الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد قبول الدائن شيكاً من المدين استيفاء لدينه لا يعتبر وفاءً مبرئاً لذمة المدين لأن الالتزام المترتب في ذمته لا ينقضي إلا بتحصيل قيمة الشيك

وقررت محكمة النقض في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم..... سنة 78 مدني كلي شمال على الطاعن بطلب إلزامه بتعويض قدره عشرة آلاف جنيه، وقال في بيان ذلك أن له حساباً في المصرف الذي يمثله الطاعن وأنه قد أصدر له بتاريخ 9/ 4/ 1977 أمراً بأن يسحب شيكاً بمبلغ 11050 دولار أمريكي على بنك.... بنيويورك باسم شريكه.... وإذ صدر الشيك وتسلمه المستفيد وسافر إلى الخارج واشترى بضائع وظهر الشيك إلى البائع فقد فوجئ بامتناع البنك المسحوب عليه عن دفع قيمته لأن حساب مصرف الطاعن لديه قد أقفل. واستطرد المطعون ضده إلى القول بأن ما اقترفه المصرف من إهمال قد ألحق به أضراراً مادية وأدبية قدرها بمبلغ التعويض المطالب به قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 2000 جنيه استأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم..... سنة 95 ق، قضت محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 24/ 6/ 1979 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض: قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من تعويض عن الضرر المادي. وإذ نظر الطعن في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول أن علاقة المصرف بعملائه هي علاقة وديعة ناقصة مقترنة بعقد وكالة، وإذ كان المصرف الطاعن بناءً على أمر المطعون ضده قد سحب شيكاً مصرفياً على البنك الذي اختاره وجعل المستفيد فيه الشخص الذي حدده فإنه يكون قد نفذ تعليمات موكله وبذل في تنفيذها العناية المصرفية المتعارف عليها بما يدرأ عنه المسئولية، وإذ أقام الحكم المطعون فيه مسئوليته على أساس رفض البنك المسحوب عليه صرف الشيك لعدم وجود حساب له لديه فإنه يكون قد عده ملتزماً بتحقيق نتيجة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن علاقة البنك بالعميل الذي يقوم بإيداع مبالغ في حسابه لدى البنك هي علاقة وديعة ناقصة تعتبر بمقتضى المادة 726 من القانون المدني فرضاً، وإذ يلتزم المقترض وفقاً لحكم المادة 538 من القانون المدني بأن يرد للمقرض مثل ما اقترضه، فإن البنك يلتزم في مواجهة عميله بأن يرد إليه مبلغاً نقدياً مساوياً لما قام بإيداعه في حسابه لديه من مبالغ، وإذ قام البنك بناءً على أمر عميله بسحب شيك على بنك آخر وتسليمه مقابل كل أو بعض رصيده لديه كان ذلك بالنسبة للبنك وفاء بالتزامه في هذا الصدد قبل العميل على أنه ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد قبول الدائن شيكاً من المدين استيفاء لدينه لا يعتبر وفاءً مبرئاً لذمة المدين لأن الالتزام المترتب في ذمته لا ينقضي إلا بتحصيل قيمة الشيك، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام مسئولية المصرف الطاعن على سند من أن الشيك الذي سحب على البنك الأخير لم يتم صرفه لعدم وجود حساب للمصرف الطاعن ومن ثم فإن مسئولية هذا الأخير تكون قد تحققت فإنه لذلك يكون ما انتهى إليه قد صادف القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقول أنه أسقط من حسابه السبب الأجنبي الذي حال دون صرف الشيك رغم أنه قدم لمحكمة الموضوع مستندات تثبت أن له رصيداً ضخماً لدى البنك المسحوب عليه الشيك وأن عدم صرفه إنما مرجعه إلى خطأ البنك الأخير وهو ما يكفي لدرء مسئوليته.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع فله أن يأخذ بالدليل المقدم له إذا اقتنع به وأن يطرحه إذا تطرق إليه الشيك فيه لا فرق بين دليل وآخر إلا أن تكون للدليل حجية معينة حددها القانون، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته رداً على ما أثاره الطاعن من قيام السبب الأجنبي بقوله "بأنه لم يقم بالأوراق دليل يعول عليه على وقوع خطأ من الغير يؤثر في مسئولية المستأنف "الطاعن" الأمر الذي يكون معه استناد المصرف إلى السبب الأجنبي على غير أساس وكان مفاد ذلك أن محكمة الموضوع لم تجد في المستندات المقدمة من الطاعن دليلاً على قيام السبب الأجنبي الذي ادعاه وهو ما يدخل في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى وفهم الواقع فيما ويخرج عن رقابه هذه المحكمة فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك لأنه قضى للمطعون ضده بالتعويض رغم عدم قيامه بأعذاره وفقاً لنص المادة 218 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه طبقاً لنص المادة 220 من القانون المدني لا ضرورة لإعذار المدين إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته بأن مسئولية المصرف الطاعن قد تحققت ووقع الضرر بعدم صرف الشيك عند تقديمه للبنك الأخير ومن ثم فلا جدوى في الإعذار فإن الحكم لا يكون بذلك قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفى بيان ذلك يقول أنه قضى للمطعون ضده بتعويض عما أصابه من ضرر مادي تمثل فيما نتج عن عدم صرف الشيك من إلغاء لصفقة تجارية رغم خلو الأوراق من الدليل على وجود هذه الصفقة أو إلغائها، وحالة كون المطعون ضده طبيب أسنان، وما كان للبنك - بالنظر إلى مهنة المطعون ضده – أن يتوقع أن يصيبه مثل هذا الضرر نتيجة عدم تحصيل قيمة الشيك.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بالعويص عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، ولا يلزم المدين في المسئولية العقدية في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد، كما أنه من المقرر أيضاً على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تعين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى وأوراقها وقوع ضرر مادي أصاب المطعون ضده تتمثل فيما أنفقه من مصروفات وما فاته من كسب نتيجة إلغاء الصفقة بسبب عدم صرف الشيك وكان استخلاصه سائغاً ومردوداً لأصله من الأوراق فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.