المدعي بصفته محامياً لديه عديد من القضايا التي أقامها أمام محكمة
القضاء الإداري وتنظرها دائرة منازعات الأفراد والهيئات له مصلحة شخصية في إقامة دعوى
إلغاء قرار رئيس الجمهورية بمنح نائب رئيس مجلس الدولة وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى
إذ أنه كان في تاريخ منح الوسام المنوه عنه يرأس الدائرة التي كثيراً ما يختصم المحامي
أمامها رئيس الجمهورية بصفته - فإن له - مصلحة في الطعن في قرار منح الوسام ضماناً
لنقاء قاضيه وتجرده وحيدته - تطبيق
وقررت الادارية العليا في حكمها
في يوم السبت الموافق 4 من إبريل سنة 1981 أودع الأستاذ عبد الحليم
حسن رمضان المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 691
لسنة 27 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد
والهيئات" بجلسة 6 من يناير سنة 1981 في الدعوى رقم 959 لسنة 32 القضائية والقاضي بعدم
قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف.
وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن،
وبقبول طلبات الطاعن المطلوبة بصحيفة دعواه الصادر فيها الحكم المطعون فيه مع إلزام
المطعون ضده المصاريف.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن
شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1982، وتدوول بجلساتها
على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 2 من مايو سنة 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى
المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة أول أكتوبر سنة 1983. ونظرت
المحكمة الطعن بهذه الجلسة، وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1983، وقد
أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، حيث صدر الحكم التالي وأودعت مسودته
المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 6 من يناير سنة 1981، فتقدم الطاعن إلى
هيئة مفوضي الدولة بطلب المعافاة من الرسوم المقيد برقم 96 لسنة 27 ق معافاة بتاريخ
7 من مارس سنة 1981، ثم أقام الطعن الماثل بتاريخ 4 من إبريل سنة 1981.
ولما كان من المستقر قانوناً أن طلب المعافاة من الرسوم يقطع ميعاد رفع الطعن، لذا
يكون الطعن الماثل مقاماً في الميعاد، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية تعين قبوله
شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أن الطاعن كان قد أقام
الدعوى رقم 959 لسنة 32 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد
والهيئات" بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 12/ 3/ 1978. طلب في ختامها الحكم بإلغاء
القرار الصادر بمنح السيد المستشار/ يوسف إبراهيم الشناوي نائب رئيس مجلس الدولة وسام
الاستحقاق من الطبقة الأولى واعتباره كأن لم يكن شاملاً كافة آثاره مع إلزام المدعى
عليه "رئيس الجمهورية" بالمصاريف.
وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 23 من يناير سنة 1978 طلعت الصحف تعلن عن منح وسام الاستحقاق
من الطبقة الأولى لكل من السيد المستشار/ محمد بهجت عتيبة نائب رئيس المحكمة العليا
بمناسبة إحالته للمعاش، والسيد المستشار يوسف إبراهيم الشناوي نائب رئيس مجلس الدولة.
واستطرد أن مناسبة منح السيد المستشار الأول للوسام معتادة ومتعارف عليها، أما منح
السيد المستشار الثاني الوسام وهو في مقعد القضاء، ويتولى الفصل في أقضية السيد رئيس
الجمهورية سواء المقامة منه أو عليه، فهو أمر غير معتاد ولا متعارف عليه، ولم تجربه
شريعة عمل في مصر. ولما كانت المحاماة تغار على القضاء الجالس مثل غيرتها على نفسها
لأنها تتأثر به ويتأثر بها، وكلاهما منبع ومصب للآخر، ولأنه من آحاد المحامين ومن آحاد
المواطنين والمتقاضين يتأثر في نفسه يمنح الوسام لقاضي تعرض عليه في ساحة قضائية كل
يوم عشرات القضايا ضد مانح الوسام ومن ثم يحق له الاعتراض على القرار الصادر بمنح الوسام،
غير مخل بالثقة في حسن نية رئيس الجمهورية أو أمانة القاضي الممنوح براءة الوسام.
وأردف المدعي أن قرار منح الوسام قد خالف القانون وشريعة العرف الواجبة الاحترام فيما
لم تجربه التشريعات الصادرة من السلطة التشريعية.
ورداً على الدعوى، أودعت إدارة قضايا الحكومة حافظة مستندات تضمنت:
( أ ) صورة ضوئية من كتاب السكرتارية الخاصة للسيد رئيس الجمهورية المؤرخ 8/ 9/ 1977
إلى السيد مساعد رئيس الديوان الجمهوري متضمناً الإشارة إلى المذكرة المقدمة بشأن اقتراح
وزير الزراعة بمنح أوسمة لمن أدوا خدمات جليلة في مجال الإصلاح الزراعي.
(ب) صورة ضوئية من الكشف رقم 13 المعد بمعرفة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمبين
به أسماء السادة العاملين المقترح منحهم وسام الجمهورية، وقد ورد اسم السيد المستشار
يوسف إبراهيم الشناوي من بينهم.
(جـ) صورة ضوئية من كتاب السيد/ وزير الزراعة المؤرخ 17/ 10/ 1977 للسيد كبير الأمناء،
وقد ورد بهذا الكتاب أن الوسام ممنوح للسيد المستشار يوسف الشناوي بصفته عضو مجلس إدارة
الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
كما قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها، دفعت فيها أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء
المصلحة والصفة تأسيساً على أن أحكام القضاء الإداري قد اضطردت على أنه يلزم لقبول
دعوى الإلغاء أن يكون للمدعي فيها مصلحة شخصية مباشرة. وذلك بأن يكون المدعي في مركز
قانوني خاص بالنسبة للقرار المطعون فيه من شأنه أن يجعل هذا القرار مؤثراً فيه تأثيراً
مباشراً، وقد نصت الفقرة ( أ ) من المادة (12 من قانون مجلس الدولة) على أن لا تقبل
الطلبات الآتية:
( أ ) الطلبات المقدمة من أشخاص ليس لهم فيها مصلحة شخصية، ويبين من ذلك عدم توافر
المصلحة أو الصفة على رافع الدعوى لأن القرار المطعون فيه لا يمس أي حق من حقوقه أو
مركزاً قانونياً له.
واحتياطياً: برفض الدعوى، حيث إن المدعي قد أسس دعواه على أن الوسام منح للسيد يوسف
الشناوي بصفته القضائية، بينما الحقيقة المستمدة من المستندات المقدمة تهدم هذا الادعاء،
لأن الوسام منح لسيادته بصفته عضواً بمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. ومن
ثم فالقرار المطعون فيه لم يشبه أي من العيوب الموجبة للإلغاء.
وبجلسة 26 من يناير سنة 1981 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصاريف.
وأقامت قضاءها على أساس أن المدعي تنتفي مصلحته في الطعن على القرار المشار إليه، فهو
لا يؤثر في مصلحة شخصية له تأثيراً مباشراً حتى يقبل منه طلب إلغائه.
وأردفت المحكمة في حكمها المطعون فيه أنه لا محاجة في قول المدعي أن تشريعات السلطة
القضائية ومجلس الدولة هي من فروع القانون العام المنظمة لولاية المحاكم وولاية القضاء
والقضاة وبهذه المثابة تعد من تشريعات النظام العام التي يترتب على مخالفتها جزاء البطلان
المطلق الذي يفترض أن لكل مواطن مصلحة في طلبه - لا محاجة في ذلك لأنه فضلاً عن أن
القرار المنعي عليه لا يتعارض مع أي نص من نصوص التشريعات المذكورة، فإن اعتبارها من
تشريعات القانون العام لا يخول أي مواطن الطعن على القرار الصادر بالمخالفة لأحكامها،
ذلك أن القوانين التي يترتب على مخالفتها بطلان القرارات الإدارية هي بحسب الأصل من
تشريعات القانون العام، ومع ذلك لا يقبل الطعن على القرارات الإدارية إلا إذا مست مصلحة
شخصية مباشرة لطالب الإلغاء، ولا يقبل الطلب من أي شخص لمجرد أنه مواطن يهمه إنفاذ
القانون المتعلق بالنظام العام وحماية الصالح العام وإلا أصبحت دعوى الإلغاء من قبيل
دعاوى الحسبة.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على أن الحسبة في شريعة الإسلام التي جعلها
الدستور المصري المصدر الرئيسي للتشريع، لم تشرع دعواها إلا لحماية النظام الاجتماعي
والأخلاقي، أي لحماية النظام العام والآداب العامة بالتعبير القانوني المعاصر. وقد
أقرت معاملات الفقه والقضاء التزام القاضي بالحكم من تلقاء نفسه في كل ما يخالف النظام
العام والآداب العامة. وأردف الطاعن أن أحكام التنظيم القضائي لمجلس الدولة والسلطة
القضائية تعتبر من فروع النظام العام. فإذا نصت المادة 122 من قانون مجلس الدولة الصادر
بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وتقابلها المادة 68 من قانون السلطة القضائية - على تحريم
معاملة عضو مجلس الدولة بأية معاملة استثنائية، فإن هذا النص وهو يتعلق بالنظام العام،
يحرم الحكم على خلافه - ويغدو للطاعن الصفة والمصلحة في الطعن على القرار المطعون فيه.
يضاف إلى ذلك أن الطاعن بصفته محامياً يتعامل مع دائرة منازعات الأفراد والهيئات بمجلس
الدولة - التي يرأسها السيد المستشار يوسف الشناوي - في عديد من قضاياه المقامة على
رئيس الجمهورية مانح الوسام المذكور. ومن ثم فإن للطاعن مصلحة في نقاء قاضيه وتجرده
وحيدته. وقد عاب الحكم المطعون فيه أنه قرر في عبارة مرسلة ومجملة عدم تعارض القرار
المطعون فيه مع أي نص من نصوص التشريعات المنظمة للسلطة القضائية أو مجلس الدولة، دون
أن يبين أسباب توافق القرار المطعون فيه مع حكم المادتين المشار إليهما في دفاع المدعي.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة
1972 تنص على أن "لا تقبل الطلبات الآتية:
( أ ) الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية.
(ب)..........
وقد اضطردت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أنه يجب أن تكون تلك المصلحة شخصية ومباشرة
- إلا أنه في مجال دعاوى الإلغاء وحيث تتصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات المشروعية
والنظام العام فإن القضاء الإداري - يؤازره الفقه - لا يقف في تفسير شرط المصلحة الشخصية
عند ضرورة وجود حق يكون القرار الإداري المطلوب إلغاؤه قد أهدره أو مس به - كما هو
الحال بالنسبة لدعاوى التعويض وسائر الدعاوى الحقوقية - وإنما يتجاوز ذلك بالقدر الذي
يتفق ويسهم في تحقيق مبادئ المشروعية وإرساء مقتضيات النظام العام، بحيث يتسع شرط المصلحة
الشخصية لكل دعوى إلغاء يكون رافعها في حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون
فيه من شأنها أن تجعل هذا القرار مؤثراً في مصلحة جدية له. وجدير بالذكر أن اتساع نطاق
شرط المصلحة الشخصية في دعوى الإلغاء على النحو السابق لا يعني الخلط بينها وبين دعوى
الحسبة، فلا يزال قبول دعوى الإلغاء منوطاً بتوافر شرط المصلحة الشخصية لرافعها.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الدعوى الماثلة، يبين أن المدعي يبرر مصلحته في إقامة
دعواه بأنه بصفته محامياً له عديد من القضايا التي أقامها أمام محكمة القضاء الإداري،
وتنظرها دائرة (منازعات الأفراد والهيئات) التي كان يرأسها السيد المستشار يوسف إبراهيم
الشناوي في تاريخ منحه الوسام المنوه عنه، ويختصم فيها رئيس الجمهورية - بصفته - فإن
له مصلحة في الطعن على قرار منح الوسام ضماناً لنقاء قاضيه وتجرده وحيدته.
ومن حيث إنه في حدود ما تقدم تبدو للمدعي مصلحة شخصية في أن يقيم دعواه الماثلة، مستهدفاً
منع ما قد يكون من شأنه التأثير على حيدة القاضي أو تجرده أو استقلاله، وليطمئن وسائر
المتقاضين إلى سير العدالة على النهج الذي أمر الله به واستقرت عليه كافة النظم والشرائع،
لتستقيم موازين القسط في يد العدالة.
ولا مراء في أن قبول هذه الدعوى، وتمحيصها وتحقيق وقائعها، وإعلان وجه الحق فيها، أدنى
إلى تحقيق مصلحة العدالة ذاتها، وأقرب إلى نفي الريب والظنون والشبهات.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك، يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الدعوى لانتفاء
مصلحة المدعي في رفعها، قد جانبه الصواب، فيتعين القضاء بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إنه لما كان طرفا الخصومة قد أبديا وجهات نظرهما، وقدما دفاعهما في الموضوع
وما يتعلق به من أوراق ومستندات. وكانت الدعوى على هذا النحو مهيأة للفصل في موضوعها،
لذا فإن لهذه المحكمة وقد قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه والقاضي بعدم قبول الدعوى،
وبقبولها، أن تتصدى للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على المستندات المقدمة من الحكومة - في معرض دفاعها في
الدعوى - والتي لم يجحدها المدعي، أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أعدت كشوفاً بمناسبة
الاحتفال بمرور خمسة وعشرين عاماً على صدور أول قانون للإصلاح الزراعي في مصر - بأسماء
العاملين المقترح منحهم أوسمة تقديراً لجهدهم وخدماتهم في مجال الإصلاح الزراعي، وقد
تضمن الكشف رقم 3 أسماء السادة الذين اقترح منحهم وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة،
ومن بينهم السيد المستشار يوسف إبراهيم الشناوي والسيد المستشار علي فؤاد الخادم. وقد
رفعت هذه الكشوف إلى السيد رئيس الجمهورية بتاريخ 3/ 9/ 1977 مشفوعة باقتراح السيد
وزير الزراعة بمنح الأوسمة المقترحة في تلك الكشوف إلى السادة العاملين الحاليين والمحالين
إلى المعاش الواردة أسماؤهم فيها والذين كان لهم جهد مشكور في مجال الإصلاح الزراعي
تقديراً من الدولة لخدماتهم الجليلة في هذا المجال وبمناسبة الاحتفال بمرور خمسة وعشرين
عاماً على صدور أول قانون للإصلاح الزراعي في مصر.
ويبين من كتاب السكرتير الخاص للسيد رئيس الجمهورية رقم 1/ 11/ 77/ 3847، الموجه إلى
السيد مساعد رئيس ديوان رئيس الجمهورية بتاريخ 8/ 9/ 1977 - والمودعة صورته أوراق الطعن
- أن رئيس الجمهورية قد وافق على منح الأوسمة المقترحة إلى مستحقيها وأشر سيادته بأن
"يعطى كل من عمل في هذا المشروع بدءاً من السيد/ سيد مرعي". كما يبين من كتاب وزير
الزراعة المؤرخ 17/ 10/ 1977 - والموجه إلى كبير الأمناء برئاسة الجمهورية، أن الوزير
قد أعاد عرض الموضوع على ديوان الرئاسة في شأن الأوسمة التي منحت للسادة المستشارين
يوسف إبراهيم الشناوي وعلي فؤاد الخادم ومحمد عبد الرسول، موضحاً أن وسام الجمهورية
من الطبقة الثالثة الذي منح لكل منهم، لا يتناسب مع وظائفهم في الدولة ودرجاتهم المالية،
وقد ورد في هذا الكتاب بالنسبة للسيد المستشار يوسف إبراهيم الشناوي أنه عضو بمجلس
إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، ويشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة المعادلة
لوظيفة نائب وزير. وطلب وزير الزراعة في ختام كتابه إعادة العرض على السيد رئيس الجمهورية
للنظر في أن تستبدل بهذه الأوسمة أخرى تتناسب مع درجات السادة المذكورين.
وبناء عليه ووفق على استبدالها ومنح المستشار يوسف إبراهيم الشناوي - والآخرين - وسام
الاستحقاق من الدرجة الأولى.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم بيانه أن الوسام الذي منح للسيد المستشار يوسف إبراهيم
الشناوي، كان منحه له بصفته عضواً بمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وذلك
بمناسبة الاحتفال بمرور خمسة وعشرين عاماً على صدور أول قانون للإصلاح الزراعي في مصر.
ولم يكن منح الأوسمة مقصوراً على سيادته، وإنما تم منحها حسب صريح تأشيرة السيد رئيس
الجمهورية لكل من عمل في مشروع الإصلاح الزراعي بدءاً من الوزير الأسبق للزراعة السيد/
سيد مرعي. وقد شملت الكشوف بأسماء من منحوا الأوسمة عديداً من العاملين في هذا المجال
بوزارة الزراعة والجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي وبعض رؤساء مجالس المدن وغيرهم.
ومتى استبان ذلك غدا واضحاً أن الوسام الذي منح للسيد المستشار يوسف إبراهيم الشناوي
لا علاقة له بوظيفته القضائية، ولا بصفته قاضياً بمحاكم مجلس الدولة، وإنما كان منح
الوسام في مناسبة قومية عامة لصفة أخرى قامت لسيادته وهي عضوية مجلس إدارة الهيئة العامة
للإصلاح الزراعي. وقد شاركه في هذا التكريم الأدبي عديد من العاملين في مجال الإصلاح
الزراعي بما ينفي على وجه اليقين شبهة المعاملة الاستثنائية للسيد المذكور، فضلاً عن
انقطاع العلاقة أو الأثر بالوظيفة القضائية التي كان يتولاها سيادته.
ومن حيث إنه لا محاجة في الادعاء بعدم مشروعية منح الوسام للسيد المذكور بنص المادة
122 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - والمقابلة لنص المادة
68 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 - ذلك أن المادة 122
المشار إليها تنص على أن "تحدد مرتبات أعضاء مجلس الدولة بجميع درجاتهم وفقاً للجدول
الملحق بهذا القانون، ولا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية أو أن يعامل معاملة
استثنائية بأية صورة.
"وتسري فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى كذلك بالمعاشات وبنظامها
الأحكام التي تقرر في شأن الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية".
وقد وردت هذه المادة في الفصل الثامن من الباب الرابع من قانون مجلس الدولة، وهذا الفصل
خاص بمرتبات أعضاء مجلس الدولة ومعاشاتهم. ويتضح بجلاء من سياق عبارة نص المادة المذكورة
أن المعاملة الاستثنائية التي حظرت المادة أن يعامل بها أحد أعضاء مجلس الدولة، إنما
وردت في معرض تحديد المرتبات والمعاشات والبدلات وسائر المزايا المالية الأخرى. وقد
وردت عبارة "أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة" معطوفة على عبارة "ولا يصح أن
يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية". ومن ثم يتخصص مدلولها ومعناها في المجال الذي وردت
فيه أي في مجال المرتبات والمعاشات والمزايا المالية الأخرى.
وبناء عليه فإن القرار الذي يصدر بمنح وسام من أوسمة الدولة لأحد أعضاء مجلس الدولة
في مناسبة قومية عامة. ولصفة قامت به تختلف عن صفته كعضو بمجلس الدولة، ولا علاقة لها
بوظيفته القضائية بمحاكم المجلس - هذا القرار لا تريبه شبهة ولا تعتوره مخالفة قانونية،
فهو قرار صحيح في شريعة القانون.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يبين أن القرار الصادر بمنح السيد المستشار يوسف إبراهيم
الشناوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى بمناسبة الاحتفال بمرور خمسة وعشرين عاماً
على صدور قانون الإصلاح الزراعي في مصر عام 1978، هو قرار صحيح قانوناً لا مطعن عليه.
ومن ثم تكون الدعوى الماثلة في موضوعها حقيقة بالرفض، ويلزم الطاعن بالمصاريف عن الدرجتين
عملاً بحكم المادتين 184، 186 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون
فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.