تتطلب جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش - كما هي معرفة
في الفقرة الثالثة من المادة 339 من قانون العقوبات - حصول الاعتياد على الإقراض بفاحش
الربا، وهو وصف يقوم بنفس المقرض ويدل عليه تعدد القروض المستقلة ولو لشخص واحد متى
زادت الفائدة المشترطة في كل قرض على الحد الأقصى للفائدة التي يجوز قانوناً الاتفاق
عليها وما يلابس الفعل المادي المستفاد من تعدد الإقراض من قصد جنائي لا يحتاج في تقريره
إلى بيان وهو العلم بماهية الفعل المخالف للقانون
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاعتياد على الإقراض
بالربا الفاحش قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه
مع أن الحكم الأخير خلا من تحديد تاريخ الواقعة وهو بيان جوهري لازم لمعرفة ما إذا
كانت الجريمة قد سقطت بمضي المدة أولاً، كما خلا من بيان مقدار الفائدة الربوية التي
حصل الاتفاق عليها ومقدار ما استولى عليه الطاعن منها، ولم يعرض الحكم المطعون فيه
بالرد لما أثاره المدافع عن الطاعن في مذكرته في شأن إغفال تاريخ التهمة وتجريح الشهود
مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أثبت بياناً لواقعة الدعوى
ما محصله أن الطاعن أقرض من يدعى "محمود إبراهيم الشرقاوي" ثلاثة قروض بموجب ثلاثة
سندات إذ أنه حرر أولها في 21/ 4/ 1962 بمبلغ 125 جنيه في حين أن المبلغ الذي أقرضه
إياه 62.5 جنيه وثانيها في 12/ 7/ 1962 بمبلغ 7.5 جنيه في حين أنه لم يقترض سوى ستة
جنيهات والثالث في 2/ 8/ 1962 بمبلغ مائتين وعشرين جنيهاً مع أن مبلغ القرض في حقيقته
مائة جنيه، وكانت الديون واجبة الأداء عند الطلب، ولذلك استصدر الطاعن في 17/ 10/ 1963
أمر الأداء رقم 1427 سنة 1963 منوف بإلزام المجني عليه بأن يوفي له مبلغ 352 جنيه و500
مليم قيمة الديون المحررة بالسندات الثلاثة كما أقرض شخصاً آخر في تلك الفترة الزمنية
ثلاثة وعشرين جنيهاً واستكتبه سنداً إذنياً بمبلغ خمسين جنيهاً وقع عليه المجني عليه
سالف الذكر بصفته ضامناً فيكون مجموع الديون في حقيقته 193 جنيه فقط، مع أن ما أثبته
الطاعن منها واستأداه مبلغ 402 جنيه و500 مليم بما يجوز حتماً الفائدة القانونية التي
يجوز الاتفاق عليها بحسب نص المادة 227 من القانون المدني أياً كانت تواريخ الأداء
بالنسبة إلى تواريخ القروض. ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة،
وانتهى من تقريره واستدلاله إلى أن "الركن المادي في جريمة الاعتياد على الإقراض بفوائد
ربوية زائدة على الحد الأقصى الممكن قانوناً تتحقق بمجرد الإقراض مقابل تلك الفوائد
الربوية. ولا يشترط لتوفر هذا الركن أن يستولي المقرض فعلاً على الفائدة المذكورة.
كذلك فإنه يكفي لتوفر ركن الاعتياد في جريمة الإقراض بالربا الفاحش حصول قرضين ربويين
مستقلين أي لشخصين اثنين أو لشخص واحد في وقتين مختلفين، وهو ما حدث فعلاً في هذه الدعوى".
وهذا الذي ذكره الحكم كاف في الواقع صحيح في القانون. لما كان ذلك، وكان القانون لم
يرسم في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لتحرير الأحكام شكلاً خاصاً ينبني
البطلان على مخالفته وكان ما أثبته الحكم في مساقه واستدلاله واضح الدلالة بينها على
توافر أركان جريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش كما هي معرفة في الفقرة الثالثة
من المادة 339 من قانون العقوبات بما تتطلبه من حصول الاعتياد على الإقراض بفاحش الربا
وهو وصف يقوم بنفس المقرض ويدل عليه تعدد القروض المستقلة ولو لشخص واحد، متى زادت
الفائدة المشترطة في كل قرض على الحد الأقصى للفائدة التي يجوز قانوناً الاتفاق عليها
وما يلابس الفعل المادي المستفاد من تعدد الإقراض من قصد جنائي لا يحتاج في تقريره
إلى بيان وهو العلم بماهية الفعل المخالف للقانون. لما كان ذلك وكان الحكم - حسبما
تقدم بيانه - قد بين تاريخ كل قرض على حدة، وأصل المبلغ المقترض، ومبلغ الدين الذي
أثبته الطاعن بالفعل واستأداه بموجب السندات الإذنية الأربعة، وبين تاريخ الأداء والاستئداء
في كل دين بما يتحقق به الربا الفاحش في كل قرض، وكانت جريمة الإقراض بالربا الفاحش
قوامها الاعتياد الذي ينم عليه توالي القروض الربوية التي يتكون من مجموعها الفعل المؤثم،
فإن ما ذكره الحكم من تواريخ القروض المختلفة هو الذي يتحقق به البيان المعتبر لتاريخ
الواقعة بالمعنى الذي تقتضيه طبيعة هذه الجريمة من التركيب، والعبرة في تحققها بعقود
الاقتراض ذاتها، وليست باقتضاء الفوائد. ولما كان الثابت بالحكم - بما لا يجحده الطاعن
- أن العقود المتفق عليها لم يمض بين أخر عقد فيها وبين بدء التحقيق أو رفع الدعوى
أو المحاكمة ولا بين كل عقد وآخر أكثر من الثلاث السنوات المقررة قانوناً لانقضاء الحق
في إقامة الدعوى الجنائية بمضي المدة كما هو ظاهر من المقارنة بين تواريخ القروض بالقياس
إلى بدء إجراءات المحاكمة في 16/ 12/ 1963 وكان الطاعن - فضلاً عن ذلك - لم يدفع لدى
محكمة الموضوع بالتقادم الذي تشهد مدونات الحكم بنقيضه، فإن الجريمة تكون متوافرة والدعوى
بها لم تنقض ويكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.