التي تقضي
بأنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم
وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة
المتهم لما هو مقرر من أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص. لما كان ذلك، وكان الثابت من
الرجوع إلى التقويم الهجري أن تاريخ ميلاد المجني عليه يوافق الثاني من ربيع الأخر
لعام 1398 الهجري وأن تاريخ الواقعة يوافق الثالث من ربيع الأخر لعام 1414 الهجري،
فإن المجني عليه يكون وقت ارتكاب الجريمة قد بلغ السادسة عشرة هجرية بما كان يتعين
معه إعمال نص الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات التي تعاقب كل من هتك
عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع في ذلك بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أنزل بالطاعنين عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة
سنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من هذه المادة على اعتبار أن المجني عليه لم
يكن وقت وقوع الجريمة عليه قد بلغ السادسة عشرة من عمره متخذاً من التقويم
الميلادي أساساً لتحديد سنه، مخالفاً بذلك القاعدة القانونية سالفة البيان وهي أصل
عام من أصول تأويل النصوص العقابية فإنه يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم،
وكانت هذه المحكمة - على نحو ما سلف - قد انتهت إلى رفض الطعن المقدم من المحكوم
عليهم، فإن العيب الذي شاب الحكم يكون مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون، ومن ثم
فإنه يتعين - حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة إليه - أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى
القانون، وذلك دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع ما دام أن العوار الذي
شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي
العودة إلى النظر في موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن لمحكمة
النقض - عند تصحيحها الحكم المطعون فيه - أن تقدر العقوبة، فإن هذه المحكمة تقضي
بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عملاً بنص الفقرة الأولى
من المادة 268 من قانون العقوبات، مع إلزامهم المصاريف المدنية.