عقد زواج المرأة البالغة بكراً أو ثيباً بدون إذن وليها. صحيح. نفاذه وكونه لازماً بالنسبة له. شرطه. أن يكون الزواج بكفءٍ على صداق مثلها أو أكثر. مخالفة ذلك. أثره. أحقية الولى فى الاعتراض عليه وطلب فسخه أمام القضاء. سقوط هذا الحق برضائه بالزواج أو عدم اعتراضه عليه حتى ظهور الحمل على الزوجة أو ولادتها أو إذا أكمل الزوج الكفء إلى مهر المثل. علة ذلك.
وقررت المحكمة في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة. وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 4 لسنة 1992 كلى أحوال شخصية أجانب بورسعيد على المطعون ضده الثانى بطلب الحكم بإثبات العلاقة الزوجية بينهما فى مواجهة المطعون ضده الثالث، وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضده الثانى تزوجها بمقتضى عقد عرفى مؤرخ 11/ 3/ 1991 على صداق قدره خمسون ألف جنيه ورزقت منه بالصغيرة....... بتاريخ 20/ 11/ 1991 وأقر المطعون ضده الثانى بالزوجية والنسب، ومن ثم أقامت الدعوى، تدخل الطاعن فى الدعوى طالبا رفضها، وأقام دعوى فرعية بطلب فسخ عقد الزواج لعدم التكافؤ بين الزوجين وصورية المهر، بتاريخ 27/ 4/ 1993 حكمت المحكمة برفض الدعوى الفرعية وفى الدعوى الأصلية بإثبات زواج المطعون ضدهما الأولين بالعقد العرفى المؤرخ 11/ 3/ 1991، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 لسنة 1993 الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" وبتاريخ 23/ 2/ 1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن المطعون ضده الثالث بصفته - وزير الداخلية - دفع بعدم قبول الطعن بالنسبة له على أساس أنه لم توجه له طلبات ولم ينازع الخصوم فى طلباتهم ولم يقض له أو عليه بشئ. وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك بأنه يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضى ومن ثم فلا يكفى لقبول الطعن بالنقض مجرد أن يكون المطعون ضده طرفاً فى الخصومة أمام المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصماً حقيقياً وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو الطلبات إليه، وأنه بقى على منازعته له ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى قد اختصمت المطعون ضده الثالث بصفته ليصدر الحكم فى مواجهته دون أن توجه منه أو اليه أية طلبات، بل وقف من الخصومة موقفاً سلبياً، ولم يحكم له أو عليه بشئ، ومن ثم فإنه لا يقبل اختصامه فى الطعن بالنقض مما يتعين معه عدم قبول الطعن بالنسبة له. وحيث إنه - فيما عدا ما تقدم - فإن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أسقط حقه فى الاعتراض على زواج ابنته المطعون ضدها الأولى بالمطعون ضده الثانى على سند من أن اعتراضه يسقط بالولادة مع أن الثابت من الأوراق أنه اعترض على الزواج قبل الحمل والولادة، كما لم تستجب محكمة الموضوع لطلبه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صورية المهر المسمى بالعقد وأنه يقل عن مهر المثل وأن الزوج لا يستطيع أداء المهر الثابت بالعقد. وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك بأنه لما كان المطعون ضده الثانى مصرى الجنسية فإن القانون المصرى يكون هو الواجب التطبيق فى شأن الشروط الموضوعية لصحة زواجه بالمطعون ضدها الأولى السعودية الجنسية طبقاً لنص المادتين 12، 14 من القانون المدنى، ومن ثم فإنه يتعين تطبيق الراجح فى مذهب الإمام أبى حنيفة عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والراجح فى المذهب الحنفى وفقاً لرأى أبى حنيفة وابى يوسف أنه إذا تزوجت المرأة البالغة العاقلة بدون إذن وليها فإن العقد يكون صحيحاً سواء كانت بكراً أم ثيباً، ويكون نافذاً ولازماً متى تزوجت بكفء على صداق مثلها أو أكثر، رضى الولى أو لم يرض، وإذا تزوجت من غير كفء بمهر المثل أو من كفء على مهر أقل من مثلها ولم يكن وليها قد رضى بذلك، فالعقد غير لازم بالنسبة لوليها، فله حق الاعتراض على الزواج وطلب فسخه أمام القضاء، فإذا أثبت أن زوجها غير كفء لها فيما تعتبر فيه الكفاءة فى الزواج من حيث النسب والدين والحرية والمال والحرفة، أو أثبت الولى أن مهرها ينقص عن مهر مثلها بما لا يتغابن فيه الناس، فإنه يقضى بفسخ العقد مراعاة لحق الولى العاصب إلا إذا رضى بالزواج أو لم يعترض عليه حتى ظهر الحمل على الزوجة أو ولدت بالفعل، فعندئذ يسقط حقه فى الاعتراض لأجل المحافظة على الولد حتى لا يضيع بالتفريق بين والديه، ولا يكون له حق الاعتراض إذا أكمل الزوج الكفء المهر إلى مهر المثل بعد العقد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد التزم هذا النظر بقضائه برفض الدعوى الفرعية التى أقامها الطاعن بصفته ولياً للزوجة بطلب فسخ زواج ابنته لعدم الكفاءة ونقصان المهر عن مهر مثلها، وأقام قضاءه على أن الزواج استوفى أركانه وشروطه الشرعية وأن المطعون ضده الثانى كفء للمطعون ضدها الأولى لأنه عربى مسلم حاصل على مؤهل جامعى، ويعمل محاسباً بشركة للإنشاءات البحرية وأمهرها مبلغ خمسين ألف جنيه أقرت بقبضه بالعقد فضلاً عن أن الزوجة أتت على فراش الزوجية بالصغيرة.......... بتاريخ 20/ 11/ 1991 بما يسقط حق الولى فى الاعتراض على الزواج، وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالاوراق وسندها الشرعى وفيها الرد الضمنى المسقط لما أثاره الطاعن، ولا على المحكمة من بعد إذ لم تستجب لطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق طالما وجدت فى أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها لا سيما وأنها انتهت إلى سقوط حق الولى فى الاعتراض على الزواج بالولادة؛ فإن النعى لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم فإنه يكون على غير أساس. وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وبياناً لذلك يقول إن الدعوى فى حقيقتها دعوى مصادقة على عقد زواج فكان يتعين إعمال القواعد المنصوص عليها فى قانون الشهر العقارى الذى حدد شروطاً معينة لإثبات التصادق على عقود الزواج إذا كان أحد طرفى العقد غير مصرى، فضلاً عن موافقة السفارة السعودية المختصة إذ أن المطعون ضدها الأولى سعودية الجنسية، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك بأن عقد الزواج شرعاً عقد رضائى يقوم على الايجاب والقبول، ويلزم الولى طبقا للقواعد السالف بيانها، وتطلب القانون توثيق هذا العقد لا ينفى عنه طبيعته الأصلية، ولا يمس القواعد الشرعية المقررة، فإذا ثار بين ذوى الشأن نزاع حول صحة العقد أو نفاذه أو لزومه شرعاً كان لهم الحق فى الالتجاء إلى القضاء قبل توثيقه طبقاً للقانون، ولا تعارض بين الشروط الموضوعية لصحة الزواج والشروط الشكلية أو الاجرائية لتوثيق العقد، إذ أن بحث الشروط الموضوعية وحسم ما يثار حولها من خلاف منوط بالقضاء دون جهة التوثيق، وإذ أقيمت الدعوى بطلب إثبات العلاقة الزوجية بين المطعون ضدها الأولى السعودية الجنسية والثانى المصرى الجنسية ونازع الطاعن فى لزوم هذا العقد بالنسبة له كولى للزوجة، فإنه لا على الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه - إذ فصل فى الدعوى طبقا للقواعد الشرعية المقررة، وفقاً للتكييف الصحيح للدعوى على ضوء الطلبات المطروحة فيها، ومن ثم فإن النعى يكون على غير اساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن. | |
|
|