وحيث إن هذا النعي بوجهيه في غير محله، ذلك بأن المقرر في قضاء
هذه المحكمة أن التحكيم ليس من قبيل الدعاوى التي هي سلطة مخولة لصاحب الحق في الالتجاء
إلى القضاء للحصول على تقرير حق له أو لحمايته كما أن مشارطة التحكيم لا تعد من قبيل
التصرفات المنشئة أو الكاشفة لحق عيني عقاري أصلي أو من قبيل صحف الدعاوى وإنما هي
مجرد اتفاق على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم ولا يتضمن مطالبة بالحق
أو تكليفًا للخصوم بالحضور أمام هيئة التحكيم وفقًا لأحكام المادتين 15، 17 من القانون
رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري فإذا ما سجلت أو أشر بها فإنه لا يترتب على
ذلك أن الحق المدعي به إذا تقرر بحكم المحاكم وتأشر به أن يكون حجة على من ترتب لهم
حقوق عينية ابتداءً من تاريخ تسجيل مشارطة التحكيم لأن هذا الأثر بتعلق بالدعاوى فقط.
لما كان ما تقدم، وكانت العبرة في صحة حكم التحكيم هى بصدوره وفق إجراءات القانون فبطلان
التحكيم الذي يرجع إلى عدم مشروعية سببه، حين يكون القصد منه التهرب من أحكام القانون
الآمرة بشأن الإجراءات الواجبة الاتباع لإثبات ملكية العقارات أو التصرف فيها، يترتب
عليه انعدام حكم التحكيم المستند إلى مثل هذا الاتفاق، وبالتالى عدم تقيد الدعوى ببطلانه
بالميعاد المقرر في القانون لرفع دعوى بطلان أحكام التحكيم - وإذ التزم الحكم المطعون
فيه هذا النظر فإن النعى عليه بما سلف يكون على غير أساس.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد شيرين
القاضي، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون
ضده الثاني بصفته أقام الدعوى رقم....... لسنة 126ق أمام محكمة استئناف....... بطلب
الحكم ببطلان مشارطة وحكم التحكيم رقم..... لسنة 2005 الصادر بتاريخ من...... سنة 2005
ومحو وشطب إيداعه بقلم كتاب محكمة الزقازيق "مأمورية........" وما تم قيده في سجلات
الشهر العقاري واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار على سند من حكم التحكيم
تضمن شراء الطاعن حصة المطعون ضده الأول في الشقة السابق شراؤه لها بموجب عقد البيع
الابتدائي المؤرخ.... من.... سنة 1997 بالمخالفة للقانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم
الشهر العقاري والقانون رقم 230 لسنة 1996 بشأن تملك غير المصريين للعقارات والأراضي
الفضاء والمادة 53/ 2 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، وإذ لم يرتض المطعون ضده
الثاني بصفته هذا الحكم فقد أقام الدعوى. وبتاريخ..... من..... سنة 2010 قضت المحكمة
بانعدام مشارطة وحكم التحكيم رقم... لسنة 2005 الصادر بتاريخ... من...... سنة 2005
ومحو وشطب إيداعه بقلم كتاب محكمة...... الابتدائية "مأمورية........" وما قد يكون
قد تم قيده في مصلحة الشهر العقاري واعتباره كأن لم يكن.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم
المطعون فيه نقضًا جزئيًا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة - حددت جلسة
لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول
منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن
دعوى بطلان حكم التحكيم ترفع خلال التسعين يومًا التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم
للمحكوم عليه طبقًا لنص المادة 54/ 1 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 إلا أن المطعون
ضده الثاني أقام دعواه استنادًا إلى قواعد قانون المرافعات الملغاة بعد الميعاد القانوني
فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه في غير محله، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحكيم
ليس من قبيل الدعاوى التي هي سلطة مخولة لصاحب الحق في الالتجاء إلى القضاء للحصول
على تقرير حق له أو لحمايته كما أن مشارطة التحكيم لا تعد من قبيل التصرفات المنشئة
أو الكاشفة لحق عيني عقاري أصلي أو من قبيل صحف الدعاوى وإنما هي مجرد اتفاق على عرض
نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم ولا يتضمن مطالبة بالحق أو تكليفًا للخصوم
بالحضور أمام هيئة التحكيم وفقًا لأحكام المادتين 15، 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946
بتنظيم الشهر العقاري فإذا ما سجلت أو أشر بها فإنه لا يترتب على ذلك أن الحق المدعي
به إذا تقرر بحكم المحاكم وتأشر به أن يكون حجة على من ترتب لهم حقوق عينية ابتداءً
من تاريخ تسجيل مشارطة التحكيم لأن هذا الأثر بتعلق بالدعاوى فقط. لما كان ما تقدم،
وكانت العبرة في صحة حكم التحكيم هى بصدوره وفق إجراءات القانون فبطلان التحكيم الذي
يرجع إلى عدم مشروعية سببه، حين يكون القصد منه التهرب من أحكام القانون الآمرة بشأن
الإجراءات الواجبة الاتباع لإثبات ملكية العقارات أو التصرف فيها، يترتب عليه انعدام
حكم التحكيم المستند إلى مثل هذا الاتفاق، وبالتالى عدم تقيد الدعوى ببطلانه بالميعاد
المقرر في القانون لرفع دعوى بطلان أحكام التحكيم - وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا
النظر فإن النعى عليه بما سلف يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون
فيه بمخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول، أن المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان هي
محكمة استئناف........ "مأمورية......." وليس المحكمة التي أصدرت الحكم مما يعيب الحكم
المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان الدفع بعدم الاختصاص المحلي وفقًا
للمادة 108 مرافعات من الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام ويتعين على المتمسك
به إبدائه قبل التكلم في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه، لما كان ما تقدم، وكان الثابت
في الأوراق أن الطاعن لم يبد هذا الدفع قبل التحدث في موضوع الدعوى أمام محكمة الاستئناف،
فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في
تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ قضى ببطلان حكم التحكيم بطلانًا كليًا في حين
أنه كان يتعين إبطال الجزء الخاص بصحة ونفاذ عقد بيع الشقة بطلانً جزئيًا. فالبطلان
الذي شابه ينصب على هذا الجزء فقط بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 53 (1) من القانون
رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم على أنه لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال
الآتية: ( أ )......... (ب)..... (ج)....... (د)........ (هـ)......... (و)........
إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق ومع
ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل
غير الخاضعة له فلا يقع البطلان إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها (2) وتقضي المحكمة التي
تنظر دعوى البطلان من تلقاء ذاتها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام
في جمهورية مصر العربية. مفاده أنه إذا فصل حكم هيئة التحكيم في مسائل خاضعة للتحكيم
وأخرى غير خاضعة له أو إذا تضمن ما يخالف النظام العام في بعض أجزائه أو في شق منه
وأمكن فصل بعضها عن البعض الآخر فإن البطلان لا يقع إلا على أجزاء الحكم المتعلقة بالمسائل
الغير خاضعة لاتفاق التحكيم وتلك التي خالفت النظام العام وحدها دون باقي أجزاء الحكم.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان حكم التحكيم برمته لمخالفته
النظام العام في مصر حين حسم النزاع حول الشقة السكنية محل التحكيم ومد البطلان إلى
باقي أجزاء حكم هيئة التحكيم الأخرى المتعلقة ببراءة ذمة الطاعن وتخارج المطعون ضده
الأول من الشركة رغم إمكان فصلها عن الجزء المقال ببطلانه وهو ما أدى به إلى الخطأ
في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه نقضًا جزئيًا في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ في
تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول - أن العيوب الإجرائية هي وحدها التي تؤدي لبطلان
الحكم أما الخطأ في التقدير فلا يؤدي للبطلان، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل
صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً إنما قصدت
بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفًا واضحًا كاشفا عن المقصود منه كشفًا
وافيًا نافيًا عنه الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم
المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان
الطاعن لم يبين مواطن القصور الذي ينسبه إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في
قضائه، ومن ثم فإن النعي يكون مجهلاً، ومن ثم غير مقبول.