بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية لذلك فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المطعون ضدهم أقاموا بتاريخ 3/ 7/ 2001 أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة الدعوى رقم 8724 لسنة 55ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس حى غرب القاهرة رقم 5 لسنة 2001 بغلق العقار رقم 14 شارع عزيز أباظة (المعهد السويسرى) بالزمالك لتحويله من سكن إلى غرض إدارى (مكاتب لمجموعة شركة الرواد للسياحة) بالمخالفة لقرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 بحظر تحويل الوحدات المخصصة للسكن بنطاق محافظة القاهرة لشغلها بأغراض أخرى.
ونعى المدعون (المطعون ضدهم) على القرار مخالفته للقانون.
وبجلسة 30/ 11/ 2004 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه مشيدة قضاءها على أن القانون رقم 106 لسنة 1976 خلت نصوصه من إعطاء المحافظين سلطة حظر تحويل المبنى إلى غير الغرض المخصص له فيما عدا أماكن إيواء السيارات، وأن القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أجازت المادة 19 منه تعديل الغرض من السكنى إلى أغراض أخرى. كما أن الأصل أن للمالك استغلال ملكه على الوجه الذى يراه على ألا يخالف النظام العام والآداب، وقد أيدت المحكمة الدستورية العليا هذا الحق حينما قضت بعدم دستورية النص الذى يجيز تغيير استعمال العين المؤجرة بغير موافقة المالك (حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/ 3/ 2000 فى الدعوى رقم 144 لسنة 20ق).
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لأن قرار محافظ القاهرة رقم 724 لسنة 1992 يمثل قاعدة تنظيمية تشريعية صدرت فى إطار القانون كما أن القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية أوجب الحصول على ترخيص وإلا تم غلق المحل الذى يقام بدون ترخيص.
ومن حيث إنه باستقراء أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن تنظيم وتوجيه أعمال البناء يبين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع ألزم أصحاب الشأن حماية لحقوق المواطنين وحفاظًا على مقتضيات النظام العام ضرورة الحصول قبل الشروع فى البناء على ترخيص بالبناء من الجهة المختصة بشئون التنظيم، وأعطى لهذه الجهة سلطة متابعة ورقابة أعمال البناء حتى تتأكد من إقامتها وفقًا للترخيص الصادر بذلك والرسومات المعتمدة وبما لا يتعارض مع مقتضيات الأمن والصحة والسكينة العامة.
ومن المعلوم أن الترخيص بالبناء حينما يصدر إنما يكون ذلك فى إطار تنظيم معين ترى فيه جهة الإدارة أنه محقق لمصلحة المواطنين المقيمين فى المنطقة خاصة فيما يتعلق بأغراض البناء وما إذا كانت أغراضًا سكنية أو تجارية أو صناعية بحيث تتسم كل منطقة بالطابع الذى يتواءم مع ظروف القائمين بها، وكى لا يفاجأ المواطنون الذين أقاموا فى منطقة معينة بناء على اشتراطات بذاتها بتعديل هذه الاشتراطات أو مواصفات المنطقة خاصة إذا كان التعديل من السكنى إلى أغراض تجارية وصناعية.
ولعل لهذا السبب أوجب المشرع فى القانون رقم 453 لسنة 1954 فى شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة الحصول على ترخيص قبل بدء أى نشاط من الأنشطة المذكورة. وإذا كانت جهة الإدارة لا تملك سلطة مطلقة فى الموافقة أو عدم الموافقة على منح الترخيص، فإنه يتعين عليها مراعاة كافة الاعتبارات القانونية والواقعية قبل إصدارها قرارًا بالموافقة على إصدار ترخيص بالنشاط.
ومن حيث إن امتناع جهة الإدارة عن إصدار موافقة على تحويل مبنى أو وحدة معينة من السكنى إلى غرض آخر لا يشكل مخالفة للقانون، بل هو ترسيخ لمبدأ حق المواطنين فى الاستقرار وعدم إجبارهم على الإقامة فى منطقة تجارية أو صناعية بالمخالفة للشروط والمواصفات التى قرروا الإقامة بها فى منطقة معينة بناء عليها. ولا يعد ذلك قيدًا على حق المالك فى استغلال ملكه؛ ذلك أن المستقر عليه أن المالك ليس طليقًا فى كيفية استغلال ملكه بل يجب أن يكون ذلك فى إطار من التوافق مع القوانين واللوائح وحقوق المواطنين.
ومن حيث إن استناد الحكم المطعون فيه إلى حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تعديل غرض العين المؤجرة بدون موافقة المالك لا يعنى بإطلاق الحق فى هذا التعديل، وإنما قصد الحكم ضرورة موافقة المالك إذا ما وافقت جهة الإدارة على هذا التعديل فى إطار القوانين واللوائح المنظمة لذلك. وذات الأمر ينطبق على ما أشار إليه الحكم المطعون فيه من إجازة القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر تعديل الغرض الذى تستخدم فيه العين المؤجرة مع زيادة الأجرة؛ فإن ذلك مرتبط بأن يكون تعديل الغرض مسموحًا به قانونًا بداءة.
ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بغير وجهة النظر المشار إليها فإنه يكون مخالفًا للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.