استهلاك فعلي وفق الأسس المبينة بالنص وأن التزامه بقيمة استهلاك
المياه يعتبر من ملحقات الأجرة فيعامل معاملتها وما يترتب على التأخير في الوفاء بها
من آثار ووجوب بيانها في التكليف, ولما كان المشرع قد اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء
شرطًا أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة فإذا خلت منه أو وقع
باطلاً تعين الحكم بعدم قبولها، وكان يشترط أن يبين في التكليف الأجرة المستحقة المطالب
بها وإلا تجاوز ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر شريطة ألا تكون متنازعاً فيها جديًا.
وكان بطلان التكليف يتعلق بالنظام العام وهو بهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام
محكمة النقض طالما كان مبنيًا على سبب قانوني بحت أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على
محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان التكليف بالوفاء السابق على رفع الدعوى لم يتضمن
ما يخص الوحدة التي تشغلها الطاعنات من استهلاك فعلي للمياه وفق الأسس المبينة بالنص
المذكورة إذ لم يتضمن إلا مبلغاً إجمالياً عن المدة المطالب بها وهي عشرة سنوات دون
بيان أساس تلك المطالبة ومصدرها ولا ينال من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اتخذ قيمة
استهلاك المياه عن مدة شهرين أساسًا لاحتساب ما يخص شقة النزاع من قيمة استهلاك المياه
عن المدة المطالب بها ورتب على ذلك صحة التكليف بالوفاء، إذ العبرة باحتساب كمية الاستهلاك
الفعلي للوحدة المؤجرة عن كامل المدة وهي تتغير تبعًا لكمية المياه المستهلكة شهريًا
ومن ثم يكون قد وقع باطلاً حابط الأثر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام
قضاءه بالإخلاء معتداً بهذا التكليف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما
يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ أشرف عبد
الحي القباني "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون
ضدها أقامت على الطاعنات وماري روز يوسف حنا التي تم اختصامها في الطعن - الدعوى رقم
449 لسنة 2005 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائهن من الشقة المبينة
بالصحيفة والتسليم لعدم وفائهن بقيمة استهلاك المياه عن المدة من 1/ 5/ 1994 حتى يونيه
2004 ومقدارها - 3990 جنيه رغم تكليفهن بالوفاء بها. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذي صفة. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
التي قضت في 13/ 2/ 2007 بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء والتسليم. طعنت الطاعنات
في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض
الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن من المقر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز
للخصوم وللنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك
بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع
والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه
من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وكان من المقرر أيضًا
أن قواعد تحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء متعلقة بالنظام العام
وتسري بأثر فوري، وكانت المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد نصت على أنه "لا
يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد
الأسباب الآتية ......(ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة
عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك..... ومعنى الأجرة المستحقة وفق هذه المادة لا يقتصر
على الأجرة المثبتة بالعقد أو تلك المحددة طبقًا لقوانين إيجار الأماكن وإنما يقصد
أيضًا ما جعله القانون فيم حكم الأجرة من ملحقاتها عملاً بالقاعدة العامة المقررة بالمادة
27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تقضي بوجوب أن يتم الوفاء بالأجرة المحددة وما
في حكمها كاملة إلي المؤجر في موعد معين، وإذ نصت المادة 33 من هذا القانون على أن
" تكون قيمة استهلاك المياه على عاتق شاغلي الأماكن...... وفقًا للقواعد الآتية: أ-
قيمة ما تسجله العدادات الفرعية المركبة بوحداتهم أن وجدت...... ب - إذا لم توجد عدادات
فرعية بأية وحدة من وحدات المبنى فتوزع قيمة استهلاك المياه التي يسجلها العداد الرئيسي
على الشاغلين بحسب حجرات كل وحدة إلي عدد حجرات المبنى جمعيه وتحسب الصالة حجرة واحدة
ولو تعددت ...... ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف القواعد سالف الذكر" ونصت المادة 37/
2 من ذات القانون على أنه "ويترتب على التأخير في سداد قيمة استهلاك المياه المستحقة
للمؤجر ما يترتب على التأخير في سداد الأجرة من آثار" مفاد ذلك أن المستأجر لا يلتزم
بقيمة استهلاك المياه المتفق عليها في العقد، وإنما بقيمة ما يخص الوحدة التي يشغلها
من استهلاك فعلي وفق الأسس المبينة بالنص وأن التزامه بقيمة استهلاك المياه يعتبر من
ملحقات الأجرة فيعامل معاملتها وما يترتب على التأخير في الوفاء بها من آثار ووجوب
بيانها في التكليف, ولما كان المشرع قد اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطًا أساسياً
لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في سداد الأجرة فإذا خلت منه أو وقع باطلاً تعين الحكم
بعدم قبولها، وكان يشترط أن يبين في التكليف الأجرة المستحقة المطالب بها وإلا تجاوز
ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر شريطة ألا تكون متنازعاً فيها جديًا. وكان بطلان
التكليف يتعلق بالنظام العام وهو بهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض
طالما كان مبنيًا على سبب قانوني بحت أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على محكمة الموضوع.
لما كان ذلك، وكان التكليف بالوفاء السابق على رفع الدعوى لم يتضمن ما يخص الوحدة التي
تشغلها الطاعنات من استهلاك فعلي للمياه وفق الأسس المبينة بالنص المذكورة إذ لم يتضمن
إلا مبلغاً إجمالياً عن المدة المطالب بها وهي عشرة سنوات دون بيان أساس تلك المطالبة
ومصدرها ولا ينال من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اتخذ قيمة استهلاك المياه عن مدة
شهرين أساسًا لاحتساب ما يخص شقة النزاع من قيمة استهلاك المياه عن المدة المطالب بها
ورتب على ذلك صحة التكليف بالوفاء، إذ العبرة باحتساب كمية الاستهلاك الفعلي للوحدة
المؤجرة عن كامل المدة وهي تتغير تبعًا لكمية المياه المستهلكة شهريًا ومن ثم يكون
قد وقع باطلاً حابط الأثر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بالإخلاء
معتداً بهذا التكليف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا
السبب دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، وكان الحكم المستأنف قد قضى بعدم قبول الدعوى وهي
ذات النتيجة التي تترتب على بطلان التكليف بالوفاء التي خلصت إليها المحكمة ومن ثم
تعين القضاء بتأييده.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومائتي جنيه مقابل
أتعاب المحاماة، حكمت في موضوع الاستئناف رقم 20166 لسنة 122 ق القاهرة برفضه وتأييد
الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.