لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بشأن بطلان التحقيق
معها لعدم وجود مترجم متخصص يجيد اللغة الإنجليزية وأطرحه في قوله "أن النيابة العامة
انتدبت أحد الخبراء من مترجمي اللغة الإنجليزية من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين
الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة إلا أن المتهمة الأولى مثلت أمام المحقق ومعها مندوب
من السفارة الأمريكية ليتولى أعمال الترجمة لها وقرر أمام المحقق أنه سبق له القيام
بأعمال الترجمة فقام بتحليفه اليمين القانونية على أن يؤدي عمله بالصدق والأمانة. لما
كان ذلك، وكانت المحكمة تطمئن من واقع اطلاعها على أقوالها بالتحقيق أن الترجمة كانت
تعبيراً صادقاً نقله المترجم عن أقوالها وليس فيه ما يثير الريبة والشك ومن ثم يكون
ذلك الدفع في غير محله. هذا فضلاً عن أن المتهمة المذكورة هي التي اختارت المترجم فليس
لها أن تنعى على أمر اختارته بإرادتها". لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة
باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو
المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم
ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها، فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة
به قد استعانت بمندوب من السفارة الأمريكية حضر مع المتهمة وارتضيت أن يكون مترجماً
لها دون المترجم الذي انتدبته النيابة العامة من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين
الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة، إذ هو متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً
لتقدير من يباشره، وإذ كانت الطاعنة لم تذهب في وجه النعي إلى أن أقوالها قد نقلت على
غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بمندوب السفارة الذي حضر معها كمترجم لها بناء على طلبها،
وكان رد الحكم على دفع الطاعنة في هذا الخصوص كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه
فإن منعى الطاعنة عليه يكون غير سديد، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات
السابقة على المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات
المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأولى بجريمتي إحراز
وحيازة عقار "ال - سي - دي" المخدر بقصد الاتجار ونبات مخدر "حشيش" بقصد التعاطي وفي
غير الأحوال المصرح بها قانوناً، ودان الثاني بجريمة إحراز عقار "ال - سي - دي" المخدر
بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه التناقض والقصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع ذلك
بأن المحكمة حصلت شهادة شاهدي الإثبات الأول والثاني وفقاً للصورة التي اعتنقتها لواقعة
الدعوى بما مفاده أن الطاعنة الأولى تتجر في المواد المخدرة بمساعدة الطاعن الثاني
ثم انتهت إلى أن ما أحرزته الطاعنة من مخدر الحشيش كان بقصد التعاطي وأن ما أحرزه الطاعن
من مخدر كان بغير قصد محدد مما ينبئ عن اختلال صورة الواقعة لدى المحكمة وتناقضها في
حكمها، كما أطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بضبط الطاعنين وتفتيشهما
ومسكنهما لانعدام التحريات لعدم توصلها إلى أن الطاعنة طالبة بالجامعة الأمريكية وعدم
تحديدها نوع المخدر المقال باتجارها فيه وإغفالها الإشارة إلى شراء أحد المرشدين السريين
لمواد مخدرة من الطاعنة قبل ضبطها حسبما جاء بأقوال شهود الإثبات فيما بعد، وقد جاء
إذن التفتيش غير مسبب ودون بيان وظيفة واختصاص من أصدره، وتوقع عليه وعلى التحقيقات
بتوقيع غير مقروء سواء من المحقق أو من أمين السر ورغم تمسك الطاعنة عند محاكمتها بهذا
الدفاع الذي ينطوي على الطعن بالتزوير على هذه التوقيعات مما كان يتعين معه على المحكمة
أن تجرى تحقيقاً تستجلي به سلامة هذه التوقيعات وصحة صدورها من مختص إلا أنها أغفلت
إجراء هذه التحقيقات وردت على ذلك الدفاع برد غير سائغ، كما دفع الحاضر مع الطاعنة
ببطلان تحقيقات النيابة العامة معها لأنها تمت من خلال مترجم غير مختص وهو لا يعدو
أن يكون موظفاً بالسفارة الأمريكية ومع ذلك ردت المحكمة على ذلك بما لا يواجهه، كما
دفع الحاضر مع الطاعنة ببطلان اعترافها بالتحقيقات لصدوره وليد إكراه مادي وأدبي إذ
أن الطاعنة فوجئت بأن ما ضبط معها من مواد معاقب على إحرازها طبقاً للقانون المصري
وهو ما يباح حتى بالاتجار فيها في موطنها بالولايات المتحدة الأمريكية مما أوقع الرعب
في نفسها عند القبض عليها وعرضها لضغوط معنوية شديدة سواء في الشرطة أو أمام النيابة
العامة وقد رد الحكم على ذلك الدفع بما لا يسوغ، وقد جرى دفاع الطاعنة على أن الاتفاقية
الدولية في شأن المخدرات التي أخذت بها مصر لم تدرج مادة "ال - سي - دي" ضمن المواد
المخدرة وبأن محل التجريم في إحراز نبات الحشيش هو أجزاء القمم الزهرية لإناث النبات
فقط بما يخالف ما ضبط في الدعوى الراهنة وقد ردت المحكمة على هذا الدفاع بما لا يصلح
رداً، وإذ أبدت الطاعنة دفاعاً مؤداه حدوث تلاعب في إحراز المضبوطات وبأن ما تم تحليله
من مواد ليس ما ضبط معها بدلالة ختم المضبوطات بخاتم شخص مجهول واختلاف أعدادها وأوزانها
في محضر الضبط عنها في التحقيقات وفي تقرير المعمل الكيماوي مما كان يتعين معه على
المحكمة أن تجري تحقيقاً لاستجلاء حقيقة الأمر إلا أنها التفتت عن إجراء هذا التحقيق
وردت على هذا الدفع برد قاصر، كما لم تعرض المحكمة لدفاع الطاعنة بانعدام القصد الجنائي
لديها لانتفاء علمها بأن المادة المضبوطة معها مدرجة بجدول المخدرات، وتمسكت ببطلان
إجراءات محاكمتها إذ لم يثبت من محضر جلسة يوم 20 فبراير سنة 1993 أن المترجم الذي
ندبته المحكمة للترجمة للطاعنة - التي تتكلم اللغة الإنجليزية - قد قام بترجمة الأسئلة
والإجابات من الشاهد رئيس قسم الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة والذي
عولت المحكمة على شهادته لها الأمر الذي تكون معه الطاعنة وكأنها لم تحضر إجراءات محاكمتها
بما يبطل هذه الإجراءات التي تمت في غيبتها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجرائم التي دان الطاعنين بها وذلك في قوله "أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين
المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار
بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها الشاهد الأول الرائد....
مفتش التحريات الدولية بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالاشتراك مع زميليه الرائد....
والنقيب.... "الشاهدين الثاني والثالث" دلت على أن المتهمة الأولى.... العراقية الأصل
والأمريكية الجنسية وابن خالتها وزوج شقيقتها.... العراقي الجنسية والمقيمان بشقة مفروشة
بالطابق الثالث بالعقار.... يتجران في العقاقير التخليقية خاص عقار "ال - سي - دي"
وأنهما يتخذان من الشقة المفروشة مسكنهما مركز لترويج سمومهما على عملائهما، فاستصدر
بتاريخ 3/ 6/ 1992 الساعة الرابعة مساء إذناً من النيابة العامة بضبطهما وتفتيشهما
وتفتيش مسكنهما، ونفاذاً لذلك الإذن انتقل في نحو الساعة السابعة والنصف من مساء ذات
اليوم وبرفقته الشهود من الثاني إلى الرابع وقوة من الشرطة السريين بسيارات الإدارة
التي تحمل أرقاماً خاصة إلى المنطقة التي يقطن بها المتهمين فبلغوها في نحو الساعة
الثامنة والنصف مساء اليوم ذاته وتركوا السيارات في مكان غير ظاهر وانتشر الشاهدان
الثالث والرابع وقوة الشرطة حول العقار الكائن به مسكن المتهمين بينما توجه "أي الشاهد
الأول" وبرفقته الشاهد الثاني إلى شقة المتهمين فوجد بابها مغلقاً وبالطرق عليه فتح
له المتهم الثاني وعلم منه أن المتهمة الأولى في الخارج وستعود بعد وقت قصير وبتفتيشه
عثر بالجيب الأيسر العلوي لقميصه الذي يرتديه على لفافة مفضضة بداخلها طابعين لعقار
"ال - سي - دي" المخدر ذو اللون البرتقالي مرسوم على كل منها شفتان باللون الوردي الداكن
واجهه بهما فأقر له بإحرازها وأثر ذلك أخطر زميليه الموجودين بخارج العقار لاسلكياً
بالأجهزة المزودين بها بالصعود لمسكن المتهمين فرادى وعلى فترات متباعدة حتى لا يشعر
بهما أحد فحضرا وكمن ومرافقيه بالشقة مع المتهم الثاني دون أن يجرى تفتيش الشقة لحين
عودة المتهمة الأولى وفي نحو الساعة الحادية عشر والثلث من مساء ذات اليوم دخلت الأخيرة
الشقة بعد فتح بابها بمفتاح معها وبصحبتها.... "الشاهد الخامس" الذي أفاد بأنه خطيبها،
وبتفتيش حقيبة يد المتهمة الأولى الجلدية العالقة على كتفها بسير جلدي عثر بداخلها
على أربع لفافات ورقية بكل منها نبات الحشيش وجواز سفر خاص بها صادر من فرجينيا بالولايات
المتحدة الأمريكية وكيس نقود من الجلد به مبلغ ثمانين جنيهاً - وأربعمائة وخمسين دولار
أمريكي، كما عثر بجيب مغلق بسوستة بالحقيقة على كيس شفاف بداخله لفافة مفضضة تحوي شريحتان
من الورق برتقالي اللون مشبع بعقار ال - سي - دي مكون من مربعات مرسوم على كل منها
رسم الشفتين باللون الوردي وعددها بأحد الشريحتين 39 مربع وبالثانية 16 مربع وكذا مقصين
معدنيين أحدهما ذو نصل حاد والآخر على شكل ملقاط وبفحص الشقة تبين أنها مكونة من ردهة
في مواجهة باب الشقة وعلى اليمين منها طرقة بها مطبخ وغرفة نوم وفي مواجهتها على اليسار
غرفة نوم أخرى وبين الغرفتين وفي مواجهة الطرقة دورة المياه وقد قرر له كل من المتهمين
أن الحجرة التي على اليمين خاصة بالمتهمة الأولى وأن الحجرة التي على اليسار خاصة بالمتهم
الثاني وبتفتيش حجرة الأخير عثر أعلى شفنيرة على جواز سفر باسمه ومبلغ أربعين جنيها
وبتفتيش حجرة المتهمة المكونة من سرير وشفنيرة ومكتب صغير وصوان من أربع ضلف مغلقة
بالمفاتيح قام بفتحه بمفتاحيه اللذين كانا مع مفتاحان آخران لباب الشقة في حلقة مفاتيح
بيد المتهمة عثر بالرف العلوي بالضلفة اليسرى أسفل مفرش من ورق الجرائد يعلوه ملابسها
الداخلية على كيس من البلاستيك الشفاف بداخله شريحة من الورق المشبع بعقار ال - سي
- دي مكونة من مائة وثمانين مربع بذات الوصف السابق ذكره وإذ واجهها بالمضبوطات أقرت
بحيازتها وإحرازها لعقار ال - سي - دي بقصد الاتجار وأن المقصين لاستخدامهما في الإمساك
بطوابع العقار وتجزئتها وأن المبلغ المضبوط من حصيلة ذلك الاتجار وبإحرازها لنبات الحشيش
بقصد التعاطي" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال
كل من.... و.... و.... و.... الضابط بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات وأقوال.... وما
أسفرت عنه معاينة النيابة لشقة المتهمين وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للمعامل الكيماوية
بمصلحة الطب الشرعي وأقوال الدكتورة.... و.... وما تضمنته أقوال المتهم الثاني لدى
استجوابه بتحقيقات النيابة واعتراف المتهمة الأولى بالتحقيقات وهي أدلة سائغة من شأنها
أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي
يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة
وكانت المحكمة قد عولت في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة
لما ساقته من أدلة من أن الطاعنين يتجران في العقاقير التخليقية خاصة عقار ال - سي
- دي وأقرت النيابة على تصريحها الإذن بالتفتيش الذي أسفر عن ضبطهما يحوزان عقار ال
- سي - دي فضلاً عن إنفراد الطاعنة بإحراز كمية من نبات مخدر الحشيش فإذا ما خلصت المحكمة
- بناء على الاعتبارات السائغة التي ساقتها - أن إحراز الطاعنة لهذا النبات المخدر
كان بقصد التعاطي وأن إحراز الطاعن لعقار ال - سي - دي كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي
أو الاستعمال الشخصي فلا مجال لقالة التناقض في التسبيب لما هو مقرر أنه ليس ما يمنع
محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش
ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى ما يقنعها بأن هذا الإحراز
كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش
هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع
وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان صفة
المأذون بتفتيشه أو نوع المادة المخدرة التي يحوزها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض
لدفع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وأطرحه في قوله: "أن
كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم
أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة
"جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين وأن هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات
المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرية مسكنه في سبيل كشف مبلغ
اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات
والأبحاث التي يؤسس عليها الطلب بالإذن بتفتيش ذلك الشخص أو أن يكون على معرفة سابقة
به بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه
من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين وما يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم
ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات. لما كان ذلك،
وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية
التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت هذه المحكمة
تقتنع بما جاء بمحضر التحريات وأقوال الرائد.... بالتحقيقات وأمام المحكمة وأقوال الشاهدين
الثاني والثالث بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وتوافر مسوغات إصداره، ولا
ينال منه ما قاله الدفاع بقصور التحريات التي بنى الإذن عليها ذلك أن هذه التحريات
جاءت محددة لأشخاص المتهمين ومحل إقامتهما والتهمة المسندة إليهما تحديداً كافياً نافياً
للجهالة ولم يزعم الدفاع أنهما غير المقصودان بالإذن أما عن خلو محضر التحريات من بيان
أسماء المترددين على شقة المتهمين أو بيان جهة ومصدر المخدر إلى غير ذلك فهي أمور لا
تؤثر في جدية التحريات المتعلقة بالمتهمين، وترتيباً على ما تقدم يكون الدفع ببطلان
الإذن غير سديد". وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش
وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن وردت على شواهد الدفع
ببطلانه - على نحو ما سلف بيانه - بأدلة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت بالأوراق
وعلى نحو يتفق وصحيح القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد."
لما كان ذلك، وكانت مجادلة الطاعنة في أن محضر التحريات الذي بني عليه إذن التفتيش
لم يشر إلى واقعة شراء أحد المرشدين السريين لمخدر منها يقتضي تحقيقاً موضوعياً وكانت
الطاعنة لم تتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع ومن ثم فلا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة
أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن
الطاعنة من أن إذن التفتيش قد صدر دون بيان وظيفة واختصاص من أصدره ولتوقيعه بتوقيع
غير مقروء وأنه قد صدر غير مسبب ورد عليه في قوله "أنه ولئن كان صحيحاً أن إذن النيابة
لمأمور الضبطية القضائية بإجراء التفتيش يجب أن يكون مكتوباً وموقعاً عليه بإمضاء من
أصدره باعتبار أن ورقة الإذن ورقة رسمية يجب أن تحمل بذاتها دليل صحتها ومقومات وجودها
بأن يكون موقعاً عليها وباعتبار أن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بصدورها عمن
صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً إلا أن القانون لم يستلزم شكلاً معيناً للتوقيع
أو يوجب أن يكون بالاسم كاملاً وليس بطريقة الفورمة... ولما كان الثابت أن إذن النيابة
صدر من الأستاذ/ ... وكيل النيابة وموقع عليه منه ومن ثم فإن ورقة الإذن تشهد بصدورها
منه على الوجه المعتبر قانوناً ولا يجوز الطعن فيها إلا بسلوك طريق الطعن بالتزوير
في الأوراق الرسمية وكان المتهمان لا ينازعان في صفة مصدر الإذن بأنه من وكلاء النيابة
العامة، وكان ما أثاره دفاع المتهمة الأولى من مجادلة في خصوص اختصاص مصدر الإذن بإصداره
بمقولة أنه صدر مجهلاً الاختصاص المكاني لمصدره في غير محله، إذ من المقرر أن العبرة
بما إذا كان من أعطى الإذن مختصاً بإصداره إنما يكون بالواقع ولو تراخى لوقت المحاكمة،
وكان الثابت من الأوراق يقيناً أن مصدر الإذن هو الأستاذ/ ... وكيل نيابة الدقي بدلالة
أن الثابت من محضر التحريات أن محرره أثبت في نهاية محضره المذيل به الإذن بالتفتيش
عرضه على السيد الأستاذ/ مدير نيابة الدقي لضبط المتهمين المذكورين وتفتيشهما وتفتيش
مسكنهما لضبط ما يحوزانه أو يحرزانه من مواد مخدرة وأن الثابت أن محضر الضبط عرض عليه
فأشر بعرضه على الأستاذ/ ... وكيل النيابة وفي ذلك ما يكفي لبيان أن الإذن صدر من وكيل
نيابة الدقي ولم يزعم الدفاع خلاف ذلك ومن ثم يكون الندب للتفتيش صحيحاً... ولما كانت
المادة 44 من الدستور والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أيهما قدراً
معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون عليها الأمر الصادر بالتفتيش وكان لا
يشترط صياغة إذن التفتيش في عبارات خاصة وإنما يكفي لصحته أن يكون رجل الضبط قد علم
من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن
بضبطه وتفتيش مسكنه وأن يصدر الإذن بناء على ذلك وكان الثابت أن تفتيش المتهمين تم
تنفيذاً لإذن صدر من وكيل النيابة على محضر التحريات وأثبت اطلاعه عليه واطمئنانه إلى
جدية التحريات وشخص مجريها وما أسفرت عنه من وقوع جريمة يعاقب عليها القانون وقد اشتمل
الإذن على ما يفيد حيازة المتهمين لمواد مخدرة طبقاً لما أسفرت عنه تحريات مأمور الضبط
القضائي الذي طلب الإذن بإجراء الضبط والتفتيش، فإن ذلك ما يكفي لاعتبار الإذن بالتفتيش
مسبباً حسبما تطلبه المشرع." لما كان ذلك، وكان ما ورد به الحكم على النحو السالف بيانه
سائغاً وكافياً في إطراح دفاع الطاعنين ببطلان إذن التفتيش، إذ من المقرر أنه ليس في
القانون ما يوجب على مصدر إذن التفتيش أن يبين فيه اختصاصه الوظيفي أو المكاني أو يتبع
شكلاً خاصاً لتسبيب إذن تفتيش المسكن, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون
على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان تحقيقات النيابة
العامة لخلوها من توقيع مقروء للمحقق وأمين السر وأطرحه في قوله "أن الثابت من محضر
التحقيق أنه معنون ببيان اسم النيابة التي ينتمي إليها المحقق وهي نيابة الدقي وفي
ذلك ما يكفي لبيان أن المحقق الذي باشر التحقيق هو وكيل نيابة الدقي المختص مكانياً
بمباشرته، أما ما أثاره الدفاع في شأن توقيع المحقق وسكرتير التحقيق على محضر التحقيق
بتوقيع غير مقروء فمردود بأنه وإن كان القانون يشترط أن تكون محاضر التحقيق موقعها
عليها من المحقق وسكرتير التحقيق باعتبارها أوراقاً رسمية إلا أنه لما كان الدفاع لا
ينازع في أن أوراق التحقيق موقعة من المحقق وسكرتير التحقيق وكان القانون لم يتطلب
أن يكون التوقيع مقروءاً ما دام أن محضر التحقيق ثابت به اسم المحقق وسكرتير التحقيق
ومن ثم فإن الدفع يكون في غير محله" وكان ما ردت به المحكمة على دفاع الطاعنين في هذا
الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعهما دون حاجة منها لاستدعاء وكيل النيابة المحقق وأمين
السر لاستجلاء حقيقة توقيعهما على محضر التحقيق، إذ أن هذا الاستدعاء لا يكون إلا متى
رأت المحكمة محلاً لذلك ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها
بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما - وهو
ما لا ينازع الطاعنان فيه - فإن ما ينعاه الطاعنان يكون قد جانب الصواب. لما كان ذلك،
وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة بشأن بطلان التحقيق معها لعدم وجود
مترجم متخصص يجيد اللغة الإنجليزية وأطرحه في قوله "أن النيابة العامة انتدبت أحد الخبراء
من مترجمي اللغة الإنجليزية من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين الأجانب كي يتولى
أعمال الترجمة إلا أن المتهمة الأولى مثلت أمام المحقق ومعها مندوب من السفارة الأمريكية
ليتولى أعمال الترجمة لها وقرر أمام المحقق أنه سبق له القيام بأعمال الترجمة فقام
بتحليفه اليمين القانونية على أن يؤدي عمله بالصدق والأمانة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة
تطمئن من واقع اطلاعها على أقوالها بالتحقيق أن الترجمة كانت تعبيراً صادقاً نقله المترجم
عن أقوالها وليس فيه ما يثير الريبة والشك ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله. هذا
فضلاً عن أن المتهمة المذكورة هي التي اختارت المترجم فليس لها أن تنعى على أمر اختارته
بإرادتها". لما كان ذلك، وكان الأصل أن تجرى المحاكمة باللغة الرسمية للدولة وهي اللغة
العربية - ما لم يتعذر على إحدى سلطتي التحقيق أو المحاكمة مباشرة إجراءات التحقيق
دون الاستعانة بوسيط يقوم بالترجمة أو يطلب منها المتهم ذلك ويكون طلبه خاضعاً لتقديرها،
فإنه لا يعيب إجراءات التحقيق أن تكون الجهة القائمة به قد استعانت بمندوب من السفارة
الأمريكية حضر مع المتهمة وارتضيت أن يكون مترجماً لها دون المترجم الذي انتدبته النيابة
العامة من هيئة الاستعلامات أو قسم المراسلين الأجانب كي يتولى أعمال الترجمة، إذ هو
متعلق بظروف التحقيق ومقتضياته خاضع دائماً لتقدير من يباشره، وإذ كانت الطاعنة لم
تذهب في وجه النعي إلى أن أقوالها قد نقلت على غير حقيقتها نتيجة الاستعانة بمندوب
السفارة الذي حضر معها كمترجم لها بناء على طلبها، وكان رد الحكم على دفع الطاعنة في
هذا الخصوص كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من إطراحه فإن منعى الطاعنة عليه يكون غير
سديد. فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا
يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات
التي تحصل أمام المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان
اعتراف الطاعنة بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه مادي وأدبي ورد عليه في قوله "بأن الثابت
أن المتهمة الأولى لم تقرر في أية مرحلة من مراحل الدعوى وقوع ثمة إكراه مادي عليها
بل إن المحكمة تطمئن إلى ما قرره الشاهد الأول أمام المحكمة من أنها عوملت أحسن معاملة
لدرجة أنها مكنت من الاتصال بذويها من مكتبه بالولايات المتحدة ولم تنف المتهمة الأولى
ذلك كما أن الثابت أن وكيل النيابة المحقق انفرد بالمتهمة ومترجمها وبدأت بإنكار ما
نسب إليها بالاتجار في المواد المخدرة وروت له تفاصيل ضبطها فلما واجهها بالمضبوطات
أقرت له بإحراز وحيازة عقار ال - سي - دي وأنها أحضرته من سيناء وكان عدد الطوابع ثلثمائة
طابع كما أقرت له بإحراز نبات الحشيش ثم عادت وأنكرت علمها بوجوده لديها وكل ذلك يدحض
ما تشدق به الدفاع عن صدور ذلك الاعتراف من جراء الإكراه المادي أو المعنوي وهو قول
لم يبرز لحيز الوجود إلا بلسان محامي المتهم الثاني وبجلسة المحاكمة الأخيرة لأول مرة،
وتطمئن المحكمة إلى صدور هذه الأقوال من المتهمة الأولى عن إرادة حرة مدركة لما تشهد
به على نفسها ولذا فإنها تعول عليها في تكوين عقيدتها بعد أن تساندت الأدلة وظروف الحال
وقطعت في ثبوت الجريمة في حقها ودعمها اعترافها بارتكابها" وكان من المقرر أن الاعتراف
في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير
صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع،
كما لها أن تقدر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه
بطريق الإكراه بغير معقب عليها، ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. لما كان ذلك،
وكانت المحكمة قد خلصت في تسبيب سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعنة لما
ارتأته من مطابقته للحقيقة والواقع الذي استظهرته من باقي عناصر الدعوى وأدلتها وخلوه
مما يشوبه وصدوره منها عن طواعية واختيار، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يضحى لا محل
له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعنة الأولى
من أن العقار المضبوط ال - سي - دي لم يدرج ضمن المواد المخدرة التي أوردتها الاتفاقية
الدولة وأطرحه في قوله "بأن الاتفاقية الدولية للمخدرات الموقعة في نيويورك في 30/
3/ 1961 والتي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 1764 لسنة 1966 بتاريخ 2/ 5/ 1966 والذي
نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 20/ 2/ 1967 هي دعوة للدول بصفتهم من أشخاص القانون الدولي
العام إلى القيام بعمل منسق لضمان فاعلية التدابير المتخذة ضد إساءة استعمال المخدرات
ويبين من الاطلاع على نصوصها أنها لم تلغ أو تعدل - صراحة أو ضمناً - أحكام قوانين
المخدرات في الدول الموقعة عليه وقد نصت المادة 36 منها على الأحوال التي تدعو الدول
إلى تجريمها والعقاب عليها دون أن تتعرض إلى تعريف الجرائم وإجراءات المحاكمة والعقاب
وتركت ذلك كله إلى القوانين المحلية في الدول المختصة إليها، ويؤكد ذلك ما جرى به نص
الفقرة الرابعة من تلك المادة من أنه "لا تتضمن هذه المادة أي حكم بمبدأ تعريف الجرائم
التي ينص عليها ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم وفقاً للقوانين المحلية في الدول الأطراف
المعنية" ومن ثم فإن تطبيق أحكام هذه الاتفاقية لا يؤثر في مجال تطبيق أحكام قانون
المخدرات المعمول به في جمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، وكان المشرع أدرج البند
رقم 77 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون 122 لسنة 1989 - المنطبق
على واقعة الدعوى - حمض يسار جيك ثنائي أبيد قل - ال - سي - دي فإن النعي في هذا الصدد
يكون غير سديد" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن كافياً وسائغاً للرد
على ما أثاره الدفاع ويتفق وصحيح القانون فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في
غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثارته الطاعنة بشأن اقتصار التجريم
في إحراز نبات الحشيش على القمم الزهرية لإناث النبات خلافاً لما ضبط معها ورد عليه
في قوله "بأنه وإن كان صحيحاً حسبما هو معلوم علمياً أن المادة الفعالة في نبات الحشيش
توجد بنسبة مرتفعة في إناث النباتات إلا أنها توجد أيضاً في ذكور النباتات ولكن بنسبة
ضعيفة وليس صحيحاً أن المادة الفعالة توجد فقط في القمم الزهرية المثمرة وإنما توجد
أيضاً في زهوره وأوراقه. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير التحليل أن الأجزاء النباتية
المضبوطة عبارة عن فروع تحمل أوراق وقمم زهرية وبذور تحتوي على المادة الفعالة لنبات
الحشيش فإن ذلك يكفي لتوافر مسوغات تجريمها" وكان هذا الذي رد به الحكم كافياً وسائغاً
للرد على ما أثارته الطاعنة، فضلاً عن أن هذا الحكم قد دان الطاعنة بجنايتي إحراز عقار
مخدر بقصد الاتجار وإحراز نبات الحشيش بقصد التعاطي وأعمل في حقها المادة 32 من قانون
العقوبات وأوقع عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجريمة الاتجار باعتبارها الجريمة الأشد
التي أثبتها في حقها فإنه لا جدوى للطاعنة مما تثيره تعييباً للحكم في شأن جريمة التعاطي
لنبات الحشيش. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثارته الطاعنة بشأن التلاعب في
الإحراز واختلاف ما تم ضبطه من مواد عن ما تم تحليله بقوله "بأن الثابت من محضر الضبط
وما رصدته النيابة عن عدد مربعات عقار ال - سي - دي التي ضبطت لدى المتهمة الأولى 235
مربعاً (180 + 39 + 16) وأن وزن نبات الحشيش بلفافاته الذي تم بمعرفة الضابط بلغ بميزان
غير حساس 120 جم بينما وزنه بمعرفة النيابة في إحدى الصيدليات بلغ 103.5 جم. لما كان
ذلك، وكان الثابت أن عدد مربعات عقار ال - سي - دي التي جرى تحليلها 235 مربعاً وهو
ذات العدد المضبوط وأن اللفافات الأربعة التي تحوي نبات الحشيش بلغ وزنها 107.8 جم
وكانت المحكمة ترى أن ذلك الاختلاف مبرراً لأن الوزن الذي قام به الضابط كان على ميزان
غير حساس وأن الفرق بين وزن النيابة والمعمل يسير بالنسبة للكمية مرده إلى دقة الوزن
في معامل التحليل، وكان الثابت أن الإحراز التي أرسلت للتحليل لم يحدث بها ثمة عبث
مما تطمئن معه المحكمة إلى ما أرسل إلى التحليل هو بذاته الذي صار تحليله كما تطمئن
المحكمة إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل ومن ثم تلتفت المحكمة عن ذلك الدفاع
الذي لم يقصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل." وهو رد سائغ أوضح به الحكم اطمئنان المحكمة
إلى سلامة كمية المخدر المضبوط دون حدوث أي عبث بها. هذا فضلاً عن أن جدل الطاعنة والتشكيك
في انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط المثبت بمحضر الشرطة عن ذلك المقدم للنيابة والذي
أجرى عليه التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال الضابط بالإدارة
العامة لمكافحة المخدرات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز
مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها. لما كان ذلك،
وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة مخدر يتحقق بعلم الجاني بأن ما يحرزه أو
يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن
إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه
مخدر، ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنة أو المدافع عنها لم
يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في الدلالة على حيازة
الطاعنة للمخدر المضبوط وعلى علمها بكنهه فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من قصور في
هذا الصدد غير سديد، ولا يقدح في ذلك ما تنعاه الطاعنة من أن ادعاء جهلها بإدراج عقار
ال - سي - دي بجدول المخدرات وبأن إحراز هذا العقار في موطنها بالولايات المتحدة الأمريكية
غير مجرم إذ أنه من المقرر أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا يعدم القصد
الجنائي باعتبار أن العلم بالقانون وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة،
وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في بعض الأحيان بيد أنه افتراض تمليه الدواعي العملية
لحماية مصلحة المجموع، ولذا قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي
والقوانين العقابية المكملة له مفترض في حق الكافة، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو
الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة
أن المحكمة ندبت مترجمان من وزارة العدل لإجراء الترجمة الفورية لكل ما يدور بالجلسة
ونقله بالإنجليزية للطاعنة وقد مثل المترجم المنتدب بالجلسات بعد أداء اليمين القانونية
وقام بترجمة أمر الإحالة للطاعنة وأثبت بمحاضر الجلسات المتعاقبة قيامه بالترجمة الفورية
لها لما يدور بالجلسات حتى كانت الجلسة 20 من فبراير 1993 وفيها مثلت الطاعنة والمدافع
عنها كما حضر المترجم والمحكمة سألت أحد الشهود في حضور الجميع ولم تطلب الطاعنة أو
محاميها الاستعانة بالمترجم لترجمة أقوال الشاهد المذكور ولم تدع الطاعنة في أسباب
طعنها أنها طلبت هي أو محاميها من المحكمة إجراء ترجمة أقوال الشاهد، فإنه لا يقبل
منها من بعد النعي على المحكمة بأنها أخلت بسلامة إجراءات محاكمتها كما أن المادة 333
من قانون الإجراءات الجنائية يجرى نصها على أنه "يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات
الخاصة... بالتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره
دون اعتراض منه" ولما كانت الطاعنة لا تدعي بأسباب طعنها بأن التحقيق بجلسة المحاكمة
قد جرى في غير حضور محاميها الذي لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره
في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً.