لما كان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين
واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن الثانى حرر مقالاً نشر بالجريدة التى يعمل محرراً
بها أورد فيه أن المدعى بالحقوق المدنية يعود من عمله ليبدأ هوايته فى لعب القمار مع
أصدقائه وأنه أحرق المسكن الذى تقيم فيه عائلته وتم حبسه لمدة ثمانية أشهر. لما كان
ذلك، وكان المقال سالف الإشارة ينطوى على مساس بكرامة المدعى بالحقوق المدنية ويحط
من قدره واعتباره فى نظر الغير وتتوافر به جريمة القذف كما هى معرفة به فى القانون،
ولا يقدح فى ذلك ما هو مقرر من حق نشر ما يجرى فى المحاكمات الجنائية ذلك بأن الشارع
قد دل بما نص عليه فى المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة
على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التى تصدر علناً، وأن هذه الحصانة لا تمتد
إلى ما جرى فى الجلسات غير العلنية ولا إلى ما يجرى فى الجلسات التى قرر القانون أو
المحكمة الحد من علنيتها، كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق
الابتدائى ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية، لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها
غير الخصوم ووكلائهم - فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ فى شأنها
من ضبط وحبس تفتيش واتهام وإحالة على المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته وتجوز محاسبته
جنائياً عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة. لما كان ذلك، وكانت حرية الصحفى لا تعدو
حرية الفرد العادى ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب فى
جريمة القذف قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذى يتحقق متى نشر القاذف الأمور
المتضمنة للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف فى حقه أو احتقاره،
وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذاف - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة
- شائنة بذاتها، ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك محل للتحدث عن سلامة النية ما دام أن
المقذوف فى حقه ليس من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم
وقررت محكمة النقض في حكمها
من حيث إن البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 5 من يناير سنة 1992 بإدانة
الطاعن الأول بجريمة القذف بطريق النشر بوصفه رئيساً لتحرير جريدة..... لما كان ذلك،
وكان قد صدر من بعد حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ الأول من فبراير سنة 1997
فى الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 قضائية والذى قضى بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة
الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات - التى دين الطاعن الأول بموجبها - والتى تتضمن
معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذى حصل فيه النشر، وجرى نشر هذا
الحكم فى الجريدة الرسمية بتاريخ 13 من فبراير سنة 1997، وكان قضاء المحكمة الدستورية
العليا سالف الإشارة واجب التطبيق عملاً بنص المادة 49 من قانونها الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن الأول
ورفض الدعوى المدنية قبله عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن الثانى ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف بطريق
النشر قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن ما تم نشره كان من
قبيل النقد المباح لكونه صحيحاً مستنداً إلى الثابت فى القضية..... لسنة..... جنايات.....
ولم تعن المحكمة بضمها للتحقق من حسن نيته، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما
مفاده أن الطاعن الثانى حرر مقالاً نشر بالجريدة التى يعمل محرراً بها أورد فيه أن
المدعى بالحقوق المدنية يعود من عمله ليبدأ هوايته فى لعب القمار مع أصدقائه وأنه أحرق
المسكن الذى تقيم فيه عائلته وتم حبسه لمدة ثمانية أشهر. لما كان ذلك، وكان المقال
سالف الإشارة ينطوى على مساس بكرامة المدعى بالحقوق المدنية ويحط من قدره واعتباره
فى نظر الغير وتتوافر به جريمة القذف كما هى معرفة به فى القانون، ولا يقدح فى ذلك
ما هو مقرر من حق نشر ما يجرى فى المحاكمات الجنائية ذلك بأن الشارع قد دل بما نص عليه
فى المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية
العلنية والأحكام التى تصدر علناً، وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما جرى فى الجلسات
غير العلنية ولا إلى ما يجرى فى الجلسات التى قرر القانون أو المحكمة الحد من علنيتها،
كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائى ولا إلى التحقيقات
الأولية أو الإدارية، لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم -
فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ فى شأنها من ضبط وحبس تفتيش
واتهام وإحالة على المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته وتجوز محاسبته جنائياً عما
يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة. لما كان ذلك، وكانت حرية الصحفى لا تعدو حرية الفرد
العادى ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب فى جريمة القذف
قصداً خاصاً بل يكتفى بتوافر القصد العام الذى يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة
للقذف وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف فى حقه أو احتفاره، وهذا العلم
مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - شائنة بذاتها،
ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك محل للتحدث عن سلامة النية ما دام أن المقذوف فى حقه
ليس من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم. لما كان ما تقدم فإن كافة ما ينعاه الطاعن
الثانى على الحكم المطعون فيه يكون فى غير محله ومن ثم يتعين رفض طعنه موضوعاً ومصادرة
الكفاية وإلزامه المصاريف المدنية..