متى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن بناء على طلب تقدم به إلى رئيس المحكمة زعم فيه خلاف الحقيقة أن العقد - المرفق بملف الدعوى المدنية - مقدم منه، فأشر بالتسليم وتمكن الطاعن بذلك من استلامه من الكاتب المختص، بعد أن أوهمه أنه هو المدعى عليه الثالث مقدم العقد في الدعوى، وقد ثبت أن هذه الصفة لم تكن له في الخصومة وأن العقد لم يكن خاصاً به، أو مقدماً منه بل خاصاً بالمجني عليه الذي كان هو المدعى عليه الثالث في الدعوى المدنية، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى معاقبة الطاعن المذكور طبقاً للمادتين 151، 152 من قانون العقوبات يكون صحيحاً في القانون
وقررت محكمة النقض في حكمها
حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة سرقة ورقة من أوراق المرافعة القضائية وعاقبه طبقاً للمادتين 151، 152 من قانون العقوبات قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الثابت من وقائع الدعوى أن الطاعن تسلم العقد محل الجريمة من كتاب الجلسة بناء على موافقة رئيس المحكمة، وهذا التسليم من شأنه أن ينفي ركن الاختلاس في جريمة السرقة ولو كان مبنياً على غش أو تدليس، مما يعيبه بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن - بالأدلة السائغة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن بأسباب طعنه - أنه استولى بطريق الغش وبدون وجه حق على عقد الإيجار الخاص بالمجني عليه والمقدم منه في الدعوى المدنية رقم 1712 سنة 1964 مدني كلي الإسكندرية - إثباتاً لحقه في شغل العين المؤجرة محل النزاع - وكان ذلك من الطاعن بناء على طلب تقدم به إلى رئيس المحكمة زعم فيه خلاف الحقيقة أن العقد مقدم منه فأشر بالتسليم، وتمكن الطاعن بذلك من استلامه من الكاتب المختص بعد أن أوهمه أنه هو المدعى عليه الثالث في الدعوى المدنية المذكورة وأن العقد مقدم منه، وقد ثبت أن هذه الصفة لم تكن له في الخصومة وأن العقد لم يكن خاصاً به أو مقدماً منه بل بالمجني عليه الذي كان هو المدعى عليه الثالث في الدعوى المدنية، وانتهى الحكم المطعون فيه إلى معاقبة الطاعن طبقاً للمادتين 151، 152 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الشارع إذ قضى في هاتين المادتين على عقاب من سرق أو اختلس أو أتلف شيئاً من مستندات الحكومة أو أوراق المرافعة القضائية قد أراد العقاب على كل استيلاء يقع بطريق الغش أيا كان نوعه، أي سواء أكان سرقة أم اختلاساً أم سلباً للحيازة ومهما كان الباعث عليه، يستوي أن يكون الغرض منه تملك الشيء أو إتلافه، وأن جريمة سرقة هذه المستندات والأوراق هي جريمة من نوع خاص نص عليها قانون العقوبات بغية إلزام الخصوم سلوك سبيل الذمة والأمانة في المخاصمات القضائية وأن القصد الذي رمى إليه الشارع من تجريم الأفعال الواردة بهاتين المادتين هو المحافظة على مستندات الحكومة وأوراق المرافعة القضائية. ومن ثم لا ينال من توافر أركان هذه الجريمة حصول التسليم ما دام أن الاستيلاء قد وقع بطريق الغش. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون الطعن بالتالي على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.