يجب لصحة الاستيقاف أن تتوفر له مظاهر تبرره، فهو يتطلب أن يكون
المتهم قد وضع نفسه موضع الشبهات والريب بما يستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقة أمره.
وإذن فمتى كان الثابت من القرار المطعون فيه أن المتهم قد ارتبك - عندما رأى الضابطين
- ومد يده إلى صديريه وحاول الخروج من المقهى ثم عدل عن ذلك، فليس فى هذا كله ما يدعو
إلى الاشتباه فى أمره واستيقافه، لان ما أتاه لا يتنافى مع طبيعة الأمور. ومن ثم فإن
استيقاف أحد الضابطين له وإمساكه بيدها وفتحها إنما هو القبض الذى لا يستند إلى أساس.
فإذا كانت غرفة الاتهام قد انتهت إلى بطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات،
فإن قرارها بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية يكون صحيحا فى القانون.
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن النيابة العامة تنعى على القرار المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله
إذ انتهى إلى بطلان القبض والتفتيش مع أن التفتيش كان تاليا لقبض مشروع لما بدر من
المطعون ضده بعد استيقافه من مظاهر تسوغ اتخاذ هذا الإجراء، كما أن استيقافه كان له
ما يبرره فقد وضع نفسه موضع الشبهات والريب.
وحيث إن القرار المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى أنه على أثر عودة ضابطى المباحث من
تحقيق حادث جنائى ببندر زفتى وقفا فى الطريق لشراء سجاير وأبصرا بالمتهم يجلس فى مقهى
مقابل لمكان وقوفهما وما أن رآهما حتى بدت عليه مظاهر الارتباك فقد هم بالخروج من المقهى
ثم عدل عن ذلك، ولما ناداه أحد الضابطين وسأله عما به مد يده إلى جيب صديريه وأخرج
شيئا حاول إلقاءه فأمسك الضابط بيده وفتحها فوجد بها لفافة تحتوى على قطعة من الأفيون.
وانتهت غرفة الاتهام إلى التقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على المتهم تأسيسا
على ما قالته من عدم توافر الدلائل التى تبرر اتهام المتهم بجناية إحراز المخدر وعدم
قيام حالة التلبس بالجريمة التى تسوغ القبض والتفتيش - لما كان ذلك وكانت محاولة المطعون
ضده الخروج من المقهى وعدوله عن ذلك لم تر فيهما غرفة الاتهام فى حدود سلطتها التقديرية
ما يدعو إلى الاشتباه فى أمره واستيقافه وهو تقدير سائغ - إذ أن ما أتاه المطعون ضده
لا يتنافى مع طبائع الأمور ولا يتوافر به ما يتطلبه الاستيقاف من مظاهر تبرره فهو فيما
فعل لم يضع نفسه موضع الشبهات والريب بما يستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقة أمره
- ولما كان الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذى لا يستند إلى أساس فى القانون،
فإن ما انتهى إليه القرار المطعون فيه من بطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات
يكون صحيحا فى القانون. ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.