بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق. في أن السيدة / أوجنيه عزمي إسرائيل أقامت الدعوى رقم 92 لسنة 20 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة ضد السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وذلك بصحيفة أودعت في 15 من فبراير سنة 1973 طلبت في ختامها الحكم: أولاً: باعتبار ترقية المدعية إلى الدرجة الخامسة القديمة راجعة إلى 13/ 12/ 1964 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً: بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية على سبيل التعويض المؤقت مبلغ قرش صاغ واحد مع المصروفات والأتعاب.
وجاء في صحيفة الدعوى، شرحاً لها، أن المدعية نقلت من مصلحة التعبئة والإحصاء (الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء) إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بموجب (قرار رئيس الجمهورية رقم 2458 لسنة 1964) واستلمت العمل فعلاً في 5/ 8/ 1964 وفي 13/ 12/ 1964 أصدرت الهيئة المدعى عليها قراراً بترقيات إلى الدرجة الخامسة حفظت لها فيه درجة لترقيتها إليها عند ورود رأي مجلس الدولة بشأن مدى جواز ترقيتها قبل مضي سنة من نقلها، وبتاريخ 19/ 2/ 1965 تقدمت بتظلم أوضحت فيه أن حقها في الترقية ثابت إلا أن الهيئة ردت عليها في 27/ 12/ 1965 بما يفيد أن الأمر معروض على مجلس الدولة، ومنذ ذلك الحين ظلت توالي السؤال على رأي مجلس الدولة وعندما استفسر محاميها في 13/ 12/ 1972 عن هذا الرأي، تلقى خطاباً مؤرخاً 24/ 1/ 1973 بأن إدارة الفتوى ردت عام 1966 بعدم جواز الترقية ولذلك بادرت برفع هذه الدعوى خلال الستين يوماً التالية وهي دعوى مقبولة شكلاً في ضوء الوقائع المتقدمة أما عن الموضوع فإن نقل المدعي كان لمصلحة عامة ولا دخل لإرادتها فيه، ولهذا لا تتوفر بشأنه حكمة حظر الترقية خلال سنة من النقل وفقاً للمادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 خاصة وأن مذكرة قرار النقل أشارت إلى أن الشروط والمواصفات التي تتطلبها مصلحة التعبئة والإحصاء غير متوفرة في بعض العاملين، وإذ أصابها ضرر جسيم من تخطيها في الترقية وتخلفها عن زملائها فإنها تطالب بتعويض مؤقت مقداره قرش صاغ.
ورداً على الدعوى أبدت الهيئة المدعى عليها ما يخلص في أنه عملاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 2458 لسنة 1964 بنقل بعض العاملين من مصلحة التعبئة والإحصاء إلى جهات أخرى تم نقل المدعية إلى الهيئة دون نقل درجتها، ثم رقيت إلى الدرجة السادسة في أول حركة ترقيات أجريت بعد مرور سنة على نقلها وخلال المدة من تاريخ نقل المدعية حتى تاريخ توقيتها إلى الدرجة السادسة في 3/ 12/ 1965 أصدرت الهيئة عدة قرارات بترقية بعض العاملين فيها إلى تلك الدرجة بالأقدمية المطلقة، وقد استطلعت الهيئة رأي مجلس الدولة في مدى أحقية المنقولين إليها دون نقل درجاتهم في الترقية قبل مضي سنة على النقل في ضوء أحكام المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وقد جاء هذا الرأي بعد ما كانت المدعية قد رقيت فعلاً إلى الدرجة السادسة حيث تضمن عدم جواز الترقية قبل مضي سنة على النقل، وانتهت الهيئة إلى طلب الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بصفة أصلية ورفضها موضوعاً بصفة احتياطية ورفض طلب التعويض.
وبمناسبة إنشاء محكمة إدارية بمدينة طنطا، بموجب قرار السيد رئيس مجلس الدولة رقم 126 لسنة 1973، قرر السيد رئيس المحكمة الإدارية لوزارة الخزانة إحالة الدعوى المشار إليها إلى المحكمة الإدارية بطنطا التي تولت نظرها تحت رقم 140 لسنة 2 ق وبجلسة 14 من إبريل سنة 1975 قضت بعدم اختصاصها بنظرها وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، حيث قيدت لديها برقم 1307 لسنة 29 ق وحكمت فيها بجلسة 2 من نوفمبر سنة 1978.
أولاً: بعدم قبولها شكلاً في شقها الأول.
ثانياً: بأحقية المدعية في تعويض مؤقت مقداره قرش صاغ وألزمت الجهة الإدارية المدعى عليها المصروفات، وأقامت قضاءها بذلك على أن المدعية تطعن بالإلغاء على قرار الهيئة - المدعى عليها - الصادر في 13/ 12/ 1964 فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى الدرجة الخامسة، وقد رفعت دعواها بطلب هذا الإلغاء بعد الميعاد المقرر قانوناً، فتكون الدعوى غير مقبولة شكلاً في هذا الخصوص وبالنسبة إلى طلب المدعية لتعويض مؤقت فإن تخطيها في الترقية للفئة الخامسة تم بالاستناد لحكم المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964، ويبين من استقراء نص هذه المادة والمادة 41 من ذات القانون أن المشرع أعطى الجهة الإدارية سلطة نقل العامل بما لا يفوت دوره في الترقية، وفي ذات الوقت حظر أن يكون الغرض من النقل إفادة العامل لتمكينه من ترقية لا يستحقها وما كان ليدركها في الجهة المنقول فيها، فمنع ترقيته عند نقله إلا بعد مضي سنة والمستفاد من ذلك أنه إذا كان النقل قد تم لاعتبارات المصلحة العامة وليس بناء على طلب العامل فلا يسري حظر الترقية في الجهة المنقول إليها، لانتفاء علته، ولما كان الثابت أن المدعية نقلت مع آخرين لاعتبارات المصلحة العامة لعدم توافر الشروط والمواصفات المتطلبة للعمل في مصلحة التعبئة العامة والإحصاء، وصدر بنقل المدعية إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية قرار رئيس الجمهورية رقم 2458 لسنة 1964 دون نقل درجتها، ومن ثم لا يقوم مسوغ لحرمانها من الترقية في الهيئة التي نقلت إليها، ما دام قد أدركها الدور في الترقية بالأقدمية، وإلا لكان في ذلك إهدار لأقدميتها ومساس بها دون سند من القانون وإذ ذهبت الجهة الإدارية غير هذا المذهب فإنها تكون قد جاوزت حكم القانون ويكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون وتسأل الجهة الإدارية عما أصاب المدعية من ضرر من جراء هذا الخطأ. وإذ رقيت المدعية بعد ذلك وبعد مرور سنة على نقلها، فإن علاقة السببية ظاهرة بين الخطأ والضرر وبالتالي تكون المدعية محقة فيما تطالب به من تعويض مؤقت، ويتعين القضاء لها به.
ومن حيث إن الطعن ينعى على ذلك الحكم فيما قضى به من تعويض للمدعية، مخالفته للقانون والخطأ في تطبيق، ذلك لأن المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 - المنطبق على واقعة الدعوى تنص على أنه "..... كما لا تجوز ترقية العامل المنقول إلا بعد مضي سنة على الأقل ما لم تكن الترقية بالاختيار أو في وظائف الوحدات المنشأة حديثاً أو كان نقل العامل بسبب نقل وظيفته أو لم يكن بين عمال الوحدة المنقول إليها العامل من يستوفى الشروط القانونية خلال هذه السنة)، ومفاد هذا النص أنه لا تجوز ترقية العامل المنقول في الجهة المنقول إليها قبل مضي سنة على نقله إلا في الحالات التي حددها النص التي لا تتوافر في المطعون ضدها، وإذ ذهب الحكم المطعون عليه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد خرج على مقتضى النص المذكور بخلق حالة جديدة ليس لها وجود تشريعي تصح فيها ترقية العامل المنقول قبل فوات سنة على نقله وهو ما لا يتأتى إلا بتشريع جديد، وبالإضافة إلى هذا السبب المسوغ لإلغاء الحكم المطعون فيه، فإنه بفرض ثبوت عناصر المسئولية التقصيرية في جانب الإدارة، فإن دعوى هذه المسئولية قد سقطت بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من يوم علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه عملاً بالمادة 172 من القانون المدني، وقد ذكرت المطعون ضدها أن قرار الترقية الذي لم يشملها صدر في 2/ 12/ 1964 ورغم علمها به ونتائجه القانونية لم تبادر برفع دعوى المطالبة بالتعويض عنه إلا في 15/ 2/ 1973، أي بعد أن كانت دعوى المسئولية قد تقادمت، وغني عن الذكر أنه لا يجدي في قطع مدة التقادم إلا المطالبة القضائية الأمر الذي يجب معه الحكم بسقوط الحق في إقامة الدعوى.
ومن حيث إن الطعن ينصب على ما قضى به الحكم المطعون فيه من أحقية المدعي في تعويض مؤقت مقداره قرش صاغ.
ومن حيث إن الثابت في عناصر النزاع أن المدعية نقلت من مصلحة التعبئة والإحصاء إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، وذلك بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 2458 لسنة 1964.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن النقل الذي صدر به ذلك القرار قد تم للأسباب التي أشارت إليها مذكرته الإيضاحية وهي أن الشروط والمواصفات الواجبة في وظائف مصلحة التعبئة والإحصاء غير متوفرة في بعض العاملين بالمصلحة في وضعها الجديد بعد إنشائها بالقرار الجمهوري رقم 743 لسنة 1963 وأنه من ثم فإن هذا النقل اقتضته المصلحة العامة تنظيماً للأوضاع المصلحية ولا دخل لإرادة العامل المنقول فيه وبالتالي فإن حظر الترقية الذي نصت عليه المادة 23 من القانون رقم 46 لسنة 1964 لا يمتد إلى مثل هذا النقل ولا تتقيد ترقية العامل المنقول في ظله بقيد السنة الذي فرضته تلك المادة.
ومن حيث إنه في ضوء ذلك فإن قرار الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية الصادر في 13/ 12/ 1964 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى الدرجة الخامسة بسبب عدم مضي سنة على نقلها إلى الهيئة، استناداً إلى المادة 23 المذكورة - يكون مخالفاً للقانون في ذلك الخصوص وغير مشروع.
ومن حيث إن المادة 172 من القانون المدني التي استحدثت تقادم الثلاث سنوات بالنسبة إلى دعوى التعويض عن العمل غير مشروع وقد وردت بخصوص الحقوق التي تنشأ عن المصدر الثالث من مصادر الالتزام في القانون المدني وهو العمل غير المشروع فلا تسري على الحقوق الناشئة عن المصدر الخامس من مصادر الالتزام وهو القانون، ولما كانت مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة في شأن الموظفين العموميين وإنما تنسب إلى المصدر الخامس باعتبار أن هذه القرارات من قبيل التصرفات وليست أفعالاً مادية وأن علاقة الإدارة بموظفيها علاقة تنظيمية، مصدرها القوانين واللوائح، ومن ثم لا تنطبق على تلك المسئولية أحكام المادة 172 من القانون المدني، وإنما تخضع في تقادمها للأصل في التقادم المقرر في المادة 374 من هذا القانون والتي تنص على أن يتقادم الالتزام بمضي خمس عشرة سنة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الماثل فيما تقدم أن قرار تخطي المدعية في الترقية - محل النزاع - جاء مخالفاً للقانون، وإذ أصابها من جرائه - بغير شك - ضرر يتمثل في حرمانها من الترقية التي صدر بها القرار، وتراخي ترقيتها إلى ما بعده، مما يقيم علاقة سببية مباشرة بين القرار والضرر، ومن ثم تكون الجهة الإدارية التي أصدرت القرار مسئولة عن تعويض المدعية عنه، وهي مسئولية لم تسقط بالتقادم حتى تاريخ رفع الدعوى بطلب التعويض عن القرار، حيث صدر في 13/ 12/ 1964 بينما رفعت الدعوى في 15/ 12/ 1973 أي قبل مضي الخمس عشرة سنة التي يلزم انقضاؤها لتقادم تلك المسئولية، كما سلف البيان.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من إجابة لطلب المدعية تعويضها مؤقتاً بقرش صاغ واحد، ويكون الطعن عليه غير قائم على سند من صحيح القانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفضه مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصاريف.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية مصروفات الطعن.