من المقرر أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته بل تظل
له أهلية التقاضى كاملة، فله أن يقاضى الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصيا،
وإنما لا يكون للأحكام التى تصدر فى هذه الدعاوى أية حجية قبل التفليسة حتى لا يضار
مجموع الدائنين بحكم لم يصدر فى مواجهة وكيلهم.
وقررت محكمة النقض في حكمها
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول دعواه المدنية
لرفعها من غير ذى صفة قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه استند فى قضائه إلى صدور حكم
بإشهار إفلاسه وأن وكيل الدائنين هو صاحب الصفة فى تمثيلهم فى حين أن ذلك الحكم ألغى
استئنافيا فضلاً عن أن الدعوى من الدعاوى المتعلقة بشخصه والتى يجوز إقامتها منه أو
عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن محكمة أول درجة قضت ببراءة المطعون ضده وبرفض الدعوى
المدنية فاستأنف الطاعن وحده بالنسبة لحقوقه المدنية، فقضت محكمة ثانى درجة بإلغاء
الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى المدنية وبعدم قبولها لرفعها من غير ذى صفة،
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته بل تظل
له أهلية التقاضى كاملة، فله أن يقاضى الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصيا،
وإنما لا يكون للأحكام التى تصدر فى هذه الدعاوى أية حجية قبل التفليسة حتى لا يضار
مجموع الدائنين بحكم لم يصدر فى مواجهة وكيلهم، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه
قضى فى منطوقه بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من غير ذى صفة وأورد فى مدوناته بعض
التقريرات القانونية الخاصة بالآثار المترتبة على الحكم بإشهار الإفلاس دون أن يبين
البتة أساس قضائه فإنه يكون معيبا بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها
على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا على الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم والتقرير برأى
فيما يثيره الطاعن بوجه الطعن الأمر الذى يوجب نقضه والإعادة - فى خصوص ما قضى به فى
الدعوى المدنية موضوع الطعن الماثل - وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن، ولا
وجه لما ذهبت إليه النيابة العامة لدى محكمة النقض من انتفاء مصلحة الطاعن من الطعن
استنادا إلى أن قضاء محكمة أول درجة بالبراءة لعدم ثبوت التهمة يستلزم حتما رفض طلب
التعويض، ذلك أن المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز للمدعى بالحقوق المدنية
أن يستأنف الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فى المخالفات والجنح فيما يختص بحقوقه المدنية
وحدها إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذى يحكم فيه القاضى الجزئى نهائيا،
وحق المدعى بالحقوق المدنية فى ذلك هو حق مستقل عن حق كل من النيابة العامة والمتهم،
ومتى رفع استئنافه كان على المحكمة الاستئنافية أن تعرض لبحث عناصر الجريمة من حيث
توافر أركانها وصحة نسبتها إلى المتهم لترتب على ذلك أثاره القانونية غير مقيدة بما
قضت به محكمة أول درجة فى هذا الخصوص، ولا يمنعها من ذلك كون الحكم فى الدعوى الجنائية
قد حاز قوة الأمر المقضى لأن الدعويين - الجنائية والمدنية - وإن كانتا ناشئتين عن
سبب واحد إلا أن الموضوع فى كل منهما يختلف عنه فى الأخرى مما لا يمكن معه التمسك بحجية
الحكم الجنائى وإلا لتعطل حق الاستئناف المقرر للمدعى بالحقوق المدنية ولعطلت وظيفة
محكمة الجنح المستأنفة فى شأنه إذا كان المدعى بالحقوق المدنية هو المستأنف وحده، هذا
إلى أن المحاجة بقوة الأمر المقضى للحكم الجنائى الصادر من المحكمة الجنائية فى موضوع
الدعوى الجنائية لا يكون ـ وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية - إلا لدى المحاكم
المدنية وليس لدى المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى
الجنائية.