للمستأجر أن يثبت صورية التصرف الصادر منه للغير ولو كان طرفاً
فيه بكافة طرق الإثبات. فإذا ما نجح فى ذلك كان لا محل للقضاء بالإخلاء ولو كان المؤجر
حسن النية لا يعلم بصورية هذا التصرف ودون اعتبار لتمسكه به فى هذه الحالة
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى
أن المطعون ضدهم أقاموا على مورث الطاعنين - الثالثة والرابعة - المرحوم/...... والطاعنين
الأولى والثانى الدعوى رقم 3603 لسنة 1996 إيجارات أمام شمال القاهرة الابتدائية بطلب
الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1976 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة. وقالوا بياناً
لدعواهم أنه بموجب العقد المشار إليه استأجر مورث الطاعنين الشقة محل النزاع من مورثهم
بقصد استعمالها سكناً خاصاً وإذا قام المستأجر بتغيير الغرض الذى أجرت من أجلة العين
ثم تنازل عنها إلى الطاعنين الأولى والثانية دون إذن من المالك فقد أقاموا دعواهم كما
أقام الطاعنون دعوى فرعية بطلب الحكم بامتداد عقد إيجار العين محل النزاع إليهم بالتأسيس
على إقامتهم مع المستأجر الأصلى - مورثهم - حتى وفاته. حكمت فى الدعوى الأصلية بالطلبات
وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 7035 لسنة 4 ق القاهرة.
وبتاريخ 9/ 5/ 2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون على هذا الحكم
بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض
الطعن على هذه المحكمة - فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال
بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة
الموضوع بدرجتيها بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1992 الذى حرره المستأجر الأصلى
للعين محل النزاع لابنه - الطاعن الثانى – عن حجرة من حجرات العين حتى يتمكن من الحصول
على سجل تجارى وطلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورة إلا أن الحكم المطعون
فيه التفت عن هذا الدفاع بالتأسيس على أن الثابت بالأوراق اتخاذ الشقة محل النزاع مقراً
للشركة التى تكونت بالعين وأنهم لم يقدموا الدليل على الصورية أو تمسكوا بوسيلة لإثباتها
فى حين أن الأوراق جمعيها تحررت بناء على العقد الصورى وإنهم قد ارتكنوا فى إثبات الصورية
إلى التحقيق مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن البين من استقراء
المراحل التشريعية لقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة أرقام 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969،
136 لسنة 1981 أن المشرع قد قيد حق المؤجر فى طلب انهاء أو فسخ عقد الإيجار إلا لأحد
الأسباب المبينة بتلك القوانين التى وردت فيها على سبيل الحصر لا على سبيل البيان وهو
حصر أملته اعتبارات النظام العام وأوجب المشرع فى بعض الأسباب وهى استعمال المكان المؤجر
أو السماح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو
فى أغراض منافية للأداب العامة أن تكون ثابتة بحكم قضائى نهائى للتيقن من ثبوت وقوع
المخالفة فإذا ما ثبت وقوع المخالفة المبررة للإخلال وجب الحكم به. ولا أقر لعدول المستأجر
عنها فى توقيع هذا الجزاء. ومتى كان ثبوت وقوع المخالفة المبررة للإخلاء على وجه اليقين
هو المناط فى توقيع الجزاء بالإخلاء وفسخ عقد الإيجار فلازم ذلك أن يكون العقد قد انعقد
صحيحاً جدياً لا صورياً لترتيب هذا الجزاء. ومن ثم فإن التصرف الصورى الذى يصدر من
المستأجر بالتنازل للغير عن العين المؤجرة أو تأجيرها له من الباطن بغير اذن كتابى
صريح من المؤجر لا يقوم به سبب الإخلاء المنصوص عليه فى الفقرة (ج) من المادة 18 من
القانون رقم 136 لسنة 1981 - وما يقابلها من نصوص القوانين السابقة - إذ العقد الصورى
لا وجود له قانوناً ولا ينتج أثراً فهو والعدم سواء وبالتالى لا تثبت المخالفة المبررة
للإخلاء بمقتضاها ولا وجه للتحدى بأحقية المؤجر - باعتباره من دائنى المستأجر - متى
كان حسن النية فى التمسك بالعقد الصورى طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 244 من القانون
المدنى إذ لا محل لإعمال هذا النص العام فى مجال أسباب الإخلاء الواردة فى قوانين الأماكن
الاستثنائية على سبيل الحصر والتى تتعلق بالنظام العام لما هو مقرر من أن الحكم الخاص
يقيد العام. هذا بالإضافة إلى أن القول بتوقيع الجزاء بالإخلاء أخذاً بالعقد الصورى
فيه استحداث لسبب جديد للإخلاء لم ينص على القانون. وترتيباً على ذلك فإنه يحق للمستأجر
أن يثبت صورية التصرف الصادر منه للغير ولو كان طرفاً فيه بكافة طرق الإثبات. فإذا
ما نجح فى ذلك كان لا محل للقضاء بالإخلاء ولو كان المؤجر حسن النية لا يعلم بصورية
هذا التصرف ودون اعتبار لتمسكه به فى هذه الحالة. كما أن من المقرر أن كل طلب أو وجه
دفاع يدلى به الخصم ويطلب بطريق الجزم الفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب
عليه تغيير وجه الرأى فى الحكم يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا
اعتبر حكمها خالياً من الأسباب مشوباً بالبطلان وأن مخالفة الثابت بالأوراق التى تبطل
الحكم هى تحريف محكمة الموضع للثابت مادياً ببعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم
حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق
أن الطاعنين قد تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بصورية عقد الإيجار المؤرخ
1/ 11/ 1992 والمحرر بين مورثهم وابنه - الطاعن الثانى - عن تأجيره له حجرة بالشقة
محل النزاع وأنه قصد من تحريره مجرد حصول الأخيرة على ترخيص من الجهة الإدارية لممارسة
مهنته بالعين وطلبوا من المحكمة تمكينهم من إثبات ذلك بإحالة الدعوى إلى التحقيق وإذ
التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع الجوهرى بقالة أن الطاعنين لم يقدموا دليلاً
عليه أو يتمسكوا بوسيلة لإثباته وأن الثابت بالأوراق اتخاذ العين محل النزاع مقراً
للشركة المكونة بين الطاعنين - الأولى والثانى - رغم الطعن بصورية عقد الإيجار المشار
إليه وما يترتب عليه - وطلب الطاعنون بتمكينهم من إثبات ذلك بإحالة الدعوى إلى التحقيق
فإن الحكم يكون - فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق - مشوباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور
فى التسبيب بما يوجب نقضه.