إذا كنت
(محامياً ، قاضياً ، أو تعمل في الحقل القانوني،
نتعهد بنقل معلوماتكم القانونية إلى مستويات قياسية)
لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور رفع دعوى أصلية بتزويره يختصم فيها من بيده المحرر ومن يفيد منه. مناط ذلك. عدم الاحتجاج بالمحرر المدعي بتزويره في دعوى ينظرها القضاء وإلا تعين على مدعي التزوير التقرير به في قلم الكتاب طبقاً للإجراءات التي رسمها قانون الإثبات. مؤدى ذلك. مجرد تقديم المحرر المزور أو التمسك بدلالته في محضر إداري أو الادعاء الجنائي بشأن دون أن تفصل المحكمة الجنائية فيه. لا يمنع مدعي التزوير من رفع دعوى أصلية بتزويره.
وقررت محكمة النقض في حكمها :
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1809 لسنة 1986 مدني طنطا الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بتقديم أصل العقد المؤرخ 25/ 9/ 1983 للطعن عليه بالتزوير تمهيداً للحكم برده وبطلانه وقالوا بياناً لذلك إن حق الحكر على الأرض المبينة بالصحيفة كان قد انتقل إليهم بطريق الميراث عن والدهم وإذ شرعوا في البناء عليها فقد تعرض لهم الطاعن مدعياً أنه شريك لهم في ذلك الحق وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 1503 لسنة 1985 إداري قطور الذي قدم فيه المذكور صورة ضوئية من عقد المشاركة المحرر بينه وبين المطعون ضده الأول وإذ كان هذا العقد مزوراً على الأخير فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم آنفة البيان. دفع الطاعن بعدم قبول دعوى التزوير الأصلية لسابقة الاحتجاج بالعقد المدعي بتزويره في الدعوى رقم 2350 لسنة 1985 جنح قطور المرفوعة عليه بطريق الادعاء المباشر من المطعون ضدهم، ثم ادعى فقد أصل هذا المحرر منه، وبعد أن أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق واستمعت لأقوال الشهود قضت برد وبطلان ذلك العقد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1324 لسنة 40 ق بطنطا وبتاريخ 12/ 6/ 1991 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقول في بيانه إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى باعتبارها دعوى تزوير أصلية لسابقة الاحتجاج بالمحرر المدعي بتزويره في الدعوى رقم 2350 لسنة 1985 جنح قطور - التي أقامها المطعون ضدهم عليه بطريق الادعاء المباشر - وقضى فيها ببراءته ورفض الدعوى المدنية، كما تمسك أيضاً بأن عقد المشاركة محل النزاع قد فقد منه وحرر محضراً بشأنه في مركز شرطة قطور، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ودلالته وأحال بشأنه إلى أسباب الحكم المستأنف التي خلت من بحثه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن دعوى التزوير الأصلية طبقاً لنص المادة 59 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد شرعت لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور، إذ يجوز له عندئذ أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره ويكون ذلك بدعوى أصلية بالأوضاع المعتادة حتى إذا حكم له بذلك أمن عدم الاحتجاج عليه بهذه الورقة في نزاع مستقبل، وأن مناط الالتجاء إلى هذه الدعوى ألا يكون قد احتج بالورقة المدعي بتزويرها في دعوى ينظرها القضاء وإلا تعين على مدعي التزوير التقرير به في قلم الكتاب طبقاً للإجراءات التي رسمها قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 في المواد من 49 إلى 58 منه باعتبار أن الادعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في موضوع تلك الدعوى فلا يكون لغير المحكمة التي تنظر هذا الموضوع أن تنظره. ومفاد ذلك أن طريق دعوى التزوير الأصلية يظل مفتوحاً لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور ضد من بيده ذلك المحرر طالما أن هذا الأخير لم يحتج به عليه في دعوى قضائية لإثبات الحق أو نفيه فلا يمنعه من سلوكه مجرد تقديم المحرر المزور أو المسك بدلالته في محضر إداري أو مجرد قيام مدعي التزوير بالادعاء الجنائي بشأنه طالما أن المحرر المزور لم يقدم إلى المحكمة الجنائية أو قدم إليها ولو تقل كلمتها فيه من حيث صحته أو تزويره، لما كان ذلك وكان البين من مسودة الحكم الصادر في الجنحة 2350 لسنة 1985 قطور المرفقة بالأوراق أنه لم يعرض في أسباب قضائه ببراءة الطاعن إلى موضوع المحرر المدعي تزويره ولم يقل كلمته فيه وخلت الأوراق مما يفيد سبق الاحتجاج بذلك المحرر في أي دعوى قضائية كان المطعون ضدهم طرفاً فيها فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى باعتبارها دعوى تزوير أصلية فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه بالشق الأول من هذا السبب على غير أساس، وإذ كان الثابت في الأوراق أن محكمة أول درجة كانت قد قضت بجلسة 25/ 3/ 1987 بإلزام الطاعن أن يقدم أصل عقد المشاركة المدعي بتزويره وحددت له أجلاً لذلك إلا أنه لم يتقدم به وادعى فقده مما حداها إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صحة دفع المطعون ضدهم بتزويره هدياً بما تقضي به المادة 24 من قانون الإثبات فإنه لا تثريب عليها إن هي أقامت قضاءها برد وبطلان ذلك العقد على ما اطمأنت إليه من أقوال شاهدي المطعون ضدهم ومما أورته تحريات الشرطة تأكيداً لها. وإذ أحال الحكم المطعون فيه في الرد بشأنه على ذلك الذي انتهى إليه الحكم المستأنف فإن النعي عليه بالشق الثاني من هذا السبب يكون في غير محله. وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهن من الثانية إلى الرابعة لانتفاء مصلحتهن فيها تأسيساً على أنهن لسن طرفاًَ في عقد المشاركة محل النزاع والذي تحرر بينه وبين المطعون ضده الأول وحده إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث هذا الدفاع وأحل بشأنه إلى أسباب الحكم المستأنف الذي أطرحه تأسيساً على أن الأرض محل النزاع قد آلت إليهن مع المطعون ضده الأول ميراثاً عن والدهم مع أن الأرض محكرة وما تزال ملكاً للهيئة العامة للإصلاح الزراعي مما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مقتضى حق الحكر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن للمحتكر إقامة ما يشاء من المباني على الأرض المحكرة وله حق القرار ببنائه حتى ينتهي حق الحكر وله ملكية ما أحدثه من بناء ملكاً تاماً يتصرف فيه وحده أو مقرناً بحق الحكر وينتقل عنه هذا الحق إلى ورثته الذين يكون لهم مصلحة قانونية في الدفاع عن هذا الحق وعن تملكهم البناء المقام على الأرض المحكرة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي لأسبابه في شأن رفضه للدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهن من الثانية وحتى الرابعة لانتفاء المصلحة وبقبولها تأسيساً على أن العقد محل النزاع ينصب على قطعة الأرض التي آلت إليهن محكرة ميراثاً عن والدهن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
|