أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور، وكونه صاحب المصلحة في التزوير لا يكفى بذاته في ثبوت اقتراف الطاعن الأول التزوير أو اشتراكه فيه، وكذا ارتكاب الطاعنين الآخرين الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية موضوع الدعوى أو العلم به، ما داموا ينكرون ارتكابهم له ويجحدون العلم به - كما الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم إذ لم يدلل على قيام الطاعنين بالاشتراك في ارتكاب التزوير وعول في إدانتهم على توافر القصد الجنائي لديهم، يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين الأربعة وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم التزوير في محررات رسمية وعرفية والاشتراك فيها واستعمال المحررات المزورة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والفساد في الاستدلال ذلك أنهم دفعوا ببطلان قرار رئيس النيابة باستخراج المحضر رقم 1959 سنة 2001 إداري البدرشين من الحفظ، لأنه في حقيقته أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحسبان أن وكيل نيابة البدرشين قد انتدب مأمورالضبط القضائى لسؤال المدعي بالحقوق المدنية الأول، وهو إجراء من إجراءات التحقيق، فلا يجوز إلغاء هذا الأمر إلا من النائب العام ويضحى قرار رئيس النيابة سالف الذكر قد صدر من غير مختص، كما أنه أثار دفعاً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 470 لسنة 2001 قصر النيل، التي أقامها المدعي بالحقوق المدنية الأول قبل الطاعن الثانى، اتهمه فيها بالاستيلاء على أمواله بالاحتيال والنصب باستعمال التوكيلات المزورة موضوع الدعوى الماثلة - وقد أطرح الحكم المطعون فيه هذين الدفعين بما لا يتفق وصحيح القانون، هذا إلى أنه لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على دفاع الطاعنين بعدم توافر أركان جرائم التزوير وطرق الاشتراك فيها المسندة إليهم وانتفاء القصد الجنائي لديهم وعدم العلم بالتزوير، ودون أن يبين صفة الطاعن الأول بأنه موظف عام مختص بتحرير بيانات التوكيل المزور رقم 6679/ ب لسنة 2000 عام البدرشين، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المدعي بالحقوق المدنية الأول جلال محمود علي القباني، أقام الدعوى رقم 470 لسنة 2001 جنح قصر النيل بطريق الادعاء المباشر قبل الطاعن الثانى سيف الدين عابد على جعفرى، متهماً إياه جريمة النصب لاستيلائه على أمواله وأموال المدعي بالحقوق المدنية الثانى محمد عبد الشكور حامد، وذلك بتزوير واشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها وهما التوكيل رقم 6679/ ب لسنة 2000 عام البدرشين، والتوكيل رقم 6108/ أ لسنة 2000 عام البدرشين، واستعمالهما في رفع الدعوى رقم 4496 لسنة 2000 مدنى كلى جنوب الجيزة المقامة من المدعو جون تروتر بصفته الممثل القانونى لشركة انوميديتر انيان كوميدز الإنجليزية، قبل الطاعن الثاني بصفته الممثل القانوني لشركة اندوميدجار منئس في مصر - التابعة للشركة الأم الأولى بلندن - وكان ذلك باستعمال التوكيلين المزورين سالفى البيان، وموضوع تلك الدعوى المدنية هو عدم الاعتداد بالعقد المؤرخ 22/ 9/ 1999 المبرم بين الطاعن الثاني وبين المدعين بالحقوق المدنية والمتضمن شرائهما بعض أسهم الشركة التابعة التي سددا قيمة تلك الأسهم للطاعن الثانى وكذا بطلان قرار الجمعية العمومية في هذا الشأن وكافة الإجراءات والآثار التي ترتبت على هذا العقد، وانتهت تلك الدعوى صلحاً بين الطرفين، وبجلسة 6 من يونيو سنة 2002 حكمت محكمة جنح قصر النيل في الدعوى آنفة الذكر ببراءة الطاعن الثانى من جريمة النصب المنسوبة إليه وإحالة الدعوى المدنية قبله إلى المحكمة المدنية المختصة فتقدم المدعيان بالحقوق المدنية بشكوى إلى النائب العام لتحقيق واقعة التزوير سابقة الإيضاح وتحديد المسئول إلى تلك الجريمة، وعرضت الأوراق على نيابة البدريشين، وبتاريخ 2 من ديسمبر سنة 2000 أشر عضو النيابة المختص على الأوراق عبارة "ج. أ. لسؤال مقدمه والعرض" فقام أمين شرطة استيفاء النيابة بسؤال الشاكي - المدعي بالحقوق المدنية الأول - وقيدت الأوراق برقم 1959 لسنة 2001 إداري البدرشين، وفي يوم 27 من يونيو سنة 2001 قرر وكيل نيابة البدرشين حفظ المحضر إدارياً مادة نزاع مدنى. وإذ تظلم المدعيان بالحقوق المدنية للمحامي العام لنيابة جنوب الجيزة الكلية من حفظ المحضر، أشر رئيس النيابة في 22/ 9/ 2001 باستخراج الأوراق من الحفظ وإعادتها للجزئية لتحقيق الواقعة تحقيقاً قضائياً وإعدادها للتصرف. وبعرض الأوراق على نيابة النزهة - التابع لها محل إقامة المشكو في حقه "الطاعن الثاني" أحيلت للقسم لاتخاذ اللازم قانوناً، وأثر تنفيذ هذا الاستيفاء بشؤال الشاكى ووكيل المشكو، أرسلت الأوراق إلى نيابة الدقي للاختصاص ومنها إلى نيابة البدرشين التي تجري تحقيق ذات الواقعة في المحضر الإدارى رقم 1959 لسنة 2001 البدرشين، وعقب انتهاء تحقيقاتها وافق النائب العام بتاريخ 26 من أبريل سنة 2005 على إحالة القضية إلى محكمة الجنايات طبقاً للقيد والوصف الواردين بالحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة لأحد مأمورى الضبط القضائى أو إلى قسم الشرطة، لا يعد انتداباً لإجراء التحقيق، إذ يشترط لكي يضحى الندب صحيحاً منتجاً أثره أن يكون صريحاً منصباً على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - فيما عدا استجواب المتهم، وألا ينصب على تحقيق قضية برمتها، وأن يكون ثابتاً بالكتابة وأن يصدر عن صاحب الحق في إصداره إلى أحد مأموري الضبط القضائي المختصين مكانياً ونوعياً، ومن ثم كان المحضر الذي يحرره مأمور الضبط القضائي في غير هذه الأحوال، أي بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع استدلالات لا محضر تحقيق، فإذا ما قررت النيابة العامة حفظه جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغاء أمر الحفظ، إذ أن أمر الحفظ المانع من العودة إلى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذى يسبقه تحقيق تجريه النيابة العامة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائى بناء على انتداب منها في الحدود المشار إليها سلفاً باعتبار أن الأصل أن الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الشكوى إدارياً الذي لم يسبقه تحقيق قضائي، لا يكون ملزماً لها، بل إن لها حق الرجوع فيه بلا قيد ولا شرط بالنظر إلى طبيعته الإدارية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى اعتباره إشارة وكيل النيابة بإحالة الشكوى إلى أمين شرطة استيفاء النيابة لسؤال الشاكي - المدعي بالحقوق المدنية الأول - ندباً للتحقيق واعتبر أمر النيابة بحفظ الشكوى إدارياً بمثابة أمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، لا يعدو أن يكون تقريراً قانونياً خاطئاً، لا أثر له على منطق الحكم أو سلامته طالما أنه انتهى إلى نتيجة صحيحة بإجازة عدول النيابة العامة عن قرار الحفظ، ورفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلىصدور أمر من النائب العام بإلغائه بما يتفق مع ما هو مقرر من أن العبرة في تحديد طبيعة الأمر الصادر من النيابة العامة في هذا الشأن هو بحقيقة الواقع، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت قوة الشيء المقضي به مشروطة باتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين، وكانت جريمة النصب موضوع الجنحة رقم 470 لسنة 2001 قصر النيل، تختلف موضوعاً وسبباً عن جريمة التزوير والاشتراك فيه واستعمال المحررات المزورة - موضوع الدعوى الراهنة - فإن الحكم الصاد ر في الأولى لا يحوز قوة الشيء المقضي به بالنسبة للثانية، ولا يغير من ذلك ما يقرره الطاعنون من أن الدعوى السابقة التي قضى فيها ببراءة الطاعن الثاني أثير فيها موضوع جرائم التزوير والاشتراك فيه والاستعمال للتوكيلات في الدعوى الحالية، فإن هذا القول مردود بأن تقدير الدليل في دعوى معينة لا يحوز قوة الشيء المقضى به في دعوى أخرى، إذ أن للمحكمة الجنائية وهي تحقق الدعوى المرفوعة إليها وتحدد مسئولية المتهم فيها، أن تتصدى إلى أية واقعة أخرى، ولو كانت جريمة وتقول كلمتها فيها في خصوص ما يتعلق بالدعوى المقامة أمامها دون أن يكون قولها ملزماً للمحكمة التي ترفع أمامها الدعوى عن التهمة موضوع تلك الواقعة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم مضمون هذه الوجهة من النظر، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بشأن رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 470 لسنة 2001 جنح قصر النيل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع المتهم الثالث - الطاعن الثانى - بانتفاء مصلحته في اقتراف جرائم التزوير وأطرحه بقوله "... كما أن المحكمة لا تتصور أن يتطوع المتهمون بارتكاب مثل هذه الجرائم دون اتفاق مسبق مع المتهم الثالث، الذى هو المستفيد الأول والأخير من حدوثها وإعمال أثرها بعد سلب المصنع منه دون سداد الثمن، ورغم قناعة المحكمة على وجه القطع واليقين أن المتهم لم يحصل على ثمن المصنع من المدعيين بالحق المدني، وأنه وقع ضحية لهما دون واعز من ضمير أو أخلاق وهذا لا يبرر استعادة الحق عن طريق التزوير،... فإذا ما اختار هو هذا الطريق فلا يلومن إلا نفسه ومن ثم فإن المحكمة لا تعول على دفاعه في هذا الشأن.." وبعد أن أورد الحكم بعض التقريرات القانونية أضاف لما تقدم قوله "وحيث إنه لما كان القصد من تزوير المحررات سالفة البيان هو استعمالها فيما غيرت الحقيقة من أجله وقد قدمت هذه المحررات للجهات المختصة وهي عالمين بتزويرها، ومن ثم فإن جريمة التزوير والاشتراك فيها الواردة في الأوراق قيداً ووصفاً، قد توافرت أركانها القانونية كما هي معرفة به في القانون وثابتة في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها، وإلا كان باطلاً والمراد بالتسبيب المعتبر الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلى مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماه أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه، لا يتحقق إلا إذا كان إثبات البيان المزور من اختصاص الموظف العام على مقتضى وظيفته في حدود اختصاصه أياً كان سنده من القانون أو تكليف رؤسائه، كما أن الاشتراك في التزوير وإن كان يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، إلا أنه يتعين لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها طالما كان اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يفصح عن اختصاص الطاعن الأول عاطف محمد بيومى الموظف العام في صدد جريمة التزوير في الأوراق الرسمية، حالة أن الاختصاص الفعلى للموظف والملابسات التي تظاهر الاعتقاد باشتراك الطاعنين الآخرين مع الموظف العام في التزوير في الأوراق الرسمية، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة، وأسس إدانة الطاعن الأول بتزوير محرر رسمى والاشتراك في تزوير محرر رسمى آخر، ودان الطاعنين الآخرين بالاشتراك في تزوير المحرر الرسمي واستعماله، وذلك على مجرد القول بتحقق القصد الجنائي لديهم، وكان الحكم لم يستظهر في حق الطاعنين قيام أية صورة من صور الاشتراك في التزوير ولم يعن بإيراد أسباب كافية وسائغة تدل على علمهم بالتزوير وكان من المقرر أن مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور، وكونه صاحب المصلحة في التزوير لا يكفى بذاته في ثبوت اقتراف الطاعن الأول التزوير أو اشتراكه فيه، وكذا ارتكاب الطاعنين الآخرين الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية موضوع الدعوى أو العلم به، ما داموا ينكرون ارتكابهم له ويجحدون العلم به - كما الحال في الدعوى المطروحة - فإن الحكم إذ لم يدلل على قيام الطاعنين بالاشتراك في ارتكاب التزوير وعول في إدانتهم على توافر القصد الجنائي لديهم، يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين الأربعة وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.