الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

لما كانت الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت على أنه "ويكون للنيابة العامة - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة - سلطات قاضي التحقيق في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا". كما نصت المادة الثالثة من القانون ذاته على أن "تختص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرر والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات". أيضاً فقد نصت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر". ومفاد النصوص المتقدمة أن القانون خول للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق - في أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة - موضوع الدعوى الجنائية الماثلة.

وقررت محكمة النقض في حكمها

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة، قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال وبني على إجراءات باطلة وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم قد خلا من استظهار أركان جريمة الرشوة. فلم يحدد الركن المادي في الجريمة ولم يتحدث عن اختصاص الطاعن مع خلو الأوراق من توافر القصد الجنائي في حقه، كما عول في قضائه بالإدانة على اعتراف الطاعن وما جاء بالتسجيلات دون إيراد مضمون ومؤدى الدليل المستمد من كل منهما، مع أن ما حصله الحكم من أقوال الطاعن لا يمثل اعترافاً بالجريمة المسندة إليه، وأغفل الحكم بيان السبب الذي أبداه الطاعن لتقاضي المبلغ، هذا إلى أنه ليس مختصاً وظيفياً بأداء العمل المطلوب والذي يدعي المجني عليه أن جريمة الرشوة وقعت للقيام به، كما أورد الحكم أن الاتفاق على الإعلان قد تم بين الطاعن والمجني عليه وأن قيمة الإعلان مبلغ 4860 جنيهاً بما ليس له أصل بالأوراق. كما عول الحكم على أقوال شاهدي الإثبات بتحقيقات النيابة رغم تمسك الطاعن ببطلان الشهادة لإدلاء كل من الشاهدين بها في حضور الآخر أيضاً فقد دفع الطاعن بانتفاء الجريمة باعتبار أن ما تقاضاه يعد عمولة عن عمل ليس مختصاً بأدائه وهو أمر مشروع لا يؤثمه القانون، وقدم مؤلفاً علمياً يؤيد ذلك إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ به إطراحه، كذلك دفع الطاعن ببطلان إذن التسجيل لصدوره عن وكيل النيابة وليس عن القاضي الجزئي ولابتنائه على تحريات غير جدية، إلا أن الحكم رد على ذلك بما لا يكفي ولا يصلح رداً. كما أن المحكمة أعرضت عن سماع شهود الإثبات وعولت على أقوالهم بالتحقيقات ولم تعرض لما أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة وما عابه على أقوال المجني عليها بالتسجيلات حيث حفزت الطاعن على تقاضي مبلغ المال هذا إلى أن المحكمة لم تعمل التكييف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى والتي تمثل إن صحت نسبتها إلى الطاعن - واقعة نصب غير مؤثمة إذ لم يستعمل مقارفها طرقاً احتيالية، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله: "بمناسبة عودة مصر إلى عضوية الجامعة العربية ورغبة طوائف الحكم المحلي في إظهار البهجة والتأييد والتهاني لرئيس الجمهورية بهذه المناسبة وتنفيذاً لتوجيهات قيادات الحكم المحلي بطنطا إلى الوحدات المحلية التابعة لها، فقد قام المتهم..... بصفته مديراً للعلاقات العامة بالوحدة المحلية لمركز ومدينة..... بتعليمات من رؤسائه بالاتصال بالمجني عليه..... مديراً لمكتب..... بطنطا ومسئول الإعلانات بالغربية واتفق معه على نشر إعلان تهاني بجريدة..... على مساحة 4/ 1 صفحة باسم الوحدة المحلية لمركز ومدنية..... والوحدات التابعة لها على حسابها، وتنفيذاً لهذا الاتفاق فقد تم النشر بتاريخ..... بالعدد رقم..... بالصفحة..... من جريدة.... وكان ذلك بتكاليف قدرها 4860 جنيهاً وعقب إتمام وتحديد المبلغ المستحق على الوحدات المحلية بدأ المجني عليه الاتصال بالمتهم لإنهاء إجراءات سداد المبلغ المستحق لجريدة..... إلا أن الأخير بدأ يماطل في السداد بحجة تحصيل المبالغ من الوحدات المحلية التابعة لمركز مدينة...، ومن خلال اتصال تليفوني بينهما في يوم 5/ 8/ 1991 كشف المتهم عن قصده من المماطلة والتسويف وطلب مبلغ أربعمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل قيامه بتسهيل إنهاء إجراءات صرف قيمة نشر التهاني وأنه اعتاد الحصول على مثل هذه المبالغ من الصحف الأخرى وبعد المساومة بينهما اكتفى المتهم بقبول مبلغ مائتي جنيه في سبيل تنفيذ ما اتفق عليه في تسهيل إنهاء إجراءات صرف المبالغ المستحقة وعقب هذا الاتفاق توجه المجني عليه إلى مقر الرقابة الإدارية بطنطا وأبلغها بما صدر من المتهم وعلى أثر هذا البلاغ قامت الرقابة الإدارية ممثلة في عضوها.... في إجراءات التحريات اللازمة والتي أسفرت عن صحة الواقعة وجدية البلاغ المقدم من المجني عليه وبناء على هذه التحريات فقد أذنت النيابة بعد أن تأكدت من جدية التحريات بأمر مسبب بتاريخ 28/ 8/ 1989 الساعة 40/ 11 ص ولمدة أسبوع بإجراء تسجيل المحادثات التي تتم فيما بين المجني عليه والمتهم وضبط الأخير أثناء تسلمه مبلغ الرشوة المطلوب، ومن خلال الاتصالات التي كانت تتم فيما بين المجني عليه والمتهم وبين المجني عليه وعضو الرقابة الإدارية مجرى التحريات فقد تم الاتفاق على حضور المتهم إلى مكتب المجني عليه بعمارة القصراوي بميدان الساعة بطنطا في يوم 31/ 8/ 1989 لتسلم مبلغ الرشوة المتفق عليه وبناء على ذلك فقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل هذا اللقاء صوتاً وصورة وفي الموعد المحدد حضر المتهم وتقابل مع المجني عليه تحت بصر وسمع عضو الرقابة الإدارية دار الحديث بينهما حول كيفية سداد قيمة فاتورة نشر التهاني مع وصول المبلغ التي يحصل عليه المتهم لقاء إنهاء هذه الإجراءات زاعماً بإمكان إحضار الشيكات المحتوية على المبالغ المستحقة للجريدة لقاء المبلغ المتفق عليه وفي نهاية الحديث قام المجني عليه بتسليم المتهم مبلغ مائتي جنيه على موعد حضور المتهم ومعه الشيكات المحتوية على المبالغ المستحقة للجريدة، وعلى أثر ذلك دلف عضو الرقابة..... و..... إلى داخل الغرفة التي كان بها المجني عليه والمتهم وتم ضبط مبلغ مائتي جنيه كانت مع المتهم الذي اعترف تفصيلاً في تحقيقات النيابة باستلامه هذا المبلغ من المجني عليه باعتباره عمولة" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وعضوي الرقابة الإدارية ومضمون شريط تسجيل اللقاء بين المتهم والمجني عليه الذي أجرى بمعرفة الرقابة الإدارية واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة. لما كان ذلك، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب وأخذ مبلغ مائتي جنيه من المجني عليه لتسهيل تقاضي جريدة...... لمستحقاتها عن الإعلان المنشور بها لصالح الوحدة المحلية لمركز ومدنية..... التي يعمل الطاعن مديراً للعلاقات العامة بها، وكانت جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجُعل أو أخذه أو قبوله وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أنه - وخلافاً لما يذهب إليه الطاعن بأسباب الطعن - قد أورد مضمون اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة والتسجيلات التي عول عليها في قضائه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص الاعتراف كاملاً أو التسجيلات بكل فحواها، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف، فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها، بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة، وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، ومن ثم فإن لا حجة لما يثيره الطاعن على الحكم إغفاله بيان السبب الذي أبداه لتقاضيه مبلغ الرشوة عند تحصيله لاعترافه. لما كان ذلك، وكان المستفاد من الجمع بين نصي المادتين 103، 103 مكرراً المعدلة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 من قانون العقوبات في ظاهر لفظهما وواضح عبارتهما أن جريمة الرشوة تتحقق في جانب الموظف أو من حكمه متى طلب أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان حقاً، كما تتحقق الجريمة أيضاً في شأنه ولو خرج العمل عن دائرة وظيفته بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال الوظيفة أو يزعم ذلك كذباً، مما دلالته أن الشارع سوى في نطاق جريمة الرشوة بما استنه في نصوصه التي استحدثها بين ارتشاء الموظف وبين احتياله - باستغلال الثقة التي تفرضها الوظيفة فيه وذلك عن طريق الاتجار فيها، وأن الشارع قدر أن الموظف لا يقل استحقاقاً للعقاب حين يتجر في أعمال الوظيفة على أساس من الوهم عنه حين يتجر فيها على أساس من الواقع وبصرف النظر عن اعتقاد المجني عليه فيما زعم الموظف أو اعتقد إذ هو حينئذ يجمع بين إثمين هما الاحتيال والارتشاء، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على صدور الزعم بالاختصاص من جانب الطاعن فيما أثبته في حقه من أنه أدعى للمجني عليه اختصاصه بإنهاء إجراءات صرف قيمة الإعلان السابق نشره لحساب الوحدة المحلية لمركز ومدينة.... والمستحقة لجريدة..... وذلك مقابل تقاضيه مائتي جنيه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم إلا إذا تناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، ومن ثم فإنه لا ينال من سلامة الحكم أن يكون أورد أن اتفاق نشر الإعلان بجريدة..... قد تم بين المجني عليه والطاعن أو أن قيمة الإعلان مبلغ 4860 جنيهاً في حين أن الثابت أن الاتفاق على النشر قد تم بين المجني عليه والوحدة المحلية وأن المبلغ الذي طلب للإعلان هو 5400 جنيه، إذ يستوي في هذا المقام أن يكون الاتفاق بين المجلس المحلي أن الطاعن وبين المجني عليه أياً كانت قيمته المتفق عليها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المادة 112 من قانون الإجراءات الجنائية وإن نصت على أن يسمع القاضي كل شاهد على إنفراد، وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم، فإنها لم ترتب على مخالفة هذه الإجراءات بطلاناً، وكان ما في الأمر أن للمحكمة تقدير شهادة الشاهد المؤداة في هذه الظروف، ولما كان الدفع ببطلان هذا الشهادة مطروحاً على المحكمة، وقد خلصت بأسباب سائغة إلى الأخذ بالشهادة ورأت فيها دليلاً يؤيد اقتناعها بثبوت الواقعة في حق الطاعن، فإن منعاه بدعوى البطلان لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على انتفاء الجريمة وأن المبلغ الذي تقاضاه عمولة متعارف عليها وأطرحه في قوله: "متى كان المبلغ موضوع الرشوة سبق أن طلبه المتهم من المبلغ قد حصل عليه تنفيذاً للاتفاق الذي تم بينهما مقابل تسهيل إجراءات صرف مستحقات جريدة..... لدى الوحدة المحلية بمركز ومدينة..... بما يتحقق به فعل الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي في جريمة الرشوة كما هي معرفة قانوناً كما أن القانون المصري لا يعرف نظام العمولة الذي يحصل عليه الموظف لقاء عمل من أعمال وظيفته يقوم به واعتبر أية فائدة يحصل عليها الموظف لقاء عمل من أعمال وظيفته ولو زعما رشوة مؤثمة قانوناً" وهو رد من الحكم يسوغ به إطراح دفاع الطاعن، ويكون ما يثيره في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لصدوره عن وكيل النيابة وليس عن القاضي الجزئي وأطرحه في قوله: "أن الدفع مردود بما هو مقرر في المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية من حق قاضي التحقيق بالأمر بإجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص، وقد خولت الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيقات الجنايات التي تختص بها محاكم أمن الدولة العليا ومنها جرائم الرشوة الواردة في المادة 3 من القانون سالف الذكر، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأمر بالتسجيل كما هو واضح من صريح نص المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية قاصر على الأحاديث التي تتم في مكان خاص وأن التسجيل الذي جرى مع المتهم كان في مكتب جريدة..... بطنطا وهو مكان عام يجوز إجراء تسجيل ما يدور فيه من أحاديث دون إذن مسبق من قاضي التحقيق". لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 7 من القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة قد نصت على أنه "ويكون للنيابة العامة - بالإضافة الاختصاصات المقررة لها - سلطات قاضي التحقيق في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا". كما نصت المادة الثالثة من القانون ذاته على أن "تختص محكمة أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرر والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات". أيضاً فقد نصت المادة 95 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود لدى مكاتب البريد وجميع البرقيات لدى مكاتب البرق وأن يأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر". ومفاد النصوص المتقدمة أن القانون خول للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق - في أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات في الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا ومنها جناية الرشوة - موضوع الدعوى الجنائية الماثلة - لما كان ذلك، فإن ما رد به الحكم وأطرح به الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل لصدوره عن وكيل النيابة يكون قد أصاب صحيح القانون، وكان لا يقدح في سلامة الحكم ما استطرد إليه من اعتبار مكتب جريدة..... بطنطا من الأماكن العامة، ذلك أنه لا يعيب الحكم تزيده فيما لم يكن بحاجة إليه ما دام أنه أقام قضاءه على أسباب صحيحة كافية بذاتها. لما كان ذلك، وكان مؤدى دفاع الطاعن هو النعي بعدم جدية التحريات التي صدر بمقتضاها إذن النيابة العامة بإجراء التسجيل، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتسجيل هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التسجيل وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتسجيل وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع فيها الشهود متى كان سماعهم ممكناً، إلا أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقرار بقانون رقم 113 لسنة 1957 - تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك يستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد تنازل عن سماع الشهود مكتفياً بتلاوة أقوالهم في التحقيقات، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً لما كان ذلك، وكان نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل جزئية يثيرها، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، ومن ثم فإن النعي على الحكم إعراضه عما أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة وما أثاره من تعييب لأقوال المجني عليه يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.