الصفـحة الرئيـسية دليل إستخدام البوابة باحث التشريعات باحث النقض باحث الدستورية باحث الإدارية العليا نحن

انضم الى قناة مرافعاتنا


إيقافتشغيل / السرعة الطبيعيةللأعلىللأسفلزيادة السرعة تقليل السرعة

أولاً: بما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها لا تختلطان ببعضهما، ولا تتحدان فى شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها، وكذلك فى مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها، وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا الفصل فى شروط اتصال الدعوى بمحكمة الموضوع وفقًا للأوضاع المقررة أمامها، أو مدى التزامها بحدود اختصاصاتها المقررة قانونًا، وإنما تنحصر ولايتها فيما يعرض عليها من مسائل دستورية، وذلك على النحو الوارد بقانون هذه المحكمة. ومردود ثانيًا: بما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة من أن الشرعية الدستورية التى تقوم المحكمة الدستورية العليا بمراقبة التقيد بها، غايتها ضمان أن تكون النصوص التشريعية مطابقة لأحكام الدستور. وتتبوء هذه الشرعية من البنيان القانونى فى الدولة ذراه، وهى كذلك فرع من خضوعها للقانون، بما مؤداه امتناع قيام أى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى بتطبيق نص قانونى يكون لازمًا للفصل فى ولايتها أو فى موضوع النزاع المعروض عليها، إذا بدا لها - من وجهة مبدئية - مصادمًا للدستور، ذلك أن وجود هذه الشبهة لديها، يلزمها أن تستوثق ابتداء من صحتها، من خلال عرضها على المحكمة الدستورية العليا، التى عقد لها الدستور دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية

وقررت المحكمة الدستورية العليا في حكمها

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة:
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن السيد/ عدنان مختار عثمان محمد. كان قد أقام بتاريخ 19/ 2/ 2012 الدعوى رقم 8679 لسنة 20 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى " دائرة قنا "، بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار إعلان نتيجة انتخابات مجلس الشورى، بدائرة محافظة الأقصر، عن النظام الفردى، فيما تضمنه من إعادة الاقتراع بين أربعة من المرشحين، ليس من بينهم المدعى، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها وقف إجراءات الاقتراع فى انتخابات الإعادة المحدد لها يوم 22/ 2/ 2012، والتحفظ على كافة المظاريف والأوراق المتعلقة بالانتخابات التى أجريت. وقال شرحًا لدعواه، إنه كان قد تقدم للترشيح لانتخابات مجلس الشورى بدائرة محافظة الأقصر عن المقعد الفردى " فئات مستقل "، التى أجريت يومى 14، 15 فبراير سنة 2012، وأعلنت نتيجتها يوم 18/ 2/ 2012، وأسفرت عن عدم فوزه، وإعادة الاقتراع بين أربعة من المرشحين، وقد ارتأى المدعى بطلان عمليتى الاقتراع والفرز لحدوث تغيير فى رقمه الانتخابى، وطمس الرمز الانتخابى له فى بطاقات الاقتراع، على نحو أعاق أنصاره من الناخبين عن الاستدلال عليه عند الإدلاء بأصواتهم، كما أن قرار إعلان النتيجة تباينت فيه أعداد الأصوات، بالإضافة إلى وجود كشط وتعديل فى بعض النماذج، وعدم توقيع رؤساء اللجان على بعضها.
وبجلسة 21/ 12/ 2012، قضت محكمة القضاء الإدارى برفض الشق العاجل من الدعوى، وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء، فقد طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 10627 لسنة 58 ق عليا، وبجلسة 7/ 7/ 2012 قضت دائرة فحص الطعون بتلك المحكمة بوقف نظر الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية النصوص الواردة بحكم الإحالة، لما تراءى لها من مخالفتها لأحكام الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 25/ 9/ 2011.
وحيث إن المدعى قد أشار فى مذكرته المودعة حال حجز الدعوى للحكم إلى بطلان الوثيقة الدستورية الجديدة لعدم حصولها على الأغلبية التى تتطلبها المادة (60) من الإعلان الدستورى، وغير ذلك من مخالفات للشروط التى تتطلبها تلك المادة لصحة وسلامة الاستفتاء، فضلاً عن عدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالدعوة للاستفتاء على الدستور.
وحيث إن ما أثاره المدعى فى غير محله، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا تجد أساسها - كأصل عام - فى مبدأ الشرعية وسيادة القانون، وخضوع الدولة، إلا أنه يرد على هذا الأصل، أن الدستور بما له من الصدارة والسمو باعتباره القانون الأساسى الأعلى، وما سبقه من إجراءات لإصداره - وقد تمت وفقًا لنص المادة (60) من الإعلان الدستورى المشار إليه - تخرج عن مجال هذه الرقابة القضائية، تأسيسًا على أن طبيعة هذه النصوص والأعمال تتأبى على أن تكون محلاً لدعوى قضائية، ذلك أن السلطة التأسيسية التى تختص بوضع الوثيقة الدستورية تعلو على جميع سلطات الدولة التى تعتبر من نتاج عملها، باعتبارها السلطة المنشئة لغيرها من السلطات، ولا يتصور أن تخضع هذه السلطة فى تكوينها أو فيما تباشره من أعمال لرقابة أى سلطة من سلطات الدولة الأخرى، ومن ثم فلا اختصاص للمحكمة الدستورية العليا بالرقابة عليها أو الرقابة على ما يصدر عنها. فضلاً عن أن قضاء هذه المحكمة قد استقر أيضًا على أن قرار رئيس الجمهورية بالدعوة إلى الاستفتاء على الدستور يعتبر من أعمال السيادة التى تخرج عن مجال رقابة المحكمة كذلك.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى، لعدم اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا على النحو المقرر بقانونها، ذلك أن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، ومن قبلها هيئة مفوضى الدولة، قد خرجتا عن حدود اختصاصهما بشأن تحضيرها وإبداء الرأى القانونى فيها، أو الفصل فى الطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، حيث قضت برفض الطلب العاجل فى الدعوى، وقد تعرضت دون دفع من المدعى، لمخالفة بعض النصوص التشريعية لأحكام الإعلان الدستورى، واستندت فى ذلك إلى تقرير هيئة مفوضى الدولة فى هذا الشأن. كما دفعت الهيئة بانتفاء مصلحة الطاعن لتمام عملية انتخاب أعضاء مجلس الشورى قبل صدور حكم الإحالة.
وحيث إن هذا الدفع، بكافة أوجهه، مردود، أولاً: بما جرى به قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها لا تختلطان ببعضهما، ولا تتحدان فى شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها، وكذلك فى مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها، وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا الفصل فى شروط اتصال الدعوى بمحكمة الموضوع وفقًا للأوضاع المقررة أمامها، أو مدى التزامها بحدود اختصاصاتها المقررة قانونًا، وإنما تنحصر ولايتها فيما يعرض عليها من مسائل دستورية، وذلك على النحو الوارد بقانون هذه المحكمة. ومردود ثانيًا: بما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة من أن الشرعية الدستورية التى تقوم المحكمة الدستورية العليا بمراقبة التقيد بها، غايتها ضمان أن تكون النصوص التشريعية مطابقة لأحكام الدستور. وتتبوء هذه الشرعية من البنيان القانونى فى الدولة ذراه، وهى كذلك فرع من خضوعها للقانون، بما مؤداه امتناع قيام أى محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى بتطبيق نص قانونى يكون لازمًا للفصل فى ولايتها أو فى موضوع النزاع المعروض عليها، إذا بدا لها - من وجهة مبدئية - مصادمًا للدستور، ذلك أن وجود هذه الشبهة لديها، يلزمها أن تستوثق ابتداء من صحتها، من خلال عرضها على المحكمة الدستورية العليا، التى عقد لها الدستور دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية. ومردود ثالثًا: بأن المصلحة فى الدعوى الدستورية، تتقيد فى بحثها، بالنسبة للدعوى المحالة من محكمة الموضوع طبقًا للمادة (29/ أ) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، بأن يكون النص الذى ارتأت إحدى المحاكم عدم دستوريته لازمًا للفصل فى النزاع المعروض عليها، دون النظر لأثر انعكاس هذا النص على المصلحة الشخصية للمدعى. وهو ما يتفق مع ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المحكمة الدستورية العليا، من أن اتصال الدعوى الدستورية بطريق الإحالة قد استهدف توسيع نطاقها، تثبيتًا لالتزام الأحكام القضائية بالقواعد الدستورية الصحيحة. ومردود رابعًا: بأن هيئة المفوضين بمحاكم مجلس الدولة إذا ما تراءى لها شبهة مخالفة نص تشريعى لأحكام الدستور، فإنها تضمن ذلك فى تقرير يرفع للمحكمة، ويكون ملاك الأمر فى هذا الشأن معقود للمحكمة التى رفع إليها التقرير، أخذًا به أو إطراحًا له، فإذا بدا لها - من وجهة مبدئية - أن ذلك النص التشريعى مصادم للدستور، كان عليها أن تستوثق ابتداء من صحته من خلال عرضه على المحكمة الدستورية العليا. وإذ كانت محكمة الموضوع - دائرة فحص الطعون - قد ارتأت أن النصوص المحالة للفصل فى دستوريتها، يشوبها عيب عدم الدستورية، وهى نصوص لازمة للفصل فى الدعوى الموضوعية، فإن المصلحة فى الدعوى الدستورية تكون قائمة.
وحيث إنه عن طلبات التدخل المبداة من كل من السيد/ أيمن زكريا حسن، والسيد الدكتور/ جابر جاد نصار، والسيد/ أشرف عبد الله محمد، والسيد/ محمد إبراهيم أمين، والسيد/ على أحمد محمد برهام، والسيد/ محمد أحمد شحاته، والسيد/ أحمد أبو بركة، والسيد/ محمد حسن أبو العينين، والسيد/ جمال تاج الدين، فقد اطرد قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن شرط قبول التدخل فى الدعوى الدستورية، أن يكون مقدمًا ممن كان طرفًا فى الدعوى الموضوعية التى يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الحكم فيها، فإذا كان طالب التدخل غير ممثل فى تلك الدعوى، فلا يعتبر من ذوى الشأن فى الدعوى الدستورية، ولا يقبل تدخله. إذ كان ذلك، وكان طالبو التدخل غير ممثلين فى الدعوى الموضوعية، كخصوم أصليين أو متدخلين، لعدم صدور قضاء من تلك المحكمة - صريحًا كان أو ضمنيًا - بقبول تدخلهم فيها، ومن ثم لا يعتبرون من ذوى الشأن فى الدعوى الدستورية المعروضة، ويكون طلب تدخلهم فيها غير مقبول. ولازم ذلك الالتفات عن كافة ما أثاروه من دفوع وطلبات فى هذه الدعوى، باعتبار أن النظر فيها يكون تاليًا لقبول تدخلهم فى الدعوى الدستورية، وهو ما لم يتوافر مناط تحققه. 
وحيث إن المادة (2) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى، بعد استبدالها بالمرسوم رقم 120 لسنة 2011، نصت فى فقرتها الأولى على أن " يكون انتخاب ثلثى أعضاء مجلس الشورى المنتخبين بنظام القوائم الحزبية المغلقة، والثلث الآخر بنظام الانتخاب الفردى، ويجب أن يكون عدد الأعضاء الممثلين لكل محافظة عن طريق القوائم الحزبية المغلقة مساويًا لثلثى عدد المقاعد المخصصة للمحافظة، وأن يكون عدد الأعضاء الممثلين لها عن طريق الانتخاب الفردى مساويًا لثلث عدد المقاعد المخصصة لها ".
وجاء النص فى الفقرة الخامسة على أن " ومع مراعاة حكم المادة السادسة عشرة من قانون مجلس الشعب، يجب أن يكون عدد المرشحين على أى من القوائم مساويًا لثلثى عدد المقاعد المخصصة للدائرة، على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويراعى ألا يلى مرشح من غير العمال والفلاحين مرشح من غير هؤلاء،........... ".
وتنص المادة (8) من القانون المشار إليه بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011 على أن " يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى كتابة إلى لجنة الانتخابات بالمحافظة التى يرغب المرشح فى الترشيح فى إحدى دوائرها الانتخابية، وذلك خلال المدة التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات بقرار منها على ألا تقل عن خمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح.
..........................
وتسرى الأحكام المنصوص عليها فى الفقرات الثلاث السابقة على مرشحى القوائم الحزبية المغلقة، على أن تتولى الهيئة المختصة فى الحزب أو الأحزاب ذات الصلة إجراءات ترشيحهم بطلب يقدم على النموذج الذى تعده اللجنة العليا للانتخابات،............. ".
وتنص المادة (24) من ذلك القانون المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011 على أن " مع عدم الإخلال بأحكام هذا القانون، تسرى فى شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة فى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، والأحكام المقررة بالمواد الثانية، و..........، والتاسعة مكررًا ( أ )، و............. من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب ".
وجاء نص المادة التاسعة مكررًا ( أ ) من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب، المضافة بالمرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011، على أن " تعد لجنة الانتخابات فى المحافظة، بعد انتهاء لجنة الفصل فى الاعتراضات المشار إليها فى المادة السابقة، من عملها، كشفين نهائيين، يتضمن أحدهما أسماء المرشحين بالنظام الفردى، ويتضمن الآخر أسماء مرشحى القوائم، على أن يتضمن كل كشف الصفة التى تثبت لكل مرشح والحزب الذى ينتمى إليه، إن وجد، والرمز الانتخابى المخصص لكل مرشح أو قائمة........ ".
وحيث إن المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب، والقانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى كانت تنص على أن " يشترط فيمن يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردى، ألا يكون منتميًا لأى حزب سياسى، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم لأى حزب سياسى، فإذا فقد هذه الصفة، أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس ".
وقد تم إلغاء هذا النص بموجب المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011، إذ نصت مادته الأولى على أن " تلغى المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 المشار إليه، ونصت مادته الثانية على أن " ينشر هذا المرسوم بقانون فى الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون، ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالى لتاريخ نشره ".
وحيث إن المصلحة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان النزاع فى الدعوى الموضوعية ينصب على طلب وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العليا للانتخابات بإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشورى بدائرة محافظة الأقصر، فيما تضمنه من إعادة الاقتراع بين أربعة من مرشحى النظام الفردى، وما يترتب على ذلك من آثار.
وكان الثابت من حكم الإحالة، والمستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة أمام محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا، أن قائمة حزب الحرية والعدالة المقدمة من مفوض الحزب لرئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات بمحافظة الأقصر بتاريخ 20/ 10/ 2011، قد اشتملت على أربعة اسماء، ثانيهم السيد/ سيد أحمد محمد محمود ( عمال )، وأن المذكور تقدم بتاريخ 24/ 10/ 2011 بطلب لرئيس تلك اللجنة، لنقل اسمه من قائمة الحزب إلى النظام الفردى ( عمال )، وقد أجيب لطلبه، وخاض المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشورى بالنظام الفردى على النحو الثابت ببطاقة الاقتراع المرفقة، وكان ضمن من فازوا فى تلك المرحلة، ثم خاض انتخابات الإعادة وفاز بعضوية مجلس الشورى، وصدر له بطاقة عضوية برقم (139) على النحو الثابت بمحضر جلسة 7/ 7/ 2012 أمام المحكمة الإدارية العليا، وفقً لما قرر به محاميه عند طلب قبول تدخله انضماميًا لجهة الإدارة، ومفاد ذلك أن انتخابات مجلس الشورى التى أجريت بمحافظة الأقصر على النظام الفردى خلال شهر فبراير سنة 2012، قد زاحم فيها المرشحون المنتمون لأحزاب سياسية، المرشحين المستقلين غير المنتمين لهذه الأحزاب، ومنهم المدعى.
وحيث كان ذلك، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى، بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011، قد حدد النسبة المقررة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة، وتلك المخصصة للنظام الفردى، جاعلاً للأولى ثلثى أعضاء مجلس الشورى، والثلث الباقى للثانى. وبينت الفقرة الأولى من المادة (8) من ذلك القانون بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، القواعد اللازمة للتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى، وأحالت المادة (24) من القانون ذاته، بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، إلى أحكام المادة التاسعة مكررًا ( أ ) من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب - المضافة بالمرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011 - لتسرى على مجلس الشورى، فى خصوص ما نصت عليه من وجوب تضمين الكشف النهائى الخاص بالمرشحين بالنظام الفردى، بيان الحزب الذى ينتمى إليه المرشح. بما لازمه اتجاه إرادة المشرع الصريحة إلى قصر نسبة الثلثين المقررة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة على المنتمين للأحزاب السياسية دون غيرهم، وترك التقدم للترشيح بالنسبة للثلث الباقى المخصص للانتخاب بالنظام الفردى متاحًا أمام المنتمين لتلك الأحزاب إلى جانب المستقلين غير المنتمين لأى منها. والأمر المؤكد أن تقرير تلك المزاحمة أدى إلى تمتع المنتمين للأحزاب بالخيار بين سبيلين للترشيح لعضوية مجلس الشورى، هما القائمة الحزبية المغلقة والنظام الفردى، والذى حرم منه المستقلين، ليقتصر حقهم على نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى، الذى يزاحمهم فيها المنتمون للأحزاب؛ ومن ثم فإن المصلحة فى الدعوى المعروضة تكون متحققة فى الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011، وما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (8) من القانون ذاته، بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، من إطلاق الحق فى التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب، إذ إن الفصل فى دستورية هذه النصوص سيكون له أثره وانعكاسه على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها وقضاء محكمة الموضوع فيها. ويمتد نطاق هذه الدعوى والمصلحة فيها إلى نص المادة (24) من قانون مجلس الشورى المشار إليه بعد استبدالها بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، فيما نصت عليه من أن " يسرى على مجلس الشورى أحكام المادة التاسعة مكررًا ( أ ) من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب " - المضافة بالمرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011 - فيما ورد بنصها من تضمين الكشف النهائى لأسماء المرشحين بالنظام الفردى، بيان الحزب الذى ينتمى إليه المرشح؛ إذ إن ما نصت عليه المادة (24) من قانون مجلس الشورى، من إحالة إلى ما ورد بالمادة التاسعة مكررًا ( أ ) من قانون مجلس الشعب، لتسرى على مجلس الشورى، مؤداه إلحاق حكم تلك المادة لتكون ضمن أحكام قانون مجلس الشورى، ليكون لبنة من بنيانه، مندمجًا فيه، خاضعًا لما تخضع له باقى أحكامه، ومن ثم لا يؤثر فى ذلك سابقة الحكم بعدم دستورية نص المادة التاسعة مكررًا ( أ ) من قانون مجلس الشعب - بموجب الحكم الصادر بجلسة 14/ 6/ 2012 فى القضية الدستورية رقم 20 لسنة 34 قضائية - لاقتصار أثر هذا القضاء على ما اشتمل عليه ذلك النص من أحكام بالنسبة لمجلس الشعب، دون أن يستطيل أثره إلى مجلس الشورى، ولارتباط نص المادة (24) من قانون مجلس الشورى، بنص الفقرة الأولى من المادتين (2، 8) من القانون ذاته، ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، الأمر الذى يوجب مد نطاق الدعوى المعروضة ليشمله، كما يمتد النطاق أيضًا إلى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011 المشار إليه لارتباطه بالنصوص ذاتها ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة. ويكون النصان مطروحين حكمًا على المحكمة للفصل فى دستوريتهما.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، كانت قد قضت بجلسة 14/ 6/ 2012 فى القضية الدستورية رقم 20 لسنة 34 قضائية، بعدم دستورية نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011، وسقوط مادته الثانية، ومؤدى ذلك أن كامل أحكام ذلك المرسوم بقانون صار لا وجود لها منذ تاريخ صدوره، إعمالاً لمقتضى حكم المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وهو قضاء له حجيته المطلقة فى مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً فى المسألة المقضى فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه من جديد لمراجعته، بما تضحى معه الخصومة بالنسبة لهذا النص منتهية.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النصوص المطعون عليها مخالفتها حق الترشيح ومبدأى المساواة وتكافؤ الفرص بالسماح بمزاحمة المنتمين للأحزاب للمستقلين فى الثلث الخاص بالمقاعد الفردية بما يخالف أحكام الإعلان الدستورى.
وحيث إن المقرر أن حماية هذه المحكمة للدستور، إنما ينصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه طالما أن هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر النص المطعون عليه فى ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا النص قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدل به نص آخر خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان الدستور الحالى قد تبنى، بموجب المادة (231) منه، نظامًا انتخابيًا يتعارض مع ما انتهجه المشرع فى القانون رقم 120 لسنة 1980 وتعديلاته فى شأن مجلس الشورى، إذ نص على أن " تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثى المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردى، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح فى كل منهما "، بما مؤداه إلغاء القانون المذكور اعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور الجديد فى 25/ 12/ 2012، ومن ثم تكون الوثيقة الدستورية الحاكمة لدستورية هذا القانون هى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس سنة 2011، المعدل بالإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 25/ 9/ 2011.
وحيث إن المادة (1) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 تنص على أن " جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة "، وقد حددت المواد (32، 35، 38، 39، 40، 41) من هذا الإعلان القواعد المتعلقة بانتخاب مجلسى الشعب والشورى، ومؤدى هذه الأحكام والقواعد، أن المشرع الدستورى حرص على كفالة الحقوق السياسية للمواطنين جميعًا، وقوامها حقا الترشيح والانتخاب، وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وتمكينهم من ممارستها ضمانًا لإسهامهم فى الحياة العامة، وباعتبارها إحدى الوسائل الديمقراطية للتعبير عن آرائهم واختيار قياداتهم وممثليهم فى إدارة دفة الحكم فى البلاد، وتكوين المجالس النيابية، ومن ثم تعد ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، وعلى وجه الخصوص حقا الترشيح والانتخاب أحد أهم مظاهرها وتطبيقاتها، سواء كان ذلك بوصفهم ناخبين يتمتعون بالحق فى اختيار مرشحيهم على ضوء اقتناعهم بقدرتهم على التعبير عن القضايا التى تهمهم، أم بوصفهم مرشحين يناضلون، وفق قواعد منصفة، من أجل الفوز بالمقاعد التى يتنافسون للحصول عليها. ومن ثم كانت ممارسة المشرع لسلطته التقديرية فى تنظيم هذين الحقين رهنًا بالتقيد بالحدود والضوابط التى نص عليها الإعلان الدستورى، وبحيث لا يجوز له التذرع بتنظيم العملية الانتخابية، سواء بالنسبة لزمانها أو مكان إجرائها أو كيفية مباشرتها، للإخلال بالحقوق التى ربطها الإعلان الدستورى بها، بما يعطل جوهرها أو ينتقص منها أو يؤثر فى بقائها أو يتضمن إهدارًا أو مصادرة لها. 
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مبدأ المساواة أمام القانون - الذى قررته المادة (7) من الإعلان الدستورى المشار إليه - ليس مبدًا تلقينيًا جامدًا منافيًا للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التى تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء، وإذا جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائمًا من التدابير، لتنظيم موضوع محدد أو توقيًا لشر تقدر ضرورة رده، وكان دفعها للضرر الأكبر بالضرر الأقل لازمًا، إلا أن تطبيقها لمبدأ المساواة لا يجوز أن يكون كاشفًا عن نزواتها، ولا منبئًا عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقاد تنفلت بها ضوابط سلوكها، ولا عدوانًا معبرًا عن بأس سلطاتها، بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالاً فى مجال تعاملها مع المواطنين، فلا تمايز بينهم إملاءً أو عسفًا. ومن الجائز - تبعًا لذلك - أن تغاير السلطة التشريعية - وفقًا لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها أو تتباين فيما بينها فى الأسس التى تقوم عليها، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها ولا تخيل، ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة، ولا ينتقص من محتواه، هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها بالأغراض المشروعة التى يتوخاها، فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها، كان التمييز انفلاتًا لا تبصر فيه، كذلك الأمر إذا كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيًا، فإن التمييز يعتبر عندئذ مستندًا إلى وقائع يتعذر أن يحمل عليها، فلا يكون مشروعًا دستوريًا.
وحيث إن مضمون مبدأ تكافؤ الفرص، الذى يتفرع عن مبدأ المساواة، ويعد أحد عناصره، إنما يتصل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها، وأن إعماله يقع عند التزاحم عليها، والحماية الدستورية لتلك الفرص غايتها تقرير أولوية تتحدد وفقًا لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام.
وحيث إن من المقرر أن قيام النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس التعددية الحزبية - فى ظل دستور سنة 1971، والذى أكدته المادة (4) من الإعلان الدستورى - إنما قصد إلى العدول عن التنظيم الشعبى الوحيد إلى تعدد الأحزاب ليقوم عليه النظام السياسى للدولة، باعتبار أن هذه التعددية إنما تستهدف أساسًا الاتجاه نحو تعميق الديمقراطية وإرساء دعائمها فى إطار حقى الانتخاب والترشيح اللذين يعتبران مدخلاً وقاعدة أساسية لها، ومن ثم كفلهما الإعلان الدستورى للمواطنين كافة الذين تنعقد لهم السيادة الشعبية طبقًا لنص المادة (3) من الإعلان الدستورى، ويتولون ممارستها على الوجه المبين فى هذا الإعلان، وليس أدل على ذلك من أن التعددية الحزبية هى التى تحمل فى أعطافها تنظيمًا تتناقض فيه الآراء أو تتوافق، تتعارض أو تتلاقى، ولكن المصلحة القومية تظل إطارًا لها ومعيارًا لتقييمها وضابطًا لنشاطها، وهى مصلحة يقوم عليها الشعب فى مجموعه، ولم تكن التعددية الحزبية - تبعًا لذلك - وسيلة انتهجها المشرع الدستورى لإبدال سيطرة أخرى، وإنما نظر إليها باعتبارها طريقًا قويمًا للعمل الوطنى من خلال ديمقراطية الحوار التى تتعدد معها الآراء وتتباين، على أن يظل الدور الذى تلعبه الأحزاب السياسية مرتبطًا فى النهاية بإرادة هيئة الناخبين فى تجمعاتها المختلفة، وهى إرادة تبلورها عن طريق اختيارها الحر لممثليها فى المجالس النيابية، وعن طريق الوزن الذى تعطيه بأصواتها للمتزاحمين على مقاعدها، وهو ما حرص الإعلان الدستورى على توكيده، بكفالته حقى الانتخاب والترشيح، وجعلهم سواء فى ممارسة هذين الحقين، ولم يجز التمييز بينهم فى أسس مباشرتهما، ولا تقرير أفضلية لبعض المواطنين على بعض فى أى شأن يتعلق بهما، وإنما أطلق هذين الحقين للمواطنين - الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة لذلك - على اختلاف انتماءاتهم وآرائهم السياسية، لضمان أن يظل العمل الوطنى جماعيًا لا امتياز فيه لبعض المواطنين على بعض. ومن خلال هذه الجهود المتضافرة فى بناء العمل الوطنى تعمل الأحزاب السياسية متعاونة مع غير المنتمين إليها فى إرساء دعائمه، وبذلك يتحدد المضمون الحق لنص المادة (3) من الإعلان الدستورى المشار إليه، الذى لا يعقد السيادة الشعبية لفئة دون أخرى، ولا يفرض سيطرة لجماعة بذاتها على غيرها، وفى هذا الإطار تكمن قيمة التعددية الحزبية باعتبارها توخيًا دستوريًا نحو تعميق مفهوم الديمقراطية التى لا تمنح الأحزاب السياسية دورًا فى العمل الوطنى يجاوز حدود الثقة التى توليها هيئة الناخبين لمرشحيها الذين يتنافسون مع غيرهم وفقًا لأسس موضوعية لا تحدها عقيدة من أى نوع، ولا يقيدها شكل من أشكال الانتماء سياسيًا كان أو غير سياسى، وعلى أن تتوافر للمواطنين جميعًا، الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة، الفرص ذاتها - التى يؤثرون من خلالها وبقدر متساو فيما بينهم - فى تشكيل السياسة القومية وتحديد ملامحها النهائية، ومما يؤكد ذلك أن الإعلان الدستورى لم يتضمن النص على إلزام المواطنين بالانضمام إلى الأحزاب السياسية أو تقييد مباشرة الحقوق السياسية خاصة حقى الترشيح والانتخاب بضرورة الانتماء الحزبى، مما يدل بحكم اللزوم على تقرير حرية المواطن فى الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو عدم الانضمام إليها، وفى مباشرة حقوقه السياسية المشار إليها من خلال الأحزاب السياسية أو بعيدًا عنها. ولا شك أن مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، وهما من المقومات والمبادئ الأساسية المعنية فى هذا الشأن، يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة، وعلى أساس من تكافؤ الفرص للجميع دون أى تمييز يستند على الصفة الحزبية، إذ يعتبر التمييز فى هذه الحالة قائمًا على أساس اختلاف الآراء السياسية، وهو الأمر المحظور دستوريًا، إذ لا يصح أن ينقلب النظام الحزبى قيدًا على الحريات والحقوق العامة التى تتفرع عنها، ومنها حق الترشيح، وهو من الحقوق العامة التى تحتمها طبيعة النظم الديمقراطية النيابية، ويفرضها ركنها الأساسى الذى يقوم على التسليم بالسيادة للشعب على ما تنص عليه المادة (3) من الإعلان الدستورى.
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تفسير نصوص الإعلان الدستورى يكون بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضًا، وأن المعانى التى تتولد عنها يتعين أن تكون مترابطة فيما بينها بما يرد عنها التنافر، بحيث لا يُفسَّر أى نص منها بمعزل عن نصوصه الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متساندًا معها بفهم مدلوله بما يقيم بينها التوافق، وينأى بها عن التعارض.
وحيث إن المادة (38) من الإعلان الدستورى الصادر فى الثلاثين من مارس سنة 2011 المعدل بالإعلان الدستورى الصادر فى الخامس والعشرين من سبتمبر سنة 2011 - التى أجريت الانتخابات فى ظل العمل بأحكامه - تنص على أن " ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقًا لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية المغلقة والنظام الفردى بنسبة الثلثين للأولى والثلث الباقى للثانى "، وكان مؤدى عبارات هذا النص فى ضوء مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، وقواعد العدالة، أن حصر التقدم للترشيح لعضوية مجلس الشورى فيما يتعلق بنسبة الثلثين المخصصة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة فى المنتمين للأحزاب السياسية، يقابله قصر الحق فى التقدم للترشيح لنسبة الثلث الباقى المحدد للانتخاب بالنظام الفردى على المستقلين غير المنتمين للأحزاب السياسية، ذلك أن المشرع الدستورى قد اعتنق هذا التقسيم هادفًا إلى إيجاد التنوع فى التوجهات الفكرية والسياسية داخل مجلس الشورى، ليصير المجلس بتشكيله النهائى معبرًا عن رؤى المجتمع، وممثلاً له بمختلف أطيافه وتياراته وتوجهاته ومستوعبًا لها، لتضطلع بدورها الفاعل فى أداء المجلس لوظيفته الدستورية المقررة بنص المادة (37) من الإعلان الدستورى، فإن ما يناقض تلك الغاية ويصادمها ذلك النهج الذى سلكه المشرع بالنصوص المطعون فيها، إذ قصر التقدم للترشيح لنسبة الثلثين المخصصة للانتخاب بنظام القوائم الحزبية المغلقة على المنتمين للأحزاب السياسية، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (8) من القانون رقم 120 لسنة 1980 المشار إليه المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 2011، من أن تتولى الهيئة المختصة فى الحزب أو الأحزاب ذات الصلة إجراءات ترشيحهم بطلب يقدم على النموذج الذى تعده اللجنة العليا للانتخابات، على حين لم يجعل التقدم لنسبة الثلث الآخر المخصص للانتخاب بالنظام الفردى مقصورًا على المرشحين المستقلين غير المنتمين للأحزاب السياسية، بل تركه مجالاً مباحًا للمنافسة بينهم وبين غيرهم من أعضاء هذه الأحزاب - على غير ما قصده المشرع الدستورى - وهو ما كانت تفصح عنه المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 123 لسنة 2011، بإلغائها نص المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011 المشار إليه، وأكدته باقى النصوص المطعون فيها على النحو المتقدم ذكره، وبذلك يكون قد أتاح لكل من مرشحى الأحزاب السياسية إحدى فرصتين للفوز بعضوية مجلس الشورى، إحداهما بوسيلة الترشيح بالقوائم الحزبية المغلقة، والثانية عن طريق الترشيح بالنظام الفردى، بينما جاءت الفرصة الوحيدة المتاحة أمام المرشحين المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب مقصورة على نسبة الثلث المخصصة للانتخاب الفردى، يتنافس معهم ويزاحمهم فيها المرشحون من أعضاء الأحزاب السياسية، والذين يتمتعون بدعم مادى ومعنوى من الأحزاب التى ينتمون إليها، من خلال تسخير كافة الإمكانات المتاحة لديها لدعمهم، وهو ما لا يتوافر للمرشح المستقل غير المنتمى لأى حزب، الأمر الذى يقع بالمخالفة لنص المادة (38) من الإعلان الدستورى، ويتضمن مساسًا بالحق فى الترشيح فى محتواه وعناصره ومضمونه، وتمييزًا بين فئتين من المواطنين يخالف مبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، لما ينطوى عليه من التمييز بين الفئتين فى المعاملة وفى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية، دون أن يكون هذا التمييز فى جميع الوجوه المتقدمة، مبررًا بقاعدة موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة حق الترشيح وما تقتضيه ممارسته من متطلبات، والتى تتحقق بها ومن خلالها المساواة والتكافؤ فى الفرص، فضلاً عما يمثله ذلك النهج من المشرع من إهدار لقواعد العدالة، التى أكدتها المادة (5) من الإعلان الدستورى، والتى لا تنفصل فى غايتها عن القانون باعتباره - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها، فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصلية التى تحتضنها - كما نهج فى النصوص المطعون فيها - كان منهيًا للتوافق فى مجال تنفيذها، ومسقطًا كل قيمة لوجودها، ومصادمًا - من ثم - لقواعد العدالة.
وحيث إن العوار الدستورى سالف البيان، امتد ليشمل كامل النظام الانتخابى الذى سنه المشرع وضمنه النصوص المطعون فيها، سواء فى ذلك نسبة الثلثين المخصصة لنظام القوائم الحزبية المغلقة، أو نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى، لكون قصره على النظام الأخير وحده، يؤدى - فضلاً عما سلف ذكره - إلى الإخلال بمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين المنتمين لأحزاب سياسية، بحسب نوعية النظام الانتخابى الذى ترشحوا على أساسه، كما أن مزاحمتهم للمستقلين فى الترشح على نسبة الثلث المخصصة للنظام الفردى، كان له أثره وانعكاسه الأكيد على نسبة الثلثين المخصصة للقوائم الحزبية المغلقة، إذ لولا تلك المزاحمة لحدثت إعادة ترتيب القوائم الحزبية، بمراعاة الأولويات المقررة لكل حزب، ومن ثم فرص فوز المنتمين له بعضوية مجلس الشورى.
وحيث إنه فى ضوء ما تقدم جميعه، تكون نصوص الفقرة الأولى من المادة (2) برمتها، والفقرة الأولى من المادة (8)، والمادة (24) من القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى معدلاً بالمرسومين بقانونين رقمى 109 و120 لسنة 2011، محددًا نطاقهم على النحو المتقدم ذكره، مخالفة لأحكام الإعلان الدستورى المشار إليه، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها.
وحيث إن المادة (5) من الدستور القائم تنص على أن " السيادة للشعب يمارسها ويحميها، ويصون وحدته الوطنية، وهو مصدر السلطات، وذلك على النحو المبين فى الدستور "، وما نصت عليه المادة (225) منه على أن " يعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء، وذلك بأغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء ".
وحيث إن السيادة الشعبية - وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - التى تنعقد للمواطنين فى مجموعهم، باعتبارهم وعاء هذه السيادة ومصدرها، يمارسونها ويصونون من خلالها وحدتهم الوطنية، عن طريق إقرارهم قواعد الدستور التى تسمو على كافة السلطات بالدولة. وتبعًا لذلك، يتعين الأخذ بأحكام الدستور بعد العمل به، إعمالاً لنتيجة الاستفتاء الذى أجرى على مواده، ولا يجوز للمحكمة الدستورية العليا مراجعتها أو إخضاعها لرقابتها، باعتبار أن الدستور مظهر الإرادة الشعبية ونتاجها فى تجمعاتها المختلفة المترامية على امتداد النطاق الإقليمى، ولا يعدو تبنيها للدستور أن يكون توكيدًا لعزمها على أن تصوغ الدولة - بمختلف تنظيماتها - تصرفاتها وأعمالها وفقًا لأحكامه، باعتباره قاعدة لنظام الحكم فيها، وإطارًا ملزمًا لحقوق الجماهير وحرياتهم، عمادًا للحياة الدستورية بكل أقطارها، سواء كان الدستور قد بلغ الآمال المعقودة عليه فى مجال العلاقة بين الدولة ومواطنيها، أم كان قد أغفل بعض جوانبها أو تجنبها، فإن الدستور يظل دائمًا فوق كل هامة، معتليًا القمة من مدارج التنظيم القانونى.
وحيث إنه وإن كان القضاء بعدم دستورية النصوص المطعون فيها آنفة الذكر يستتبع بطلان المجلس الذى انتخب على أساسها منذ تكوينه، إلا أنه يوقف أثر هذا البطلان ما نصت عليه المادة (230) من الدستور الجديد الصادر فى ديسمبر سنة 2012 من أن " يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالى سلطة التشريع كاملة من تاريخ العمل بالدستور حتى انعقاد مجلس النواب الجديد. وتنتقل إلى مجلس النواب، فور انتخابه، السلطة التشريعية كاملة لحين انتخاب مجلس الشورى الجديد، على أن يتم ذلك خلال سنة من تاريخ انعقاد مجلس النواب "، بما مؤداه أن مجلس الشورى بتشكيله القائم وقت صدور الدستور يستمر ويمارس سلطة التشريع على النحو المنصوص عليه فى المادة (230) من الدستور السالفة الذكر حتى انعقاد مجلس النواب الجديد، واعتبارًا من تاريخ تحقق هذا الأمر - انعقاد مجلس النواب الجديد - يتعين ترتيب الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية سالفة البيان.
ولا يحاج فى هذا الشأن ما تضمنته الإعلانات الدستورية الصادرة من رئيس الجمهورية، بعد أن تم إلغاؤها بموجب صدر المادة (236) من الدستور، ولا بما نص عليه فى عجز هذه المادة من أن يبقى نافذًا ما ترتب على هذه الإعلانات من آثار فى الفترة السابقة، حيث لم يثبت أن أثرًا قد ترتب على تلك الإعلانات فى هذا الشأن، بما لازمه الالتفات عما أثاره المدعى فى خصوص هذه الإعلانات، وما أبدى من دفوع فى شأنها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: 
أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (2) من القانون رقم 120 لسنة  1980 فى شأن مجلس الشورى المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 120 لسنة 2011.
ثانيًا: بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (88) من القانون ذاته المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 109 لسنة 20111، من إطلاق الحق فى التقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشورى فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى للمنتمين للأحزاب السياسية إلى جانب المستقلين غير المنتمين لتلك الأحزاب.
ثالثًا: بعدم دستورية المادة (24) من القانون ذاته، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم  109 لسنة 20111، فيما نصت عليه من أن يسرى على مجلس الشورى أحكام المادة التاسعة مكررًا ( أ ) من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب.
رابعًا : تحديد موعد انعقاد مجلس النواب الجديد، تاريخًا لإعمال أثر هذا الحكم  وفقًا لنص المادة (2300) من الدستور.

أمين السررئيس المحكمة