الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها

وقررت محكمة النقض في حكمها

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي السرقة والشروع فيها مع آخر بالتهديد باستعمال سلاح في إحدى وسائل النقل البرية، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في القانون، ذلك بأنه دفع ببطلان اعترافه بتحقيقات النيابة العامة لكونه وليد قبض باطل لحصوله بغير إذن من النيابة العامة وفي غير الأحوال التي تجيز ذلك، إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً ويخالف النظر الصحيح في القانون، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تتحصل في أنه في عصر يوم 5/ 10/ 1987 توجه المتهم..... - الطاعن - صحبة صديقه....... الذي انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة له بوفاته - إلى مدينة السويس مستقلين سيارة الأجرة رقم...... أجرة شرقية وهناك جلسا على مقهى بجوار الجمرك وحال ذاك مرت أمامهما سيارة نصف نقل محملة بالبضائع والأمتعة المستوردة ومتجهة إلى القاهرة عبر الطريق الصحراوي فاتفقا معاً على أن يتبعاها وأن يسرقا ما يتيسر لهما من حمولتها عن طريق قيام المتهم بقيادة السيارة الخاصة بهما بسرعة مساوية لسرعة السيارة النقل المشار إليها وأن يسير بمحازاتها حتى يتمكن صديقه الذي توفي من القفز إلى السيارة النقل وإلقاء ما يمكن إلقاءه من بضائع على الأرض يقوم بعدها المتهم بجمعها ووضعها بسيارتهما، ونفاذاً لهذا المخطط تمكن الصديق الذي توفي من القفز إلى السيارة النقل حال سيرها بالطريق - مقطورة بسيارة أخرى لعطل أصابها - وعندئذ شعر به....... ابن صاحب الأمتعة والذي كان ينام بصندوق السيارة فهدده ذلك الشخص بمطواة وطلب منه إرشاده عن جهاز الفيديو فأشار له إلى إحدى الكراتين حيث قام ذلك الشخص بإلقائها على الأرض، وعند محاولته سرقة بعض الأشياء الأخرى من حمولة السيارة عاجله....... بضربه على رأسه بقطعة من الحديد - عتلة - كانت معه فسقط على الأرض حيث لقي مصرعه، وقد تبين أن الكرتونة التي ألقيت على الأرض تحوي بعض المصاحف والكتب ولا تحوي أية أجهزة، ثم وبعد أن عثر عليه المتهم وقد فارق الحياة قام بنقله بسيارته إلى مشارف بلدته العصلوجى وتركه في السيارة حيث اكتشفت الجريمة. وبعد أن ساق الحكم مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه ومن بينها اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة، وما نقله عن رواية ضابط الواقعة الرائد..... رئيس مباحث مركز الزقازيق، بما مؤداه أنه عقب إبلاغه من رجال الإدارة بقرية العصلوجى بالعثور على جثة متوف، أجرى تحرياته عن الواقعة، فأسفرت عن أن الطاعن والمتوفى تعقبا السيارة رقم..... نقل غربية بعد خروجها من جمرك السويس على النحو الذي ورد بتحصيل الحكم لواقعة الدعوى - عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وما تلاه من إجراءات ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش فمردود عليه بأنه من المقرر قانوناً أنه لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ إزاء المتهم الإجراءات التحفظية المناسبة ويراد بها الإجراءات التي يكون من شأنها أن تحول دون فرار المتهم أو قيامه بإتلاف أو تشويه أدلة الاتهام، وقد تتخذ هذه الإجراءات صورة استيقاف المتهم أو اقتياده إلى مركز الشرطة أو احتجازه وقتاً قليلاً وهذه الإجراءات العارضة والمؤقتة لا تعدو قبضاً وإنما إجراءات تحفظية تفرضها نظرية الضرورة الإجرائية، هذا بالإضافة إلى أن تفتيش المتهم لم يسفر عن شيء، ومن ثم يضحى الدفع بشقيه في غير محله". لما كان ذلك، وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد نصت أولهما على أنه "لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه". كما نصت ثانيتهما على أنه "إذا لم يكن المتهم حاضراً في الأحوال المبينة في المادة السابقة جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ويذكر ذلك في المحضر، وفي غير الأحوال السابقة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة سرقة أو نصب أو تعد شديد أو مقاومة لرجال السلطة العامة بالقوة والعنف، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يتخذ الإجراءات التحفظية المناسبة، وأن يطلب فوراً من النيابة العامة أن تصدر أمراً بالقبض عليه، وفي جميع الأحوال تنفذ أوامر الضبط والإحضار والإجراءات التحفظية بواسطة أحد المحضرين أو بواسطة رجال السلطة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم ليس فيه ما يدل على أن الجريمة شوهدت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ولا يصح الاستناد إلى القول بأن الطاعن كان وقت القبض عليه في حالة من حالات التلبس بجريمة السرقة والشروع فيها المسندتين إليه لمجرد عثور رجال السلطة العامة على جثة شريكه المتهم الآخر، لأن العثور على تلك الجثة، وإن كان ينبئ عن وقوع جريمة من جرائم الأشخاص، إلا أنه لا ينبئ بذاته عن وقوع جريمة من جرائم الأموال. وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان القبض وما تلاه من اعتراف استناداً إلى حق مأمور الضبط القضائي في اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة - على السياق الذي أورده في مدوناته - ولما كانت الفقرة الأولى من نص المادة 41 من الدستور قد نصت على أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل، إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون". وكان مؤدى هذا النص، أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها من الحقوق الطبيعية المقدسة للإنسان من حيث كونه كذلك، يستوي في ذلك أن يكون القيد قبضاً أم تفتيشاً أم حبساً أو منعاً من التنقل أم كان غير ذلك من القيود على حريته الشخصية، لا يجوز إجراؤه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف به قانوناً، أو بإذن من جهة قضائية مختصة. وكان الدستور هو القانون الوضعي الأسمى صاحب الصدارة على ما دونه من تشريعات يجب أن تنزل على أحكامه، فإذا تعارضت هذه مع تلك وجب التزام أحكام الدستور وإهدار ما سواها يستوي في ذلك أن يكون التعارض سابقاً أم لاحقاً على العمل بالدستور، لما هو مقرر من أنه لا يجوز لسلطة أدنى في مدراج التشريع أن تلغي أو تعدل أو تخالف تشريعاً صادراً من سلطة أعلى فإذا فعلت السلطة الأدنى ذلك، تعين على المحكمة أن تلتزم تطبيق التشريع صاحب السمو والصدارة ألا وهو الدستور وإهدار ما عداه من أحكام متعارضة معه أو مخالفة له إذ تعتبر منسوخة بقوة الدستور ذاته. لما كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور قاطع الدلالة في أنه في غير أحوال التلبس لا يجوز وضع أي قيد على الحرية الشخصية إلا بإذن من القاضي المختص أو من النيابة العامة، ولا يغير من ذلك عبارة "وذلك وفقاً لأحكام القانون" التي وردت في نهاية تلك الفقرة بعد إيرادها الضمان المشار إليه، إذ أنها تشير إلى الإحالة إلى القانون العادي في تحديد الأحوال التي يجوز فيها صدور الأمر من قاضي التحقيق والأحوال التي يجوز فيها صدوره من النيابة العامة طبقاً لنص المادتين 64، 199 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق، وكان ما ورد من نص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 من إجازته لمأمور الضبط القضائي - في غير أحوال التلبس - بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر - اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة إذا وجدت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة من الجنح المحددة حصراً في هذه الفقرة، فإن تلك الإجراءات لا يجوز أن تستطيل إلى ما يعتبر قيداً على الحرية الشخصية وفقاً لصريح نص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر في مدوناته ماهية الإجراءات التي اتخذت قبل الطاعن، وهل وصلت إلى حد القيد على حريته الشخصية المحظور إجراؤه إلا بالقيود الواردة في النص الدستوري آنف الذكر فتكون باطلة، أم أنها لم ترق إلى ذلك ولم تصل إلى حد القيود الواردة به فتكون صحيحة إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية، كما لم يستظهر أن الاعتراف ذاك منبت الصلة بالإجراء المقول ببطلانه، فإنه يكون قد تردى في حومة القصور في التسبيب وران عليه الغموض والإبهام في مقام الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعن لأنه جاء وليد قبض باطل، ويعجز من ثم محكمة النقض عن إعمال رقابتها للحكم من حيث صحة تطبيق القانون على الوقائع كما صار إثباتها فيه وهو ما يعيب الحكم ويبطله، ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى - إذ أن الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو ما كانت تقضي به لو أنها تفطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.