من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها
الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق، كما أنه من المقرر أيضاً أن التلبس
حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة
عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته
عن وقوعها، وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن الطاعنة
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة
الاعتياد على ممارسة الدعارة قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعنة
دفع ببطلان إجراءات القبض عليها لحصولها بغير إذن من النيابة العامة، إلا أن الحكم
عول على الدليل المستمد من هذا القبض مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه بين واقعة الدعوى قي قوله
"وحيث إن الواقعة على ما هو ثابت بمحضري ضبط الواقعة وتحقيق النيابة هي أن.... أثبت
في محضره المؤرخ 3/ 11/ 1981 أن معلومات تجمعت لديه مفادها أن النسوة الساقطات يترددن
على العقار رقم..... لممارسة الدعارة به حيث الشقق المفروشة وبعض السائحين - وقد توجه
إلى هذا العقار لمراقبة هذه الحالة ولتحقيق هذه المعلومات، وبينما هو كذلك شهد المتهمة
- الطاعنة - تدخل إلى هذا المنزل وتطرق إحدى شقق العقار حيث فتح لها شخص عربي وقد تأكد
من حضورها إليه لممارسة الدعارة معه - فقام يطرق باب الشقة بعد دخولها حيث فتح له صاحبها
فسأله عن المرأة التي دخلت إليه فأخبره أنها قدمت لممارسة الدعارة وأنها اعتادت التردد
عليه لممارسة الفحشاء لقاء أجر تتحصل عليه فقام بضبطها حيث اعترفت بقدومها لممارسة
الدعارة وأنها اعتادت التردد عليه لممارسة الفحشاء لقاء أجر تتحصل عليه فقام بضبطها
حيث اعترفت بممارسة الدعارة وأنها اعتادت ذلك منذ فترة. وحيث إنه بسؤال المتهمة في
محضر الضبط تفصيلاً قررت أنها اعتادت على ممارسة الدعارة لقاء أجر تتحصل عليه لظروفها
العائلية, وحيث إنه بسؤالها في تحقيقات النيابة عادت ورددت مضمون اعترافها الوارد في
محضر الضبط, ثم عرض الحكم للدفع ببطلان إجراءات القبض وإطراحه في قوله: وحيث إن الدفاع
عن المتهمة دفع الاتهام ببطلان إجراءات الضبط وطلب براءة المتهمة مما نسبه إليها.
وحيث إنه لما كان ذلك وكان الضبط قد تقدمته دلائل ترشح لإجرائه من تواجد المتهمة وهي
المعروفة للشرطة بممارسة الدعارة بمنزل شخص غريب عنها وما قرره صاحب هذا المكان من
قدومها لممارسة الدعارة لقاء أجر وهي دلائل تكفي لشرعية القبض ومن ثم يكون هذا الدفع
في غير محله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب
بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق، كما أنه من المقرر
أيضاً أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي
نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها
ينبئ عن وقوعها، وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن الطاعنة
شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات
الجنائية ولا يصح الاستناد في القول بأنها كانت وقت القبض عليها في حالة تلبس بالجريمة
إلا أنها من المعروفات لدى الشرطة بالاعتياد على ممارسة الدعارة وإلى ما قرره حائزاً
الشقة التي ضبطت فيها، ذلك أن مجرد دخولها إحدى الشقق وإخبار حائزها مأمور الضبط القضائي
أنها قدمت إليه لممارسة الدعارة وأنها اعتادت ذلك، كل هذا لا ينبئ بذاته عن إدراك مأمور
الضبط بطريقة يقينية ارتكاب هذه الجريمة، ومن ثم فإن ما وقع على الطاعنة هو قبض صريح
ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون. ذلك بأن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية
بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم
إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها. لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد خالف هذا النظر وكان ما أورده تبريراً لإطراحه دفع الطاعنة ببطلان إجراءات
القبض لا يتفق مع صحيح القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه فإنه يكون معيباً بالخطأ
في تطبيق القانون خطأ حجبه عن استبعاد الدليل المستمد من القبض الباطل دون غيره وتقدير
أدلة الدعوى ومنها اعتراف الطاعنة على هذا الأساس، ولا يغني عن ذلك ما ذكره الحكم من
أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون
عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا
الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون
فيه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.