سبق اتهام شخص بمحضر إداري, وقيام مديرية الأمن بقيد الاتهام بسجل
المعلومات الجنائية دون أن تتابع مصير المحضر وتسجيل ما تم فيه سواء بالحفظ أو بتقديمه
للمحاكمة الجنائية والحكم عليه سواء بالبراءة أو الإدانة, وذلك حتى تكون المعلومات
كاملة عن الموضوع, أما أن يذكر الاتهام فقط ويظل قائمًا بالسجل الجنائي, من شأن ذلك
تحول مجرد الاتهام - وقبل الحكم بقولٍ فصل من القضاء المختص في صحة الاتهام من عدمه
- إلى إدانة صاحبه, ويظل لصيقًا به طوال حياته ورهينًا بإرادة الجهة الإدارية إن شاءت
أعملته, وهو ما يخالف القاعدة الأصولية بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته – تطبيق.
وقضت الادارية العليا في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام
الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بطنطا بتاريخ 30/
7/ 1998 وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي
لمديرية أمن المنوفية بعدم محو وشطب التسجيل الجنائي للمدعي، مع ما يترتب على ذلك من
آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال - شرحًا للدعوى - إنه يعمل بمصلحة المساحة ببركة السبع منوفية, وقد تقدم ابنه
مصطفى للالتحاق بمعهد أمناء الشرطة، وبمناسبة عمل التحريات عنه فوجئ المدعي بأنه مقيد
بالسجلات الجنائية، وأنه من أصحاب السوابق والمشتبه فيهم استنادًا إلى سابقة اتهامه
في المحضر رقم 7417 لسنة 1979 جنح شبين الكوم, والذي انتهى فيه قرار النيابة العامة
باستبعاده من الاتهام، ولم تتم إحالته إلى المحاكمة، بالإضافة إلى أن تلك الواقعة قد
مر عليها أكثر من خمسة عشر عامًا وقد أحيلت الدعوى إلى القضاء الإداري بالمنوفية تحت
الرقم المشار إليه.
وبجلسة 4/ 1/ 2000 صدر الحكم المطعون فيه, وأقامت المحكمة قضاءها على أن البادي من
ظاهر الأوراق أن المدعي كان قد اتهم في المحضر المشار إليه بتهمة تحريض على سرقة أسمنت,
وأن نجله تقدم للالتحاق بمعهد أمناء الشرطة إلا أنه قد رفض طلبه استنادًا إلى وجود
معلومات جنائية مسجلة ضد والده، وأنه بالاستعلام من النيابة العامة عن التصرف النهائي
في المحضر المذكور أفادت بأن المحضر دشت بمضي المدة القانونية, وقد امتنعت جهة الإدارة
عن محو قيد تلك المعلومات بمقولة إنه لا يمكن شطبها أو محوها، ومن ثم يتوافر في طلب
وقف تنفيذ القرار ركن الجدية، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما في ذلك من حرمان نجل
المدعي من الدراسة بمعهد أمناء الشرطة، ومن ثم يتعين وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله،
إذ يهدف المطعون ضده من دعواه محو وشطب المعلومات الجنائية المسجلة لدى وزارة الداخلية
وبالتالي فإن صاحب الصفة في الدعوى هو وزير الداخلية وليس محافظ المنوفية، ومن ثم تكون
الدعوى مقامة على غير ذي صفة مما كان يتعين معه على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى
لرفعها على غير ذي صفة, كما أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان قد سبق اتهامه
في القضية رقم 7417/ 1979 جنح مركز شبين الكوم بتهمة التحريض على سرقة أسمنت، وبالتالي
فهي من المعلومات الجنائية المتوافرة لدى الإدارة باعتبار أن تلك قاعدة بيانات لوزارة
الداخلية لا يجوز شطبها أو محوها أو العبث بها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه يتفق
وصحيح القانون, ولا ينال من ذلك أن المحضر تم دشته لمضي المدة، إذ إن هذا التصرف لا
يمكن اعتباره دليلاً على عدم مشروعية القرار المطعون فيه.
وحيث إنه عن الدفع المقدم من الجهة الإدارية الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير
ذي صفة, ولما كان من المقرر أن هيئة قضايا الدولة تنوب عن جهات الإدارة المختلفة فيما
يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، والثابت من
الأوراق أنها قد حضرت أمام محكمة القضاء الإداري، كما حضرت الجلسات المحددة لنظر الطعن،
وقدمت مذكرة بدفاعها ضمنتها بجانب الدفع المشار إليه دفاعها في موضوع الطعن، ومن ثم
فإنها تكون قد مثلت وزارة الداخلية في الدعوى والطعن تمثيلاً صحيحًا، ومن ثم لا يقبل
الدفع المشار إليه.
ولما كان المطعون ضده يهدف من دعواه وقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع مدير أمن المنوفية
عن محو ما ورد بالسجل الجنائي للمطعون ضده من اتهامات، ومن ثم يتوافر القرار الإداري
بأركانه، وإذا كان قد سبق اتهام المطعون ضده بالمحضر رقم 7417/ 1979 جنح مركز شبين
الكوم بتهمة التحريض على سرقة أسمنت، وبناءً على ذلك قامت مديرية أمن المنوفية - وحدة
المباحث - بقيد هذه المعلومات بسجل المعلومات الجنائية دون أن تتابع مصير المحضر المشار
إليه وتسجيل ما تم فيه سواء بالحفظ أو بتقديمه للمحاكمة الجنائية، والحكم عليه سواء
بالبراءة أو بالإدانة. وذلك حتى تكون المعلومات كاملة عن الموضوع, أما أن يذكر الاتهام
فقط ويظل قائماً بالسجل الجنائي، بل إنه قد تم الاستناد إليه حين بحث مدى قبول نجل
المطعون ضده في معهد أمناء الشرطة، ومن ثم تحول مجرد الاتهام - وقبل الحكم بقول فصل
من القضاء المختص في صحة الاتهام من عدمه - إلى إدانة صاحبه دون صدور حكم من القضاء
يظل لصيقًا به طوال حياته ورهينًا بإرادة الجهة الإدارية إن شاءت أعملته, وهو ما يخالف
القاعدة الأصولية بأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته, ولا عبرة في هذا الخصوص بأن المحضر
دشت، فإن إقامة الدليل على ما تم من تصرف في المحضر هو مسئولية جهة الإدارة التي عولت
على ما به من اتهام, كما لا يصح القول بأن هذه العبارات هي قاعدة بيانات لوزارة الداخلية
لا يجوز العبث بها، فما يجب أن يكون في قاعدة البيانات المشار إليها هي الاتهامات المستمدة
من الأحكام النهائية فقط وإلا غدا الاتهام المرسل حكمًا نهائيًا دائمًا غير قابل للمحو
والشطب، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه بالتالي إلى توافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ
القرار المطعون فيه وكذلك ركن الاستعجال فإنه يكون متفقًا وصحيح أحكام القانون ويكون
الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.