الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

متى استقرت عقيدة المحكمة على رأي فلا يهم أن يكون ما استندت إليه في ذلك دليلاً مباشراً أو غير مباشر ما دام هذا الدليل مؤدياً عقلاً إلى ما رتبته المحكمة عليه، فإن القانون لا يشترط في الدليل مهما كان نوعه أن يكون مباشراً أي شاهداً بذاته على الحقيقة المطلوب إثباتها، بل يكفي أن تستخلص منه المحكمة تلك الحقيقة بعملية منطقية تجريها متى كان هو ينم عليها من طريق غير مباشر

وقررت محكمة النقض في حكمها

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده (الأستاذ علي أمين) بأنه باعتباره رئيس التحرير لمجلة آخر لحظة أولاً: - قذف علانية في حق حضرة صاحب المعالي محمد فؤاد سراج الدين باشا وزير الداخلية بأن أسند إليه كذباَ وبسوء قصد واقعة لو كانت صادقة لأوجبت عقابه قانوناً واحتقاره عند أهل وطنه وذلك بأن نشر في العدد 88 من مجلة آخر لحظة التي تم طبعها وتوزيعها على الجمهور خبراً ورسماً مقتضاهما أن هناك رقابة على التليفونات المحلية. ثانيا ً- نشر بسوء قصد وعلانية أخباراً كاذبة من شأنها أن تلحق ضرراً بالمصلحة العامة بأن أذاع في العدد رقم 88 من مجلة آخر لحظة التي تم طبعها وتوزيعها على الجمهور خبراً ورسماً مقتضاهما أن هناك رقابة على التليفونات المحلية. وطلب معاقبته طبقاً للمواد 171 و188 و195 و198 و200 و302 و303 و307 من قانون العقوبات وبمقتضى القانون رقم 27 لسنة 1910. ومحكمة جنايات القاهرة قضت عملاً بالمادة 50 فقرة ثانية من قانون تشكيل محاكم الجنايات بالبراءة. فطعن رئيس النيابة الصحافة والنشر في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه حين قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة القذف المسندة إليه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات تشترط لإعفاء القاذف من العقاب إلى جانب حسن نيته - أن يثبت صحة الواقعة التي أسندها إلى المقذوف في حقه وأن المحكمة قد رأت أن هذه الواقعة قد ثبتت صحتها مما شهد به شاهداً المطعون في حقه من أن الظروف والقرائن قد توافرت لديهما على الاعتقاد بأن تليفوناتهما كانت تحت الرقابة. مع أن هذا منها غير سليم إذ أن هذين الشاهدين لم يشهدا بأنهما عاينا الرقابة مفروضة فعلاً على تليفوناتهما أو سمعا من واحد أو أكثر ممن باشروها أو عملوا عليها أن هذه الرقابة موجودة فعلاً حتى يمكن أن يوصف قولهما بوجودها أنه شهادة يصح الأخذ بها في القانون بل أن ما ذكره هذان الشاهدان لا يعدو مجرد رأي لهما يفتقر إلى ما يثبته. وتضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً إذ لم يورد الظروف والقرائن التي قال الشاهدان إنها قد توافرت لديهما فجعلتهما يعتقدان بوجود الرقابة على تليفوناتهما وجعلت المحكمة بدورها تعتقد صدق الشاهدان من وجود الرقابة فعلاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فقال: "إن المتهم قرر أنه نشر الخبر موضوع هذه المحاكمة عندما وصل إلى علمه من مصادر يعتقد أنها مطلعة ومن زعماء ورؤساء وزارة سابقين شكوا من أن تليفوناتهم موضوعة تحت الرقابة وأنه سمع من أشخاص موثوق بهم أن وزيرا في الوزارة الحالية يشكوا أيضاً من ذلك كما يشكو صحفي كبير... وأن المتهم في سبيل إثبات صحة الخبر المشار إليه قد أتى في الجلسة بشهود من ذوي المكانة أحدهم وزير معارف سابق ومن حزب الحكومة الحاضرة والثاني وزير مالية سابق في الوزارة الحالية والثالث النائب العام السابق فشهدوا بأن الظروف والقرائن توافرت لديهم على الاعتقاد بأن تليفوناتهم موضوعة تحت الرقابة حتى بعد رفع الأحكام العرفية وذلك للأسباب التي ذكروها في أقوالهم وعلى الأخص الشاهد الثالث الذي ذكر وقائع معينة... وأن المحكمة ترى أن ركن سلامة النية وشرط إثبات صحة الواقعة اللذين تتطلبهما الفقرة الثانية من المادة 302 من قانون العقوبات قد توافرا مما شهد به الشهود الذين أتي المتهم بهم وسمعت المحكمة أقوالهم... وأن المحكمة تأخذ بما شهد هؤلاء الشهود من أن تليفوناتهم كانت عليها رقابة". لما كان ذلك وكان القانون لا يستلزم لإثبات وقائع القذف دليلاً معيناً بل يجوز إثباتها بكافة الطرق بما في ذلك شهادة الشهود وقرائن الأحوال، وكان لقاضي الموضوع كامل السلطة في تقدير أدلة الدعوى، إذ الأمر مرجعه في المواد الجنائية إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة أو عدم صحة الأدلة المطروحة عليها. فمتى استقرت عقيدتها على رأي فلا يهم أن يكون صحة الأدلة أو عدم صحة الأدلة المطروحة عليها. فمتى استقرت عقيدتها على رأي فلا يهم أن يكون ما استندت إليه في ذلك دليلاً مباشراً أو غير مباشر متى كان هذا الدليل مؤدياً عقلاً إلى ما رتبته عليه المحكمة. ذلك أن القانون لا يشترط في الدليل مهما كان نوعه أن يكون مباشراً أي شاهداً بذاته على الحقيقة المطلوب إثباتها بل يكفي أن تستخلص معه المحكمة تلك الحقيقة بعملية منطقية تجريها متى كان هو ينم عليها عن طريق غير مباشر. لما كان ما تقدم؛ وكانت المحكمة قد أوردت في حكمها مؤدي ما أخذت به واطمأنت إليه من أدلة واعتبارات على صحة الواقعة التي أسندها المطعون ضده إلى المقذوف في حقه، وكانت هذه الأدلة والاعتبارات من شأنها أن تؤدي في العقل والمنطق إلى ما رتب عليها فإنه لا تصح مجادلتها في ذلك لدى محكمة النقض، إذ المجادلة في هذه الصورة لا يكون لها من معنى إلا إثارة المناقشة في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز التعقيب على محكمة الموضوع فيه. هذا ولا يعيب الحكم أنه وقد انتهى إلى براءة المتهم بناء على ما اطمأن إليه من صحة شهادة الشهود أن يكون قد أغفل إيراد الظروف والملابسات التي أدت لهذا الاطمئنان.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاَ.