المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن عقد التأمين من العقود التي
مبناها حسن النية وصدق الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة
الأمر يجعل التأمين باطلاً.
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد
المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون
ضدها أقامت الدعوى رقم..... لسنة 2001 مدني الإسكندرية الابتدائية على الشركة الطاعنة
بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى إليها مبلغ سبعين ألف جنيه منه 50000 جنيه قيمة وثيقة
التأمين على الحياة التي كان مورثها قد أبرمها لمصلحتها يدفع إليها عند وفاته والمبلغ
الباقي كتعويض عن امتناع الشركة عن صرفها بعد وفاته بتاريخ 4/ 2/ 2001. ومحكمة أول
درجة بعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق حكمت بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدى للمطعون
ضدها مبلغ خمسين ألف جنيه. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة
59 ق الإسكندرية كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم ..... لسنة 60 ق الإسكندرية.
ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة
في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعن على
هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع
ببطلان عقد التأمين لأن المؤمن على حياته لم يكن صادقًا فيما قرره لها من بيانات عن
حالته الصحية قبل إبرام العقد بإخفائه حقيقة مرضه بالفشل الكلوي ولم يخطرها عن تطورات
ذلك المرض الذي ظل يعانى منه حتى وفاته وهو ما ثبت بالشهادات الطبية المقدمة منها غير
أن الحكم المطعون فيه قصر عن الرد على هذا الدفاع اكتفاءً بالإحالة إلى أسباب الحكم
المستأنف التي اشترطت أن يكون
المرض الذي أخفاه المؤمن هو الذي تسبب في وفاته رغم عدم وجوب ذلك وهو ما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن عقد التأمين من العقود التي مبناها حسن النية وصدق
الإقرارات التي يوقع عليها المؤمن له والغش فيها أو إخفاء حقيقة الأمر يجعل التأمين
باطلاً وكان البين من وثيقة التأمين موضوع النزاع أنه قد نص في البند الأول منها على
أن هذا التأمين صادر اعتمادًا على صدق الإقرارات الواردة بطلب التأمين وجميع المستندات
الأخرى الصادرة من المتعاقد والمؤمن عليه ومؤدى هذا الشرط أن المؤمن عليه يلتزم بإحاطة
شركة التأمين عند طلب التأمين بجميع البيانات والظروف اللازمة لتمكينها من تقدير الخطر
المؤمن منه وجسامته وقد يكون ذلك عن طريق الإقرار ببيانات يتقدم بها لشركة التأمين
تعتبرها الأخيرة جوهرية في نظرها ولازمة لتقدير الخطر المؤمن منه. لما كان ما تقدم
وكان مورث المطعون ضدها - المؤمن على حياته - قد قدم بتاريخ 20/ 11/ 1998 إقرارًا يتضمن
أنه لم يصب بأية أمراض ولا يعالج حاليًا منها وأنه لم يدخل أي مستشفى للعلاج وكانت
الشركة الطاعنة قد تمسكت بدفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المؤمن على حياته أخفى عنها
حقيقة مرضه بالفشل الكلوي وقدمت الشهادات الطبية المؤيدة لذلك وكان الحكم المطعون فيه
قد اطرح هذا الدفاع بتأييده الحكم الابتدائي لأسبابه التي ارتكنت على خلو الأوراق من
دليل على أن مرض المؤمن له بالفشل الكلوي هو الذي سبب وفاته فإنه يكون قد خالف الشرط
الوارد في عقد التأمين والذي مقتضاه بطلان العقد في حالة إدلاء المؤمن على حياته ببيانات
خاطئة في إقراراته في طلب التأمين وهو شرط جائز قانونًا وواجب الإعمال ولو لم يكن للبيان
الكاذب دخل في وقوع الخطر المؤمن منه إذ أنه بيان جوهري ذو أثر في تكوين العقد وقد
حجبه هذا الخطأ عن بحث هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير بتحقيقه وجه الرأي في
الدعوى فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.