لما كانت المادة 189 من قانون العقوبات قد نصت على ما يأتى:
" يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة
آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى فى
الدعاوى المدنية أو الجنائية التى قررت المحاكم سماعها فى جلسة سرية أو فى الدعاوى
المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب أو فى الباب السابع من الكتاب الثالث
من هذا القانون، ولا عقاب على مجرد نشر موضوع الشكوى أو على مجرد نشر الحكم. مع ذلك
ففى الدعوى التى لا يجوز فيها إقامة الدليل على الأمور المدعى بها يعاقب على إعلان
الشكوى أو على نشر الحكم بالعقوبات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من هذه المادة ما
لم يكن نشر الحكم أو الشكوى قد حصل بناء على طلب الشاكى أو بإذنه ". فقد دل الشارع
بذلك أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التى تصدر علنا
وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما يجرى فى الجلسات غير العلانية ولا إلى ما يجرى فى الجلسات
التى قرر القانون أو المحكمة الحد من علانيتها، كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة
ولا تمتد إلى التحقيق الإبتدائى ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها
ليست علانية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما
يقال فيها أو ما يتخذ فى شأنها من ضبط وحبس وتفتيش وإتهام وإحالة على المحاكم فإنما
ينشر ذلك على مسئوليته ويجوز محاكمته جنائيًا عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة.
وقررت محكمة النقض في حكمها
من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن
الثانى فى تهمة القذف بطريق النشر والزمه والطاعن الأول المسئول عن الحقوق المدنية
بالتعويض قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال،
ذلك بأنهما دفعا بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بعد الميعاد المقرر فى المادة الثالثة
من قانون الإجراءات الجنائية لأن إعلانهما بالدعوى تم بعد مضى ثلاثة أشهر من تاريخ
الواقعة إلا أن الحكم رد على الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، كما دفع بانقضاء الدعوى
الجنائية لتنازل المدعى بالحقوق المدنية عن اختصام أحد المتهمين عملاً بالمادة العاشرة
من قانون الإجراءات الجنائية إلا أن المحكمة لم تعمل أثره وقضت فى الدعوى، فضلاً عن
انتفاء مسئولية الجريدة عن النشر طبقًا لنص المادة 189 من قانون العقوبات وقد تمسك
بإباحة النشر وحسن نيته عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات بالإضافة إلى أن صحيفة
الإدعاء المباشر التى أعلنت إليهما قد خلت من أسم المتهم كاملاً، وأخيرًا قضى بإلزام
الطاعنين بالتعويض رغم انتفاء الخطأ، مما يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز
رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله
الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فيها
ومن بينها جريمتى القذف والسب وأنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة شهور من يوم علم المجنى
عليه بالجريمة ومرتكبها، وكان الشارع قد جعل من مضى هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل
إثبات العكس على التنازل، ومن ثم فإن تقديمها خلاله إنما ينفيها ويحفظ لهذا الإجراء
أثره القانونى. لما كان ذلك، ذلك لا يبطل صحيفتها ولا ينفى عنها أنها قد أعلنت فى الميعاد
القانونى لذلك ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بعد
الميعاد المنصوص عليه فى المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية يكون دفعًا ظاهر
البطلان، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأطرحه تأسيسًا على أن الطاعنين
قد أقاما دعواهما وأعلنت صحيفتها خلال الميعاد المذكور، فإن ما يثيراه فى هذا الخصوص
يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الشارع إذ نص فى الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون
الإجراءات الجنائية على أن " لمن قدم الشكوى أو الطلب فى الأحوال المشار إليها وكان
الطاعنان لا يماريان فى أن المدعى بالحق المدنى قد أقام دعواه المباشرة قبلهما خلال
الميعاد المنصوص عليه فى المادة الثالثة سالفة البيان وأعلنت صحيفته إليهم فيه فإن
قضاء محكمة جنح الشرق بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة
التى تولت تحقيقها وإحالتها لمحكمة الجنايات المختصة والتى أصدرت الحكم المطعون فيه،
فإن فى المواد السابقة أن يتنازل عنها فى أى وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم نهائى وتنقضى
الدعوى العمومية بالتنازل ". لم يرسم طريقًا لهذا التنازل فيستوى أن يقرر به الشاكى
كتابة أو شفها كما يستوى أن يكون صريحًا أو ضمنيا ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى
ويفيد فى غير شبهة أنه أعرض عن شكواه، ولما كان تقدير التنازل من المسائل الواقعية
التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التى أسست عليها حصول التنازل
أو عدم حصوله تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
إذ أعتبر أن ما قام به المدعى بالحقوق المدنية من تصحيح شكل الدعوى باختصام الطاعن
الأول باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية لا يعد تنازلاً عن شكواه، فإن ما رد به يكون
صحيحًا ويكون النعى فى خصوصه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى فى قوله:" إن المدعى بالحق المدنى عن نفسه وبصفته وليًا طبيعيًا على ابنته.....
أقام دعوى بالطريق المباشر بصحيفة قال فيها أنه عقيد شرطة........... ومشهود له بالنزاهة
والخلق وأن ابنته...... طالبة بالمرحلة الثانية للثانوية العامة القسم العلمى بمدرسة.............،
وأنه بتاريخ...... نشرت جريدة.......... التى يرأس مجلس إدارتها وتحريرها المدعى عليه
الأول الطاعن الأول على لسان المتهم الثانى - الطاعن الثانى - نقلاً عن المتهم الثالث
- والذى قضى ببراءته - خبرًا يفيد بأن ابنته المذكورة تمارس الغش علنا داخل لجان الامتحان
وذلك على غير الحقيقة إذ أن ابنته من المتفوقات دراسيًا فى كل مراحلها السابقة مما
يكون ما قام به المدعى عليهم يعد سبًا وقذفًا فى حقه وابنته لما فيه من إساءة وتشهير
بهما فى المجتمع الذى يعيشان به وبين أقرانهما وهو ما أثر فى نفسيتهما ونال من شخصيتهما
" ثم إستعرض واقعة الدعوى وخلص إلى القول بأن تهمة القذف فى حق المدعيين بالحقوق المدنية
ثابتة قبل الطاعن الثانى وقضى عليه بالعقوبة والتعويض مع الطاعن الأول بوصفه رئيس لمجلس
الإدارة ورئيسًا لتحرير الجريدة التى حصل فيها النشر، لما كان ذلك، وكانت المادة 189
من قانون العقوبات قد نصت على ما يأتى: " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا
تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من
نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى فى الدعاوى المدنية أو الجنائية التى قررت المحاكم
سماعها فى جلسة سرية أو فى الدعاوى المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها فى هذا الباب أو
فى الباب السابع من الكتاب الثالث من هذا القانون، ولا عقاب على مجرد نشر موضوع الشكوى
أو على مجرد نشر الحكم. مع ذلك ففى الدعوى التى لا يجوز فيها إقامة الدليل على الأمور
المدعى بها يعاقب على إعلان الشكوى أو على نشر الحكم بالعقوبات المنصوص عليها فى الفقرة
الأولى من هذه المادة ما لم يكن نشر الحكم أو الشكوى قد حصل بناء على طلب الشاكى أو
بإذنه ". فقد دل الشارع بذلك أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية
والأحكام التى تصدر علنا وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما يجرى فى الجلسات غير العلانية
ولا إلى ما يجرى فى الجلسات التى قرر القانون أو المحكمة الحد من علانيتها، كما أنها
مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الإبتدائى ولا إلى التحقيقات الأولية
أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علانية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم فمن ينشر وقائع
هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو ما يتخذ فى شأنها من ضبط وحبس وتفتيش وإتهام وإحالة
على المحاكم فإنما ينشر ذلك على مسئوليته ويجوز محاكمته جنائيًا عما يتضمنه النشر من
قذف وسب وإهانة، لما كان ذلك، وكانت العبارة موضوع الاتهام تشتمل على نسبة أمور إلى
المدعيين بالحقوق المدنية تتضمن مساسًا بشرفهما واعتبارهما لو كانت صادقة لأوجبت عقابهما
واحتقارهما عند أهل وطنهما، وكانت حرية الصحفى هى جزء من حرية الفرد العادى ولا يمكن
أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب فى جريمة القذف قصدًا خاصًا بل
يكتفى بتوافر القصد العام الذى يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف، وهو عالم
أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره، وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات
موضوع القذف كما هو الحال فى الدعوى شائنة بذاتها ومقذعة، ومتى تتحقق القصد الجنائى
فى جرائم القذف والسب فلا محل للخوض فى مسألة النية أو صحة وقائع القذف إلا فى صورة
ما يكون الطعن موجها إلى موظف أو من فى حكمه، ففى هذه الصورة إذا أفلح المتهم فى إقناع
المحكمة بسلامة نيته فى الطعن بأن كان يبغى به الدفاع عن مصلحة عامة، وأستطاع مع ذلك
أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، فلا عقاب عليه برغم ثبوت سوء القصد، أما
إذا تبين أن قصده من الطعن إنما هو مجرد التشهير والتجريح فالعقاب واجب ولو كان فى
استطاعته أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، وإذ كان البين من الحكم المطعون
فيه أن الطاعنين لم يفلحا فى إقناع المحكمة بسلامة نيتهما فى الطعن ولم يستطيعا التدليل
على حقيقة الواقعة التى أسندها إلى المجنى عليهما، فإن منعاهما فى هذا الشأن لا يكون
له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور
وميعاده ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بنفسه أو بوكيل عنه، فليس له أن يتمسك
بهذا البطلان، وإنما له طبقًا لما تنعى عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية
أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء اى نقص فيه وإعطائه ميعادًا لتحضير دفاعه قبل البدء
فى سماع الدعوى، ولما كان الطاعنان قد حضرا جلسة المحاكمة الأول بمحام عنه باعتباره
مسئولاً عن الحقوق المدنية والثانى بشخصه ومعه محام دون أن يدفع أيهما ببطلان إجراءات
التكليف بالحضور فلا يقبل منهما أن يتمسكا لأول مرة أمام محكمة النقض ببطلان إجراء
إعلانهما لعدم ذكر أسم أحدهما ثلاثيًا الذى صححه حضورهما جلسة المحاكمة، ومن ثم يكون
منعى الطاعنين فى هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أورده الحكم فى مدوناته
يفيد أن نشر ذلك المقال كان من شأنه خدش شرف المجنى عليه والمساس بإعتباره والحط من
قدره فى أعين الناس لما تضمنه من الطعن فى نزاهته واستقامته، وكان هذا البيان يتضمن
فى ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم
على مقارفه بالتعويض. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا مع
مصادرة الكفالة.