لما كان يبين من استقراء نصوص القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل
أن الشارع لم يؤثم واقعة الحصول على أكثر من جواز سفر أو الإدلاء بأقوال كاذبة أمام
السلطة المختصة أو تقديم أوراق غير صحيحة إليها للحصول على جواز سفر، وكان ما أبداه
المطعون ضده أمام السلطة المختصة من أقوال كاذبة وتقديمه إليها أوراقاً غير صحيحة مع
علمه بذلك لتسهيل حصوله على جواز سفر هو من قبيل الإقرارات الفردية التي تصدر من طرف
واحد وتخضع للتمحيص والتثبت فإن تقرير غير الحقيقة في هذا الإقرار غير معاقب عليه،
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإدانة المطعون ضده عن واقعة غير مؤثمة فإنه يكون قد أخطأ
في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده من التهمة
المنسوبة إليه.
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إبداء
أقوال كاذبة أمام السلطة المختصة وتقديمه إليها أوراقاً غير صحيحة مع علمه بذلك لتسهيل
حصوله على جواز سفر قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن ما صدر من المطعون ضده هو من
قبيل الإقرارات الفردية وتقرير غير الحقيقة فيها غير معاقب عليه. مما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك بأن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده بوصف أنه "أبدى
أمام السلطة المختصة أقوالاً كاذبة وقدم إليها أوراقاً غير صحيحة مع علمه بذلك لتسهيل
حصوله على جواز سفره وتمت الجريمة بناء على ذلك". وطلبت النيابة العامة عقابه بالمادة
12 من القانون رقم 97 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968، ومحكمة أول درجة
قضت غيابياً بحبس المطعون ضده شهراً مع الشغل فعارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً
وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريمه مائة جنيه، فاستأنف ومحكمة
ثاني درجة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء
بتغريمه خمسين جنيهاً، لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1959
المعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1968 تنص على أنه "لا يجوز لمن يتمتعون بجنسية الجمهورية
العربية المتحدة مغادرة أراضي الجمهورية أو العودة إليها إلا إذا كانوا يحملون جوازات
سفر وفقاً لهذا القانون". وعاقبت المادة الرابعة عشرة من القانون ذاته على مخالفة ذلك
بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً أو بإحدى هاتين
العقوبتين، كما تنص المادة الثانية من هذا القانون على أنه "يجوز لوزير الداخلية بقرار
يصدره أن يوجب على من يتمتعون بجنسية الجمهورية العربية المتحدة قبل مغادرتهم الأراضي
الحصول على إذن خاص - تأشيرة - وله أن يبين حالات الإعفاء من الحصول على هذا الإذن
ويحدد في هذا القرار شروط منح الإذن والسلطة التي يرخص لها في منحه ومدة صلاحيته وقيمة
الرسم الذي يحصل عنه بشرط ألا يجاوز مبلغ جنيه واحد أو تسع ليرات سورية". ثم نصت المادة
الثانية عشرة من القانون ذاته على أنه "مع عدم الإحلال بأية عقوبة أشد تنص عليها القوانين
الأخرى يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وبغرامة خمسين جنيهاً أو ما يعادلها من
الليرات السورية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام القرار الصادر بالتطبيق
للمادة الثانية أو أبدى أمام السلطة المختصة أقوالاً كاذبة أو قدم إليها أوراقاً غير
صحيحة مع علمه بذلك لتسهيل حصوله أو حصول غيره على تأشيرة خروج تتيح له مغادرة أراضي
الجمهورية العربية المتحدة". وقد أصدر وزير الداخلية تطبيقاً لنص المادة الثانية من
القانون المشار إليه القرار رقم 191 لسنة 1964 في شأن حصول المواطنين على إذن "تأشيرة"
لمغادرة البلاد ثم أصدر القرار رقم 864 لسنة 1974 بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 186
لسنة 1964 بشأن حصول الأجانب على إذن "تأشيرة" لمغادرة البلاد - والذي عمل به اعتباراً
من 9 من مايو سنة 1974 ونص في المادة الأولى منه على أن "يلغى قرار وزير الداخلية رقم
186 لسنة 1964 وقرار وزير الداخلية رقم 191 المشار إليهما وتكون مغادرة المواطنين والأجانب
للبلاد بدون الحصول على تأشيرة خروج". لما كان ذلك، وكان يبين من استقراء نصوص القانون
رقم 97 لسنة 1959 المعدل أن الشارع لم يؤثم واقعة الحصول على أكثر من جواز سفر أو الإدلاء
بأقوال كاذبة أمام السلطة المختصة أو تقديم أوراق غير صحيحة إليها للحصول على جواز
سفر. وكان ما أبداه المطعون ضده أمام السلطة المختصة من أقوال كاذبة وتقديمه إليها
أوراقاً غير صحيحة مع علمه بذلك لتسهيل حصوله على جواز سفر هو من قبيل الإقرارات الفردية
التي تصدر من طرف واحد وتخضع للتمحيص والتثبت فإن تقرير غير الحقيقة في هذا الإقرار
غير معاقب عليه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإدانة المطعون ضده عن واقعة غير مؤثمة
فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون
ضده من التهمة المنسوبة إليه.