لا أنه من المقرر أيضا أن التزوير فى المحررات اذا كان ظاهرا
بحيث لا يمكن أن يخدع به أحد فلا عقاب عليه. واذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن
المحكمة بعد أن أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بادلة الثبوت فيها، خلصت فى حدود سلطتها
التقديرية - وفى منطق سائغ وتدليل مقبول - الى أن التزوير الحاصل فى الرخصة هو
تزوير مفضوح لما استبان لها من الاطلاع عليها ولما قرره الشاهد..
وقررت محكمة النقض في حكمها
ومن حيث ان الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمتى
التزوير فى محرر رسمى واستعماله قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال
كما أخطأ فى الاسناد، ذلك بأنه استند فى القول بافتضاح التزوير على ما لا ينتجه اذ
أن رئيس قسم المرور لم يستوثق من حصول التزوير الا بعد مطالعة الملف الخاص بالسيارة،
وعدم اعتماد بيانات الصحيفة رقم 5 بالرخصة من الموظف المختص وعدم بصمها بخاتم قسم المرور
لا يؤدى الى القول بافتضاح التزوير، كما أن أقوال الملازم أول...... بأن التزوير واضح
أنما ينصرف الى التزوير الحاصل بالصحيفة رقم 3 من الرخصة دون التزوير الحاصل بالصحيفة
رقم 5 منها، هذا الى ما أسنده الحكم الى الشاهد...... من قول بأنه لو اطلع على بيانات
الصحيفة رقم 5 من الرخصة ما كانت لتجوز عليه ولاكتشف تزويرها بخلاف الثابت بالأوراق
لأن الشاهد المذكور قرر أنه لو اطلع على بيانات تلك الصحيفة لانطلى عليه ما بها من
تزوير. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى كما صورها الاتهام أقام قضاءه
ببراءة المطعون ضده على قوله:..... التزوير الواقع بالرخصة موضوع الاتهام والمنسوب
احداثه الى المتهم..... حسبما تبين للمحكمة بعد اطلاعها على الرخصة المشار اليها. هو
تغيير بيانات الصحيفة رقم 3 من تلك الرخصة بخط مغاير للخط المحرر به تلك البيانات بالمداد
الجاف أسود اللون يختلف عن المداد المحرر به أصلا، وذلك بجعل تاريخ انتهاء الترخيص
5/ 6/ 1976 ثم التوقيع أسفل ذلك بتوقيع نسب الى الموظف المختص بكتابة تلك البيانات،
كما غيرت بيانات الصحيفة رقم 5 من تلك الرخصة بنقل بيانات الصحيفة رقم 3 اليها دون
اعتماد لهذه البيانات ببصمها بخاتم قسم المرور أو توقيع الموظف المختص، الامر الذى
يبين منه بجلاء أن هذا التزوير الواقع بالرخصة موضوع الاتهام كان من الوضوح بمكان وليس
من المتعذر على الشخص العادى وامكانه كشفه مما يعد معه تزويرا مفضوحا يخرج عن دائرة
التأثيم" ثم خلص الحكم من ذلك الى قوله:
"وحيث أنه وترتيبا على ما تقدم يتضح للمحكمة بجلاء أن التزوير الحادث بالرخصة موضوع
الاتهام هو تزوير مفضوح لا يخيل على الشخص العادى والكافة ومن ثم يخرج عن نطاق التأثيم
وتضحى الأوراق ولا جريمة فيها مما يتعين معه القضاء ببراءة...... عما أسند اليه......".
لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أنه لا يلزم فى التزوير المعاقب عليه أن يكون متقنا
بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوى أن - يكون واضحا لا يستلزم جهدا فى كشفه أو متقنا
يتعذر على الغير أن يكشفه مادام أن تغيير الحقيقة فى الحالين يجوز أن ينخدع به بعض
الناس. الا أنه من المقرر أيضا أن التزوير فى المحررات اذا كان ظاهرا بحيث لا يمكن
أن يخدع به أحد فلا عقاب عليه. واذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد
أن أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بادلة الثبوت فيها، خلصت فى حدود سلطتها التقديرية -
وفى منطق سائغ وتدليل مقبول - الى أن التزوير الحاصل فى الرخصة هو تزوير مفضوح لما
استبان لها من الاطلاع عليها ولما قرره الشاهد..... من أنه لو اطلع على الرخصة لما
قلها بحالتها وما شهد به الملازم أول..... من أن - التزوير كان واضحا جدا ولو قدمت
الرخصة الى أى رجل مرور لاكتشف تزويرها وهى أسباب من شأنها أن تؤدى فى مجموعها الى
ما رتبه الحكم عليها من القول بافتضاح التزوير، ومن ثم فان ما تخوض فيه الطاعنة من
مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - فى حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة
الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها اليها مما لا يقبل اثارته أمام محكمة
النقض. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة فى شأن عدم استيثاق رئيس قسم المرور من
التزوير الحاصل فى الرخصة الا بعد الرجوع الى الملف الخاص بالسيارة، مردودا بأنه من
المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على احد أدلة الاتهام مادام قد اشتمل على
ما يفيد أن المحكمة فطنت اليه، وفى أغفال الرد على ذلك الدليل ما يفيد ضمنا أنها أطرحته
ولم تر فيه ما تطمئن معه الى ادانة المتهم. لما كان ذلك وكان ما تعيبه الطاعنة على
الحكم أنه اسند الى الشاهد..... قوله أنه لو اطلع على بيانات الصحيفة رقم 5 من الرخصة
ما كانت لتجوز عليه ولكشف تزويرها بمقولة أن - أقوال هذا الشاهد وأيضا أقوال الشاهد
الآخر..... بوضوح التزوير انما انصبت على بيانات الصحيفة رقم 3 دون تلك المدونة بالصحيفة
رقم 5 من الرخصة فانه مردود بما هو مقرر أن الخطأ فى الاسناد الذى يعيب الحكم هو الذى
يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة دون غيره من الاجزاء الخارجة عن سياق هذا
الاقتناع. ولما كانت الطاعنة تسلم فى أسباب طعنها بأن أقوال الشاهدين قد تضمنت الواقعة
الجوهرية التى عول عليها الحكم واتخذها سندا لقضائه وهى وضوح التزوير الحاصل فى احدى
صفحات الرخصة، وكانت الرخصة ما هى الا محرر متكامل والتزوير الحاصل فى أحدى صفحاتها
بطريقة مفضوحة لا يؤدى الى انخداع الناس بها مما لا يصح اعتباره تزويرا مستوجبا للعقاب،
فانه لا يعيب الحكم - بفرض صحة ما تقوله الطاعنة - أن تكون رواية الشاهدين قد خلت من
بعض تفصيلات لم يكن لها أثر فى منطق الحكم أو فى النتيجة التى انتهى اليها. لما كان
ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.