الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الهبات التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة التي يجب أن توثق بعقد رسمي فإذا كان العقد مشتملاً على التزامات متبادلة بين طرفيه، فإنه لا يكون عقد تبرع، كما أنه لا يعد بيعاً ولا معاوضة، وإنما هو عقد غير مسمى فلا تجب له الرسمية ولا يجوز الرجوع فيه، وذلك على الرغم مما قد يكون وارد فيه من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع، لأن كل هذه الألفاظ إنما سبقت لبيان الباعث على التصرف ولا تؤثر على كيان العقد

وقررت محكمة النقض في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده عن نفسه وبصفته أقام الدعوى رقم 1135 لسنة 1979 مدني كلي دمنهور على الطاعن بصفته وآخرين بطلب الحكم بإخلاء العقار مبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتسليمه إليهم، وإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي إليهم مقابل انتفاعه به بواقع مائه جنيه شهرياً اعتباراً من 1/ 4/ 1974 وما يستجد منه حتى الفصل في الدعوى، وقال بياناً لدعواه أنه رغبة منه وباقي ورثة المرحوم..... في إحياء ذكراه، فقد عرض الطعن على الطاعن في غضون سنة 1966 التبرع بالعقار المشار إليه على أن يخصص مصحة للعجزة والناقهين أو داراً للمكفوفين، وبتاريخ 28/ 5/ 1967 حرر الطاعن إقراراً بذلك أثبت فيه تنازله عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الورثة عن عقار النزاع وأوضح فيه الغرض من التنازل، كما أثبت به احتفاظه ببعض من أجزاء هذا العقار، واتخذ الطاعن منه مقراً لغرفة العمليات العسكرية خلال حرب 1967، ثم وضع الاتحاد الاشتراكي اليد عليه حتى نهاية سنة 1973 حيث سلمه ثانية إلى الطاعن الذي قام بتخصيص الطابق الأول منه مقراً لمحكمة بندر دمنهور، وخصص الطابق الثاني مقراً لقصر الثقافة، ولما كان التصرف الصادر منه عن عقار النزاع إلى الطاعن بصفته هبة لم تفرغ في الشكل الرسمي الواجب قانوناً، كما أن الموهوب له ما لم يستخدم العقار في أحد الأغراض التي وهب من أجلها، وكان التصرف المشار إليه باعتباره من عقود التبرعات لا يسري في حق باقي الورثة لعدم صدور توكيل خاص منهم بذلك إلى الطاعن في إجراء هذا التصرف، ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 597 لسنة 36 ق الإسكندرية وبتاريخ 28/ 4/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما تضمنه من رفض طلب رد المنزل المبين الحدود والمعالم بالورقة المؤرخة 28/ 5/ 1967 وألزمت الطاعن بصفته برد ذلك المنزل للمطعون ضده خالياً مما يشغله، وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب خبير لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق ذلك الحكم، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها عدم جواز الطعن واحتياطياً رفضه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن رأي النيابة عدم جواز الطعن ففي غير محله، ذلك أن النص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" يدل على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضي بعدم جواز الطعن على استقلال في الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامي المنهي لها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والصادرة بوقف الدعوى وكذلك الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع في ذلك هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وما يترتب عليه من زيادة نفقات التقاضي وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بإلغاء الحكم المستأنف فيما تضمنه من رفض طلب رد المنزل المبين الحدود والمعالم بالورقة المؤرخة 28/ 5/ 1967 وإلزام الطاعن بصفته بأن يرد ذلك المنزل إلى المطعون ضده خالياً مما يشغله، ويندب خبير لأداء المأمورية الموضحة بمنطوقه، وهو حكم وإن لم تنته به الخصومة كلها إلا أنه - قابل للتنفيذ الجبري باعتباره صادراً من محكمة الاستئناف، لما كان ذلك فإن الطعن فيه بالنقض يكون جائزاً.
لما كان ما تقدم وكان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أنه لما كان العقد المؤرخ 28/ 5/ 1967 الصادر من المطعون ضده عن نفسه وبصفته لا يفيد أن حقيقته عقد هبة وإنما هو عقد غير مسمى لا تجب فيه الرسمية لانعقاده ولا محل للقول بقيام سبب يوجب الرجوع فيه، ولا لزوم في إبرامه لصدور توكيل خاص من باقي الورثة للمطعون ضده، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برد المنزل إلى المطعون ضده على أساس من إن العقد المشار إليه هو عقد هبة يلزم إفراغه في صورة رسمية ويتعين صدور توكيل خاص للمطعون ضده في إبرامه، كما يجوز الرجوع عنه إذا ما قام سبب من أسباب الرجوع في الهبة، فإنه يكون قد أخطأ في تكييف العقد وهو ما جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الهبات التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المخصصة التي يجب أن توثق بعقد رسمي، فإذا كان العقد مشتملاً على التزامات متبادلة بين طرفيه، فإنه لا يكون عقد تبرع، كما أنه لا يعد بيعاً ولا معاوضة، وإنما هو عقد غير مسمى فلا تجب له الرسمية ولا يجوز الرجوع فيه، وذلك على الرغم مما قد يكون وارداً فيه من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع، لأن كل هذه الألفاظ إنما سبقت لبيان الباعث على التصرف، ولا تؤثر بحال على كيان العقد، لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على العقد المؤرخ 28/ 5/ 1967 أنه وإن التزم فيه المطعون ضده بأن يملك الطاعن العقار موضح الحدود والمعالم به إلا أن ذلك الالتزام كان مشروطاً بأن يكون العقار مقراً لمصحة للعجزة أو دار للمكفوفين أو مصحة للناقهين - فضلاً عن احتفاظه بالجزء الخاص بالسلاملك الواقع إلى الجهة الشمالية الغربية والفضاء المحيط به من الجهة الشرقية وبعرض أربعة أمتار، بما لا يكون معه هذا العقد بيعاً ولا معاوضة وإنما هو عقد غير مسمى فلا تجب له الرسمية ولا يجوز الرجوع فيه، وذلك على الرغم مما هو وارد به من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع، فإن كل هذه الألفاظ إنما سيقت لبيان الباعث الذي حدا بالمطعون ضده عن نفسه وبصفته ممثلاً لباقي ورثة المرحوم...... إلى تمليك الطاعن بصفته أجزاء العقار الموضحة بهذا العقد، ومن ثم فهي لا تؤثر بحال من الأحوال على كيان العقد وحقيقته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برد عقار النزاع إلى المطعون ضده على ما ساقه في هذا الشأن من أن العقد المؤرخ 28/ 5/ 1967 هو عقد هبة لم يفرغ في الشكل الذي رسمه القانون كما لم تلحقه الإجازة على النحو المقرر قانوناً، وقد صدر من المطعون ضده الذي لا تبيح له وكالته عن باقي الورثة الحق في إبرام التصرف ومن ثم فلا ينفذ في حقهم، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.